لم يتفوّه الكونت ديلاريك بكلمةٍ واحدةٍ لفترةٍ من الوقت.
لكن ملامحه كانت تقول الكثير. في البداية كانت: ‘ما الذي سمعتُه للتو؟’، وفي الثانية: ‘هل ذاك الأحمق قد جُنَّ أخيرًا؟’. أمّا الثالثة فكانت:
“أتظنُّ أنَّني سأقبلَ سخفكَ هذا؟”
“نعم.”
“هاه، وعلى ماذا أحصل؟”
“على رايلي.”
قال فيليون بثقة:
“رايلي في موقعٍ يُمكِّنها من جلب معلوماتٍ مهمّة.”
“…….”
“ألستَ تُريد الفوزَ على الكونت فولكس؟ أنا أرى أنَّ جدي يجب أن يأمرني بإغواء رايلي.”
“……يمكنك إغراء شخصٍ آخر غير تلك المرأة.”
“إذًا فلتَقم أنتَ بذلك أيضًا. وسأقوم أنا بجذب رايلي. أليس من الجيّد أن يكون لديك ورقةٌ إضافية؟”
“وإن لم تخضع تلك المرأة لك حتى النهاية؟”
“لا أظن أنَّ ذلك سيحدث.”
ابتسم فيليون ابتسامةً هادئة.
“أتعلم أنني لا أعجز عن شيء.”
لو كان غريبٌ يسمع كلامه لقال: ‘أليس هذا أيضًا تعنتًا؟’، لكن الكونت لم يُبدِ أي امتعاض. بل أخذ يفكر في الأمر بجدّية أكثر من أي وقتٍ مضى، وفي عينيه لمعت عبارة: ‘قد يكون الأمر ممكنًا؟’.
لم يُضِع فيليون تلك اللحظة.
“لا تقلق، لن أطلب منك أبدًا أن تزوّجني من رايلي.”
اتسعت عينا الكونت للحظة ثم ضاقتا بشدّة.
“حتى لو أحببتَها بصدق؟”
“نعم. الزواج سيكون بمن تُريد أنت، أعدك.”
منذ صغره، كان فيليون يسمع كثيرًا وصيتين.
الأولى، “لا تتزوج مثل زواجنا أبدًا”.
الثانية، “لا تتزوج إن عارضت العائلة”.
الأولى كان يسمعها من والديه بشكل شبه يومي، والثانية من جميع أفراد العائلة، والكونت ديلاريك كان أحد هؤلاء.
وكما توقّع، خفَّت حدّة نظرة الكونت.
وسرعان ما جاء الإذن.
“لديك شهران. أنهِ الأمر خلالهما.”
ابتسم فيليون وهو يُشيّعه. صحيح أن الكونت ظل يلتفت نحوه بعدم رضا حتى آخر لحظة، لكن…
‘على أي حال، لقد كسبتُ وقتًا.’
كان يعلم أنّ شرط “الزواج” سيجعل الكونت يتراجع خطوة، ولم يكن لديه أي مانعٍ في تقديم هذا الشرط. فهو أصلاً لم يكن ينوي الزواج، ولا يضعه في مكانةٍ خاصة، حتى لو أحبَّ رايلي حقًا يومًا ما.
‘…ربما لن يدوم الأمر على أيّ حال.’
تمدد فيليون على الأريكة وهو يداعب جبينه.
لماذا أفعل كل هذا؟ فجأةً شعر بفراغٍ داخلي.
صحيح أنه تكلّم بثقة، لكنه لم يكن يعرف حقًا كيف سيجذب رايلي. لم يكن ينزعج من الفتيات، فقد كان كثيراتٌ يقتربن منه حتى بعد بريجيت، والتقى مرارًا بمرشحاتٍ للخطبة.
لكن لم يحدث أن أُعجب هو بأيّ فتاة أولاً، فحتى لو جلس صامتًا، كنّ جميعًا يبدأن بالإعجاب به.
‘لكن لا يُمكنني كشف كل شيء لرايلي.’
كان قد عزم على ذلك بالأمس، لكنه غيّر رأيه اليوم. فمن الممكن أن يكون جده محقًّا. فإذا كانت رايلي قد اقتربت منه طوال هذا الوقت بأمرٍ من الكونت فولكس، فإن كشفه للحقيقة سيصل فورًا إلى مسامع ذاك الكونت، وعندها ستنهار كل خطط العائلة.
‘عليَّ أن أكتشف نوايا رايلي.’
هو قال ‘إغراءها’، لكن خطته الحقيقية كانت أقرب إلى ‘المراقبة’. فقد كان يتساءل إن كانت علاقتها بالكونت فولكس شكليةً فقط كما قالت له، وإن كانت من النوع الذي يشعر بالمسؤولية ويبكي حتى على موت شخصٍ لا يعرفه. وإن لم تكن كذلك…
‘سأتركها، وبشكلٍ نظيف.’
قد لا يريحه الأمر، لكن هذا هو الصواب. فلو كانت من نفس طينة الكونت فولكس، فلا حاجة لمراعاتها.
‘صحيح، هذا هو القرار الصائب.’
بعد أن أنهى أفكاره، نهض فيليون، وبدّل ملابسه إلى شيءٍ بسيط دون أن يُرتّب شعره. غادر المختبر بخفّة. لم يكن الأمر إغراءً بقدر ما كان مراقبةً دقيقة، وهو من يملك زمام المبادرة.
لم يحتج إلى أن يُحسن صورته أمامها، بل سيطرح أسئلةً حادّة وسط جوٍّ عادي ليختبر أعماقها، وإن ساء الوضع سينهي الأمر فورًا بلا أي خسارة.
لكنه، لسببٍ ما، شعر بالتوتر حين وصل أمام مختبرها، سرَّح شعره قليلًا ورتّب ملابسه وأخذ نفسًا عميقًا.
“رايلي، أنتِ بالداخل؟”
***
منذ ذلك اليوم، صار فيليون يدخل مختبر رايلي يوميًا.
بالطبع، في اليوم الأول صاحت في وجهه فور أن رأت وجهه.
“وماذا تريد؟ ماذا تريد مني؟”
“حتى تناول الطعام معًا لا تريدينه؟”
“لا. أنا مشغولة.”
“بِمَ أنتِ مشغولة؟ آه، هل تحاولين حل هذه المسألة؟”
“نعم. يجب أن أنجح في هذا لأحرز تقدّمًا في أداة السحر التي أعمل عليها.”
“تُعقّدين الأمور، مع أن المسألة سهلةٌ جدًا.”
“ماذا؟”
“فكري بشكل أبسط. هكذا…”
على عكس ما نوى قبل أن يأتي، قدّم لها فيليون المساعدة عن طيب خاطر، لكن ردّها كان باردًا جدًا.
“اخرج من هنا.”
لم يفهم السبب، لكنه غادر. وفي اليوم التالي عاد بثيابٍ أكثر ترتيبًا، ورغم أن ملامحها لم تكن سعيدة، إلا أنها لم تطرده، بل قالت وهي تتنهّد:
“يمكنني تناول الطعام معكِ، ليومٍ واحدٍ فقط.”
دخل إلى المختبر، وكان الجوّ مليئًا برائحةٍ طيبة، وبعد قليل خرجت أطباقٌ بسيطة.
‘لا سمّ فيها. والطعم لا بأس به.’
جرى الحوار بينهما بسلاسة. لكن في اليوم التالي وجد المختبر محاطًا بحاجزٍ سحري سميك. فكَّه بسرعة، وهو يظن أن الكونت فولكس قد جاء، ودخل ليجدها… تدرس!
“أكنتِ تدرسين؟ حتى وضعتِ حاجزًا؟”
“نعم، لأني لا أريد منكَ ازعاجي!”
“كنتُ سأعلّمكِ أنا.”
“وما الفائدة إن حللتهم أنتَ؟ يجب أن أنجح أنا!”
فتش فيليون أوراقها ليتأكد من صدقها، ثم تركها، وهي تراقبه بوجهٍ عابس.
“لا حاجة لي بمساعدتكَ إطلاقًا.”
ضغط على أسنانه. كان يعرف أنها لا تريده أن يتدخل في أبحاثها، لكنه شعر بالغيظ.
‘لا حاجة لها بي إطلاقًا؟ إذن سأوقف زياراتي اليوم.’
لكن قبل أن يغادر، قالت بصوتٍ منخفض وهي تصرف نظرها.
“سينتهي الأمر بعد ساعتين… تعال وقتها إن أردت.”
ابتسم فيليون.
“أأنتِ تحبينني؟”
“أنتَ مجنون. اخرج!”
“النفي القوي دليلٌّ على الإيجاب، يا رايلي.”
“قلتُ اخرج!”
“حسنًا، سأعود بعد ساعتين.”
وحقًا، عندما عاد، لم تطرده. بل وضعت له طعامًا أيضًا.
ومرّت الأيام، وأحيانًا كان طعامها مالحًا جدًا، فيردّ لها بعلبة حلويات من متجر مشهور. لم تُبدِ فرحًا كبيرًا، لكنها خزّنتها بعناية.
قرر فيليون أن يأخذها إلى مكان لم تزره من قبل، فاقترح الخروج معًا.
“أنا أخرج معك؟ لماذا؟”
“…….”
“لا أريد التجول معك، هذا مُتعب.”
لكن برودها زاد إصراره، إلا أنها لم تخرج معه قط. وحتى بعد مرور شهرين على ذلك، لم يحدث أيُّ شيءٍ مختلف.
لكن فيليون شعر أن تلك الأيام كانت ممتعة، حتى وإن لم يخرجا معًا. فقد نسي تمامًا مسألة ‘الإغواء’ و’المراقبة’، وحين أدرك ذلك، وجد نفسه يفكر.
‘أتمنى أن لا تموت رايلي.’
حتى لو كانت قد اقتربت منه بأمرٍ من الكونت فولكس، لم يعد يهمه. كان يريدها أن تبقى حيّة، وأن يراها مجددًا.
لكن العائلة لن ترى الأمر مثله. وأفضل طريقةٍ في رأيه كانت أن تقف رايلي أمام جده وتقول إنها تحبه…
‘لكنها لن تفعل.’
ضحك بمرارةٍ وهو يبعثر شعره. لا بأس، فهناك طرقٌ أخرى.
وبعد أيامٍ قليلة، ظهرت أمامه إيريون ريفيل.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 81"