كان من الصعب تصور أن تكون بيرلوس مختلفة عن الآخرين، لكن جهاردي اعتقد أن هذا وحده كان إجابة كافية ومناسبة جدًا.
“الفارق بين أصحاب الأعمال والنبلاء ضئيل جدًا.”
لحسن الحظ، بدا أن روميا فهمت ما قصده. أن العمل التجاري مجرد رفاهية بالنسبة لأولئك الذين يسعون لأن يصبحوا نبلاء حقيقيين.
وكأنها تلقت إجابة غير متوقعة، عضّت روميا شفتها بعادة متكررة.
ربما كان رد فعلها أكثر من ذلك؛ رأسها المائل بلا حول ولا قوة ووجهها الشاحب أظهر ندمها الشديد على السؤال الذي طرحته للتو.
رؤية ملامح وجهها المتغيرة لحظة بلحظة كانت متعة له. لقد كان ذلك مكملاً للويسكي القوي الذي احتساه على التوالي. كان جهاردي دائمًا يلاحظ روميا وهي تتلفظ بالكلمات ثم تندم عليها، فينطق هو ما يشاء بلا تردد.
“قبعاتك جميلة بلا شك، وستصبح موضة رائدة في كاتاس.”
كانت موهبة اعترف بها بنفسه. منذ أن تولت تصميم قبعة تتويجه، أصبحت روميا كذلك فعليًا. قد تكون غارقة طوال الوقت في صنع قبعتها، لكن اليوم الذي ستشعر فيه بذلك على جسدها لم يكن بعيدًا.
وضع جهاردي كأسه الزجاجي الشفاف بصمت.
“ولكن إن كنتِ تطمحين لأكثر من ذلك، ألا يكون هذا مجرد ترفٌ منكِ، روميا بيرلوس؟”
تجهم وجه روميا الصافي فورًا وهي تنظر إلى الكأس في يده. بدا كأن الكأس السليم قد انكسر بفعل كلماته، وكأن الشظايا الزجاجية دخلت جسدها وألمها يظهر على وجهها.
“لست بحاجة لأن تقول ذلك، أنا أعلم جيدًا.”
أجابته بصوت خافت متراجع، وقد بدا التعب على كلماتها. وللحظة، ضاقت عينا جهاردي وهو ينظر إليها. كانت الرغبة التي انبعثت فيه نتيجة تأثير الكحول قد بدأت بالظهور فجأة.
لم تفعل هذه الفتاة أي شيء أمامه، ومع ذلك…
ظل جهاردي يحدق بشفتها المغلقة بعد آخر صوت ضعيف لها، حتى بدأ يظهر القليل من الانفعال.
“لا. أنتِ لا تعرفين شيئًا على الإطلاق، على ما أرى.”
تغيرت هجمته فجأة، وكأنه أزعجه أن تجيب بأنها تعرف أكثر مما يظن.
“نتقابل ساعة يوميًا صباحًا ومساءً، وجهًا لوجه.”
كانت روميا مذهولة، غير قادرة على فهم الخطأ الذي ارتكبته وسط هذا التغيير المفاجئ في الجو. غرقت عيناه السوداء في سواد غامض.
“أنتِ لا تدركين شيئا.”
لم يكن تأثير الكحول، بل أن إجابتها بأنها تعرف قدر نفسها ووضعت الأمور في نصابها أزعجته بطريقة غريبة.
“ا، اتركني!”
مد جيهاردي يده وأمسك بذراع روميا. بدا أن قوة قبضته فوق العادة، إذ بدأت دموعها تتجمع في عينيها وهي تستجدي. كانت تلك البداية، وكانت سامة.
عندما جذب جهاردي روميا، تبعه جسدها بلا مقاومة. اصطفا أمام المرآة.
روميا ارتجفت وهي ترى انعكاسهما في المرآة. ظهر جيهاردي خلفها، أطول بكثير، محتضنًا إياها بإحكام. ذراعه التي كانت تشد خصرها لم تفك قبضتها. شعرت بحرارة جسده خلفها، فحاولت التملص بلا جدوى.
ربما لم تكن تعرف ما ينوي فعله، لكنها فهمت أن وضعهما المنعكس في المرآة خاطئ. خرجت منه ضحكة جافة.
بالرغم من معرفتها بإستحالة إمكانية الهروب، واصلت محاولة دفع ذراعيه بعيدا عن خصرها، وهو ما زاد الوضع سوءًا.
كانت الدموع تتجمع في عينيها، وكأنها على وشك الانهمار.
“هل تريدين أن ينظر إلى حالتكِ هذه من هم خارج الغرفة؟”
“أوو…”
لم تكن طائرًا مبتلًا بالمطر، لكنها كانت تبكي بمرارة. أراد جيهاردي تثبيت هذه اللحظة كما هي في المرآة. لم يكن الأمر مزعجًا بالنسبة له، بل كان يريد أن يثبت حتى الفوضى في ثوبها الأبيض الناعم.
حذرها: “الأفضل ألا تتحركي.”
شعرت وكأن صخرة ثقيلة تضغط على جسدها. بعد سماع كلماته بأنها يجب أن تسترخي لأنه لا ينوي إطلاق سراحها، توقفت عن أي مقاومة.
بدأت الدموع تتدفق عندما عض مؤخرة رقبتها.
“آه!”
لم تصدق أنها أصدرت مثل هذا الأنين.
“أنا، أنا خائفة، جلالتك…”
روميا عضت شفتها وهي تنظر إلى انعكاس جهاردي في المرآة، غير قادرة على تحريك رأسها. تبادلا النظرات من خلال المرآة.
عندما التقت عيناها بعيناه الباردة كظلام دامس، أدركت الموقف بوضوح. كان عنقها محمرًا من قضمه، وفستانها سُحب كاشفا عن جسدها
كان هناك خطاف في ظهر ثوبها، فأملت ألا تمتد يده إلى ظهرها.
إذا كانت الدموع السابقة مجرد انهمار، فقد بدأ خوفها الحقيقي بالظهور، مع شهقة خافتة.
“هل فهمتِ ما سأفعله الآن؟”
‘لا، لا أعرف’
هزت رأسها بعنف لكنها شعرت بالمزيد من الألم في فكها. تشوّشت رؤيتها وتجمعت دموعٌ جديدة تحت رموشها الكثيفة.
“كنتِ تقولين إنّك تعرفين كل شيء. إذن بيرلوس كاذبة.”
كانت إحدى الكلمات المختلطة مع اللوم الذي وجه إليها في الماضي. ارتجفت روميا لكنها شدّت شفتيها كي لا يتسرب صوت بكائها. عض جيهاردي شحمة أذنها.
على الرغم من خوفها، كانت روميا عازمة على ألا يكتشف أحد وضعها، مما أزعج جهاردي.
“هذا مؤلم!”
تلوّت برفق مع الأنين القصير، لكنه لم يعر ذلك اهتمامًا. أفرج عن فكها وبدأ يقترب من داخل ثوبها. تحرر فكها، لكنها شعرت بحرارة أسفلها جعلتها تنسى التنفس، وركزت فقط على انعكاسها في المرآة.
على الرغم من ضبابية رؤيتها بسبب الدموع، بدأت ملامحهما تتضح ببطء، وعضّ جهاردي شفتيها بلا رحمة.
“هل، هل ستفعل؟”
كان وقع يده على جسدها حارًا. على الرغم من إدراكها أنها لن تتمكن من منعه عن فعل ما يشاء بها، سألت.
“لا يوجد ما يمنعني.”
شعرت روميا بالحرج من هدوئه، كما لو كان يتحدث عن شأن آخر. فكّ أخيرًا رباط فستانها، فانزلقت اليد التي كانت تداعبها الى ملابسها الداخلية. فزعت روميا من اللمسة غير المألوفة، فقاومت مجددًا، لكنه لم يسمح لها بذلك.
رغم أنها كانت ممسكة به، ظلت تتلوى محاولةً الهرب. وكلما حاولت، كان يضغط جسده عليها أكثر. تجمدت روميا، وهي تتنفس بصعوبة تحت وطأة حركاته البطيئة والمستمرة، من الإحساس خلفها.
ابتسم بسخرية لردة فعلها وسأل: “هل تعرفين حتى ما سنفعله؟”
أغمضت روميا عينيها محاولًة الهروب من الواقع، وهزت رأسها.
“لا، لا أعرف!!”
ولم ترغب أن تعرف. تساقطت الدموع على وجنتيها الجافتين.
“تَبكين جيدًا، من الأعلى والأسفل.”
قالها جهاردي ببساطة، وانحنى بجسده. ضعفت ساقاها. شعرت بالرطوبة، لكن دماغها بقي هادئًا بشكل غريب.
“لماذا تفعل هذا بي؟”
أمسك جهاردي يدها المنهارة ليجعلها تستلقي على الأريكة. رأى أصابعها المشدودة، وفكّ الحزام. كان صوت فك الحزام مروعًا بالنسبة لروميا التي كانت مستلقية بلا قوة.
“أنا… أنا مجرد بيرلوس صانعة القبعات كما قلت، سيدي…”
كان صوتها مرتجفًا من الخوف وكأنها تتوقع ما سيأتي. استمع جهاردي إلى كلماتها واستهزأ بسخرية.
“جهلك يزعجني.”
“أستمر في قول أشياء أجهلها، آه…”
“حاولي أن تخمّني، لماذا أفعل هذا بكِ؟”
“……”
“عندها، سأعدك بالتوقف.”
كان يتحدث بلهجة واثقة، كأنه سيتوقف فورًا إذا نجحت في التخمين.
لكن كلاهما كان يعلم أن روميا لن تستطيع التخمين. كانت روميا تميل إلى تجنب معرفة الأشياء التي تخشاها بشدة.
حتى لو أجابت، فلن تصيب.
كانت غبية وبليدة، هذا ما رآه جهاردي في روميا بيرلوس.
همس جيهاردي في أذنها:
“إذن، استمري في التظاهر بالجهل.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 34"