‘ألا يكون قد انتشر بالفعل أمرنا على لوائح المطلوبين؟’
لا، لا، ليس تلك النشرة الطّويلة للمطلوبين التي يملكها فيليون.
قد يكون وليّ العهد قد صنع واحدةً جديدة لي وله، إذ اتّهمنا أيضًا بأنّنا سارقنا قلادة.
‘لقد جئنا مباشرةً إلى النزل فور دخولنا المدينة، فلم تتح لنا فرصة التحقق من ذلك.’
وأثناء انشغالي بالقلق، كانت هي تراقبنا بانتباه. وخصوصًا فيليون، الذي كانت تحدّقه بنظراتٍ فاضحة، حتى أنّه قطّب حاجبيه.
أمسكتُ به بسرعة وتحركت به نحو المطعم.
“إذًا… سأطلب منكم ذلك، رجاءً.”
ففي الجهة الخلفية يوجد بابٌ خلفيّ، ويبدو أنّه سيكون طريقًا مثاليًّا للهرب السريع.
تلاقَت عيوننا مع بعض الأشخاص في الطريق، لكن لم يكن فيهم من يحدّق بنا بتمعّن مثل صاحبة النزل قبل قليل.
جلستُ في ركنٍ بعيد، ثم سألتُ فيليون بخفوت:
“لا يمكن أن يكون الأمر صحيحًا، أليس كذلك؟”
وبما أنّه بدا وكأنّه يراقب المكان من حوله بحذر، فقد رأيت أنّه ليس من الضروري أن أشرح له أكثر، إذ بدا أنّه فهم مقصدي.
“…… قد يكون صحيحًا.”
اللعنة. عضضت شفتي.
صحيح أنّ وليّ العهد لا يعرف ملامح وجه فيليون بدقّة لأنه يضع نظّارة دائمًا، لكن من المؤكّد أنّه يتذكر طوله أو هيئته. أمّا أنا فلا أضع نظّارة، فيعرف ملامحي تمامًا.
“هل نغادر فورًا؟”
حينها التقت عيناي بعيني صاحبة النزل التي كانت تقترب منّا.
اضطررت للجلوس مجددًا، فلم يكن ممكنًا الهرب من الباب الخلفي قبل أن تصل. فقد كان واضحًا أنّها ستلحق بنا فورًا.
لابد من كسب بعض الوقت بتظاهر الهدوء. ابتسمتُ بلطف وسألت:
“هل جئتِ لتأخذي الطلبات؟”
عندها وضعت صاحبة النزل يدها على الطاولة بقوّةٍ طفيفة، وبدأت عيناها الحادّتان تمسحاننا مجددًا.
“منذ متى وأنتما متزوّجان؟”
“عفوًا؟”
“رأيتُ زوجين شابين خارج منزلهما في هذا الوقت من الليل، فأردت معرفة أين يذهبان بهذه العجلة.”
“آه، أختي تزوّجت في الشمال، وسمعنا أنّ حالتها حرجة، فكنّا في طريقنا إليها.”
“همم، صحيح؟ وأيُّ مدينةٍ في الشمال هذه؟”
رمقت صاحبة النزل فيليون بنظرةٍ حادّة.
“ليس الزوجة، بل الزوج، هو من يجبُ أن يُجيب.”
كان في ملامحها تهديدٌ واضح. لم تكن تبدو ساحرةً، ولا حتى شخصًا بارعًا في القتال، لكنّ عزمها على عدم التراجع كان جليًّا.
إذا أظهرَت مثل هذه العدائية تجاه الغرباء، فلسببٍ واحد: أنّها تظنّهم مجرمين. بدأتُ أحرّك السّحر ببطء وأنا أحدّق فيها، لكنّها لم تتحرّك قيد أنملة.
وحينها قال فيليون:
“وهل……”
“نعم؟”
“هل يجب أن أجيب حقًّا؟”
أمال رأسه قليلًا.
“لا أرغب بالتحدث معك.”
ثم جلس إلى جانبي.
كنت على وشك الجلوس قبالته، وقد سحبت الكرسي بالفعل، لكنّه أعاده مكانه وسحب كرسيًّا بجانبي، بل وأمسك بيدي التي كانت على الطاولة.
“أنا لا أهتمُ بأيِّ امرأةٍ غير زوجتي.”
“…….”
“أليس من المفترض أن تأخذي الطلب الآن؟ أليس هذا عملكِ؟”
كانت نبرة صوته لاذعة، تذكّرني بفتيان الشوارع الذين يضجرون النّادل بقولهم: ‘لِمَ لا تأتين بالطعام؟’
تجمّدت لوهلة، ثم ضربتُ ظهره.
“ما هذا الكلام الفظّ؟!”
“لكن……”
“اعتذر فورًا!”
“…… آسف.”
ولأكون صادقة، لم أضربه بسبب أسلوبه، فقد اعتدت على مثل هذه النبرة منه منذ أيّام برج السّحرة.
لكن ما أربكني فعلًا هو أنّه أمسك بيدي فجأةً واقترب وكأنّه يعاملني كزوجةٍ حقيقية.
صحيح أنّنا متفقان على تمثيل دور زوجين، لكن يدي كانت قد سبقتني بلا وعي.
‘ليس كذلك؟ ليس ماذا؟’ نظرتُ إليها باستفهام، فقالت وهي تبتسم بعينين مغمضتين:
“الرجل يبدو مميزًا، والمرأة تتلعثم بشكلٍّ غريب، فشككت بذلك لذا أردتُ أن أبلّغ عنكما. فلو كانت مختطَفةً، لا يجوز أن أسكت، أليس كذلك؟”
“…….”
“يبدو أنّكما متزوجان حديثًا، فالزوجة شديدة الخجل.”
حتى وأنا أطلب الطعام، ظلّت تضحك وتعتذر مرارًا عن سوء الفهم.
منذ لحظات كانت على وشك تقييدنا بالحبال، فإذا بها تعترف أنّها ظنّتني مختطَفة.
“انتظرا قليلًا، سأخبر المطبخ ليجهّز الطعام سريعًا.”
غادرت وهي تبتسم، ومع إشارتها أنَّ الأمر ليس مهمًّا، تلاشت نظرات الفضول من بقيّة الزبائن.
وعاد الودّ إلى المطعم، فشعرتُ بالارتياح أخيرًا.
ثم فيليون……
سألته بخفوت وهو يطأطئ رأسه:
“كنتَ تظن أنّها معجبةٌ بك، أليس كذلك؟”
“…… لا.”
“بل كنتَ، لا تتظاهر.”
كنت أرى أنّه يشعر بالحرج ويخفيه.
‘حسنًا، يبدو أنّه اعتاد على مواقفٍ مشابهة، فتعامل معها بعفوية.’
لكن ما إن أخذت أراقبه مبتسمة، حتى انفتح باب النزل.
دخل رجلٌّ أطول من فيليون، بعضلاتٍ ضخمة في كتفيه وذراعيه، حتى أنَّ هاربر وبريستون لن يقارنا به. بدا أنّه قادرٌ على قتل دب بيديه العاريتين.
‘أيمكن أن يكون صيّاد الجوائز الحقيقي الذي جاء للإمساك بنا…؟’
“حبيبي!”
…… لا، على ما يبدو لا. فقد هرعت صاحبة النزل لتعانقه، واحتوته بحبّ.
نظراته إليها كانت مفعمةً بالعاطفة.
‘هكذا يكون الجوّ بين الأزواج الحقيقيين.’
حينها رفع فيليون رأسه أخيرًا، لكن وجهه بدا أكثر سوءًا بعد رؤيته لذلك المشهد.
لم أتمالك نفسي عن الابتسام، فربّتُ على ظهره:
“اطمئن، يبدو أنّكَ لست مِن نوعها أبدًا.”
“…….”
“فلكلّ شخصٍ ذوقه، فلا تحزن كثيرًا.”
ثم عدت أراقب وجوه الموجودين في المطعم بتأنٍّ، وبعد جولة فحصٍ دقيقة، وصلت إلى نتيجةٍ مطمئنة:
لا نشرات بحث بعد. يا لفرحتي.
لكن فجأة سألني:
“ريكس، ما هو ذوقكِ؟”
“هممم؟”
سؤالٌ مباغت جعلني أستفسر.
“تعني ذوقي في الرجال؟”
لم يُصحّح، ففهمت أنّه يقصد ذلك.
وأدركت فجأةً أنّه ما زال يجلس ملتصقًا بي، ويده تمسك بيدي، بينما يستند بيده الأخرى على ذقنه، يحدّق بي بطريقةٍ فيها سخرية.
“إيان سيرفيل؟”
“ماذا؟ لا.”
“…… لكنكِ ظللتِ طويلًا أمام المرآة قبل لقائه.”
لم أفهم فورًا، فأخذت أتذكر متى قابلت إيان، ومتى أطلت النظر في المرآة…
آه، كان في اليوم الذي رافقته فيه ووليّ العهد…
“هيه، ذاك لأنك…”
لكن في تلك اللحظة جاءت صاحبة النزل ومعها الطعام، وفيليون ترك يدي فورًا.
انشغل بنقل الصحون إلى الطاولة أمامنا، وقد وُضع طبق لحمٍ ساخن أمامي.
وبينما كنت أحدّق في الطعام الشهي، كان هو قد بدأ الأكل بالفعل، ولم يعد ينظر إلي أو يكلمني.
ومن طريقة جلوسه الصامتة، أدركت أنّه تذكّر ذلك اليوم، فتغيّر مزاجه.
وأنا أيضًا شعرتُ بالانزعاج… بل بالظلم.
“…… لقد فعلتُ ذلك بسببك.”
“…….”
“لأنكِ قلت إن شعري فوضوي.”
تذكرت أنّه قالها بعد أن أريته الإعصار، وإن لم يقل إن المنظر سيئ حرفيًا، لكن بما أنّه أصلحه لي بنفسه، فقد فهمت أنّه لم يعجبه. فهو شخصٌ يهتم كثيرًا بالنظافة.
“ويجب أن أوضح أنّ الأمر لم يكن محاولةً لأثارة أعجابك، بل لأني لا أحب الفوضى، وبما أنكَ نبهتني، أصلحته. هذا كل ما في الأمر.”
لكن حتى بعد أن قلت ذلك، بقي الشعور بالحرج يلازمني، خاصة أنّه كان يحدّق بي وهو ممسك بالشوكة.
ربما بدا وكأنني أهتم به أكثر مِما ينبغي… لكن، والحق يُقال، كان ذلك صحيحًا.
“…… إذًا لم يكن الأمر بسبب إيان سيرفيل؟”
“قلت لك، لِمَ أهتمُ به أصلًا؟”
قطّبت حاجبي وأنا أقطع قطعة لحم.
“بل هو الشخص الأخير الذي قد أهتم به، فنحن نعرف بعضنا منذ الطفولة، ورأينا أسوأ ما في بعضنا.”
لكن على الرغم من أنّه بدا مرتاحًا لذلك، عاد العبوس ليظهر على ملامحه فجأة، وهمس:
“رأيتِ أسوأ ما فيه، أليس كذلك… هذا يغيظني أكثر.”
“كفّ عن الكلام الغريب وكُل.”
وضعت له قطعة لحمٍ في طبقه. لم أكن أتوقع أن يكون الطعام لذيذًا لهذه الدرجة.
“هل تريد هذا أيضًا؟”
“نعم، أعطني.”
فجأة تذكرت أيّام بحثنا في التحجّر في منزل فيليون، حين كانت الطاولة تفصل بيننا، ولم نكن نتحدث كثيرًا، وكأنني أتناول الطعام مع تمثال.
أما الآن فالوضع تغيّر تمامًا.
صار الصمت أثناء الأكل غريبًا، وأصبح يبتسم كثيرًا، كما كان يفعل في مختبري في برج السحرة.
‘ليت هذه الحياة تستمر هكذا.’
وبقلوبٍ مرتاحة، أنهينا الطعام، واستمتعنا بليلةٍ هانئة تحت سقف وفوق سرير، رغم أنّنا أبقينا على نوبة حراسة. كان الأمر أرحم بكثير من حياة التخييم.
وفي اليوم التالي…
انتشرت نشرات البحث عنّا في الشمال.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 62"