دخلت جوديث نقابة معلومات غراي بحيوية، وقد ربطت شعرها الأحمر إلى الخلف وكانت ترتدي فستانًا قطنيًا مريحًا. وقف الموظف، الذي كان يقرأ صحيفة، فور أن رآها.
“لقد وصلتِ،” قال وهو يبتسم بلطف. “السيد كان في انتظارك.”
المعاملة التي تتلقاها الآن كانت مختلفة تمامًا عما كانت عليه قبل ثلاث سنوات.
قبل ثلاث سنوات، كانت جوديث قد استدعت القائد بكل جرأة لمقابلته. ومنذ ذلك الحين، أصبحت واحدة من القلائل الذين يُسمح لهم بمقابلة القائد وجهًا لوجه.
“طبعًا. كل المعلومات اللي قدمتها كانت صحيحة حتى الآن.”
رغم أنها لم تستطع التأثير كثيرًا في مجريات الأحداث قبل بداية الرواية الأصلية، فإنها كانت قادرة على بيع أجزاء صغيرة من المعلومات هنا وهناك. ومع التذكر الدقيق، أدركت جوديث أن الرواة في الرواية كثيرًا ما كانوا يلمّحون لأحداث سابقة.
ورغم أنها لم تكن تملك أفكارًا تجارية مبهرة أو نصائح استثمارية، إلا أنها كانت تملك معلومات مفيدة مثل:
“البارون والبارونة في بلينا عندهم مشاكل من قبل الزواج. الأغلب إنهم رح يطلقوا في النهاية.”
استندت هذه المعلومة إلى سطر في الرواية يقول: “البارون والبارونة في بلينا انفصلا أخيرًا بسبب مشاكل قديمة منذ ما قبل الزواج.”
“في حديقة سرية للورد في قصر كونت أتين. هي من هواياته الخاصة، وفيها أنواع نادرة كثيرة.”
هذه المعلومة جاءت من سطر آخر: “الكونت أتين كان يحتفظ بحديقة ورد سرية في قصره منذ طفولته.”
طبعًا، كانت جوديث حذرة جدًا عند بيع معلوماتها.
تجنبت كل ما يمكن أن يغيّر مجرى القصة الأصلية، خوفًا من أن يؤثر ذلك على خطتها الخاصة. لذا، لم تبع سوى معلومات ثانوية عن شخصيات جانبية لا تؤثر على الأحداث الرئيسية.
نتيجة لذلك، كانت معلوماتها دقيقة للغاية، لكن سعرها لم يكن مرتفعًا جدًا—مجرد ما يكفي لتسديد فوائد الديون وتأمين احتياجاتها اليومية بالكاد.
ومع ذلك، وبسبب دقتها العالية، كان القائد يصر دائمًا على مقابلتها شخصيًا ويدفع لها سعرًا عادلًا.
“أوه، حضرتِ، يا بارونة.”
عندما دخلت جوديث غرفة القائد بثقة، حيّاها بنفسه.
أعطاها باقة ضخمة من الورود وقال بلطف: “مبروك بلوغ سن الرشد.”
فاليوم هو عيد ميلاد جوديث العشرين، وهو اليوم الذي تُصبح فيه رسميًا بالغة.
“أوه، شكرًا لك.”
بدت الباقة الفخمة متناقضة مع بساطة لباسها، لكنها أخذتها بسعادة وابتسمت بفرح.
“بس ما أذكر إني قلت لك تاريخ ميلادي.”
“إدارة نقابة معلومات تتطلب معرفة مثل هذه الأمور،” أجاب القائد بهدوء. “خاصة بعد ما عرفتِ عمري، سيدتي.”
قائد نقابة معلومات غراي.
جوديث لم تكن تعرف اسمه، وكانت تناديه دائمًا بـ”القائد”. كان دائمًا يرتدي قناعًا، لذا لم تكن تعرف شكله الحقيقي. كما أنه كان يرتدي قفازات، فلم تتمكن حتى من تخمين شكل يديه. وكان يبدو أن لون شعره يتغير في كل مرة يقابلها فيها، ما جعلها تظن أنه يرتدي شعرًا مستعارًا. الشيء الوحيد الذي تأكدت منه هو أنه كان نحيفًا لكنه قوي البنية.
راقبها القائد بصمت وهي تقبل الباقة، ثم سأل فجأة:
“فكيف عرفتِ عمري بالضبط؟”
“قلت لك، كنت أُخمّن فقط. كيف لي أن أعرف أنك كنت قاصرًا فعلاً؟”
أصدر القائد صوتًا يشير إلى الشك وهو يجلس، غير مقتنع تمامًا. وفي الحقيقة، لم تكن جوديث تعرف عمره الدقيق. لكنها خمّنت أنه كان قاصرًا قبل ثلاث سنوات.
استند هذا التخمين إلى جملة في الرواية الأصلية:
“في وقت الحريق، كان قائد نقابة غراي قد بلغ سن الرشد للتو. مات صغيرًا جدًا. ولو كان قد عاش، لربما تغيّر المشهد السياسي تمامًا.”
وقد كان حدس جوديث صائبًا. فرغم أنها لا تعرف عمره بالتحديد، فقد خمنت أنه لا يكبرها بأكثر من عامين.
ومع ذلك، من الواضح أنه شخص كفء للغاية، إذ أسس النقابة ونماها بهذا الشكل في سن صغيرة جدًا. رغم أنه، في القصة الأصلية، يموت شابًا بشكل مأساوي…
“لما نتعرف على بعض أكثر، تقدر تقولي الحقيقة.”
قال القائد بصوت سلس، ولم يبدُ أنه اقتنع بأن جوديث كانت “تخمن” فقط.
“وربما تشرحين لي أيضًا كيف تحصلين على هذه المعلومات الدقيقة.”
“قلت لك، ألتقطها وأنا أتجول في محاولة لسداد ديوني. هذا كل ما في الأمر.”
هزت جوديث كتفيها وجلست أمامه. وبريق في عينيها، دخلت مباشرة في الموضوع.
“اليوم، لدي معلومات للبيع، وأريد شراء معلومات أيضًا.”
“أوه؟” أظهر القائد اهتمامًا. “هذه أول مرة تطلبين شراء معلومات.”
“نعم، لكنها كذلك أول مرة أملك فيها معلومات بهذه القيمة العالية، ما يعني أنها ستغطي تكلفة الشراء.”
“همم، بدأت أشعر بالفضول. معلومات باهظة الثمن، كما تقولين؟” قال القائد بصوته المعتاد الناعم.
كان صوته عميقًا وهادئًا، لكنه يحمل طابعًا غريبًا—بمجرد أن تلتفت، يصبح من الصعب تذكره. كانت جوديث تظن أنه يستخدم أداة سحرية لإخفاء هويته. كان واضحًا أنه حريص على الحفاظ على سريته، ما جعلها تهز رأسها في داخلها.
“ما هي المعلومات التي ترغبين في شرائها؟” سأل القائد بصوته الحريري.
رمشت جوديث بعينيها وأجابت:
“إيكيان مايوس.”
“…ماذا؟”
“أريد معلومات عن إيكيان مايوس.”
إيكيان مايوس—الأخ الأكبر للشرير في القصة الأصلية، والذي ذُكر لفترة وجيزة فقط على أنه هرب واختفى.
كان دوق مايوس الشاب، معروفًا بقدراته الاستثنائية.
لا أحد يعرف لماذا تخلّى عن حياته المثالية وهرب. ولا أحد يعرف ما الذي كان يفعله منذ ذلك الحين. لم يُكشَف هذا الغموض حتى في نهاية الرواية.
الشيء المؤكد الوحيد هو أن عائلة مايوس كانت تبحث عنه بجنون. وحتى شقيقه الأصغر، الشرير المستقبلي، كان يتوق لعودته.
“هممم.”
توقف القائد للحظة.
“تقصدين إيكيان مايوس، الدوق الشاب المفقود منذ ما يقارب الخمس سنوات؟”
“لنكن دقيقين. لم تمر خمس سنوات بعد—لكنها أوشكت على ذلك.”
فبحسب قوانين الإمبراطورية، إذا اختفى شخص لمدة خمس سنوات، يتم إعلان وفاته رسميًا. وحينها، سيرث شقيقه الأصغر لقبه كدوق شاب.
وإذا حدث ذلك، سيكون من الصعب على إيكيان استعادة لقبه. حتى لو عاد، فذلك سيتطلب موافقة متبادلة وتصويت من مجلس التابعين.
وفوق هذا، بما أنه هرب طوعًا، فقد يقرر المجلس أنه ليس لديه نية للعودة، ويُسقطون حقه في اللقب تمامًا.
“على أي حال، نعم، أريد معلومات عن إيكيان مايوس.”
كانت عائلة مايوس تفعل المستحيل لتجنب إعلان وفاته.
لم تكن جوديث تعرف لماذا كانت العائلة مصرة بهذا الشكل على إبقاء مركز إيكيان، رغم أنه هرب. ومع ذلك، كانوا مستميتين في الحفاظ عليه كدوق شاب.
لكن الوقت كان ينفد، والموعد النهائي للخمس سنوات يقترب بسرعة…
لذا، وضعت عائلة مايوس خطة عبثية: اختلاق وجود امرأة حامل من إيكيان، والاعتراف بها ككنّتهم رسميًا.
كان لأفراد عائلة مايوس طاقة مميزة، يستطيع رئيس العائلة الإحساس بها حتى في الأجنة. فإذا استطاعت الدوقة أن تدعي أن الجنين دليل على أن إيكيان كان على قيد الحياة مؤخرًا، فإن هذا سيمنحهم وقتًا إضافيًا ويؤخر إعلان وفاته.
“سآخذ هذا الدور ككنّة مزيفة،” فكرت جوديث، متذكرة الخطة التي وضعتها لسنوات.
في القصة الأصلية، أسندت العائلة هذا الدور إلى خادمة خبيثة، كانت السبب في دمار شخصية الطفل الشرير…
“سآخذ المال وأغادر بهدوء.”
كانت عائلة مايوس، بثروتها الهائلة ونفوذها، طوق النجاة الوحيد لجوديث—الفرصة لتسديد ديونها الهائلة أخيرًا. وفي الوقت ذاته، كانت فضولية بشأن إيكيان مايوس، الرجل الذي ستدّعي قريبًا أنها حامل منه.
“فإذا كنت سأكذب بشأن حملي منه، من الأفضل أن أعرف بعض الأمور عنه، أليس كذلك؟”
نظرت جوديث بعينين متألقتين نحو القائد، الذي تنهد بعمق.
“لماذا الاهتمام المفاجئ بهذا الرجل؟”
“أوه.”
قررت جوديث أن تكشف القليل، عالمةً أن الحقيقة ستظهر في النهاية.
“أنا… مهتمة به قليلًا.”
“بالطبع، لا بد أنكِ مهتمة طالما تسألين عن معلومات. لكن ما نوع هذا الاهتمام…”
كان القائد يحتسي شايه بهدوء، عندما قاطعته جوديث فجأة:
“اهتمام رومانسي.”
ففي النهاية، كانت ستتظاهر بأنها حامل من طفله، لذا كان الأمر طبيعيًا بالنسبة لها.
“أنا مهتمة به عاطفيًا.”
“بففف!”
بصق القائد شايه من شدة المفاجأة.
التليجرام : https://t.me/gu_novel
{لترجمه : غيو}
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 3"