يجب أيضًا أن ينتهي حفل الزفاف على خير، ولا ينبغي الاطمئنان حتى أصعد على السفينة بسلام وتُبحر. لا أحد يعلم ما الذي قد يحدث أو متى قد يحدث…
“وأيضًا، هذه رسالة جاءت من القارة الشرقية.”
“وصلت أخيرًا!”
ابتسم تالون ابتسامةً مشرقة وهو يتسلّم الرسالة.
وبينما كان يدندن وهو يفض ختمها، كان الخادم العجوز ينظر إليه بابتسامةٍ راضية قبل أن يغادر الغرفة. قيل إنه كان يخدم تالون منذ طفولته.
كنت قد سمعت أن فيليون أيضًا لديه عددٌ مِن الخدم المخلصين على هذا النحو.
‘اللعنة، لماذا أستمر في تذكره؟’
وبينما كنت أغرق في شعور بالأسى على نفسي، ظل تالون محافظًا على ملامح البهجة.
عيناه المتألقتان وهما تتبعان سطور الرسالة ذكرتني بطفل صغير.
ومع مرور وقتٍ لا بأس به، ظل يقرأ، وكأنه يعيد قراءة الرسالة مرارًا وتكرارًا.
كنت أحدّق به حين فتحت فمي بلا وعي.
“أممم، لديّ فضول بشأن أمرٍ ما.”
“همم؟ أيُّ أمر؟”
“هل كنتما معًا منذ وقتٍ طويل، أنتِ وحبيبكِ؟”
“صحيح. التقينا لأول مرة عندما كان عمري 15 عامًا. كان فارسي المرافق. وهو أيضًا أول شخصٍ كشفتُ له عن هويتي الحقيقية بنفسي.”
“فهمت.”
“أعتقد أنه يشعر الآن بضيقٍ شديد. إنه شخصٌ يحب التحرك بحرية في كل مكان، لكن بسببي يضطر إلى الاختباء.”
أثارت كلماته ذكرياتي عن الوقت الذي كنت فيه أتنقل هاربةً مع فيليون.
كنا نمضي الوقت معًا في غرفةٍ ضيقةٍ للغاية.
حتى وإن لم يكن لديّ ذكرياتٌ قديمة، فلا بد أنه كان يشعر بالضيق والاختناق لأنه اعتاد العيش في أماكن مريحة. ومع ذلك، لم يُبدِ فيليون أي إشارةٍ إلى انزعاجه.
حتى أثناء التخييم، لم يتذمر، وكان ينام على فراشٍ صغير بلا مشكلة.
وكل ذلك كان بسببي أنا…
“وأنتِ؟”
“…أنا؟”
ابتسمت تالون وهوي تنظر إليّ.
“لديكِ نظرةُ شخصٍ يفكر في أحدهم.”
“…هل هذا واضحٌ لهذه الدرجة؟”
“بالطبع. ألا تعرفين القول: لا يمكن إخفاء الحب أو العطاس؟”
“حـ… لم يصل الأمر إلى الحبّ…”
كما أنه لا يجب أن يكون حبًا. فقط فكري في ما فعله بي في الماضي!
لطالما سخر مني باعتباري ضعيفة، وعندما أذهب للتحدث إليه كان يتجاهلني دائمًا. وعندما وجدتُ مناديلي مرميةً في مكب النفايات، كم أغاظني ذلك! حتى الآن، ما زلتُ أشعر بالغضب…
‘الغضب… لا أشعر به أبدًا الآن.’
كلما حاولت تذكر الذكريات السيئة، كانت تطفو معها ذكريات الأوقات التي عاملني فيها بلطف. تلك النظرات الحنونة، وصوته المنخفض العذب.
-“كيف يمكنني ترككِ والذهاب؟”
في النهاية، لم أستطع سوى إغلاق الكتاب. شعرتُ بكآبةٍ جعلتني لا أرغبُ بفعل أي شيء.
وبينما كنت أحدّق في الفراغ، وقع بصري مجددًا على تالون.
كان ما زال يبتسم برضا وهو يقرأ الرسالة.
فسألته بحذر:
“ماذا لو… مثلًا…”
“همم؟”
“ماذا لو كان الشخص الذي تحبه، قد يترك ورحل… كيف سيكون شعوركِ؟”
ثم أضفتُ مسرعة:
“آه، لا أقصدكِ وحبيبكِ، أنا فقط…”
“لا تقلقي، لم أُسئ الفهم.”
قال تالون وهو يطوي الرسالة مبتسمًا:
“ذلك لن يحدث أبدًا.”
في نبرته الحازمة كان هناك ثقةٌ لا تتزعزع.
حتى فيليون كان يتحدث هكذا في الماضي.
“همم، لنرَ… إن حدث معي ذلك فعلًا…”
توقف لحظة ثم قال:
“سأكون حزينًا، بالطبع.”
“……”
“لكن الأمر لن يطول. كيف يجرؤ على التخلي عني؟ سأجعله يندم على ذلك! وأعيش حياتي بفخرِ أكبر.”
كان ذلك جوابًا يُشبه ما قد يقوله فيليون.
ذلك الشخص لن يكتفي بالعيش بفخر، بل سيمحو الأمر تمامًا من ذاكرته.
“ولن ألتقي به مجددًا أبدًا.”
“…..”
“ولن أذهب إليه أيضًا.”
ابتسمتُ بمرارةٍ وأومأت.
“صحيح.”
“لكن، لو جاء هو إليّ أولًا، فقد ألتقيه مرةً واحدة على الأقل.”
رفعتُ نظري إلى تالون، فابتسم برفق وقال:
“إن جاء معتذرًا بدموعٍ في عينيه، قد يهتز قلبي. ألا تفكرين في ذلك؟”
“…ماذا؟”
“جربي أن تعتذري له عندما تلتقين المرة القادمة. من يدري؟”
لم أخبره أنني مررتُ بذلك من قبل، لكنه على ما يبدو قد خمّن الأمر.
“لا.”
ابتسمتُ بسخريةٍ وهززت رأسي.
“لن نلتقي مجددًا، أبدًا.”
وبكلامي هذا ساد الصمت في الغرفة.
لاحقًا، دخل كبير الخدم مجددًا فزالت الأجواء المتوترة، لكن الحديث عن هذا الموضوع لم يُستأنف.
***
إيان لم يعد إلى القصر إلا ليلة ما قبل الزفاف.
كنت أتجول على شرفة الغرفة حينها، غير قادرةٍ على النوم.
وبينما كنت أحدّق في السماء الليلية الخالية من النجوم وقد غمرني شعورٌ غريب، سمعتُ صوت عربةٍ تصل، ورأيت إيان يدخل القصر.
وبعد وقتٍ قصير، سمعتُ طرقًا على الباب، وحين فتحته، كان إيان يقف هناك بوجهٍ متعب بعض الشيء.
“لقد عدت؟”
“نعم، هل يمكنني الدخول؟”
كنت أشعر بالملل، فأومأت. دخل وجلس على الأريكة متراخيًا.
كان يبدو مختلفًا عن المعتاد.
“هل شربته؟”
“القائد هناك لم يتركني أرحل بسهولة…”
مسح وجهه بيده ثم نظر إليّ.
“ماذا كنتِ تفعلين؟”
“هاه؟ لا شيء… لم أستطع النوم فقط.”
ولأن الجلوس كان يشعرني بالضيق، كنت أمشي في أنحاء الغرفة.
لكن عينيّ ظلتا تتجهان نحو فستان الزفاف الكبير الفاخر في وسط الغرفة، مما جعلني أكثر انغماسًا في ذلك الشعور الغريب.
وبدون أن أدري، كان إيان أيضًا يحدّق في الفستان.
“يليق بكِ.”
“لم أتخيل أنني سأرتدي مثل هذا في حياتي.”
“إن أردتِ أي فستانٍّ آخر، سأحضره لكِ.”
“لا داعي. أنا في وضع هروب، ما الفائدة؟”
حتى لو أردت، فسأضطر لبيعه في النهاية، فالرحلة تكون أسهل مع أقل قدرٍ من الأمتعة.
هززت رأسي لأتخلص من هذه الأفكار. كان هناك ما هو أهم من الفستان الآن.
“الترياق. ستأخذه الآن، أليس كذلك؟”
“…..”
“غدًا سأغادر هذا المكان.”
لكني فوجئت بأن إيان لم يجب لفترةٍ طويلة.
لم يهم. أخرجتُ الترياق من حقيبتي وقدّمته له.
“بفضلك سأتمكن من العودة إلى القارة الشرقية بسلام. شكرًا لك، إيان.”
حدّق فيه قليلًا قبل أن يسأل:
“حقًا… ستكونين بخيرٍ وحدك؟”
“بالطبع. قضيت معظم حياتي وحدي.”
“وأنا لو ذهبتُ معكِ، ستكرهين ذلك؟”
ترددتُ قليلًا كمجاملة، ثم أجبت:
“آسفة، نعم.”
ربما كان وجود شخصٍ معي أمرًا جيدًا… لكنني عزمت على الرحيل وحدي.
لقد قررتُ ألا أحتفظ بأحدٍ بجانبي مجددًا، وأن أعتاد الوحدة من جديد، حتى أتمكن من مواصلة هذه الحياة الهاربة لأطول فترةٍ ممكنة. لن أسمح لهم بالإمساك بي بسهولة.
وفيليون بالتأكيد كان سيتمنى ذلك أيضًا…
“وماذا عن ذلك الرجل؟”
نظرتُ إليه بدهشةٍ. كنت للتو أفكر في فيليون، وها هو يسأل عنه فجأة، وكأنني طفلٌ كُشف سره.
لكن إيان، رغم ملاحظته ارتباكي، لم يتوقف.
“لن تأخذي ذلك الرجل معكِ؟”
“…لا.”
“لقد كنتِ قريبةً منه.”
“ليس حقًا. كنا زملاء فقط.”
“زملاء… هكذا فقط.”
ضحك بخفةٍ وهو يمرر يده على فمه.
“في اليوم الذي التقيتكِ فيه مجددًا…”
بعد صمت قصير، تابع:
“قررتُ أن أخفيكِ مهما كلّف الأمر.”
“…..”
“وكان لديّ موقعٌ مثالي لذلك، فالولي العهد يثق بي أكثر من أيِّ شخص. أردتُ أن أخبركِ مباشرة، لكن…”
“لكن ذلك الرجل كان يحترس مني بشدة. لدرجة أنني لم أجد فرصةً للاقتراب منكِ.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 86"