1
وصلتُ إلى ساحة التدريب، والابتسامة تكاد تثقب وجهي من الحماس. اليوم… سأقابل أستاذي العظيم، الساحر الأسطوري الذي حكى عنه الجميع. تخيلته طويل القامة، عيونه تلمع مثل الجمر، وصوته يزلزل المكان. لكن ما إن وقعت عيناي على الشخص الجالس في منتصف الساحة… حتى شعرت أن الكون قرر أن يسخر مني شخصياً.
رجل جالس على كرسي خشبي، ظهره مائل، رجلاه ممدودتان أمامه وكأن الحياة عطلة طويلة، في يده كوب شاي بخارُه يتصاعد بكسل يطابق صاحبه، وعيناه نصف مغمضتين وكأنه في سباق مع النوم. لحظة… هل هذا هو؟ لا… لا يمكن. حاولت أن أقنع نفسي: ربما هو مساعده… أو البستاني… أو أي أحد عابر.
اقتربت ببطء، وقلبي يصرخ داخلي ألا يكون هو… أرجوك لا يكون هو.
توقفت أمامه، ترددت، ثم تجرأت
“عذرًا… هل أنت…”
قبل أن أكمل، رفع يده بهدوء وقال
“ششش… أنا أعدّ الغيوم.”
ثم أشار بكسل إلى السماء.رفعت حاجبي بدهشة
“الغيوم؟!”
ابتسم نصف ابتسامة
“أجل… تمرين مهم للسحرة الكبار… يساعد على تطوير قوة الملاحظة… أو على الأقل هذا ما سأخبر به أي شخص يسألني وأنا أستمتع بالجو.”
انتظرت بضع ثوانٍ لعلّه ينهض أو يعرّف بنفسه، لكنه عاد لاحتساء الشاي وكأنني غير موجودة.
تنهدت،
وبدون تفكير ركلت الكرسي ركلة خفيفة. اهتز الكرسي، فنظر إليّ أخيراً، نصف ابتسامة ساخرة تزين وجهه
“هاه… شجاعة أن تركلي كرسي ساحر قوي… هل تعلمين أنني أستطيع تحويلك إلى ضفدعة في أقل من ثانية؟”
قلت بسخرية
“أوه، رائع… لكن أعتقد أنك ستأخذ غفوة بعد نصف الثانية من ذلك.”
ضحك ضحكة قصيرة، ثم أشار لي بالجلوس
“أعجبني لسانك… هذا جيد. سأكون أستاذك… للأسف بالنسبة لك.”
ابتسمتُ بارتباك
“نعم”
نظر إلي قليلا ثم عاد للنوم، حقا ساحر كسول
وضعت يدي على خصري و قل ساخرة
“أرجو المعذرة أستاذي الذي يستطيع أن يحولني إلى ضفدع في أقل من ثانية ألن نبدأ التدريب “
رفع حاجبه بكسل،ونظر إلي. قال بابتسامة جانبية
“الآن… لكن أولًا، سنبدأ بأهم جزء.”
لم أفهم ما يقصد، حتى لوّح بيده بخفة… وفجأة وجدت جسدي يطفو في الهواء! أنزلني برفق على أرجوحة حريرية ظهرت من العدم، تتأرجح بلطف بين عمودين مزخرفين بالسحر.
صرخت: “ماذا—!؟”
ابتسم ببرود: “أهم جزء في أي تدريب هو… الراحة الجيدة.”
“الراحة؟! أنا جئت لأتعلم السحر، لا لأخذ قيلولة!”
ضحك وقال: “إذا لم تتعلمي الاسترخاء، لن تستطيعي التحكم في طاقتك… والآن، كوني تلميذة جيدة… ونامي.”
“أنا أسترخي عندما أكون في عطلة… ليس وسط تدريب!”
رفع إصبعه وكأنه يلقي حكمة مقدسة
“العقل المرتاح يصنع ساحرًا قويًا… والعقل المتوتر يصنع… انفجارًا.”
رمقته بنظرة حادة
“إذن تريد أن أكون قنبلة موقوتة؟”
ابتسم بمكر
“لا… أريدك أن تكوني قنبلة… لكن تعرفين متى تنفجرين.”
“حقا هل تمزح معي أطالب بتدريب محترم الأن “
رفع كوب الشاي بهدوء، احتسى رشفة وكأن كلماتي لم تصل إليه، ثم قال
«غريب… كنت أظن أنّ التلميذ يطيع أستاذه.»
رمقته بعينين ضيقتين
«وكنتُ أظن أنّ الأستاذ يبدأ تدريب تلميذه بدل أن يقدّم له أرجوحة.»
ابتسم بمكر، وأمال رأسه قليلًا
«أنا أبدأ التدريب… أنتِ فقط بطيئة في الفهم.»
شهقت
«بطيئة؟! أنا—»
لم أكمل الجملة حتى لوّح بيده بخفّة… وفجأة تأرجحت الأرجوحة بقوة صرخت و تمسكت بها بكل قوتي حتي لا أسقط
لأسمعه يضحك بقوة
صرخت: «هذا غش!»
قال بسخرية «هذا سحر… تعلّميه أو تقبّليه.»
أمسكت بالحبال بعصبية، أحدّق فيه من علٍ
«أقسم أنّني سأجعلك تندم على هذا.»
ضحك بخفة، وعيناه تلمعان بمكر
«أحبّ الطالبات الطموحات… يبدو أنّ حياتي ستصبح ممتعة من الآن فصاعدًا.»
بعد نصف ساعة فقط من أول لقاء، كنت قد قررت أن هذا الرجل… ليس مدرّبًا، بل كارثة متنكرة في عباءة ساحر. هبطت من الأرجوحة بعصبية، وخرجت من الساحة أتمتم بكلمات غاضبة، حتى وصلت إلى مكتب إدارة الأكاديمية.
قلت لهم بحدة
«أريد تغيير أستاذي الخاص فورًا!»
رفع المدير حاجبه
«لماذا؟ سمعتِ أنه من أقوى السحرة في المملكة.»
أجبت بسرعة
«أقوى كسول في المملكة! يضعني على أرجوحة ويقول إن هذا تدريب! أنا جئت لأتعلم السحر، لا لأشارك في مسابقة النوم!»
وقبل أن يكمل المدير كلامه… شعرت ببرودة غريبة خلفي، وكأن أحدهم وقف على مسافة نفسٍ واحد. استدرت، لأجده يقف هناك بابتسامة ساخرة، مستندًا على عصاه، وكأنه كان يسمعني منذ البداية.
قال بنبرة هادئة
«أوه… هل تخبرينهم عن درس الأرجوحة؟ لقد كنتِ ممتازة في التوازن، ربما أضيفه إلى سجل إنجازاتك.»
رمقته بحدة
«سجل إنجازاتي سيبدأ عندما أضربك على رأسك!»
ضحك بخفة، وأشار بيده إشارة صغيرة… وفجأة وجدت كرسياً ينسحب من طرف القاعة ويستقر خلفي، ليجبرني على الجلوس.
قال بنبرة واثقة
«من حسن حظك أن الأكاديمية تحبني… ومن سوء حظك أنهم لن يغيروا مدرّبك.»
رفعت قبضتي
«بعد قليل، لن يحبك أحد!»
ابتسم بمكر
«تهددين أستاذك؟ رائع… التدريب العملي سيبدأ أسرع مما توقعت.»
كنت ما زلت على الكرسي الذي أجبرني على الجلوس عليه، أرمقه بنظرة حادة وكأنها قد تحرقه. لكن هو؟ مسترخي، يبتسم وكأن الموقف كله عرض كوميدي خُصص له.
قلت بحدة
«لن أتحرك من هنا، لن أتدرب معك.»
مال برأسه قليلًا وقال
«تمام… ما رأيك أن نبدأ الدرس الأول هنا في المكتب؟»
فتحت فمي لأرد، لكنه لوّح بعصاه بخفة، وفجأة شعرت أن الكرسي الذي أجلس عليه يتحرك… نعم، يتحرك! انزلق بي خارج المكتب، عابرًا الممرات، والطلاب يحدقون فيّ بذهول وأنا أتمسك بحواف الكرسي كمن يركب عربة بلا فرامل.
صرخت
«أوقف هذا الشيء فورًا!»
قال ببرود وهو يسير بجانبي
«أول قاعدة… لا تصرخي، فالسحر يحب الهدوء.»
صرخت أكثر
«سأريك الهدوء بعد أن أرميك من النافذة!»
توقف الكرسي فجأة في ساحة التدريب، وبإشارة صغيرة منه اختفى، لأجد نفسي واقفة أمامه.
قال بابتسامة مائلة
«جميل… ها قد وصلنا. مستعدة لتكوني أعظم ساحرة في المملكة؟»
وضعت يدي على خصري
«معك؟ أشك!»
ضحك بخفة
«هذا الحماس هو ما سيجعلني أحب تدريسك… أو على الأقل الاستمتاع بتعذيبك قليلًا.»
أشرت له بإصبعي
«تعذيب؟»
أجاب
«بالطبع… تدريب، أقصد تدريب.»
تقدمتُ خطوة إلى الوراء وأنا أراقبه بحذر، متوقعة أنه سيطلب مني إلقاء تعويذة نارية أو مواجهة وحش وهمي… لكن لا، هذا الرجل لديه عقل ملتوي.
قال بابتسامة واسعة
«الدرس الأول… أمسكي هذه الريشة.»
حدقت فيه
«… ريشة؟»
أومأ
«أجل، ريشة. ستبقين ممسكة بها… لمدة ساعة كاملة.»
رفعت حاجبي
«وهذا سيعلمني السحر؟»
أجاب ببرود
«سيعلمك الصبر… والهدوء… وكيفية عدم قتل أستاذك قبل نهاية اليوم.»
أخذت الريشة منه بتأفف، لكن فجأة شعرت بها تتحرك… ثم حاولت الطيران من يدي! أمسكتها بقوة، لكنها كانت تتلوى وكأنها مخلوق صغير.
صرخت
«ما هذه؟!»
ابتسم بخبث
«إنها ريشة متمردة… إذا أفلتِها، ستلاحقك طوال الأسبوع وتدغدغك في منتصف النوم.»
شهقت
«أنت تمزح!»
قال وهو يتثاءب
«وهل أبدو كمن يمزح؟»
ثم جلس على كرسي ساحر أنيق، وأخرج كوبًا من الشاي، وبدأ بمراقبتي وكأنه يشاهد عرضًا ممتعًا
كنت أظن أن أسوأ ما قد تفعله هذه الريشة هو دغدغتي، لكن فجأة… توقفت عن الحركة. تجمدت في يدي تمامًا، وكأنها ماتت.
نظرتُ نحوه بريبة
«هاه؟ انتهت المسرحية؟»
لم يرفع عينيه عن كوب الشاي
«أوه… لا، المسرحية بدأت للتو.»
وفجأة… تحولت الريشة في يدي إلى أفعى صغيرة ذات حراشف لامعة، وفتحت فمها لتكشف عن أنياب دقيقة لكنها تبدو خطيرة.
شهقت
«ماذا فعلت أيها المعتوه؟!»
أجاب ببرود
«امتحان رد الفعل… لديك ثلاث ثوانٍ لتتصرفي قبل أن تلدغك.»
– «ثلاث ثواااانٍ؟! أنت مجنون!»
– «اثنتان…»
– «سأقتلك بعد أن أنجو…»
– «واحدة…»
في آخر لحظة، أطلقت تعويذة بسيطة دفعها الحدس لا العقل، فاختفت الأفعى في سحابة دخان. بقيت ألهث، وقلبي يخبط في صدري.
ابتسم بخفة وهو يصفق بكسل
«ممتاز… لم تموتي. تقدم ملحوظ.»
صرخت وأنا أشير له
«هل تسمي هذا تقدمًا؟! لقد حاولت قتلي!»
هز كتفيه
«لو أردت قتلك حقًا، لكنتِ تعرفين… لكني أردت فقط أن أريكِ أن السحر لا ينتظر أن تنتهي من الشكوى.»
اقترب مني، ومع كل خطوة كان صوته يزداد جدية
«العدو لن يعطيك فرصة لتطلبي وقتًا مستقطعًا، ولن يتوقف ليسمح لك بالتأكد من أن شعرك مرتب. التدريب معي… سيكون إما الجحيم أو السبب في نجاتك.»
ثم عاد لابتسامته المائلة وأضاف بخفة
«وأنا شخصيًا أراهن على الاثنين.»
كنت ما زلت أتنفس بصعوبة، والدم يغلي في عروقي من الغضب… لكن، لوهلة، لاحظت شيئًا غريبًا.
الساحة من حولنا… تغيّرت. الأشجار البعيدة أصبحت أكثر قربًا، الظلال على الأرض تحركت وكأن الشمس غيرت مكانها فجأة، وحتى الهواء صار أثقل.
نظرت نحوه
«ماذا… فعلت؟»
رفع نظره عن كوب الشاي وأجاب وكأنه يصف الطقس
«مجرد تعديل بسيط… وهمٌ على محيط كيلومترين. لا أحد يستطيع رؤيتنا أو سماعنا الآن.»
– «كيلومترين… فقط هكذا؟»
– «كنت سأجعلها خمسة، لكني كسول اليوم.»
وقبل أن أستوعب، لوّح بيده، فانفجر الأرض أمامنا بعمود من النار، ارتفع لدرجة شعرت بحرارته على وجهي.
تراجعت خطوة
«أنت…»
ابتسم، لكن هذه المرة لم تكن ابتسامة سخرية، بل ابتسامة من يعرف أنه يملك قوة لا يمكن التشكيك فيها
«أنا ساحرك الخاص، شئتِ أم أبيتِ.»
ابتلع قلبي نصف غضبي، لكن النصف الآخر تمسك به بقوة.
قلت وأنا أقطب حاجبي
«أنا ما زلت أكرهك.»
ضحك وهو يعيد ملء كوبه بالشاي بطريقة سحرية
«الكراهية بداية ممتازة… على الأقل أفضل من اللامبالاة.»
ثم أشار للأرجوحة السحرية التي كنت ما زلت فوقها، فرفعتني في الهواء قليلًا.
قال بخبث
«والآن… الدرس الثاني: كيف لا تسقطين من ارتفاع عشرة أمتار.»
صرخت
«ماذاااا؟!»
ضحك
«هدية مجانية… لنبدأ.»
بعد أن انتهى “الدرس” بطريقة جعلتني أصرخ وأتمسك بالحبال حتى كدت أقطع أصابعي، قررت أن هذا هو الحد.
توجهت مباشرة إلى مكتب الإدارة، وبالتحديد إلى قاعة مجلس الأساتذة.
دفعت الباب بعصبية
«أريد تغيير أستاذي الخاص… حالًا!»
رئيس الأكاديمية، رجل مسن ذو نظرة هادئة، رفع حاجبه
«ولماذا؟»
أشرت بيدي بعشوائية
«إنه كسول، مستفز، كاد يقتلني مرتين، وأجبرني على الطيران فوق أرجوحة كالمهرجين!»
لم أكمل جملتي حتى فُتح الباب من جديد، ودخل هو… ببطء شديد، وكأنه في نزهة.
ابتسم بأدب مصطنع
«آه، نتحدث عني إذن؟»
ثم انحنى قليلًا
«تحياتي سادتي.»
اقترب من الطاولة، ووضع كوب الشاي أمامه بكل هدوء
«عذرًا، لكن تدريبها ممتاز حتى الآن. في أقل من ساعة، تمكنت من تفعيل دفاعها السحري بشكل غريزي، وتجاوزت اختبار الخوف الأول. هذا تقدّم أسرع من ثلاثة طلاب آخرين بدأوا قبلي.»
رئيس الأكاديمية نظر إليّ
«هل هذا صحيح؟»
تلعثمت
«أنا… كنت فقط أحاول…»
قاطعني هو بابتسامة جانبية
«تمامًا… كانت تحاول. وهذا ما نريده. أحيانًا أفضل طريقة لتعليم السحر… أن تجبر الطالب على القفز في النار بدلًا من منحه شمعة.»
ضحك أحد أعضاء المجلس، والبقية تبادلوا النظرات.
الرئيس قال بهدوء
«أعتقد أنكِ بخير معه… على الأقل حتى نهاية الفصل.»
استدرت نحوه بعيون مشتعلة
«هذا لم ينتهِ.»
همس لي وهو يمر بجانبي
«أوه، بل بدأ للتو… يا تلميذتي العزيزة.»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"