“عائلة الطّالب، كما يُقال، كانت ثريّة للغاية في الماضي، أليس كذلك؟ كلّ الأراضي القريبة من هنا كانت ملكًا لهم. حتى الملوك كانوا يحسبون لهم ألف حساب.”
“عائلة مشهورة لهذه الدرجة، كيف لم أسمع بها من قبل؟ في أيّ عهدٍ كان ذلك؟”
“أه… يُقال قبل ألف عام؟”
“يا لك مِن سخيف! الكلّ يستطيع قول هذا النوع من الكلام!”
كانت هناك بعض الأحاديث غير المعقولة، لكن…
على أيّ حال، بدا من الواضح أنّ عائلة الطّالب كانت بالفعل عائلة مُلاك أراضٍ كبار في الماضي، ولهذا ارتفعت توقّعات الزملاء إلى أقصى حدّ.
حتى بعد الوصول، لم يكن هناك الكثير من الوحوش كما كنا نخشى، ولم تكن الإقامة في المكان مزعجةً لأنّ الغابة كانت كثيفة فحسب.
رغم أنّ المكان المحدّد في الخريطة لم يكن يحتوي على شيء، إلا أنّ الطّالب وزملاءه بدؤوا بالبحث بحماس.
في اليوم السابع، بعد أن تفرّقنا وجبنا الأماكن هنا وهناك…
حدث زلزالٌ مفاجئ، وانشقّت الأرض. بدا الأمر وكأنّه ناتجٌ عن سحرٍ ما، لأنّ ما حصل كان مفاجئًا تمامًا.
حاولتُ استخدام السّحر للهروب، لكنّ الأرض انهارت بشكلٍ أسرع. في البداية صمدتُ باستخدام حاجزٍ، لكن بسبب الصدمة، فقدتُ تركيزي وسقطتُ.
حينما استعدتُ وعيي، كنتُ مُمدّدةً داخل كهفٍ ما.
أوّل ما رأيتُه عندما فتحتُ عينيّ كان كمّيّة هائلة من الدماء. لكن لم أشعر بأيّ ألم. “هذا ليس دمي؟ إذًا لماذا لا أستطيع التحرّك؟” وبينما كنتُ أفكّر في ذلك…
“لقد استيقظتَ.”
رفعتُ رأسي على وقع صوتٍ كأنّه يدقّ في رأسي، لأجد أمامي شيخًا ذا شعرٍ أبيض.
على جسده خِرَقٌ ممزّقة بالكاد يمكن تمييز شكلها الأصلي، وكانت يديه وقدميه مقيّدتين بسلاسل مرتبطة بصخرةٍ خلفه.
“شخصٌ يعيش هنا؟”
‘هل أنا في حلم؟’
“ليس حلمًا، يا فتاة.”
‘لكنّي لا أشعر بأيّ ألم…’
“لأنّي جعلتكِ لا تشعر به.”
‘هل تستطيع قراءة أفكاري؟’
“فقط لمن دخل نطاقي.”
وأشار بذقنه خلفي.
“الذي لا يزال يتنفّس هناك هو الآخر، نجا بفضل وجوده داخل هذا النطاق.”
عندما التفتُّ، رأيتُ جسدي ملقى هناك، غارقًا في بركة دم.
وما شعرتُ به حينها هو الغرابة فحسب. لم يكن هناك صوتُ تنفّس، لذا بدا وكأنّ الوقت متوقّف. وحيث إنَّ وعيي مفصولٌ عن جسدي، فربّما هذا ما يُسمّى بالخروج من الجسد.
خوض تجربتيْن سحريّتيْن في آنٍ واحد؟! هل هذا الشيخ هو ذلك الساحر الشرّير الذي استخدم السحر المحظور؟!
“أنتِ ساحرة، أليس كذلك؟ همم، لديكِ طاقةٌ سحريّة رائعة. هاه، مضى وقتٌ طويلٌ منذ أن شعرتُ بشيءٍ كهذا.”
‘آه! أعد لي طاقتي السحريّة!’
“سأفعل.”
لكنّه أعادها بسهولةٍ مفرطة على غير المتوقّع، بل وبدأ يشفيني أيضًا.
“لا يمكنني إعطاءكِ أكثر من ذلك. روحكِ لن تحتمل.”
عندها فقط أدركتُ أنّني في هذا الوضع أشعرُ بطاقة السّحر بشكلٍ أوضح مِمّا كنتُ عليه من قبل.
وحين ركّزتُ أكثر، بدا لي أنّني أراها بعينيّ. الكميّة الكلّية؟ ما يعادل عشرة جرارٍ بحجم الإنسان تقريبًا؟ هل هذا مقدار طاقتي؟ ليس سيّئًا، فكّرتُ وأنا أُدير رأسي.
فانكشفت أمامي شلالاتٌ ضخمة.
“يا إلهي…”
رفعتُ رأسي إلى أعلى ما أستطيع، لكنّي لم أستطع رؤية القمّة. وكذلك الحال عند النظر إلى الأسفل. لو كانت هناك أصوات، لما تمكّنتُ من التحدّث أساسًا.
يا له من كمٍ هائلٍ من الطاقة السحريّة.
‘من تكون…؟’
“الحاكم يقول إنّي خائنٌ سرقَ طاقته.”
ابتسم الشّيخ.
“ولأنّي وزّعت تلك الطاقة، ناداني السّحرة ‘بالمعلّم الأعظم’.”
بدأتُ أجمع كلماته بتردّد.
‘الطّاقة السّحرية كانت… ملكًا للحاكم؟’
“بالأحرى كانت كنزًا للحاكم.”
‘وأنتَ سرقتها ووزّعتها علينا؟’
“نعم.”
‘إذًا… أنتَ أيضًا حاكم؟’
ردّ بصمت.
‘أنتَ تتلقّى عقابك… أليس كذلك؟’
وبعد صمتٍ ثقيل، ابتسم ابتسامةً حزينة.
“أوّل من قيدني كان تلميذي. نال منّي أكبر قدرٍ من الطاقة، فشعر بالذنب، لكنّه في الوقت نفسه خشي غضب الحاكم، فلم يستطع إطلاق سراحي.”
‘……’
“الثّاني كان ابن تلميذي البكر. كان أقوى من والده، لكنّه كان أكثر دهاءً. أدرك أنّ قوّتي تعمل ضمن هذا النطاق، فطالبني بالذهب والجواهر. نفّذت أوامره حتى مات حفيد حفيده ميتةً طبيعيّة.”
والبقيّة كانوا مشابهين.
ثروة. سُلطة. مجد. حب. قدّم لهم كلّ ما يستطيع.
ولحُسن حظّهم، لم تختفَ الأشياء التي خلقها الشيخ عند خروجها من النّطاق. كما أنّ التّنويم المغناطيسي الذي استخدمه على الأشخاص الذين جلبهم الحُرّاس لم يُلغَ أبدًا.
“وربّما لهذا السبب، كان آخر حرّاسِي يخشاني.”
‘……’
“أتلف كلّ الوثائق التي تذكرني، وأغلق باب هذا المكان. ولا أعرف ما الذي جرى بعد ذلك.”
عاد تركيز الشّيخ من ذكرياته، وحدّق بي مباشرة.
“لنُبرم صفقة، أيّتها السّاحرة.”
‘……’
“إن حرّرتَني من هذه القيود، سأُعيدكِ إلى الحياة.”
كما توقّعت. عضضتُ شفتي، لكن في الحقيقة، لم يكن لديّ ما أخسره.
لكن هناك أمرٌ واحد أقلقني.
‘ماذا سيحدث إن حرّرتكَ؟’
من السياق، من الواضح أنّ الحاكم هو من سجنه. وبما أنّ هذا العالم من صُنع الحاكم…
“اقتربْ وصبِّ طاقتكِ في هذه القيود. هذا كلّ ما في الأمر.”
وأثناء اقترابي، فكّرتُ في أن أسأله مرّةً أخرى عن خطّته، لكنّي امتنعت.
لقد عاش محبوسًا في هذا المكان لمدّة لا يمكنني تخيّلها. ومهما فعل، ليس لي الحقّ في التدخّل.
لكن، قبل الوداع، أردتُ أن أقول شيئًا واحدًا.
‘أودّ أن أشكرك.’
نظر إليّ الشّيخ مبتسمًا.
“هوه، يبدو أنّك تطلب شيئًا.”
‘لا. يمكنك قراءة أفكاري، أليس كذلك؟’
ولستُ متأكّدةً إن كان يقرأها فعلًا، لكنّه بقي صامتًا. فتابعتُ قائلةً:
‘رغم أنّ حياتي تعقّدت بسبب السّحر، إلا أنّني عشتُ لحظاتٍ ممتعة بفضله. وأنا أحبّ نفسي كما أنا الآن.’
“……”
‘وكلّ ذلك بفضل ما قدّمتَه من قوّة سحريّة. شكرًا لك، أيّها المعلّم الأعظم.’
وما إن صببتُ طاقتي السّحريّة، حتى فُكّت القيود بكلّ سلاسة، كأنّها كانت مزيّفة.
استخدامي للطاقة لم يبلغ حتى مستوى استخدامي لأبسط أنواع السّحر. رغم بساطة هذا الأمر، لم يحرّره أحد، رغم كلّ ما جمعوه من مال.
‘هذا بالفعل… أمرٌ مؤسف.’
في تلك الأثناء، بدأ الشّيخ ينهض ببطء.
رغم أنّه بقي جالسًا لدهور، فقد تمايل مرّةً واحدة فقط، ثم وقف منتصبًا. كان ينظر إلى معاصمه وكاحليه وكأنّه لا يصدّق أنّه تحرّر.
ثمّ التفت نحوي.
كان الشيخ النّحيل طويل القامة، قرابة المترين. ينبعث من جسده نورٌ خافت، فشعرتُ يقينًا بأنّه ليس إنسانًا. كان وجوده غريبًا كلّما نظرتُ إليه.
ثمّ رمش بعينيه قائلًا:
“في الواقع، هناك شيءٌ لم أُخبركِ به.”
‘ما هو؟’
“الزلزال الذي حصل قبل أيّام… كان بسببي.”
‘ماذا؟! لكنّك لا تستطيع استخدام قواك خارج النطاق؟’
“منذ مدّة، بدأتُ أستطيع. رغم أنّها محدودة في هذه المنطقة فقط.”
‘إذًا… هذا يعني…’
“نعم، أنا من قتلكِ. لذا هذه ليست صفقةً عادلة.”
حدّقتُ فيه بنظراتٍ حادّة. يبدو أنّه أدرك ذلك، ومع ذلك، لم يتوقّف عن الابتسام.
ثمّ وضع يده على كتفي.
“ولهذا، سأمنحكِ نعمةً أخرى.”
وفجأة، شعرتُ بقوّةٍ هائلة تتدفّق إلى جسدي.
لكن ليس الجسد الرّوحي، بل ذلك الجسد المُلقى خلفي. شعاعٌ نقيّ من الضّوء بدأ يملؤه. الدم الذي غطّى الأرض عاد إلى الداخل، والجروح بدأت تلتئم.
“من الآن، تستطيعين النّجاة من الموت مرّةً واحدة.”
ثمّ دخل جسدي قوّة أخرى، تشبه الأولى، لكنها أكثر دفئًا وقوّة.
“مهما أصابتكِ لعنةٌ قاتلة، أو جرفتكِ أمواج، أو سقطتِ تحت حجر، أو حتى إن اخترق قلبكِ، فلن تموتي. فقط مرّةً واحدة. وستُبعثين بقوّتي.”
أمسكتُ يديّ معًا كما لو كنتُ أدعو، ثمّ نظرتُ إليه برجاء.
‘أعلم أنّ قولي هذا سيبدو سيّئًا، لكن… ألا يمكن أن تُعطيني نقودًا بدلًا من هذا؟’
“مؤسف، لكن لا يمكنني سحب النعمة بعد منحها.”
‘إذن، لماذا لم تُناقشني قبل أن تُعطيها…!’
“فكّرتُ بذلك، لكنّي رأيتُ أنّ هذا سيكون أكثر فائدةً لك.”
ثمّ رفع بصره نحو الأعلى.
“العالم ينهار.”
كان الضوء يتسرّب من خلال الشقوق. وعندما أغمضتُ عينيّ قليلًا، رأيتُ لمحةً من السّماء الزرقاء.
“ربّما لهذا وصلتْ قواي إلى الخارج.”
وجسدُ الشّيخ بدأ بالانهيار.
لا أقصد مجازًا. بل فعليًّا، بدأ يختفي من قدميه. وقد كنتُ أكثر من شعر بقوّته مباشرة، لذا علمتُ…
أنّه سيختفي تمامًا من هذا العالم.
“يا تلميذتي الأخيرة التي نالت قوّتي… أبارك طريقكِ بكلّ قلبي.”
ربّت على رأسي بلطفٍ وهو يبتسم ابتسامة الأب الحنون.
“فقط، لا تُكرّر خطئي.”
وكانت تلك آخر كلماته.
وحين فتحتُ جفنيّ مجددًا، لم يعد هناك من أثرٍ له.
ووجدتُ نفسي قد عدتُ إلى جسدي دون أن أدري.
“عُدتُ… إلى الحياة…”
لا ألم، ولا جروح.
ظننتُ دائمًا أنّ خلط طاقتيْن سحريّتيْن يؤدّي إلى نتائج سلبيّة، لكن يبدو أنّني بخير. ربّما لأنّ مصدرهما واحدٌ في الأصل.
فطاقتي أيضًا، إن عدتُ إلى جذورها، فإنّها منه.
‘شكرًا لك، يا مُعلّمي.’
لم يتمّ اختياري في بُرج السّحر من قِبل أحد، لكنّني الآن أُدعى تلميذةً. يا لها من مشاعرٍ غريبة.
بل ومعلّمي أقرب إلى حاكمٍ من أيّ شيءٍ آخر.
كلّما فكّرتُ في الأمر، بدا غريبًا أكثر. هل كنتُ في حلم؟ وبينما أنا أقرص خدّي…
“ريكس؟”
شعرتُ بحركةٍ خلفيّ.
“قبل قليل، ما حدث… أقصد…”
ظهرت بريدين من خلف الكهف، وأشارت إلى المكان الذي كنتُ مُلقاةً فيه.
“هل… عُدتِ للحياة؟”
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 53"