ففي النهاية، اختفى حزن كارل. ولم يكن منظر طفلٍ مكتئب شيئًا يُحتمل.
“العمّ سيلعب معك وكأنه شقيقك الأكبر الحقيقي!”
ولم يتحدث أحد عن إسرافه في التسوق. فحتى لو جمعت كل المشتريات، فلن تُعدّ شيئًا يُذكر بالنسبة لثروة إيزابيلا. بل إن فين علّق بقوله: “طالما أنها بهذا القدر أسعدت والدتك، فهي تستحق كل درهم دُفع فيها.”
“سيكون من الجفاء رميها فور وصولنا من هذه الرحلة الطويلة. نحن كعائلة لا نهتم كثيرًا، لكنكِ طيبة بطبعكِ يا زوجة أخي، لذا…”
“آه… نعم…”
هزّت جوديث رأسها بذهول.
“هذا صحيح… أجل، كما تقول.”
على أي حال، كان حزن كارل قد زال تمامًا. وكأن الطفل الذي في بطنها، بمجرّد أن أفشى له بسر صغير، قد منح عمّه أولًا دفعة عاطفية لطيفة.
لكن رغم ذلك، عقدت جوديث العزم في نفسها:
“المرة القادمة، يجب أن أخبر إيكِيان. صحيح أن كارل عرف أولًا عن طريق الخطأ، لكنه يبقى والد الطفل في النهاية…”
وكان لديها يقين لا يتزعزع: حتى لو كان المولود ذكرًا، فإن إيكِيان لن يشعر بخيبة أمل أبدًا. ربما سيتردد للحظة بسبب ظلّ ماضيه، لكن إيكِيان رجل قوي بما يكفي ليتجاوز كل ذلك.
⸻
رغم أنها عزمت على ذلك بوضوح…
“جوديث!”
جاءت إيزابيلا، التي كانت قد أتعبت إيكِيان تمامًا، تبحث عن جوديث مباشرة. ولم تتردد جوديث لحظة في الارتماء في أحضانها، وكأنها كانت تنتظر تلك اللحظة بشوق.
رغم أنهما تبادلتا العناق والكلمات والدموع والضحكات خلال الزفاف، فإن الحفل قد انتهى أخيرًا، وجاءت اللحظة لحديث حقيقي بين “امرأتين من العائلة”.
في تلك الأثناء، قال كارل بحماس:
“رغم فارق السن الكبير، سأعود إلى طفولتي لأتفاهم مع ابن أخي!”
قالها بكل جدية، وكأنه بالغ يعلن قرارًا مصيريًا.
“وسأحتفظ بالسر، أعدك بذلك!”
وشدّ قبضتيه بحماسة وجهد ظاهر، ثم أضاف:
“لن أقول لأحد إن جنس ابن أخي قد كُشف!”
والأدهى من ذلك، أنه توصّل وحده إلى تفسير منطقي:
“أراهن أن السبب هو والدتي، أليس كذلك؟”
“و، والدتك؟”
سألت جوديث بدهشة، فابتسم كارل بخبث وكأنه فهم كل شيء:
“أمي اشترت الكثير من حاجيات الفتيات، رغم أننا لم نكن نعرف الجنس بعد.”
وبالفعل، وصلت عدة عربات محمّلة بمستلزمات الطفل إلى القصر، لأن إيزابيلا ظنّت أن المقاطعة التي خرجت لتوها من الحرب قد تفتقر إلى مستلزمات الرضّع العصرية.
ووصلت كميات هائلة من الملابس، سواء للبنين أو البنات. وحين سُئلت عن سبب شرائها لهذه الكمية، أجابت بكل بساطة: “أحضرت كل ما أعجبني!”
والمفاجأة الأكبر كانت أن إيكِيان نفسه اعترض قائلًا: “لا نعرف الجنس بعد، فلمَ تُحضِرين الاثنين؟”
“لقد لقّنته درسًا لن ينساه. صحيح أنه حاول المراوغة كالثعالب… لكني سأبقى متيقظة دومًا. هل يظن أن بإمكانه الزواج من كنّتي بلا ثمن؟!”
“الجملة الأخيرة غريبة جدًا يا والدتي، هاهاها…”
ثم لاحظت إيزابيلا جوديث بقلق.
“كيف هو غثيان الحمل؟ أعلم أنكِ في المرحلة الآمنة الآن، لكن كل امرأة تختلف عن الأخرى. هل هناك طعام يستهويك بشدة؟ أو تشتاقين لأكلات معينة؟ هل تشعرين بانقباضات في البطن؟”
تفاجأت جوديث قليلًا. وشعرت بعدها بإحساس غريب ودافئ. لم يسبق لها أن تلقت هذا النوع من الأسئلة المحددة من امرأة “عائلية” لها خبرة في الولادة من قبل.
لأول مرة، فكّرت: هكذا قد تكون الأم.
“هل وجدتِ مرضعة مناسبة؟”
“المر… ضعة؟”
ردّت جوديث بصوت مرتجف.
تذكّرت حينها أن لديها مرضعة حين كانت صغيرة، كونها نشأت كابنة نبيلة. لكنها لم تتلقَ تفاصيل كثيرة عنها. تتذكر فقط أنها كانت دائمًا هناك، وربما تم استبدالها بمعلمات خاصات حين بلغت السابعة.
تتذكر أيضًا أن المرضعة كانت تملك فتاة في عمرها تقريبًا، وكانت تعيش معهما. لكن الذكريات مشوشة، ولم يُخبرها أحد يومًا بالقصة كاملة.
“أظن… أن كبير الخدم سلّمني قائمة أو شيء من هذا القبيل… لم أفتحها بعد. ظننت أن الولادة لا تزال بعيدة، فركّزت على بناء مدرسة المقاطعة أولًا…”
تمتمت جوديث وهي تحاول تذكّر التفاصيل.
“تعالي نراجعها سويًا. اختيار المرضعة أمر بالغ الأهمية. وأنتِ لم تمضي وقتًا طويلًا هنا بعد، لذا يجب أن نتناقش بالأمر معًا. هذه الأمور تخص جسد المرأة، ولا يمكن الحديث فيها بسهولة مع إيكِيان.”
بدأ قلب جوديث يخفق بعاطفة متأججة.
أن يكون هناك شخص تثق به، امرأة مرّت بكل هذه التجارب وتعتبر قضيتها قضيتك، منحها شعورًا كبيرًا بالطمأنينة.
“هل من الضروري اختيار المرضعة الآن؟”
“بالطبع. أراهن أن القائمة التي سلّمها لك كبير الخدم تضم نساءً حوامل بموعد ولادة مشابه لك. لأن المرضعة والطفل يجب أن يكونا متقاربين في التوقيت. ويجب اختيار عدة مرشحات، فحتى عند الولادة، قد نضطر لتغيير الخيار.”
“أهذا… ضروري حقًا؟”
“طبعًا!”
ولأول مرة، أدركت جوديث أنها لم تفكّر يومًا بما بعد الولادة. فهي لم ترَ طفلًا حديث الولادة من قبل حتى!
وبدت لها فكرة المرضعة الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى. بدا أن إيزابيلا كانت محقّة في كل شيء.
“سنقوم بمقابلة المرشحات معًا. فوجود رأيين أدقّ من واحد، أليس كذلك؟”
ومع كل هذا، لم تقل إيزابيلا قط جملة مثل: “كان ينبغي لأمك أن تهتم بهذا.”
بل كان كلامها يوحي أن الأمر يقع على عاتقها هي، كما لو أنه من الطبيعي تمامًا أن تكون من تقوم بهذا الدور.
وشعرت جوديث، مرة أخرى، بالامتنان.
“وأثناء النوم، هل تجدين صعوبة؟ سيصبح الأمر أكثر إرهاقًا مع كِبر حجم البطن. كنت أضع وسادة طويلة في السرير… وأحضرت لكِ واحدة مثلها، صُنعت خصيصًا.”
ثم أضافت:
“الفستان جميل، لكن لابد أنه بات مزعجًا مع البطن. الضيوف منشغلون الآن، فهل تودّين تبديل ملابسك؟”
وكان الفستان حقًا يضايقها قليلًا، فهزّت رأسها بالموافقة دون تردد. حينها تقدّمت إيزابيلا ببرود نحو إيكِيان، الذي اقترب منهما، وقالت له: “اذهب وتولّى استقبال الضيوف!” ثم طلبت من كبير الخدم إحضار قائمة المرضعات.
وأوصت بأن يتم التحقق أيضًا مما إذا كانت أيّ منهن تدخن، وعدد الأطفال الذين أنجبن، وحالتهن الغذائية والصحية، وكل التفاصيل الدقيقة.
“يجب أن تكون الأم مرتاحة تمامًا لمن ستترك طفلها بين يديها.”
قالتها بحسم.
“إن كان في قلبها ذرّة شك، فلن ترتاح أبدًا.”
وكانت جوديث تشعر بكل حرف في كلماتها.
شعرت بمحبتها وحرصها واضحَين، حتى حين تمتمت إيزابيلا مستاءة:
“عجيب… هذه القاعة كبيرة، فلماذا عدد المرشحات قليل هكذا؟”
ردّ كبير الخدم مباشرة:
“لأننا لم نبدأ الإعلان الرسمي بعد. كما أن غرف المرضعة والطفل لم تُجهّز في القصر بعد…”
“عليك التأكد من تجهيز غرف مريحة. إن شعرت المرشحات أن بإمكانهن تربية أطفالهن هنا، سيزيد إقبالهن. يجب أن تكون البيئة جذابة.”
قالت ذلك بنبرة خبيرة.
“وإذا كانت هناك مرضعة لديها طفل من نفس الجنس، فسيكون ذلك مثاليًا. حتى أتمكن من تجهيز بعض المستلزمات
“…حتى أتمكن من تجهيز بعض المستلزمات المخصصة لجنس الطفل، فستبدو أكثر ملاءمة حينها.”
ثم أضافت بنبرة جازمة:
“المرضعة الجيدة تستحق ما يُدفع لها. في الواقع، جهزت هذه المشتريات الواسعة وأنا أضع هذا الاحتمال في الحسبان.”
“ماذا؟! كل هذه الأشياء باهظة الثمن؟!”
قال كبير الخدم متفاجئًا، لكن إيزابيلا ردّت بكل حزم:
“لكن… ما زال مبكرًا للكشف عن جنس الطفل، أليس كذلك؟ رغم ذلك، إن كانت المقاطعة…”
هنا، أدارت جوديث عينيها بتردد.
صحيح أنها قررت أن يكون إيكيان ثاني من يعرف، لكن… هذا الأمر يتعلق بالاستعدادات العملية. لم تستطع إخفاء الأمر أكثر من ذلك.
“…الطفل… فتى.”
قالتها أخيرًا، بصوت منخفض ولكن واضح، وهي توجه كلامها لإيزابيلا وكبير الخدم.
لكن في داخلها، صرخت بتصميم:
“لكن الرابع! الشخص الرابع الذي يعرف يجب أن يكون إيكِيان! لا أحد قبله!
تعليق: راح تولد وايكيان ماراح يعرف 😂😂😂😂
ترجمة: هيسو
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 138"