فيليون أمال رأسه متسائلاً عن كلامٍ يصعب فهمه، لكن رايلي ظلّت تُخفض بصرها باستمرار.
بينما كانت تنقل أواني المطبخ إلى العربة، قالت مُتحدثةً كأنها تمتمت لنفسها:
“يجب أن أُنهِي الأمر تمامًا الآن.”
“…ماذا؟”
“ليس شيئًا مهمًا، لا تهتم.”
لوّحت رايلي بيدها ورتّبت الأشياء المتبقية. هيا، لنذهب الآن. تقدّمت هي وسحبت العربة، وساعدها فيليون.
بدت رايلي كما هي دائمًا.
لم تظهر عليها ملامح انزعاج، وكانت تستقبل من يتحدث إليها بلطفٍ. حتى عندما شكرها أهل القرية، ابتسمت بودّ.
كانت تعامل فيليون كما المعتاد. لكن، لم يستطع التخلص من شعورٍ غريب بالقلق.
“إنهاء؟ ماذا تعني بإنهاء الأمر؟”
‘هل… هل يعني أنها تحبني؟’
ضحك فيليون على الفرضية التي خطرَت بباله.
لا، هذا مبالغٌ فيه.
لكن كلما فكر فيها، بدت الفرضية معقولةً أكثر.
كم كانت مُثابرة في الاقتراب منه.
قبل سنوات، حين تسلّل ليسترق سمع سرّ التلاعب بالدرجات، سمع كلامًا مشابهًا.
قالوا إن رايلي تحب فيليون. وأنه اختار عدوًا صعبًا.
آنذاك، كان التلاعب بالدرجات صدمة، فتجاهل الأمر، لكنه استعاد الذاكرة جيدًا.
بعد سماعه خبر مغادرة رايلي للبرج السحري، تصرف معها بخشونة لبعض الوقت. آنذاك، كانت رايلي تبعد نفسها عنه بوضوح.
لكن الآن، عادت تتحدث إليه بلا تردد.
تذكر أن نقطة التحول كانت…
‘بعد أن رأتني أتشاجر مع بريجيت.’
هل كان المنديل يحمل معنى خاصًا؟ هل كان به تطريزٌ خاص؟
‘اللعنة، يجب أن أراه بعناية.’
مع أن رايلي كانت لطيفة فقط، ولم تطلب منه لقاءً خاصًا أو التقرب أكثر.
حتى في التدريب الأخير، طلبت أن يذهب معها منفردًا وسألته مسبقًا.
لكن فيليون لم يفكر في هذا الاحتمال إطلاقًا.
كان مسيطرًا عليه بفكرة أنها قد تحبه.
لكن لم يستطع أن يسألها: “هل تُحبني فعلاً؟”
أولًا، لم تكن هناك فرصةٌ للقاء بعد التدريب.
البرج السحري يمنح المتدربين إجازةً طويلة بعد الانتهاء، وكان فيليون سيعود إلى منزل الكونت ديلاريك.
جده قال إن لديه أعمالًا مهمة، فلا يمكنه التأجيل أكثر.
كما أن رايلي لم تظهر.
حاول التجوّل في الردهة وحول مختبر رايلي يوم الرحيل، لكنها لم تكن هناك حتى خصلة شعر.
لم يستطع أن يبحث عن من رأوها، فقد يسبب ذلك شائعاتٍ لو وصلت إلى أذني جده.
وفوق كل شيء، رايلي هي…
‘الابنة للمُتبناة للكونت فولكس.’
عائلة ذلك الرجل الذي قتل ابن عمه في غرفته، وعائلته كانت أكثر من يكرهها.
تلك هي رايلي فولكس.
وأنا؟
‘هذا مستحيل. لا يمكنني.’
لم يكن هناك داعٍ للتفكير أكثر أو المضي في الحيرة.
فيليون لم يكن يستطيع أن يكون معها.
بينما كان يفكر كيف يرفضها، خطر له أن مجرد اعترافها قد يكون خطرًا.
حتى لو رفض فيليون، جده لن ينظر إلى الأمر بلطف.
‘سيحاول طرد رايلي من البرج مرة أخرى.’
فيليون لم يرغب في خروج رايلي من البرج.
بخلاف ذلك الشعور الغامض والغريب قبل سنوات، كان لديه سببٌ واضح الآن.
رايلي فولكس تحب البرج السحري أكثر من أي شخص.
كان يعرف ذلك لأنه راقبها عن كثب طوال العام الماضي.
فيليون أراد أن يساعدها كما تريد.
فولكس ما زال شخصًا مكروهًا ويثير الاشمئزاز، لكن يمكنه أن يظهر بعض الاعتبار لرايلي فولكس فقط.
ردًا على الهدايا التي تلقاها منها طوال الوقت.
‘هل يجب أن أذهب وأقول لها أولًا؟ أن لا تعترف لي؟’
أعرف شعوركِ، لكننا لا يمكننا أبدًا أن نكون معًا.
وهناك آذان كثيرة في البرج، لذا ابقي مشاعركِ بنفسكِ ولا تجرؤ على التحدث بها.
…قد تظن هذا كلامًا غريبًا.
‘ها، ماذا أفعل؟’
أردتُ أن أقوله لها بأفضل طريقة ممكنة.
لا أريد أن أراها تبكي مرةً أخرى.
خلال رحلته خارج البرج، كان فيليون غارقًا في التفكير.
عندما وصل إلى قصر ديلاريك، تلقى استقبالًا حارًا من أمه وجده، وتناول الطعام معهم، وحتى عندما التقى بأبناء عمه.
حتى في الاجتماع الذي حضره كل الأقارب.
“تصرفات الكونت فولكس أصبحت أكثر وقاحةً مع مرور الوقت. سمعت أنه مؤخرًا تختفي الجثث من مقبرة العاصمة. لا يمكننا السكوت بعد الآن.”
“…ماذا ستفعل يا سيدي؟”
“سأكشف جميع جرائم الكونت فولكس في اجتماع النبلاء.”
فيليون كان مشغولًا فقط بأفكاره عن رايلي.
“سأسحب منه جميع حقوقه النبيلة.”
***
أكمل الكونت ديلاريك كلامه.
“إذا مرّ ذلك في اجتماع النبلاء، سيطلب الموافقة من جلالته. حينها، يمكن إعدام الكونت فولكس دون محاكمة.”
“لكن للنبلاء حصانة. الك فولكس لم يرتكب خيانة، هل يمكن متابعة الأمر حتى النهاية؟”
“صحيح. إذا ادعى أن الأمر شأنٌّ خاص، لا يوجد حل آخر. حتى لو كانت أعماله لا أخلاقية، لا توجد سوابق لمعاقبة نبلاء على ذلك.”
“يمكن ذلك فقط إذا حصلنا على موافقة جميع النبلاء المشاركين في الاجتماع.”
علت عيون الحضور بدهشة.
“الجميع… هل حقًا؟”
“نعم، إذا تجمع كل هؤلاء، ستصبح الحجة قوية. ولن يتمكن جلالته من رفضها. نفس الشيء في الإمبراطورية المقدسة.”
قال الكونت بهدوء.
“سيكون هناك رد فعل مِن العامة أيضًا. كيف لا يحدث ذلك؟ بعد كل شيء، تختفي الجثث من عائلات بعد الدفن في اليوم التالي. كما قلت، هذه ليست حوادث في إقليم فولكس فقط. تحدث كثيرًا في العاصمة. خاصةً جثث السحرة تختفي بلا استثناء.”
“هل تعني أنهم يسرقون الجثث؟ لماذا؟”
“من أجل إجراء تجارب على الأجساد. بالتأكيد يقومون بإجراء تجارب غير أخلاقية ممنوعة في البرج سرًا.”
أومأ البعض برؤوسهم، لكن البعض تفاجأ.
لأن هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها ديلاريك بشكلٍّ مباشر عن هذا الموضوع.
“يعتقد أنهم يجرون التجارب على الأحياء أيضًا. لقد تلقيت عدة تقارير عن خطفهم للفقراء من الأحياء الفقيرة.”
“سمعت ذلك أيضًا، لكن جمع الأدلة سيكون صعبًا.”
“مع الأطفال حصلنا على أدلة. قابلت بعض الآباء الذين سلموا أطفالهم مقابل المال للكونت. حتى من رفض إرسال طفله، تم أخذه بالقوة ثم أُرسل المال.”
“يا للهول! لماذا يفعلون ذلك؟”
“غالبًا هؤلاء الأطفال يظهرون موهبةً في السحر. لا أعرف ما الذي يفعلونه بالضبط…”
كانت التخمينات مرعبة، وازدادت وجوه الحضور جدية.
تم التطرق أيضًا لجرائم أخرى للكونت.
مثل تقديم سندات اقتراض مزيفة للاستيلاء على الأراضي والممتلكات، ووفاة نبلاء كانوا على خلاف معه بشكل غامض… جميعها جرائم شنيعة.
والأسوأ من ذلك، أنه لا توجد أدلة واضحة على هذه الجرائم.
كان ديلاريك حذرًا للغاية، وكان لديه الكثير من التابعين. من بينهم دوقان.
“لا أعرف كيف فعل ذلك، لكن دوق هايرين ودوق لوكيريان في صف فولكس. لكن بالإجماع؟”
“ولا توجد سوابق لمعاقبة نبلاء على مثل هذه الجرائم.”
“هل نترك الكونت فولكس كما هو إذًا؟”
“نطلب من جلالته تحذيره…”
“ذلك فقط سيعطيه فرصةً للهروب أكثر. هل تعتقد أن الكونت سيتوقف عند هذا الحد؟”
ارتفعت الأصوات مع النقاش الحامي.
لكن صوت الكونت ديلاريك ظل واضحًا.
“أعلم أن الأمر ليس سهلاً. لا يمكن تجاهل جهود الكونت فولكس في صد الموجة الثانية من والحوش. كما أن عائلته أنتجت اثنين من سادة البرج، وله داعمون كثيرون.”
“…..”
“لكن إذا تركناه وشأنه، ستزداد جرائمه. دوق كايلون وديفون قررا دعم قضيتي. سأحاول إقناع الدوقين الآخرين من جانب فولكس.”
“… ماذا عن إلفيرت؟”
“إلفيرت سيساعد أيضًا. لديه دينٌ على الكونت فولكس.”
عندما ذُكر اسم إلفيرت، نظر النبلاء إلى فيليون بنظراتّ خاطفة.
كان فيليون مدركًا لنظراتهم وسامعًا لحواراتهم.
لكنه لم يشارك في الحديث.
كان لا يزال مشغولًا بأفكاره.
‘هي بالتأكيد تحبني.’
كانت مسألةً حُلّت داخله إلى حدٍّ ما، لكنه ظل يعيد التفكير فيها.
مثل الطالب الذي يراجع ورقته بعد الانتهاء، يفحص كل شيء بعناية.
وخلال ذلك، استمر الناس في النقاش الحامي.
“ماذا عن أتباع الكونت فولكس؟”
“يجب اعتقالهم جميعًا. يجب توقيف كل من له صلةٌ به، فقد يكونون شركاء في الجريمة.”
“هذا واضح. ويجب إلقاء القبض على السحرة الموجودين في البرج أيضًا.”
“وماذا عن رايلي فولكس؟”
عندما ذُكر اسمها فجأة، هدأت الأصوات قليلًا. سأل السائل وهو ينظر حوله.
“ماذا نفعل بها؟”
“رايلي فولكس تعتبر من المقربين للكونت فولكس. ربما شاركت في أعماله القذرة.”
“صحيح، لا يمكن استثناؤها.”
“ولكن، تلك الفتاة…”
فجأة تدخل صوت آخر.
ويل ديلاريك، الشاب الذي سيُعرف لاحقًا بالبارون كروديس، قال:
“سمعت أنها تحب فيليون.”
في تلك اللحظة، عاد فيليون من تفكيره ليواجه الواقع، وعبس قليلاً وهو ينظر إلى ابن خاله.
أهذا الرجل لم يأتِ إلى البرج من قبل؟ هل سمع ذلك من أبناء عمومته؟
كان هو نفسه يفكر في الأمر، لكنه لم يكن مكانًا مناسبًا للحديث عنه، لذا حاول أن يحذر بشدة…
“ما جدوى هذا الكلام الآن؟ هل سنعطيها براءة؟ للمجرمة؟”
“مجرمة؟”
رفع فيليون حاجبه بحزم وقال:
“رايلي فولكس لم تكن متواطئةً مع الكونت.”
لم يسألها مباشرة لكنه كان متأكدًا.
كانت فتاة تتحمّل مسؤولية حتى عن من ماتوا بحوادث.
كانت غبيةً أحيانًا، مُزعجة… لكنها طيبةٌ للغاية.
فكيف تكون ضالعة في الاختطاف والتجارب غير القانونية؟!
حينها، حدّق الكونت ديلاريك في فيليون بنظرةٍ حادة.
“فيليون، كيف تجرؤ على التأكد من ذلك؟”
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 78"