في السابعة عشرة من عمرها، كانت حالة جوديث يائسة بحق. لقد كانت، حرفيًا، يتيمة لا تملك شيئًا سوى جبل من الديون.
“إن لم تدفعي الفوائد على الأقل قبل يوم الخميس، فستندمين!”
وقد بدا لها وكأنها سمعت هذا التهديد عشرين مرة من قبل.
تنهدت جوديث آيلان وهي تغمض عينيها، جالسة في وضع يُرثى له. بعد انتحار والدها، بول آيلان، أصبحت ابنته الوحيدة الوريثة الوحيدة للبارونية، وبالتالي أصبحت البارونة آيلان.
لكن لقب “بارونة” لم يكن سوى مزحة مريرة—إذ إن ما ورثته لم يكن سوى ديون ضخمة أثقلت كاهلها.
ولزيادة الطين بلّة، فرّت والدتها بكل ما له قيمة.
فبمساعدة خادمة كانت قد قرُبت منها كثيرًا، سرقت والدتها مجوهرات جوديث وهربت.
الشيء الوحيد الذي تُرك خلفهما… كان جوديث.
“ما الذي ينبغي لي فعله الآن؟”
أطلقت جوديث، وهي ترتدي فستانًا ممزقًا، تنهيدة ثقيلة.
كان والدها غارقًا في القمار، حتى إنه نادرًا ما كان يعود إلى المنزل، ومات في النهاية فجأة. أما والدتها، التي كانت منشغلة بقضاء الوقت مع خادمتها لدرجة أنها لم تعر جوديث أي اهتمام، فقد اختفت بدورها.
لكن ما يؤلم جوديث أكثر، هو أن تلك الذكريات لم تعد تبدو وكأنها تعنيها—بل كأنها تخص شخصًا آخر.
كان الأمر أقرب إلى شعور غامض ظل يعتمل بداخلها فترة، ثم تحول إلى إدراك مرير بالواقع.
ومع ذلك، فإن الشيء الذي لم تستطع تجاهله أو تخديره كان الدين الذي ورثته، والذي بدأ ينهش أيامها دون رحمة.
“ماذا سأفعل…؟”
لم يكن لديها أصدقاء بعد الآن.
بعد وفاة والدها، توجّهت إلى أصدقائها تطلب منهم بعض المال، لكنها خسرتهم جميعًا في تلك المحاولات.
وبرغم ذلك، لم تستطع لومهم. فدينها كان هائلًا بما يكفي ليجعل قطع العلاقات بها أمرًا منطقيًا وطبيعيًا.
وإن لم تدفع فوائد الدين، فسيتم سحبها من قِبل المرابين.
وفي مثل حالتها، غالبًا ما كانت الفتيات النبيلات يلجأن إلى خيارين لا ثالث لهما: إمّا الانتحار حفاظًا على ما تبقّى من شرفهن، أو يُبعن لرجال مسنين أثرياء يسدّدون ديونهن مقابل “الزواج”.
وبصراحة، كانت جوديث محاصرة، لا تملك مهربًا.
لكنها امتلكت شيئًا واحدًا… شيئًا مختلفًا.
عندما توفي والدها، عادت إلى ذاكرتها فجأة حياة سابقة كانت قد نسيتها.
لقد تذكرت حياتها السابقة، تحديدًا في اليوم الذي طُردت فيه من مكانها، ولم تتمكن حتى من رؤية وجه صديقتها المقرّبة.
حينها، أدركت أنها قد دخلت إلى عالم رواية كانت قد قرأتها في حياتها السابقة.
“هممم… حتى لو أردتُ استغلال القصة لصالحـي، فما زال الوقت مبكرًا للغاية.”
كانت تعرف متى تبدأ الأحداث الرئيسية، إذ إنها، على عكس شخصية جوديث في الرواية، لم تكن قد باعت البارونية في المزاد بعد، ولم تنتقل بعد إلى منزل الضيافة المهترئ.
كان المشهد الافتتاحي في الرواية يبدأ حين يحترق الشارع بأكمله، بما في ذلك المنزل المذكور.
وكان اسم الرواية التي كانت تقرأها حتى لحظة وفاتها في حياتها السابقة هو “زهرة تتفتح وسط الخراب”.
وهي قصة عن صاحبة محل زهور، فتاة ذات شخصية قوية، فقدت كل شيء في الحريق، ثم صمدت، ووجدت الحب في النهاية.
كانت جوديث تتذكّر تفاصيل الرواية جيدًا، رغم أنها لم تكن تقرأها باهتمام شديد في حينها.
وفور أن استعادت ذكرياتها السابقة، اتجهت مباشرة إلى محل الزهور الذي كانت تملكه البطلة. وكانت البطلة حينها…
لم تزل في الثانية عشرة من عمرها فقط.
كان أمامها ثلاث سنوات قبل وقوع الحريق، وثماني سنوات قبل أن تبدأ في التورط العاطفي مع شخصيات الرواية الذكورية.
“لا بدّ… لا بدّ أن يكون هناك ما يمكنني الاستفادة منه؟”
ولحسن الحظ، كانت جوديث تحفظ الرواية عن ظهر قلب.
ورغم أنها بحثت بتأنٍ في قصة البطلة والأبطال، إلا أنها لم تجد حلاً مناسبًا.
“ربما عليّ أن أبحث في قصص الأشرار… مع أنه من المفترض أن يكون الشرير مجرد طفل أيضًا… لحظة!”
الشرير الذي امتلك مشاعر ملتوية تجاه البطلة وسبب لها العذاب لاحقًا… كان يُدعى كارل مايوس.
“عائلة دوق مايوس!”
كان لدى كارل مايوس ماضٍ مأساوي يفسّر تحوّله إلى شرير. فقد تعرّض لسوء المعاملة على يد “زوجة الابن المتعاقدة” التي استقدمتها العائلة حين كان لا يزال طفلًا.
وبينما كان يعيش في ظلّ أزمة اختفاء شقيقه الأكبر، الذي كان يعشقه بشدّة، لم يتمكن من إخبار والديه بما تعرض له، واضطر لتحمّل كل شيء بصمت.
وبالتالي، انحرفت شخصيته، ليصبح لاحقًا خصمًا شريرًا.
“ماذا لو أصبحتُ أنا تلك الزوجة المتعاقدة؟ عائلة مايوس لم تكن تهتم كثيرًا بمن تؤدي ذلك الدور.”
في الرواية، استقدمت العائلة خادمة وادعت أنها حامل من الابن المفقود، فقط لتأجيل إعلان وفاته رسميًا.
كان بإمكانهم فرض ذلك بالقوة، لكن الأمر كان سيؤدي إلى إثارة أزمة سياسية.
“وبما أن العائلة الإمبراطورية تكره عائلة مايوس، فلو حاولوا فرض الأمر بالقوة، فقد يعطي ذلك مبررًا للإمبراطور للتدخّل.”
ولهذا، كانوا بحاجة إلى امرأة تُسجل زواجًا رسميًا مع الابن الأكبر، لتكون حجة قانونية لتأخير إعلان وفاته. وكانوا مستعدين لدفع مبلغ كبير مقابل ذلك.
“والابن الأكبر لا يظهر مجددًا في الرواية على أي حال. لاحقًا، يُقال إنها أجهضت ويمنحونها تعويضًا سخيًا…”
أشرقت عينا جوديث بفكرة رائعة.
“ماذا لو تولّيتُ هذا الدور؟ لن أسيء معاملة الطفل كارل، وسأغادر بالمال. الجميع سيكون رابحًا، أليس كذلك؟”
حتى لو كان كارل شريرًا لاحقًا، فلا طفل يستحق المعاناة. وإن لم يتعرض للإساءة، فربما لن ينتهي به الأمر كشرير. وذلك أمر جيد للجميع.
قررت جوديث ما ستفعله، وهي تفكّر في البطلة الصغيرة التي كانت تراقبها من بعيد في القرية.
بعد ثلاث سنوات، إن اقتربت من عائلة مايوس في التوقيت المناسب، فلن يكون من الصعب أن تحصل على دور زوجة الابن المتعاقدة.
وكانت على يقين أن عائلة مايوس ستمنحها مكافأة كبيرة، تمامًا كما ورد في الرواية، وهكذا ستتمكن من التخلص من ديونها القاتلة.
“لكن على عكس الخادمة في الرواية، لن يُعرض عليّ الدور مباشرة، لذا عليّ أن أكون ذكية… ومع ذلك…”
المشكلة الوحيدة كانت أنها بحاجة إلى البقاء على قيد الحياة لثلاث سنوات. ثلاث سنوات حتى تتمكن من الوصول إلى عائلة مايوس.
“كيف سأعيش حتى ذلك الحين؟ عليّ على الأقل أن أدفع فوائد الدين.”
كان بإمكانها أن تعيل نفسها ببعض الأعمال المتفرقة، لكنها لم تكن تكفي لتغطية الفوائد. وضعت جوديث رأسها بين يديها يأسًا.
بدأت تراجع في ذاكرتها تفاصيل الرواية من جديد. الشيء الوحيد الذي تملكه دون سواها هو… المعلومات.
معلومات محدودة، لكنها ثمينة.
“…آه! المعلومات! لديّ معرفة مسبقة بالأحداث!”
تألقت عيناها بفكرة مفاجئة.
“هناك نقابة معلومات في هذا الحي أيضًا.”
في الرواية، ورد ذكر قصير لمكتب نقابة “غراي” للمعلومات، التي كانت مزدهرة في العاصمة، وقد احترق مقرّها الرئيسي في الحريق الكبير. مات جميع من فيها، وشعر أحد أبطال الرواية بالندم لاحقًا على عدم إنقاذهم…
“لِم لا أبيع المعلومات التي لديّ؟”
صحيح أن معظم المعلومات التي تعرفها تعود إلى ما قبل بداية القصة، ولكنها تظل معلومات ذات قيمة، ولو قليلة.
“كان اسمها نقابة معلومات غراي، أليس كذلك؟”
قفزت جوديث واقفة وتوجهت إلى الشارع دون تردد.
“عليّ مقابلة القائد شخصيًا. إن لم يُقدّر قيمة المعلومات، فلن تكون ذات فائدة.”
لم تكن نقابة المعلومات مختبئة في مكان سري، بل كانت تبدو كمحل صغير بسيط في زقاق عليه لافتة.
لكن المشكلة الحقيقية كانت في مقابلة القائد.
كانت نقابة غراي واحدة من النقابات الصاعدة التي نمت سريعًا في السنوات الأخيرة.
وقد حاول كثيرون مقابلته، لكن نادرًا ما شوهد.
بل إن البعض يقول إن لا أحد قد رأى وجهه من قبل.
“جئت لبيع معلومات.”
حين وصلت إلى النقابة، كانت جوديث قد اتخذت قرارها بمقابلة القائد بنفسها.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"