“في البداية، كنتُ أنوي مراقبتهم قليلًا للحصول على بعض المعلومات، مثل ما إذا كانت هناك تعزيزاتٌ إضافيّة، أو لمعرفة أسلوبهم في القتال.”
“كما كنتُ أتساءل عمّا كان يقصده وليّ العهد بكلمة ‘فخ’. ولا بدّ من التأكّد أيضًا مما إذا كان ساحر فولكس متخفّيًا في الجوار.”
“بينما أُزيل الشكوك التي تُثقل خاطري واحدةً تلو الأخرى، أضع خُطّتي. لا بأس، المانا ما زالت وفيرة.”
‘هل أتواصلُ مع إيان أولًا؟ إن كان إحساسي صحيحًا، وكان قد تعمّد فعلًا أن أسمع حديثه مع وليّ العهد…’
كان ذلك عندما شعرتُ بشخصٍ يقترب.
فتح هاربر ستارة الخيمة ومدّ رأسه.
“هاه؟ أين فيل؟ لا أراه.”
سألني فورًا دون تحيّة صباح، فأجبته بهدوء.
“خرج يتمشّى قليلًا. سيعود قريبًا.”
“حقًّا؟ لا يبدو أنّ أحدًا رآه.”
“لا أظنّه ابتعد كثيرًا.”
ثمّ ابتسمتُ بهدوء.
“هل سبق أن رأيتَه يتجوّل من دوني؟”
لم يُجب هاربر على الفور. بل وقف هناك، يعبث بمقبض سيفه المعلّق على خصره، ناظرًا إليّ بصمت.
ثمّ ابتسم ابتسامةً خفيفة وقال:
“لكن قبل عدّة أيّام، تجنّبكِ طَوال اليوم، أليس كذلك؟”
“…ذاك كان خطأه. غَضِب فقط لأنّي سرقتُ منه قطعة خبز.”
“هاهاها، أكان هذا السبب؟”
تراجع خطوةً إلى الوراء وقال:
“إذا أنهيتِ استعدادك، فاخرجي. الفطور جاهز.”
“حسنًا، سأخرج حالًا.”
أغلق الستارة، وابتعدت خطواته.
ولم أستطع التنفّس براحة إلّا بعد أن اختفى كلّ أثرٍ لحضوره.
“هاه…”
***
بعد الإفطار، دخلتُ إلى داخل الكهف، ونصبتُ حاجزًا سحريًّا أسود لا يمكن رؤيته من الخارج.
وبما أنّني دخلتُ سابقًا إلى المكان، فكّرتُ أنّني قد أتمكّن من فتح الباب الحجريّ وحدي، فبدأتُ ألمسه بتروٍّ، لكنّ صوتًا أتى من الخارج.
“ريكس، لا أرى فيل. هل تعلمين شيئًا؟”
“هاه؟ فيل هنا بالداخل… ألم تتناول الفطور؟”
تظاهرتُ بالتحدّث إلى من في الداخل لأكسب بعض الوقت، ثمّ أجبته:
“قال إنّه لا يرغب بالأكل. آسفة لأنّي لم أخبركِ باكرًا.”
ثمّ وقفتُ في مكاني أُراقب تصرّفات من هم خارج الحاجز السحريّ.
ظننتُ أني سمعتُ صوت تذمّر، لكنّ الأمر انتهى عند هذا الحد. رأيتهم يبتعدون عن الحاجز.
بالطّبع لم يغادروا الكهف تمامًا، بل بقوا يحرسون المدخل.
‘لا يبدو أنّهم سيستمرّون في السؤال. حسنًا، هذا جيّد. يمكنني كسب بعض الوقت.’
ترى إلى أيّ مسافةٍ وصل فيليون الآن؟
رغم أنّه لم يتمكّن من ركوب حصان، فلا بدّ أنّه وصل بعيدًا. إنّه فتى بارع، ولن يكون الجري مشكلةً له.
‘لابدّ أنّه يُتابع طريقه بسلاسة. لا تشغلي بالكِ. ركّزي هنا.’
وضعتُ يدي على الباب الحجريّ، وبدأتُ أُغيّر مسار أفكاري بالقوّة.
‘لم أُفلح في الحديث مع إيان بعد.’
لقد حاولتُ. التقت أعيننا عدّة مرّات خلال الإفطار، وتبادلنا حديثًا بسيطًا.
لكنّ هاربر كان بجانب إيان طوال الوقت.
كانا يتحدّثان بهمسٍ شديد، لا يُمكن سماعه إلّا إن اقتربتُ كثيرًا.
بمعنى آخر، إذا أردتُ الحديث مع إيان، فعليّ أولًا التخلّص من هاربر. هل يمكنني ذلك؟ على الأرجح، إيان يملك أكثر المعلومات، لذا إن اضطررتُ لاستخدام القوّة…
‘لا،’
هززتُ رأسي نفيًا.
‘لا تثقي بأحد. ستتلقّين خيانةً أخرى.’
عليّ أن أعدّ الجميع كأعداء.
هكذا فقط سيكون قلبي مرتاحًا.
‘بدلًا من إيان، سأحاول انتزاع المعلومات من شخصٍ آخر. واحدًا تلو الآخر، أدعوهم وأتحادث معهم.’
إن لم يظهر فيليون بحلول الغد، فلن يملكو خيارًا سوى الشكّ بي. إذًا الحدّ الزمني هو اليوم.
سأتواصل مع أكبر عددٍ ممكن من الأشخاص خلال النهار، وأجمع المعلومات، ثمّ أضع خطّتي مساءً، وأنفّذها عند الفجر.
لستُ أنوي مغادرة هذا المكان اليوم. ليس فقط لأكسب وقتًا من أجل فيليون، بل أيضًا لأنّي أرغب بأن يبتعد كلٌّ من إيريون ووليّ العهد قدر المستطاع.
لو أنّ إيريون وقفت في صفّ وليّ العهد وهاجمتني، فستكون كارثة.
وأوّل شخصٍ سأتواصل معه هو…
‘داميان، بالطّبع.’
إنّه الأصغر سنًّا في المجموعة، والأكثر سذاجة.
كما أنّه كان يسألني كثيرًا عن السحر.
ربّما كان هدفه أن يُقيّم مهاراتي، لكنّي أعتقد أنّ بعض فضوله كان حقيقيًّا. إن بدأتُ بالحديث عن السحر، فربّما يمكنني سحب لسانه.
بما أنّي اتّخذتُ قراري، فلا حاجةَ للتردّد.
خرجتُ فورًا من الحاجز السحريّ.
وفور توجّهي نحو مدخل الكهف، اقترب منّي هاربر كما لو أنّه كان ينتظرني.
“أشعر أنّ رأسي مزدحم، أردتُ التمشّي قليلًا في الجوار لأُصفّي ذهني.”
“ألن يذهب فيل معكِ؟”
أجبتُ بانزعاج:
“لا أعلم. دعه يفعل ما يشاء.”
“هاه؟ هل تشاجرتما مجدّدًا؟”
رغم أنّ هذا لم يحدث، حرصتُ على بثّ هذا الانطباع. واخترعتُ قصّةً كذلك، كأنّه ما زال يسخر منّي بسبب أمرٍ قديم، أو أنّني نادمة على القدوم معه.
“لا يمكن أن أترككِ تذهبي وحدكِ. لا نعلم متى قد يظهر أحد الوحوش.”
“سأتصرّف باستخدام السحر مجدّدًا.”
“على كلّ حال، لا يجوز.”
“أريد أن أبقى وحدي…”
تظاهرتُ بالعصبيّة، وأصررتُ على الذهاب بمفردي. وبعد شدّ وجذبٍ قصير.
“هاه، إذًا سأذهب مع داميان. هل هذا يُرضيك؟”
في العادة، عندما يتراجع الطرف الآخر في الجدال، فإنّ الإنسان غالبًا ما يوافق فورًا خشيةَ تبدّل الموقف.
وفعلًا، كان داميان الذي اقترب من الضوضاء يُومئ برأسه بسرعة.
“أجل، سأذهب معها!”
وفي اللحظة التي ابتسمتُ فيها ابتسامة رضا داخليّة…
“لا، أنت ابقَ هنا. الأفضل أن تذهبي مع بريستون. بريستون! تعال إلى هنا!”
قبل أن أنبسَ ببنت شفة، كان بريستون قد اقترب منّي بسرعة ووقف إلى جانبي. ربّت هاربر بخفّة على ظهري وابتسم ابتسامةً خفيفة.
“هيا، اذهبا. لكن لا تبتعدا كثيرًا، اتّفقنا؟”
‘ذلك الثعبان الماكر.’
لكن، كي لا أبدو مريبة، اضطررتُ للذهاب مع بريستون.
وبينما أُعيد كتابة السيناريو الذي كنتُ قد أعددتُه لداميان في رأسي…
‘آه، صحيح. أذكر أنّ لبريستون ولدًا في عمر فيليون تقريبًا.’
فكّرتُ: هل أبدأ بالتذمّر من فيليون لأُزيل الحواجز النفسيّة؟ ثمّ نظرتُ بطرف عيني إلى بريستون الذي يمشي مبتعدًا قليلًا إلى جانبي.
كان ينظر للأمام فقط. يداه مرتاحتان، لكنّ سيفه ما زال معلّقًا على خصره كبقيّة الرجال.
نظرتُ إلى ثلاثة خناجر متدلّية من حزامه، وفجأة انتابني شعورٌ غريب. لماذا اختار هاربر تحديدًا بريستون ليأتي معي؟ هل يمكن أن يكون…
‘هل ينوي مهاجمتي؟’
لا دليل لدي. لكن إن سُئلتُ عن الشخصين الأكثر استعدادًا لمهاجمتي، فسيكون الأوّل هاربر، والثاني بريستون.
فهو أقلّ من تحدّثتُ إليه خلال الرحلة، كما أنّه الأكبر سنًّا في المجموعة، ويملك خبرةً واسعة كمحارب مأجور. بل قيل إنّه شارك في الحروب حين كان شابًّا.
‘هل أسبقُه وأهاجمه أنا؟’
أتخلّى عن محاولة استجوابه، وأُغمى عليه الآن وأُخفيه في مكانٍ ما؟ سيكون ذلك أسهل عند الهروب فجرًا.
نظرتُ إلى الأرض، عضضتُ شفتي، وأخذتُ أفكّر. ما الذي عليّ فعله؟
وفي النهاية، اتّخذتُ قراري.
“بريستون، هل ابنكُ…؟”
التفتُّ إلى جانبي، لكنّني تجمّدتُ في مكاني.
‘أين ذهب؟’
فجأةً، اختفى بريستون كأنّه لم يكن.
كنتُ وحدي وسط غابةٍ كثيفة.
نظرتُ حولي بذهول، وفجأةً سمعتُ صوت ارتطامٍ خافت.
ثمّ ظهر حذاءٌ خلف شجرةٍ بعيدة، ثمّ وجه بريستون وهو مُغمى عليه.
ومن كان يجرّه خارجًا هو…
“فيليون؟”
خرج من ظلّ الغابة القاتم.
نفس وجه البارحة. خدودٌ شاحبة، شفاهٌ مطبقة بإحكام. و…
“لماذا أنتَ هنا؟ ولماذا…”
“شعرتُ بطيفِ مانا.”
كانت نظرته وكأنَّ شيئًا في قلبه قد تحطّم.
“كنتِ ستهاجمينه، أليس كذلك؟”
إجابةٌ صحيحة. كنتُ أنوي استدراجه بالحديث عن ابنه، ثمّ أهاجمه مباشرةً. لكن المانا التي استخدمتُها كانت ضئيلةً جدًّا.
أن يُلاحظها هو…
“لماذا لم ترحل؟”
قبضتُ على قبضتيّ وأنا أنظر إلى فيليون وهو يرمي بريستون أرضًا دون اكتراث. لماذا أنتَ هنا؟
“تبًّا، هل عليّ تكرار هذا مجدّدًا؟ لستُ بحاجة إلى مساعدتـ…”
“أعلم. أنّكِ لستِ بحاجة إليّ.”
تابع بصوتٍ منخفض اكثر من المعتاد.
“أنتِ ستنجحين بدوني، وستعيشين حياةً جيّدة، أعلم ذلك. لكن…”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 55"