كان من الواضح أنه يعرف تمامًا ما الذي جرى لها وما الذي عانته، ومع ذلك سألها بهذا الشكل الماكر.
حاولت أن تخفي تعابيرها، لكن وجنتاها الممتلئتان أكثر من المعتاد فضحتها.
“أي الألوان تعجبك؟ لقد انتقيتُ بعض الألوان التي قد تلائم زيّ سموّ الأمير.”
“يبدو أن حماسك تجاه العمل يستحق التقدير.”
هل هذه هي الأشواك التي تحدّثت عنها إيزابيلا؟ هل يسخر منها لأنه يرى أنها تؤدي أوامره الملكية وكأن شيئًا لم يحدث بعد تلك الواقعة؟ أم أنه يمدحها؟ كلما فكرت أكثر ازدادت حيرتها، فلم تجب واكتفت بعضّ شفتيها.
صارت معتادة قليلًا على صوت إطلاق النار، فمدّت يدها تتحسس شحمة أذنها التي ما زالت تؤلمها. كان غريبًا أن تقف في الخارج تتابع تقارير موجهة لولي العهد، لكنها كانت ملزمة أن تتحرك وفقًا لجدوله. لقد أجّلت أربعة أيام بذريعة مرضها، فشعرت نحوه بشيء من الدين.
قبل أن تبرد فوهة المسدس بعد خروج الرصاصة، تلاعب الهواء من حولها. نشرت بعناية العينات التي حصلت عليها مسبقًا، لكن جهاردي لم يُبدِ أي اهتمام. ذلك الصمت، المألوف والمرهق في آنٍ معًا، كبّل روميا مجددًا.
رغم أنها تعلم أن أفضل ما يمكن فعله في أجواء كهذه هو الصمت، إلا أنها أحست أن عليها أن تقول ذلك الآن.
“لم أسرقها.”
حين نطقت فجأة، تفاجأت هي نفسها. ولأن تعابيرها تفضحها دومًا، كان جهاردي قد أدرك منذ زمن ما الذي يشغل رأسها الصغير.
فهل كان هذا ما أرادت قوله؟ بدا غير مكترث، لكن يده التي تعيد تعبئة الرصاصة تباطأت قليلًا.
“همم.”
“……صدقني، لم أسرق عقد السيدة.”
مع جوابه القصير، بدا لها أنه لا يصدقها، فازدادت نبرة صوتها يأسًا.
“سواء صدّقت أم لم تصدّق، لا علاقة لذلك بي.”
كانت رومايا تدرك تمامًا أن قول هذا له ضرب من السذاجة. فهو لا يمتّ للأمر بصلة، وليس ملزمًا بالإنصات لتفاصيل شخصية صغيرة من حياة مجرد خادمة.
“لا حاجة لتبرير نفسك.”
جملته المفاجئة جعلت أهدابها الكثيفة ترتجف.
هل لأنها شعرت بالخذلان؟ لأنه لم يقف في صفها؟ لم تكن تعرف أيهما، لكنها لم تستطع أن تنسى نظراته اللامبالية إليها يوم كانت غارقة في دمائها.
في اللحظة العابرة التي التقت فيها عيناهما، كاد قلبها يسقط. اضطرت أن تصرف بصرها أولًا تحت وطأة الخجل، لكن ذلك المشهد طُبع في ذاكرتها نقشًا لا يُمحى حتى بعد الموت.
ارتجف صوتها وقد امتلأ بما كانت كبتته من حزن.
“لكن لا أحد يصدقني.”
“وإذا أنا صدقتكِ؟”
وضع المسدس جانبًا بعد أن كان قد هيأه، واستدار نحوها.
“هل سيخفّ إحساسك بالظلم عندها؟”
شعرت أن في كلماته إشارة إلى استعداده للاستماع إليها، فشدّت عينيها كي تمنع دموعها وأومأت برأسها.
“أتمنى أن يصدقني شخص واحد على الأقل. أني لم أسرق شيئًا.”
“لكن حتى لو علمتُ أنا الحقيقة، فلن تزول عنكِ تهمة السرقة. الناس سيظلون يرونكِ سارقة.”
حين يكون قاسيًا بهذا الشكل، تظن روميا أن دموعها ستنفجر. هذه المرة لم يكن قلبها وحده، بل جسدها كله كأنه يُسحب إلى أعماق الأرض.
قبل أن تتمكن من قول شيء، تقدم الضابط غلووراس يقود كلبًا مربوطًا بالسلسلة. ما إن شدّ السلسلة قليلًا حتى جلس الكلب هادئًا بجانبه. راقبت روميا ذلك بدهشة، وقد بدا واضحًا من عضلات رجليه أنه لو هجم لكان مخيفًا.
“هل ترى يا سموّك؟ لقد تدرب جيدًا. إنه أحد الكلاب التي اختيرت حديثًا للخدمة العسكرية.”
بجانب ميدان الرماية الذي كان هواية جهاردي، وُجدت ساحة تدريب للكلاب العسكرية. وكان يأتي بانتظام ليتفقدها، وأحيانًا يخرج معها للصيد.
“الكلب الذي رأيته المرة الماضية، لا أراه هنا.”
“آه، تقصد هوف؟ ذلك المسكين…… داس على لغم أثناء التدريب ومات. كان ذكيًا جدًا، وقد علقتم عليه آمالًا كبيرة يا سموّك…… لكن للأسف.”
لو لم تلتقِ عيناها بعينيه، لما نطقت بهذا أبدًا. لقد أقسمت مرارًا أن تكتم لسانها، لكن أمامه لم تملك السيطرة.
“هل تخفي مشاعرك لأن موقعك لا يسمح لك بأن تكون صريح؟”
“وقحة أنتِ يا بيرلوس.”
لو لم يكن صوته هادئًا وباردًا هكذا، لاستمرت بالثرثرة كأنها مسحورة.
“أنا لا أُظهر أي شيء، على عكسكِ.”
ارتسم صقيع جليدي على وجهه الجامد.
“أن تكوني شفافة أمر مرهق، ويجلب تبعات كثيرة يجب احتمالها.”
كلماتها الجريئة المتمادية لم تعد تُحتمل. وأراد أن يوقظها من هذا الحلم.
كره تلك العيون النقية التي تزعم أنها تعرفه كله. إذا واصل النظر إليها، شعر أنها ستبتلعه وتُسقط القلعة التي بناها حول نفسه.
“فلا تتركي ثغرة تُمسك عليكِ.”
اهتز شعرها البني المموج في الريح، وعيناها تلمعان. كلما اقترب أكثر، كانت تعض شفتها بشدة. فأثار ذلك في عينيه شيئًا غريبًا.
اشتعلت نيران الرغبة التي ظن أنه كبحها بإحكام.
ظل أسود خيّم فوق رأس روميا.
“أزراركِ يجب أن تُربط حتى العنق.”
لمس بأصابعه زرّها العلوي. لم يكن قد مسّ بشرتها، ومع ذلك ارتجفت بقوة، فشعر برضا غريب. حين تكون أمامه هكذا، ينتابه إحساس وحشي برغبة في سحقها حتى تتحول إلى غبار.
“وشعركِ يجب أن يكون مرتبًا.”
أمسك خصلة كبيرة من شعرها المسدول ورماه خلفها. حين انكشف عنقها الأبيض، أسرع الهواء البارد يلامسه، فجعلها تفرك عنقها بارتباك.
كان منظرها المرتبك، غير قادرة على معرفة كيف تتصرف، يملأه بشعورٍ بالشبع والرضا. أما وجهها الملطخ بالندم على كلماتها، فكان مشهدًا يستحق النظر.
في تلك اللحظة، نسي جهاردي تمامًا كل وقاحتها السابقة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 21"