توقف المطر عن الهطول بعد اطفاء النار التي التهمت الكوخ الصغير
جلست إريكا ونظرت الى السماء بنظرة فارغة وكأن مشاعرها قد محيت كما طار الرماد مع النسيم واختفى
كانت عيناها الرماديتان تشبهان عينا شخص مات وبردت جثته
كانت مبللة بماء المطر ومتسخة بدمها الاحمر القاتم
شعرها المجعد كان يتحرك مع نسيم الفجر وكأنه يودع الماضي ويستقبل فجرا جديدا
انزلق نظر إريكا الى الكوخ الذي كان على بعد 20 متر منها …… وعندما نظرت إليه ولمحت من بين الاشجار امامها قطعة خشب نصف محروقة ومرمية على الارض
وعند رأيتها لقطعة الخشبة تلك تجمد الدم في عروقها واهتزت بأرة عينيها بقوة وكأنها اكتشفت حقيقة مخيفة …. حقيقة حاولت تناسيها وامكارها
نهضت بسرعة وركضت بالاتجان المعاكس للكوخ
كانت تشهق بتعب … لاول مرة احست بان الركض صعب لهذه الدرجة كان جسدها الثقيل يأبة الحركة انفاسها المتقطة وعينيها الغائرتين كل شيء كان مزعجا
مع ذالك لم تتوقف عن الركض …. كانت كمن يهرب من وحش سوف يلتهمه ذاك الماضي …… ذاك الماضي الذي تناسته منذ زمن عاد ليقتلها مشاعر ثقيلة لم تعرف ماهي وحقيقة استقرت في ذهنها
ارادت الهرب لقد فكرت انها إن ركضت مبتعدة من هناك ستجد معلمها ….. ستجده امامها كما اعتادت دائما ستراه يبتسم لها ويطلب منها جلب الماء ويضربها لانها تأخرت ويؤنبها لانها ادخلت بيو الى المنزل وهو مغطى بالوحل
‘ اجل هذا ماسيحدث ….. هذا ليس إلا وهم وخدعة كل شيء سيتحسن ‘
وفي تلك اللحظة تعثرت إريكا بغصن شجرة وسقطت على الارض ….. ضرب رأسها بشدة
كانت ضربة ستسبب الما فضيعا
ولكنها لم تشعر به
لم يكن الالم في رأسها بل في قلبها
كيف لايئلمها ؟؟
كانت الحقيقة قاسية ….. لقد حولتها الى حطام حاولت الهرب بكل قوتها من هذا الواقع المظلم ولكن ذالك السقوط ذكرها ان لامهرب لها مهما تألمت لن يعود شيء
وفي تلك اللحظة بكت إريكا
الدموع التي حاولت حبسها لتنكر ما حولها خرجة لتأكد …….. لتأكد ماكانت تهرب منه
” ها هه هااااااا هههااااهوااا “
احنت إريكا رأسها وبدات بالبكاء بحرقة لم تبكي بهذا الشكل المثير للشفقة منذ مدة
نهضت إريكا
ورغم تورم كاحلها إلا انها لم تهتم استدارت عائدة الى ماكانت تهرب منه
بأتجاه ذالك الكوخ الدافئ الذي غمرها بكل انواع السعادة طوال السنوات العشر ….. ولكن ماكان سبب تلك السعادة حقا ليس الكوخ
وإنما المعلم
كانت واثقة انها كانت ستكون سعيدة اينما ذهبا مادامت معه كانت ستستطيع الابتسام بصدق
ولكن ماذا عن الان ؟
وقفت إريكا امام الحطام المحترق حبست انفاسها عند رؤيت المنظر عن قرب
كان معلمها تحت هذا الحطام …. لا بل جثته
عظت إريكا شفتيها كانت مشاعرها الممتزجة بالحزن واليأس والندم ولكن المشاعر التي تغلبت عليها كانت الغضب
من الذي تجرأ على اخذ سعادتها ؟ ما هو السبب الذي ادى الى فقدانها لمعلمها ؟ لماذا ابعدها معلمها ؟
كانت الكثير من الاسئلة تدور في بالها ولكن لم يكن هناك اجابة بدات بإزالت قطع الحطام واحد تلو اخرى لم تهتم لجروح يديها التي عادت تنزف مجددا
كيف تهتم بهذا الالم البسيط
لقد كان هناك مايؤلم اكثر
شعور خانق ومر
كيف لا ؟ …… لقد فقدت اليد الدافئة
وذالك الصوت الحنون الذي نادى بإسمها
وذالك الحضن الدافئ الذي حصلت عليه في كل مرة تمرض فيها
فقدت الشخص الذي احبها بصدق
هي حتى لم تستطع توديعه
لو كانت تعرف لعانقته بقوة قبل رحيله
ولاخبرته كم احبته وكم كانت ممتنة له
وكم كانت سعيدة في اللحظة التي نطقة بها بكلمة ابي
وبعد نصف ساعة من ازالت الحطام والدموع تنهمر من عينيها وجدت اخير جثة معلمها
لقد كان وجهه مشوه لدرجة ان اي شخص لم يكن ليستطيع التعرف عليه
ولكنها استطاعت !
احتضت جسد معلمها البالي
لم يكن دافئ كلعادة !
لم يكن هناك صوت لنبضات قلبه !
ولم يبادلها الاحضان !
لطالما عاملها العالم بهذه القسوة ولكن ان يأخذ معلمها …..هذا لم يكن عادلا
حفرت حفرة قريبة من الكوخ ووضعت جسد معلمها الخالي من الروح بداخلها
وبدأت بردمها
كانت ترمي التراب على جسده متجنبتا رميها على وجهه
كان هناك ايمان طفيف انه ربما ربما يستيقض
ربما يمزح معها وسيستيقظ حالا
كانت تعلم ان كل هذا غباء ولكن ……
” معلمي ….. معلمي هذا صعب هذا كثير جدا كل شيء في داخلي يؤلمني …..ههاااا ههه … الن تنهض الن تخبرني بأني لست إلا فتات مدللة “
كتم صوتها بسبب شهقاتها ولاكنها لم تستطع ان تتوقف عن الكلام
” الن تربت على رأسي وتخبرني ان اتوقف عن البكاء كالاطفال …. هل فعلا ستتركني …. هل تخليت عني ….. إن كنت ستموت كان عليك ان تجعلني اموت معك هذا ليس عادلا ليس عادلا ابدا “
وبعد مرور بعض الوقت استسلمت إريكا اخيرا
جلست وضمت عدميها وبدأت تبكي
كانت قد وضعت معلمها تحت التراب
لقد دفنتن بيديها ….. ولكنها لم تدفن إلا جسده مع ذالك كان يؤلم بشدة
وفي وسط ظلمت الفجر لمعت عيون صفراء بين الشجيرات كان منظرا مخيفا ولكن إريكا تعرفت على صاحب تلك العيون
” بيو ؟”
كان قد غاب طوال اليوم وعاد الان فجأة
وبعد لحظة من فضولها عن سبب غيايه فقدت اهتمامها بالامر
اقترب بيو منها وبدا بلعق عينيها لمواساتها
” بيو هل تحاول التهوين علي ؟ هههه شكرا لك
ولكن …. بيو م م معلمي … معلمي قد ….”
لم تستطع قولها بصوت عالي لم ترد الاعتراف بموته
ولكن قبل ان تبدا بالبكاء مجددا قام بيو بسحبها
” ب. بيو ماذا بك ماذا هناك ”
قادها بيو نحو الحطام وبدأ بالحفر في احدى زويا الكوخ المحترق
تبعته إريكا متسائلة عن مايفعله
” ماذا تفعل بيو …. ماذا يوجد هناك ”
وعندما رأت اصراره قررت المساعدة وحفرت معه
وبعد بضعت دقائق لمحت إريكا صندوقا
كان عليه رماد وكان هناك اثار حروق لكنها بسيطة
كان امر يشعر المرء بالحيرة …. كيف نجى هذا الصندوق ولم يحترق كما حدث مع الاشياء الاخرى ؟
كان ضوء الفجر قد بدا بالبزوغ والشمس التي بدأت بالتسلق الى السماء كما لو كانت تزيل الستار عن الماضي لتذكر بالاتي
امسكت إريكا بالصندوق وجلست القرفصاء وبدأت برجه
لم ترى صندوقا مثل هذا في الكوخ من قبل
” من اين جاء هذا “
وبعد تفكير قررت فتحه اخيرا
وحين فتحته كان ما رأته هو كيس ورسالة وكان محتويات الصندوق نظيفة جدا
” ماهذا ؟”
حملت إريكا الكيس وفتحته فوجدت به بعض القطع الذهبية لم تكن كثيرة ولكنها بلنسبة لقروية تعيش في الجبل كان منظرا نادرا
اعادت الكيس الى مكانه ثم التقطت الرسالة وفتحتها والفضول كان قد اجتاحها
” هذا خط المعلم ….. انه خط معلمي … كيف ؟ ”
بدات إريكا بقرائت الرسالة الغامضة
التي كان محتوها كالاتي :
( من اين علي ان ابدا
إريكا لابد انك تذكرين اليوم الذي قابلتك فيه للمرة الاولى في ذالك الوقت لم اعتبرك إلا طفلة بائسة ذات حظ سيء لكن رغم ذالك انا…… حسنا لا اعرف لااعرف كيف اعبر عن مافي قلبي او مشاعري لذالك لم استطع الاعتراف انني احببتك منذ لقائنا الاول
لقد تمنيت ان اغير هذا الحظ السيء وامنحك حياة افضل ….. ولكن لانني كنت احمقا لم استطع منحكي شيء …..
اتعلمين لم تكن حياتي مختلفتا عنك كثيرا …. لم انل الحب ايضا لذالك لا اعرف كيف اعطيه
ولكنني الان نادم اكثر من اي وقت مضى
لقد طلبت منك دون اي خجل ان تناديني بأبي
رغم انني لم امنحك مايجب على الوالد منحه لابنته
كل ما علمتك إياه هو القتال ولكن لم استطع ان اعلمك اشياء كالحب والعاطفة
ربما لم اكن استحق ان امتلك ابنة رائعة مثلك ربما استنفذت حظ حياتي بالحصول عليكي
اغفري لهذا الاب الجاهل
سامحي هذا الاب الذي لم يستطع منح شيء يستطيع كل الاطفال الحصول علي
ارجوك لاتكرهيني … اعلم ان لاحق لي بقول ذالك وانا الان سأتركك …. ولكن لكني تمنيت فعلا ان اراكي لوقت اطول قليلا
لم ارد ترك ابنتي الجاهلة لوحدها
انا اسف اسف جدا
ولكن هذا الاب غير المسؤل سيء جدا اليس كذالك
تركت لكي بعض المال …. ليس بالكثير ولكن سينفعك في رحلتك … حتى لو تركتك لاتنسي هدفك لاتنسي حلمك سيري عزيزتي
سيري نحو القمة سأكون بجانبكي دائما حتى لو لم تريني فتذكري انني اراك دائما
تذكري دائما انك ابنتي الحبيبة ابنتي الشجاعة
انا أومن بك
احبك
واخيرا
عيد ميلاد سعيد
تهانينا على بلوغك 18 من عمرك )
وعند انتهائها من القرائة انهمرت دموعها الساخنة
وظهرت ابت
سامة ناعمة على وجهها
” لقد قدمت لي الكثير بالفعل …الكثير …شكرا لك ياابي انا سعيدة لانك كنت ابي ”
~~~~~~~~
انتهى الفصل اتمنى انه قد نال اعجابكم
لاتنسو ترك تعليق للتشجيع 🥰
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 5"