قالوا إنّه ذهب للبحث عنّي، لكن لا بدّ أنّه لم يستطع العثور عليّ، لذا ربّما عاد إلى العاصمة الآن.
كلّما فكّرتُ في الأمر، لم أجد سببًا لبقائي هنا. مشكلة المال لدى ريكس، وحلّ التّحجير الذي أصاب بريدين، كلّ ذلك يمكن حلّه بالعودة إلى العاصمة.
لم أكن أرغب في العثور على الكتاب المحرّم وتسليمه إلى وليّ العهد. إن كان نفسي في الماضي قد أخفاه، فلا بدّ أنّ لديه سببًا لذلك. فيليون كان يثق في حكمه السّابق.
“ألا يوجد وسيلةٌ لنا فقط للخروج من هنا؟” وبينما كنت أفكّر بذلك…
“فيليون.”
فجأة، وقفت ريكس وتقدّمت نحوه.
جلست على طرف السّرير المؤقّت الذي كان فيليون مستلقيًا عليه، وأمسكت بكتفه قائلةً:
“دعنا نجرب مرّةً واحدة فقط.”
فيليون تلعثم لا إراديًّا.
“مـ… ماذا؟”
“أتحدّث عن المانا. لم نفحص طاقتكَ السّحريّة أمس ولا اليوم.”
آه، هذا.
“بما أنّك دخلت الحاجز، فقد تكون اللّعنة قد تأثّرت. كان يجب أن أفحص ذلك من قبل، لكنّي تذكّرتُ الأمر متأخّرةً.”
ثمّ أشارت بذقنها وكأنّها تقول له أن يخلع ملابسه بسرعة، ونظرتها كانت شديدة البرودة.
فيليون تأكّد. هي لا تعرف شيئًا. ولم يخطر في بالها شيء إطلاقًا.
ربّما هذا أفضل من انعدام الاحتمال تمامًا، لكنّه في حدّ ذاته كان أمرًا مُحبطًا. ازدادت مشاعره اضطرابًا، خاصّةً وأنّ شخصيّةً عمرها 17 عامًا، متكبّرة ومُعتدّة بنفسها، كانت لا تزال جزءًا منه.
لكن تردّده في خلع ملابسه لم يكن بسبب ذلك.
عندما توقّفت يده أثناء فكّ الأزرار، أمالت ريكس رأسها بتساؤل.
بعد قليلٍ من التّفكير، قال فيليون:
“الآن وقد فكّرتُ في الأمر… هناك شيءٌ لم أخبركِ به.”
“ما هو؟”
“أُجيد استخدام السّحر.”
“ماذا؟!”
رفع يده، فظهر لهبٌ صغير في راحة كفّه.
“إلى هذا الحدّ فقط حاليًّا.”
“ماذااا؟!”
كان أصغر من قبضة اليد، وحرارته ضعيفة. سحرٌ بسيط يمكن لمبتدئ أن يُجيده. لكنّ وجه ريكس امتلأ بالدهشة الشّديدة.
“لِمَ لم تخبرني بشيءٍ مهمٍّ كهذا؟!”
لأنّه أراد أن يُريها شيئًا أكثر روعة.
بات من المؤكّد أنّ قدرته السّحريّة قد زادت. ومهما كان ما حفّزه، فإنّ سرعة استعادته للمانا أصبحت أفضل. لكنّ مستواه ما زال ضعيفًا وفقًا لمعاييرها.
لم يكن ذلك بدافع التّنافس معها.
لكن طالما أنّه سيستخدم السّحر لأوّل مرّة منذ فترة، أراد أن يُبلي بلاءً حسنًا. كأن يُنقذ ريكس عندما تكون في مأزق.
عند التّفكير بالأمر، لم يحدث أن تألّق أمامها من قبل.
والقوّة القتاليّة كانت أكثر ما يثق به، ومع ذلك لم يُظهر لها ذلك مرّةً واحدة. أراد أن يُثبت لها أنّه قادر على الفوز بأيّ أحد، حتّى من دون سحر.
…لكن، إن فكّرنا في الأمر من جهة أخرى، فهذا يعني أنّه لم يُظهر أقوى ما لديه بعد، ومع ذلك هي تُكنّ له مَودّة إنسانيّة، أليس كذلك؟
فهل هذا يعني أنّ هناك أملًا أكبر ممّا كان يظنّ؟ فجأة، تسارع خفقان قلبه بحماس.
“هل طاقتكَ بخير؟ أأفحصها لك؟”
رفض عرضها، لذلك السّبب تحديدًا.
من وجهة نظرها، هو مجرّد شخصٍ كان مستلقيًا على السّرير ثمّ نهض. ومع ذلك، قلبه ينبض بعنف، فلا بدّ أنَّ ذلك سيبدو غريبًا لها.
ولأنّ اللّعنة لم تكن تنشط، دفع يدها بلُطف بدافع الإحراج فقط.
ثمّ فكّر، هل ستشعر بالاستياء؟ خاصّةً أنّها كانت تُحدّق بيدها المُبتعدة عن فيليون.
لكن ذلك لم يدم سوى لحظة.
ثمّ ابتسمت ريكس ابتسامةً مشرقة وقالت:
“مُبارك، فيليون!”
“……مُبـ… مُبارك؟”
“أخيرًا أصبحت قادرًا على استخدام السّحر! هذا شيء يستحقّ التّهنئة! لا بدّ أنّك عانيت كثيرًا. لو كنتُ مكانك، لما تحمّلتُ ذلك.”
في الحقيقة، لم يكن الأمر بهذا السّوء. لأنّه لم يتذكّر استخدامه للسّحر سابقًا، فلم يكن لديه ما يفتقده. حتّى بعد أن استعاد ذاكرته، لم يشعر بشيءٍ خاص.
لكن عند رؤيته لابتسامتها، ابتسم دون أن يشعر. وعندما لاحظ أنّ شفتيه ارتفعتا، أدرك فيليون.
لقد وقعتُ تمامًا.
أشعر أنّي لن أتمكّن من الابتعاد عنها مجدّدًا.
“هل تذكّرتَ طريقة تدوير المانا أيضًا؟”
هزّ رأسه ببطء، فابتسمت ريكس بشكلٍ أكثر إشراقًا.
مع أنّه كان يعلم أنّ فرحتها نابعةٌ من حبّها للسّحر، إلّا أنَّ رؤيتها كانت جميلة للغاية.
تألّقت عيناها الخضراوان تحت ضوء المصباح. وخدّاها المتوردّان كانا محبوبَين للغاية.
وحين مدّ فيليون يده لا إراديًّا نحوها…
ابتسمت ريكس فجأةً ونهضت.
“جيّد. استمرّ في صقل المانا خاصتك. سأذهب لأبحث عن إيان قليلًا.”
فسارع فيليون إلى اللحاق بها.
***
رغم أنّني قلتُ إنّني بخير، لم يرضَ فيليون.
“قلتُ لك، لا داعي لأن تأتي. ارتَح فقط.”
“سأوصلكِ إلى هناك فقط.”
كان ذلك تصرّفًا مزعجًا جدًّا بالنسبة لي.
ماذا لو سمع فيليون إيان يناديني بـ رايلي؟
لكنّ كلماته كانت منطقيّةً جدًّا لدرجةٍ يصعب رفضها.
الآن ليلٌ، ونحن وحدنا في موقع التخييم. بل إنّني أشعر بنفورٍ غريب من بقيّة الرّفاق.
“إلى متى سترافقني؟”
“فقط إلى هناك.”
سرنا سويًّا في دربٍ ليليّ.
مررنا بخيمةٍ كبيرة كانت هادئةٍ على غير المتوقّع، ثمّ تجاوزنا الخيمة التي نُصِبت حديثًا من أجل إيريون، وبعدها تجاوزنا مكان إقامة وليّ العهد، وعندها فقط…
“فيليون، الآن يمكنك…”
“أين ذهب صاحب السموّ؟”
وأخيرًا ظهر شعر إيان الأحمر.
أشار الحارس الذي كان يحرُس خيمة وليّ العهد نحو الغابة، فتوجّه إيان إلى ذلك الاتجاه.
كان الأمر غريبًا. لقد تأخّر عن موعد لقائنا، ومع ذلك ذهب للبحث عن وليّ العهد بدلًا من المجيء إليّ؟
“هل نسي الموعد؟”
تبعتُه بحذر. وعندما تجاوزنا الأشجار ولم تعد الخيم مرئيّة، التفت إليّ إيان، فلوّحت له مبتسمة.
لكنّه لم يُبدِ أيّ ردّة فعل، فقط أدار وجهه مجدّدًا.
قلتُ بذهول:
“هل تجاهلني للتّو؟”
“قلتُ لكِ من قبل، إنّه نذل.”
لم أقل ذلك بهذه الحِدّة من قبل…
“ربّما لم يرني. المكان مُظلم.”
وكانت هناك شُجيراتٌ بيننا أيضًا.
رغم أنّ تلك الشجيرات لم تصل إلّا إلى خصري، ووجهي ويدي كانا ظاهرَين تمامًا. كما أنّ من المستحيل ألّا يرى فيليون صاحب الجسد الضّخم مثل الباب.
على أيّ حال، آثرتُ الظنّ بذلك. وإلّا، فلا يوجد سببٌ لتجاهل إيان لي.
“دعينا نتابع التّقدّم.”
فكّرتُ: أأنت أيضًا ستأتي؟
ورغم ذلك، سرنا سويًّا، منحنين، حتّى توقّف إيان، فتوقّفنا معه واختبأنا بين الأشجار.
ظننتُ أنَّ مكاني مناسب، لكن فيليون جذبني إلى جانبه، فاضطررت للانتقال معه.
بعد قليل، ظهر وليّ العهد.
وحين سلّط المصباح إلى الجهة التي كنتُ فيها، شهقتُ وغطّيت فمي.
“ماذا هناك؟”
“أوه… ربّما أخطأتُ النّظر…”
كان مكاني ظاهرًا من وجهة نظره.
لو لم يسحبني فيليون، لكنتُ في ورطة.
“كنتُ أظنّكَ ستأتي مع ملكة المرتزقة.”
“آه، قالت إنّها ركبت طَوال اليوم، لذا أمرتها بالرّاحة. سنضطرّ للرّكوب مجدّدًا غدًا، وهذه فرصتها الوحيدة لتَرتاح.”
“إذًا سترحل غدًا، كما توقّعت.”
“نعم.”
قال وليّ العهد وهو يضع المصباح فوق جذع شجرةٍ مائل:
“لقد ساءت حالة اللّعنة الّتي أصيب بها جلالة الإمبراطور.”
فصُدمتُ للمرّة الثّانية.
كنتُ أعلم أنّ صحّة الإمبراطور متدهورة، لكن بسبب لَعنة؟!
‘أيمكن أن يكون البحث عن الكتاب المحرّم لأجل علاج تلك اللّعنة؟’
تنفّس وليّ العهد تنهيدةً طويلة، وجلس على جذع الشّجرة، بينما تصلّب وجه إيان.
“ما الوضع؟”
“قضى أسبوعًا فاقدًا للوعي. رجال الدين والسّحَرة يبذلون أقصى جهدهم، لكن اللّعنة ابتلعت نصف جسده. الأمر الآن رهن بإرادة جلالته.”
منذ وصول إيريون، لم يظهر وليّ العهد كثيرًا، ويبدو أنَّ هذا هو السّبب.
“سأعود إلى جلالته أوّلًا. قد يحدث مكروهٌ في أيِّ لحظة.”
المقصود بالمكروه هو، على الأرجح، أنّ الإمبراطور قد لا يصمد طويلًا كما ظنّ وليّ العهد.
فحينها، عليه أن يتسلّم العرش، ويجب أن يكون بجانبه.
“أُوكلك بكلّ شيء هنا، إيان.”
مرّر يده على وجهه، ثمّ التفت إليه.
“أجبر ريكس إيميل على فتح البوّابة الحجريّة، ولو عنوة.”
“…..”
“وإن بقي لديها طاقة، فادفعها لفكّ الحاجز. واطلب منها أيضًا إيجاد الكتاب المحرّم.”
في تلك اللّحظة، شعرتُ بنفورٍ غريب.
“الكتاب المحرّم أيضًا”؟ أليس هو السّبب الأساسي لقدومهم إلى هنا؟
لِمَ بدا وكأنّه هدفٌ ثانويّ؟
“وحين تُنهي استغلالها بالكامل…”
وبعد صمتٍ قصير، تابع:
“قَيِّد ريكس إيميل، وجرّها إلى العاصمة.”
لم أصدّق ما سمعت. يريد تقَيدي؟ لماذا؟!
“افعل ما تشاء. ستُحاول الهرب، لذا اكسر ساقها… آه، ألم يقولوا إنّه من الأفضل أن تبقى سليمةً جسديًّا؟”
“….”
“كان هذا رأي سَحَرة فولكس، أليس كذلك، إيان؟”
“… نعم.”
“همم، إذًا أكسر كاحلها فقط؟ كيف يبدو ذلك؟”
أومأ إيان ببطءٍ شديد، وعلى وجهه علامات التّردّد، لكن وليّ العهد لم يُعره أيَّ اهتمام، وأكمل كلامه:
“حسنًا، اكسر كاحليها ومعصميها. قد تُلقي تعاويذ، لذا فكّرتُ أيضًا في فمها، أهذا مقبول؟”
“قيل إنَّ قطع لسانها لا بأس به.”
“رائع، هذا يُسهّل الأمور. نفّذ ذلك.”
كان صوته هادئًا إلى درجةٍ مُخيفة، كما لو أنّه يُقرّر مصير غرضٍ لا إنسان.
ثمّ ابتسم وليّ العهد بهدوء.
“لا تقتلها. تذكّر.”
تلك الابتسامة كانت نفسها التي كان يُقابلني بها دائمًا.
“لأنَّ حياتها يجب أن تُستخدم من أجل جلالته.”
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات