الفصل 79 :
“هل تحدثت هي عن هذه المسألة من قبل؟”
“……لا.”
بما أن جميع النبلاء والسحرة من عائلة ديلاريك كانوا مجتمعين في ذلك المكان، أجاب فيليون بأدبٍ مختلف عن عادته.
وكان صوت الكونت جديًا للغاية.
“أم هل سمعت شيئًا مشابهًا، أيُّ قصةٍ يمكن أن تستنتج براءتها؟”
لا، لم يكن جديًا فقط، بل بدا وكأنه غاضب بعض الشيء.
مع ذلك، لم يبدُ فيليون متراجعًا أو مترددًا.
“نعم.”
رفع كتفيه بفخر، ونظر مباشرة إلى الكونت ديلاريك.
“رايلي التي أعرفها ليست من ذلك النوع…”
“كذب.”
قاطعه الكونت ديلاريك.
“إنها مجرد خدعةٍ لخداعك. لذلك لا حاجة لأن تُشفق عليها، ولا أريد سماع أيِّ دفاعٍ عنها.”
في تلك اللحظة، قال خاله من جهة الأم.
“لكن يبدو أن رايلي فعلاً معجبةٌ بفيليون، أليس كذلك؟”
وأيد آخرون الكلام.
“كما تعلمون جميعًا، لقد كانت تلاحقه منذ اليوم الذي دخل فيه فيليون إلى برج السحر.”
“ابني قال مؤخرًا إنه حتى مع سحرة فولكس لم تعد تتواصل معهم جيدًا…”
“سمعت أيضًا أنها تُركت من قبل الكونت فولكس.”
“وهذا أيضًا مجرد خدعة.”
قال الكونت ديلاريك بنظرةٍ أكثر حزمًا.
“كان من المفترض أن تكون خطةً لكسر حذر فيليون.”
“…….”
“ويبدو أنها تعمل بشكلٍّ جيد، مع أنني كنتُ دائمًا أحذرك.”
عبس فيليون بعيون متمردة.
“هل تعتقدُ أنني غبي إلى حد أنني لَن أكتشف مثل هذه الأكاذيب؟”
“صحيح، أنتَ صغيرٌ في السن.”
“كنت تُخبرني كل يوم أنني أصبحتُ بالغًا، لكنكَ تعاملني كطفلٍّ في هذه اللحظات فقط.”
“هل هذا يعني أنكَ لست صغيرًا؟ هل تجرؤ على القول إن لديكَ خبرةً أكثر مني؟”
“…….”
“لقد كنت تحت حماية ديلاريك منذ أن كنت صغيرًا. ومنذ أن كان عمرك 15 سنة، وأنتَ تعيش فقط في برج السحر. لا تعرف شيئًا عن العالم.”
شعر كأنه أمام جدارٍ مرتفع وصلب لا يدخل منه أيُّ ثقب.
على الرغم من شعوره بالعجز، لم يتوقف فيليون عن طرح الأسئلة.
“……ماذا ستفعل بشأن رايلي؟”
“سنقبض عليها.”
“…….”
“يجب أن تُعدم مع الكونت. لا يمكن تركها حية. لا نعلم أيَّ ضغينةٍ قد تحملها تجاهنا.”
كانت النظرة التي وجهها الكونت إلى فيليون تعني هذا أكثر من الكلمات.
لكن فيليون لم يشعر بأيِّ امتنان.
ومع ذلك، لم يعترض أكثر لأن الجميع من الأقارب مجتمعون هناك.
فكر أنه سيتحدث مع جده بمفرده بعد الانتهاء.
كتم الغضب المتصاعد بداخله.
وكان الكونت ديلاريك يعلم أن فيليون يتحلى بالصبر.
نظرة عينيه التي كانت تراقب قبضته المشدودة أصبحت أكثر شراسة.
“أنتَ بريءٌ جدًا. تظنّ إن رايلي فولكس تُحبك؟”
“…….”
“رايلي فولكس رباها الكونت فولكس منذ أن كانت صغيرةً بجانبه. ورثت طريقة تفكيره واعتمدتها. إنها امرأةٌ تكذب في كل كلمة، وحتى في أنفاسها.”
“…….”
“أن تصدق كلام امرأةٍ كهذه؟ يا له مِن غباء… حتى الكلاب المارة ستضحك عليك، تسك تسك.”
مع صوت الكونت وهو ينقر لسانه، عمّ الصمت القاعة.
غطّت أجواء التوتر الثقيل المكان.
راقب الناس نظرات الرجلين بحذر.
كانت هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها الكونت ديلاريك مع فيليون بهذا القسوة.
ظن الجميع أنه سينفجر غضبًا.
كانوا يعلمون جميعًا مدى قوة غرور فيليون، ابن ديلاريك الفخور.
لكن، على عكس توقعاتهم، لم يتأثر فيليون بكبريائه.
كان يشعر بالإحباط فقط.
كان أكثر ما أزعجه ليس قولهم إن رايلي لا تحبه، بل استنتاجهم المسبق عنها.
كان غاضبًا.
لم يلتقِ بها أو يتحدث معها ولو مرةً واحدة.
“ماذا لو كان الكونت مخطئًا؟”
قال فيليون بتلك اللحظة، وكأنه نسي أدبه، ساخرًا.
“ماذا ستفعل لو كانت كلماتي صحيحة؟”
“……أريد أن أسألك أنا. إذا كانت صحيحة، هل ستتزوجها؟”
ضحك فيليون.
“بالطبع لا.”
“إذًا ما المغزى من سؤالك؟”
“لا مغزى خاص، فقط فضول.”
“لا أريد أن أرد على كلامٍ بلا معنى.”
“لكن يبدو أن الجميع فضوليون.”
أشار فيليون بكتفه وكأنه يقول له أن ينظر حوله.
واحدًا تلو الآخر، بدأ الحضور يسعلون خجلاً.
حتى ويل ديلاريك بدا محرجًا وهو يتمتم. ليس ضروريًا أن يعرف أحد، لكنه فقط كان يتساءل إذا ما كان الأمر حقيقيًا…
أطلق الكونت ديلاريك فرقعة لسان قصيرة.
“حسنًا، جيد. إذا كانت الحقيقة، فسنستثنيها من هذا الأمر.”
ردة فعلٍّ سلسة جدًا جعلت عيون الحضور تتسع.
وكان فيليون على وشك أن يبتسم.
“لكن، فقط إذا اعترفت أمامي بأنها تحبك. إذا جاءت إليّ وأثبتت نية قلبها الخالصة تجاهك، سأسمح لها بالبقاء.”
“إذا كان الإثبات يعني…”
“لا تقلق. لن أجعلها تقوم بأمرٍ صعب. فقط حديثٌ قصير.”
“…….”
“لا تخبرني أنكَ سترفض أيضًا.”
بما أن ملامح الكونت لم تعد تبدو قابلةً للإقناع، لم يكن أمام فيليون خيارٌ سوى قبول الشرط.
“حسنًا، إذًا أحضرها خلال شهر. سننهي النقاش اليوم.”
نهض الكونت ديلاريك أولًا، تلاه باقي الكبار وتركوا المكان.
وسط الضجيج، استعاد فيليون ذاك الحوار في ذهنه.
ونظرات جده التي كانت تعبر عن الثقة.
كانت عينا الجندي الواثق من النصر.
***
بعد انتهاء الاجتماع، استعد فيليون للعودة إلى برج السحر.
على الرغم من أن الناس، خاصةً ابن خاله ويل ديلاريك، ظلوا يحاولون إيقافه.
“هيه، فيليون! هل رايلي فولكس تحبكِ حقًا؟ هل اعترفت لك؟”
ركب العربة متجهًا إلى برج السحر دون تردد.
كان لديه الكثير ليفكر فيه.
‘سأقابل رايلي أولًا.’
كان ينوي مقابلتها وإخبارها بكل ما حدث في الاجتماع.
لن تقبل بسهولة.
لكن إذا أصر بصبر، ربما يقتنع.
قد تُعدم مع الكونت فولكس، من سيردد مثل هذه الأقاويل؟
…لكن ربما ستشعر بالحرج.
‘سأطلب منها أن تتظاهر أمام جدي بأنها تُحبني.’
بالطبع، هي تحبني حقًا.
لكن الآن، سأتظاهر بعدم المعرفة.
الاعتراف المباشر والوقوع في الفخ أمران مختلفان.
ولأنني لا أستطيع قبولها، سأتصرف وكأنني لا أعلم إذا أرادت إخفاء مشاعرها.
‘بهذه الطريقة، يمكن لرايلي البقاء في برج السحر دون ضغوط.’
شعر بالفخر لتصرفه الذي اعتبره مراعيًا جدًا.
كانت كل الأمور تسير على ما يرام.
لذا عندما وصل إلى البرج، ذهب فورًا إلى مختبر رايلي.
“ليس لدي شيءٌ لأتحدث معك عنه.”
كانت رايلي التي استقبلته بوجهٍ بارد جدًا.
كانت تنظر إليه كمن يزعجها.
“لا تقف في طريقي، ابتعد. أنا مشغولة.”
“إلى أين تذهبين؟”
“الكونت فولكس وصل.”
نظرت رايلي إلى فيليون بغضب.
“لا يجب أن أدعه ينتظر. ابتعد.”
تحرك فيليون جانبًا.
تظاهر بأنه ذاهبٌ إلى مكان آخر، ثم لاحظ اتجاه رايلي من بعيد وتبع طريقًا مختلفًا ليصل أولًا.
كان الكونت فولكس موجودًا فعلاً في ردهة البرج.
طويل القامة، شعره الأحمر اللامع الطويل، وجهه المحلوق بعناية بدا أصغر من عمره الحقيقي في منتصف الخمسين.
وكان وسيمًا أيضًا.
رأى فيليون السحرة المحيطين به يهللون له، فأطلق تنهيدةً ساخرة.
‘ما الذي يعجب الناس فيه؟’
صحيح، يعترف بأنه يبدو وسيمًا.
لكن ذلك الوجه اللامع كان نتاج العديد من التجارب غير القانونية.
لكي يحافظ على شبابه، اختفى الكثيرون بصمت، وماتوا.
مع ذلك، الجميع يعرف ذلك.
‘يبدون وكأنهم يحترمونه بصدق. هل وعد الكونت فولكس بالشباب الأبدي؟’
ولأنه لم يكن مهتمًا على الإطلاق، كلما رآه، زاد شعوره بالاشمئزاز.
وفي تلك اللحظة، صوت حيوي من بعيد ناداه.
“سيدي الكونت!”
لم يكن غريبًا، ولا تبدو تلك الملابس غريبة.
لكن فيليون كان لا يزال يشك، ويفرك عينيه.
كيف لرايلي فولكس التي أعرفها أن تأتي مسرعةً مبتسمةً هكذا؟
“لقد وصلت أخيرًا! كنا ننتظرك!”
حتى وهي تلهث من الركض أمام الكونت، كانت رايلي تبتسم.
كان سحرة فولكس من حولها، وحتى الكونت فولكس نفسه كان يعبس، لكن وجهها كان مشرقًا طوال الوقت.
كانت تخجل خجلاً حقيقيًا، ووجنتاها حمراوتان، وعيناها تلمعان وكأنها التقت بملاك.
“اشتقت لك كثيرًا، سيدي الكونت!”
نظرت إلى الكونت فولكس.
“لماذا وصلتِ متأخرةً؟”
لم يرَ فيليون هذا التعبير من قبل.
وفجأة، استرجعت ذاك اللحظة في قصر ديلاريك.
تلك النظرة الجدية لجده، والعين الواثقة التي كانت تراقبه عند مغادرة القاعة.
ذلك الصوت الحازم أيضًا.
— “إنها خدعةٌ لخداعك. لا داعي للشفقة أو التعاطف.”
— “رايلي فولكس تربت على يد الكونت فولكس منذ صغرها. ورثت طريقة تفكيره وتعاملاته.”
تلك العبارات لم تفارق ذهنه.
— “أن تصدق كلام امرأةٍ كهذه؟ يا له من غباء.”
قبض فيليون على الدرابزين بقوة.
نعم، ما سمعته صحيح. لذا يجب أن أثق في حكمي. جدي مخطئ.
وفي تلك اللحظة التي تمتم فيها بلا صوت عدة مرات.
فجأة، التقى نظره بالكونت فولكس.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
التعليقات لهذا الفصل " 79"