بعد لقائها بكارلايل وعودتها، وجب على روميا التوجه مباشرة عند نداء جهاردي. فور علم زميلاتها من الخادمات بأن الأمير يبحث عنها، كان عليهن أن يرمقنها بنظرات حادة، والتي كان على روميا تتحملها بصبر.
جلست روميا كما أمرها، لكنها لم تستطع كبح غضبها المكتوم. في الحقيقة، مجرد مواجهة جهاردي كانت كافية لجعلها تشعر بعدم الراحة. ففي تلك الليلة، سواء بإرادتها أم لا، كانت هي من تشبثت بالمتعة التي منحها لها جهاردي.
كانت تتذكر يدها التي أمسكت به ولم تتركه رغم خوفها وبكائها، محاولة عدم الابتعاد عنه. هذه الذكريات المفاجئة كانت كافية لدفعها إلى اليأس. شعرت بحرارة عينيها وهي تفكر: هل أنا حقًا امرأة مبتذلة تتبع غرائزها ولا تعرف الحياء؟
“ما المشكلة؟”
“لا مشكلة. كيف أجرؤ على الغضب من صاحب السمو؟”
أمال جهاردي رأسه بزاوية وهو يراقب وجه روميا المتجهم. كان بإمكانه أن يتغاضى عن نبرة كلامها الحادة نوعًا ما، لكنه لم يرق له تعبير وجهها المشوه أمامه.
“أنا لم أغضبك أبدًا، ومع ذلك يبدو أنك غاضبة مني بطريقة ما.”
جلست روميا وركبتيها مشدودتين وكأنها تحاول الحفاظ على مسافة أكبر، فيما نظر إليها جهاردي بصمت. شعرت روميا بالذهول والارتباك.
“جلالتك لم تغضبني قط؟”
لقد أدركت متأخرة أن جهاردي، على عكسها، كان هادئًا تمامًا أثناء العاصفة العاطفية التي اجتاحت جسدها. شعرت بانقباض قلبها. كان حقًا لا يدرك أين بدأت العلاقة بالإنحراف، ولا إلى أي مدى أصبح الوضع بينهما غير لائق.
أشياء كانت واضحة جدًا حتى بالنسبة لشخص غبي مثلها، كما يقول الناس عنها.
قبل أيام قليلة فقط، كانت روميا تعتز بحياة شبه عادية. لم تصل إلى معايير فيوليت، لكن روتينها اليومي كان يسير بثبات نحو مستقبلها.
لأول مرة، صنعت قبعة بيديها، وبذلت فيها جهدًا غير مسبوق. صحيح أنها كانت تعمل بأمر ملكي لا يمكن رفضه، لكنها شعرت بالفخر بأن عملت بصدق.
“ألم تكوني راضية معي؟”
لكن عند سماع تلك النبرة الهادئة، والعينين الباردتين، والوجه الذي لا يعرف سبب غضبها، أدركت روميا أن حياتها قد انتُزعت بالكامل.
ما الخطأ الذي ارتكبته؟ هل كان الطموح للولوج إلى عالمهم من موقعها كابنة أسرة حديثة نعمة خطأ؟
كرهت جهاردي على نحو خاص، ذلك الذي يتحدث بلطف مع الآخرين، لكنه يوجه إليها كلامًا قاسيًا يجرحها ويغمرها بالمذلة، تمامًا كما في تلك الليلة.
توقفت عن الجدال.
“…سأرحل.”
بعد أن نطقت الجواب الوحيد الذي بدا لها كحل للخروج من هذا الموقف، شعرت بثقل كالصخرة على صدرها. كان جهاردي يراقب وجهها المتألم بصمت.
“لن أرى وجهك مجددًا. سأرحل قريبًا، بعيدًا جدًا.”
غطت وجهها بيدها وأطلقت الكلمات بغضب دون وعي بما تقول.
“سأهرب.”
عندما سمع تلك الكلمات من الفتاة الخائفة، ارتسمت على وجه جهاردي ابتسامة، شعور بالانتصار الملتوي لأنه هو من دفع روميا إلى هذا المأزق.
أما روميا، فشعرت بالعذاب. كما لو أن الوقت الذي كانت فيه معه بلغ دهرًا. لم تُمحَ من ذهنها لمسات يديه الرقيقة رغم عنف الليلة، تسريح شعرها المتشابك، يده التي صعدت على جسدها لتمسك بها برقة، وشفاهه التي تفاعلت بنعومة مع أنينها المرهق.
كان يتصرف بعناية وكأنها شخص عزيز عليه، رغم أنه كان قاسيًا وغير مبالٍ لدرجة أنه لم يُواسِها ولو مرة واحدة وهي تبكي، لكن تلك اللمسات الصغيرة جعلتها تتوهم أنه ربما يحبها.
فكرت، ربما كل هذا الحنان لم يكن لي، بل لأن هيرين فوتاميا وراء ظهري؟ شعرت بالرعب الشديد من هذا الافتراض. تمنت لو أنها لم تكن ملكًا لأحد، لأنه لا يوجد ما هو أكثر بؤسًا من أن تكون مجرد بديل لشخص آخر.
في النهاية، غمرت روميا موجة شعور بالذنب. مجرد حقيقة قضائها الليل مع جهاردي، خطيب هيرين، جعلتها تشعر أن حياتها كلها قد انهارت.
“إذا كنت ليلة واحدة من المتعة بالنسبة لصاحب السمو، فـ بالنسبة لي، سيدتي… هي امرأة طيبة ساعدتني في ظهوري الأول، ويجب أن أرد لها الجميل.”
“ذلك مجرد واجب قامت به الأميرة فوتاميا حسب منصبها.”
أوضح جهاردي أن الأمر ليس مشكلة، لكن روميا لم تغير رأيها.
نظر إليها طويلا ثم تنهد، “لم تقدم لكِ معروفًا عبثًا، بل كان واجبًا عليها.”
“واجباتي أيضًا كانت فقط رسم وصنع قبعتك، لا شيء أكثر.”
كانت تبكي منذ لحظة، والآن تغضب. جسدها مشدود، لكنها امرأة جذابة ومتنوعة التعبيرات. تناقضها جعلها جذابة في عينيه، ابتسم جهاردي ساخرًا من غضبها.
“غريب، ما حدث بيننا البارحة لا يستحق كل هذا الغضب.”
“……”
“لقد استمتعنا كلانا. شعرنا بالرضا. رغم أنها كانت ليلة واحدة من المتعة فقط، كان لها أثر طويل.”
قد تكون روميا، التي تزدريه، أفضل من النوع الذي يتعلق بسبب ليلة واحدة، لكنه مع ذلك شعر بالإنزعاج من رفضها التشبث به.
“إذا كان صعبًا عليكِ التحمل، اعتادي عليه. سيكون ذلك مفيدًا لكِ.”
كانت ذكرى لا يمكن التعود عليها أبدًا. كانت كابوسًا يكفي لمرة واحدة. ورغم أن حرارة تلك الليلة ما زالت عالقة في جسدها، إلا أن روميا كانت تعرف أنها لا يمكن أن تكرر هذا مرتين.
كان وجهه مصقولًا بلا عيب يحدق بها. نظرة تتلاقى مع الفراغ لكنها تحمل مشاعر متشابكة وغريبة.
كان مجرد تبادل نظرات، لكنها لم تستطع رفضه.
مد جهاردي يده وفك ربطة عنقه. رؤية دموعها تتساقط، ذكرته بوجهها الذي كان ملطخ بالدموع سابقًا.
كان يشعر بعطش لا يُروى، وكلما تذوق منها زاد ذلك حدة، كان الأمر أشبه بلعنة. لم تكن مجرد نزوة عابرة.
كان يفكر، في أي موضع يجب أن يضغط حتى تبكي بشكل أجمل في المرة المقبلة، وإن أبطأ قليلا هل ستتوسل اليه؟
كان يعد نفسه سرًا بمرة مقبلة، لذا كانت كلمات روميا عن الرحيل مزعجة للغاية بالنسبة له.
“امرأة شارع.” كرر جهاردي وضحك ساخرًا. يا لها من كلمة رخيصة تستخدم لوصف النساء اللواتي يُشترى وقتهن. لم يكن غريبًا أن تخرج هذه الكلمة من فم روميا، التي تعجز عن نطق أي تعبير دنيء أو جريء، وترتجف خوفًا كلما سمعت كلامًا يحمل إيحاءً.
طرق جهاردي مسند الأريكة بخفة، فإن لم يكن كافيًا مرة، فمرتان، وإذا لم يكن كافيًا فثلاث أو أربع مرات… فهو ولي عهد كاتاس، لا شيء لا يستطيع الحصول عليه.
صحيح أنه سيتعرض للكثير من الانتقادات بسبب فضيحة ملكية، لكن لن يكون الأمر أكثر من ذلك.
السنوات التي صبر عليها، ودمه الملكي، لن ينهار أبدًا بسبب مجرد عشيقة من عائلة بيرلوس.
وبعد أن أنهى حساباته، صحّح كلمات روميا:
“لن تُعاملي كـ’امرأة شارع’، بل ستُعتبرين أثمن من ذلك. فأنتِ عشيقتي، عشيقة ولي العهد.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 36"