“أعلم أنَّ الأمر ليس سهلًا كما يبدو الكلام. لقد صُدمتُ حين استدعيت الزوبعة. لو كنتُ أعلم أنّها وحشٌ من هذا النوع، لَأحضرتُ مزيدًا من الأشخاص.”
“…….”
“ثمّ تَقول إنّها قادرةٌ على استدعاء خمسٍ أُخَر بعدها……. في الحقيقة، كنتُ أنوي إصدار أمر الهجوم مباشرةً بعد ذلك، لكنّهت قالت ذلك بوجهٍ بريءٍ جدًّا، فعرفتُ أنّ الأمر ليس تبجّحًا أبدًا.”
رغم أنّ المكان الذي كان يجلس فيه لا يبدو مريحًا، فإنّ وقفة وليّ العهد كانت منتصبةً بشدّة.
إنّه شخصٌ نشأ في مكانٍ مرموق، وتلقّى تعليمًا جيّدًا، وتربّى على الحبّ. كان كزهرةٍ ناعمةٍ في دفيئة، وقد رفع يده يتحسّس ذقنه وكأنّه يُفكّر بعمق.
“بحسب وصف بريدين سيفير، لم تكن ساحرةً عظيمة إلى هذا الحدّ…….”
“…….”
“حسنًا، الساحر العاديّ لا يمكنه أبدًا امتلاك مثل هذا الحظ. إنّها حقًّا حاملةٌ لـ ‘البركة’.”
حين وصلتُ إلى تلك الجملة، لم أعد قادرةً على إنكار الواقع.
‘وليّ العهد يعرف سرّي.’
والشخص الذي أخبره بذلك هو…….
“لقد عانيتَ أنتَ أيضًا. لم يكن من السهل التقرّب من امرأةٍ تراها لأوّل مرّة، أليس كذلك؟ بل واستخدمتَ الزهور أيضًا.”
“……بالمقارنة مع ما بذله سموّك من جهد، فإنَّ ما فعلتُه لا يُذكر.”
“أنا؟ لم يُكن الأمر صعبًا عليّ أبدًا. هل رأيتِني يومًا أعجز عن التصرّف مع النساء؟”
هزّ وليّ العهد كتفيه وهو يبتسم، ثمّ سأله إيان:
“هل تعرف إيريون ريفيل بذلك أيضًا؟”
“لا تعلم شيئًا. إيريون لَن يشارك في خطّةٍ كهذه على الإطلاق. تعرف كم هي صارمة.”
“ألن تكون قد شَكّت بالأمر؟”
“إنّها تعتقد أنّني أتيتُ إلى هنا لقضاء إجازة. حسنًا، قلتُ لها إنّ الهدف الرسميّ هو التحقيق في الوحوش، لكنّني أخبرتها أيضًا أنّني أردتُ البقاء لفترةٍ في مكانٍ لا يعرفني فيه أحد، بعيدًا عن العاصمة.”
قال وليّ العهد متمتمًا: لقد كنتُ مشغولًا طَوال هذا العام، أليس كذلك؟
“إنّها شخصٌ ساذج.”
“ولهذا لا تزال تُصدّق ببراءة أُستاذتها. ألم تقل إنّها تشاجرت كثيرًا مع سي. برج السحر قبل خروجها؟”
في تلك اللحظة، بدا أنّ فيليون الجالس بجانبي قد اهتزّ قليلًا. لكن لم يقُال أيّ كلماتٍ إضافيّة.
مرّر وليّ العهد يده بين خصلات شعره ونهض من مكانه.
“سأدخل الآن. سأنطلق بهدوءٍ عند الفجر، فلا داعي لأن يخرجا لتوديعي. فسّر لهما الأمر بنفسك.”
اتّجه بخطاه إلى الاتجاه المعاكس تمامًا لمكان وجودنا.
وقبل أن يخطو خطوةً حقيقيّة، نطق إيان مجدّدًا:
“هناك أمرٌ آخر، أودّ سؤاله.”
وحين استدار وليّ العهد، سأله:
“ماذا لو… لم تُظهر أيّ علامات ضعف حتى بعد فتح الباب الحجريّ وإزالة الحاجز؟”
“حينها، يجب أن نستخدم السُّمّ الذي أعطيتُكَ إيّاه. أليست هذه هي خطّتنا؟ لقد خفّفنا من حذرها على مدى أيّامٍ لأجل هذه اللحظة.”
“……لكن إن قامت ‘البركة’ بتنقية السُّمّ، فلن يجدي نفعًا.”
“لهذا يجب استخدام سُمٍّ خفيف لا يُفَعّل البركة. بما أنّها لا تستطيع استخدام سحر الشفاء، فلن تتمكّن من إزالة السُّمّ بنفسها.”
“وماذا عن ابن عمّها؟”
“بالطبع، سنعطيها سُمًّا قاتلًا. بينما يُصاب بالذعر من رؤية ابنة عمّه تضعف، سنقوده إلى الفخّ. هذه هي خطّتنا الثانية، أليس كذلك؟ ألم ننتهِ من هذا الحديث بالأمس؟ أم أنّك نسيتَ بالفعل؟”
لكنّ أسئلة إيان لم تتوقّف هناك.
“وماذا سنفعل بـ بريدين سيفير؟”
“هكذا يصبح الأمر أكثر من سؤالٍ واحد، يا إيان.”
تمتم وليّ العهد، لكن لم تظهر عليه علامات الانزعاج.
وبعد أن لمس ذقنه متفكّرًا قليلًا، ابتسم بلُطفٍ وقال:
“نُدمّرها. من الأفضل أن يقلّ عدد من يعرفون السرّ.”
***
حين غادر إيان، غرقت الغابة في صمتٍ تام.
لا أعلم إن كان قد رحل بالفعل. فمنذ أن اختفى وليّ العهد، كنتُ مشغولةً بتفكيك كلماته واحدةً تلو الأخرى.
―قيّد ريكس إيميل وأحضرها إلى العاصمة.
―إذًا، اكسر معصميها وكاحليه. قد تُلقي تعويذة، لذا أودّ أن أكمّم فمها أيضًا، هل هذا ممكن؟
―بحسب وصف بريدين سيفير، لم تكن ساحرةً عظيمة إلى هذا الحدّ…….
‘بريدين هي من أخبرتْه.’
―الساحر العاديّ لا يمكنه امتلاك حظٍ كهذا. حقًّا، إنّها حاملةٌ لـ ‘البركة’.
‘لا أحد يعلم بذلك غير بريدين.’
―أنا من رتّبتُ لكِ هذا المكان، غبيّة.
منذ البداية.
ظهورها المفاجئ أمامي يومًا ما، بعد أن قيل إنّها غادرت إلى القارّة الغربيّة.
وعدم تحدّثها عن نفسها، بل الاستماع لي فقط.
ثمّ تردّدها حين طرحت هذا الطلب عليّ.
كلّه كان جزءًا من خطّةٍ بينها وبين وليّ العهد.
لقد أرادوا جلبِي إلى القارّة الغربيّة بأيّ ثمن، واستخدامي كأداةٍ لإزالة لعنة الإمبراطور.
لأنّني أملك…….
“ريكس……!”
شعرتُ بقبضةٍ قويّة على كتفي، فأفقتُ من شرودي.
بردُ الليل بدا وكأنّه ينهال فجأة.ً صوت الحشرات الليليّة المنتظم، ورائحة الغابة، وخشونة الشجرة التي كنتُ أتشبّث بها… أعادت لي حواسّي تدريجيًّا.
“ريكس.”
كان فيليون أمامي.
يبدو أنّه ناداني مرارًا، لكنّني لم أجب، فاحتضن كتفي بلُطف.
“لا تقلقي. لقد غادروا جميعًا.”
عندها فقط أدركتُ أنَّ جسدي كان يرتجف كأوراق الشجر.
حتى بعدما استوعبتُ ذلك، لم تتوقّف الرعشة. الآن.
‘ماذا عليّ أن أفعل الآن؟’
أعرف أنّني يجب أن أهرب. لكن… كيف؟
الخصم هو وليّ العهد، بل الإمبراطوريّة بأكملها. من المحتمل أن تُنشر منشورات مطلوبةٍ بصورتي في أرجاء الإمبراطوريّة غدًا!
‘لكن يجب أن أهرب.’
أجل، أفهم أنَّ وليّ العهد في حالةٍ يائسة.
وأُدرك أيضًا، بعقلي، أنّ الإمبراطور أهمّ، وأنَّ نجاته أفضل لمواطني الإمبراطوريّة من حياة شخصٍ مثلي.
لكن هذا لا يعني أنّني أريد التضحية بحياتي بسهولة.
لقد عشتُ حياتي حتى الآن بجهدٍ كبير!
‘قال إنّه سيغادر عند الفجر.’
بمعنى آخر، لن يهاجموا الليلة.
كرّرتُ هذه الحقيقة في ذهني مرارًا، ثمّ سحبتُ يدي من على فيليون، واتكأتُ على الشجرة بجانبي، ونهضتُ ببطء.
“لنعد.”
لم أبدُ قويّةً جدًا. فقد خرج صوتي مبحوحًا ومكسورًا.
طوال الطريق، ظلّت أطراف أصابعي ترتجف، وكدتُ أتعثر مرارًا، لولا أنّ فيليون أسندني. ومع أنّ دفئه خفّف من رعشتي قليلًا، إلّا أنّ الصدمة لم تزل بسهولة.
بل، كان شعورًا بالخيانة.
‘لقد خانتني بريدين.’
عضضتُ شفتَي السفلى وكتمتُ دموعي. لم أُرِد أن أبدو بائسةً أكثر من هذا.
‘لا عجب أنّها أعطتني قائمة المشاركين في المهمّة بسهولة.’
كانت لطيفةً جدًّا في رسالتها. شرحتْ كلّ شيء قبل رحيلي، ثمّ أعادت شرحَه وأصرّت على أنّني ضروريّة لهذه المهمّة.
بل، قد تكون عمليّة القضاء على الوحش التي قادتني للقاء فيليون مجرّد وسيلةٍ لإرهاقي قبل المغادرة.
‘وإيان… وافق على الخطّة، ولهذا تبعني إلى هذا المكان البعيد.’
ضحكتُ ساخرةً من شدّة الغيظ، ووصلتُ إلى الخيمة.
جلستُ على السرير المؤقّت، ومسحتُ وجهي بكفّي.
أكثر شخصَين وثقتُ بهما، كلاهما كان ينوي تسليمي لوليّ العهد.
كنتُ أظنّ أنّني عشتُ حياةً جيدة في حياتي السابقة، فما هذا الوضع المزري… لحظة.
‘إيان… كان يعلم أنّني أتبعه.’
نظرتُ في عينيه ولوّحت له بيدي.
‘هل يُعقل أنّه عَلِم أنّني أُصغي إليهم؟’
وفجأة، تحدّث فيليون:
“لا أفهم.”
كان يستند إلى أحد أعمدة الخيمة، ثمّ التفتَ إليّ.
“من مجرى الحديث، يبدو أنّهم سيستخدمون ريكس لعلاج لعنة الإمبراطور. لكنّ هذا غير مُمكن.”
“……قد يكون مُمكنًا.”
تنهدتُ بعمق وأجبتُه:
“سحرة فولكس أجروا تجارب سريّة على البشر لفترةٍ طويلة.”
اتّسعت عينا فيليون قليلًا. يبدو أنّه يسمع هذا لأوّل مرّة.
وهذه ليست معلومةً تعرفها رايلي فولكس فقط. فالملفّ الذي سلّمتُه لإيريون يحتوي على تفاصيل تجاربه المحظورة. ربّما تمّ كشفها حين قُبض عليه.
قد لا يعرفها مرتزقة الكلب الأسود، لكنّ سحرة برج السحر بالتأكيد يعرفون.
“بعد كلّ تلك التجارب، قد يكونون توصّلوا لطريقةٍ ثوريّة لعلاج اللعنة. وحتى لو لم ينجحوا، فلا شكّ أنّهم أوهموا وليّ العهد بإمكانيّة ذلك.”
ربّما كان دعمه لإيان سابقًا مجرّد وسيلةٍ للوصول إلى سحرة فولكس.
“وفوق هذا، أنا…….”
عضضتُ شفتَي مرّةً أخرى. هل يُمكنني قول هذا له؟
الشخص الوحيد الذي كان يعرف… خانني.
“البركة، أليس كذلك؟”
ثمّ سُمعت خطواتٌ تقترب.
رفعتُ رأسي لأجده واقفًا أمامي.
انخفض على ركبته، ومدّ يده ليُغطّي كفّي بكفّه الدافئة.
وبعد صمتٍ قصير، سألني بنبرةٍ حذرة:
“هل يمكنكِ أن تخبريني ما هي؟”
تردّدتُ قليلًا، ثمّ فتحتُ فمي لأجيب.
عمل المرتزقة في القارّة الشرقيّة لا يختلف كثيرًا عن الغربيّة.
عندما سجّلتُ في النقابة، كنتُ مبتدئة، تُوكَل إليّ مهمّات تطهير المخلوقات البسيطة. ومع الخبرة، بدأوا يعرّفونني على التّجّار لأتولّى مهمّات الحراسة.
وهكذا قابلتُ صاحب هذا الطّلب.
كان في نفس عمري تقريبًا، وقال إنّه نشأ منذ الصغر وهو يُدير شركة العائلة.
لكنّه لم ينجح نجاحًا كبيرًا قطّ، بل بالكاد كان يُدير الأمور.
***
“كلّما توقّعتُ الخير، حلّت بي المصائب. كأنّني مكروهٌ من الحاكم.”
وما أنقذه من الانهيار التامّ هو أنّه ينتمي إلى عائلةٍ نبيلةٍ ذات تاريخٍ عريق.
لكن حتى إرث تلك العائلة بدأ ينفد، فازداد قلقه. وكان يبحث كلّ ليلةٍ عن مخرج، إلى أن……
عثر على خريطةٍ قديمة.
“لا بدّ أنّها خريطة كنز. وإلّا، ما كانوا ليُغلّفوها بهذه العناية!”
بصراحة، لم أكن مرتاحةً لذلك. فلو كانت فعلًا خريطة كنز، لاحتُفظ بها في مكانٍ أهمّ، لا في مستودعٍ قديم.
وكانت المخلوقات في ذلك المكان كثيرةً.
لكنّه قال:
“إن عثرنا على الكنز، سأمنحكِ 2% من الأرباح.”
“فلنجرب إذًا.”
وهكذا، توجّهنا إلى المكان المرسوم على الخريطة.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 52"