“ما زال الوقت مبكرًا… لكن علينا أن نأخذ بعين الاعتبار بجدية احتمال أن الهدف لا يملك أيّ قوّة على الإطلاق.”
بحسب ما شاهدته حتى الآن، فإنّ ريس لا يملك تلك القوّة التي يُطلق عليها وحشية في الخارج.
صحيح أنّ مدّة المراقبة لم تتجاوز الشهر، ما يجعل هذه الحُجّة واهنةً كي تُقدَّم كدليل، لكنّي أرى أنّه لو كان يمتلك فعلًا قوّة مرعبة إلى ذلك الحد، لما كان ليُصاب بهذه الكثرة.
يكفي ما حدث هذا الصباح…
“لقد سقطت من السرير أثناء نومي. ظهري يؤلمني، كيف يبدو من وجهة نظركِ، يا إيلي؟”
“…من الظاهر لا يبدو عليك شيء، لكن هل يؤلمك بشدّة؟”
“نعم، ساعديني على النهوض. وأحضري لي الطعام أيضًا، وتناولي الطعام إلى جانبي.”
رغم أنّه لا يبدو متألّمًا على الإطلاق، إلا أنّ ريس أصرّ على أنّ جسده كلّه يُؤلمه، ولم يسمح لي بمغادرة جانبه طوال الصباح.
“هل أستدعي الطبيب؟”
“لا، نظرة إيل وحدها تكفيني.”
ورفض تمامًا فكرة استدعاء الطبيب، ولم تكن هذه المرة الوحيدة.
فقد قال إنّه جُرح في إصبعه بورقة دون سبب واضح، ومنذ يومين سقط من حصان كان يركبه بمهارة وأصيب بكاحله، وقبل ثلاثة أيام التوى ظهره أثناء تدريبات السيف، فاضطررت إلى الاعتناء به طوال اليوم.
لو كان الأمر مجرد تهوّر منه، لكان أسهل، لكن الهدف بدا عاديا اكثر من الأشخاص العاديّين أنفسهم.
بسبب إصاباته المتكرّرة، أصبحتُ أحمل معي دائمًا مراهم ولاصقات طبيّة داخل زيّ الخادمة.
لكن بما أنّ الفترة ما تزال قصيرة لرفع تقرير نهائي، قررتُ مراقبته فترة أطول، و اؤجل هذا الأمر مؤقّتًا.
أمّا ثالثًا، وهذا أمر لا علاقة له بالمهمّة، بل بدافع فضول شخصيّ بحت… فقد راودتني رغبة ملحّة في معرفة سبب منع الدخول إلى الغابة السوداء فجأة.
لا أعلم متى بدأ الحظر تحديدًا، بما أنّني لم أكن أتفقّد الغابة يوميًّا، لكنّني أدركت فجأة أنّ الوصول إليها لم يعد ممكنًا.
ففي الزقاق المؤدي إلى مدخل الغابة، حيث كان الطريق مفتوحًا دائمًا، نُصبت بوّابة سميكة مصنوعة من خشب الجوز الصلب المعروف بمتانته.
ولم يكتفوا بذلك، بل لفّوها بسلاسل حديديّة ثقيلة، بحيث لا يمكن لأحد العبور دون مفتاح.
“بالطبع، يمكنني الدخول من طريق آخر غير البوّابة…”
لكنّه طريق غير اعتيادي، وإن تسلّلت عبره ثم كُشفت، فلن أجد عذرًا يُنقذني.
خصوصًا أنّ هذا لا يتعلّق بمهمّة رسميّة، فإن ارتكبتُ خطأً، فعليّ أن أكون قد أعددتُ خطة بديلة.
‘ولِمَ عليها أن تكون رئيسة الخادمات تحديدًا من يتولّى مفاتيح الأقفال؟’
رئيسة الخادمات تعمل في هذا القصر منذ أطول فترة، وتُعرف بحدة أعصابها.
قرّرتُ تأجيل التسلّل إلى وقت لاحق.
وبعد أن أنهيتُ تنظيفي، انطلقتُ إلى الجناح الجانبي لتنفيذ المهمّة التي أوكلها لي ريس.
وهناك صادفتُ الخادمات اللواتي استقبلنني أوّل مرة عند قدومي إلى القصر.
“أوه، أليست هذه إيلي؟ ما الذي جاء بكِ إلى الجناح الجانبي؟ لم نركِ منذ زمن!”
‘الآن بعد أن فكّرتُ في الأمر، أليست الخادمات، اللواتي يقمن بكلّ المهام الخارجيّة، و هن الأدرى بما يحدث في الخارج؟’
فرئيسات الخدم يعملن عادة داخل القصر أو بخدمة السيّد مباشرة، لذا معرفتهنّ بما يجري في الحديقة أو المناطق الخارجيّة تكون محدودة.
لكنّ الخادمات يختلفن.
مهامهنّ الأساسيّة تدور حول العناية بالجناح الجانبي، ورعاية المواشي، وتشذيب النباتات، وهي كلّها أعمال خارجيّة.
وحيث إنّ الغابة السوداء تقع بجوار أحواض الزهور، فلا شكّ أنّها تقع ضمن نطاق عملهن.
إن كان أحد يعرف ما حدث هناك، فلا بدّ أنّهنّ.
“أخواتي، هل تعرفن سبب حظر الدخول إلى الغابة السوداء؟”
“…همم، لم أتوقّع أن تطرحي هذا السؤال.”
عندما ألقيتُ سؤالي بتروٍ، ظهر الارتباك على وجوه بعضهن.
لكن ردّة الفعل كانت أهدأ نسبيًّا مما لو كنتُ قد سألت عن الدوق.
“إيلي، هل تنوين الذهاب إلى الغابة؟”
“أظنّ أنّها ليست فكرة جيّدة.”
بدأت تظهر ردود أفعال متحفظة من بين الخادمات اللواتي كنّ يطوين المناشف معًا.
فجلستُ بينهنّ بشكل طبيعي، وكرّرت سؤالي دون أن أُظهر نيّة حقيقيّة.
“بالطبع لا، سؤالي بدافع الفضول فقط.”
وبعد أن بدوتُ بريئة كطفلة، تردّدت إحداهن للحظة ثم همست بصوت يحمل نُذر شؤم.
“ربما لأنكِ جديدة هنا، إيلي، فلا تعرفين… لكن مع نهاية الصيف، عندما تبدأ النسائم الباردة بالهبوب، يُمنَع تمامًا دخول الغابة السوداء. نحن ندخل أحيانًا لجمع التوت البري أو الأعشاب الطبيّة، لكن ذلك مسموح فقط حتى نهاية الصيف.”
“هل السبب هو الخطر؟”
صحيح، فمع حلول الشتاء، تصبح الغابة السوداء أكثر خطرًا من أيّ وقت آخر.
حتى أنا شخصيًّا كنتُ أقلّل من زياراتي إليها في الشتاء إلى النصف.
فمن جهة، من الصعب كسب المال شتاءً، ومن جهة أخرى، قسوة البرد تُجمّد المكان بالكامل.
ونظرًا لانعدام وجود البشر تقريبًا، تصبح الوحوش السحريّة أكثر شراسة وانتشارًا.
بل أحيانًا كانت تتجرّأ على النزول إلى القرى البشريّة، فيضطر الإمبراطور لإرسال فرسان لحراسة المنطقة.
‘أتذكّر أنّني كدتُ أُمسَك مرة أثناء تجوالي قرب الغابة.’
وجود الفرسان هو أحد الأسباب التي تجعلني أتجنّب الغابة شتاءً.
فهم يرون القتلة مثلنا أشبه بالشوك في أعينهم، ونحن كذلك نبادلهم الشعور ذاته.
“كلامكِ منطقي، لكن الغابة كانت خطِرة دائمًا، لذا لا يكفي هذا وحده.”
توقّفت الخادمة لوهلة، وكأنّها تتساءل إن كان من الصواب أن تُكمل الحديث.
لكن حين التقت عيناها نظراتي المتوسّلة، تنهّدت وكأنّها استسلمت وقالت بجديّة:
“لا تندهشي، لكن… في الشتاء تظهر الأشباح في الغابة السوداء!”
“…ماذا؟”
أشباح؟ هل قالت أشباح؟
الدهشة ارتسمت على وجهي قبل أن أُدرك، بلا وعي، أنّني نطقتُ باستغراب.
أشباح؟ هنا؟ فجأة؟
“قد يصعب تصديق ذلك، لكنّ الأمر حقيقي. عدد من رأوها ليس قليلًا. حتى بيدي هنا رأتها، وكذلك شاما ولام.”
“صحيح، أنا لا أؤمن بالأشباح، لكنني رأيت ذلك الشيء بعيني! عندما تبدأ الرياح الباردة بالهبوب، تبدأ الشهادات بالظهور واحدة تلو الأخرى، لهذا تمّ حظر الدخول شتاءً.”
“على أيّ حال، في الشتاء تكثر الوحوش وتنعدم الثمار، لذا لم يسبّب المنع أيّ ضرر.”
رغم أنّ الجميع بدوا مترددين بالبداية، فإنّهم بدأوا يسردون قصصًا مرعبة واحدًا تلو الآخر.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 14"