الأنظارُ التي تجمّعت في مكانٍ واحد كانت تتّجه ناحيتي دون سواي.
لماذا تنظرون إليّ؟ وهل أبدو كشخصٍ يعرف الجواب أصلًا؟
“ألا توجد طريقةٌ أُخرى؟”
لم يُجب الصّوتُ على سؤال وليّ العهد، فوضعتُ يدي بحذرٍ على الجدار الحجريّ مرّةً أخرى. هممم… حسب إحساسي…
“الحاجز موجودٌ خلف هذا الجدار.”
“وماذا عن هذا؟”
“مجرّد حجر. لكن بما أنَّ فيه شقًّا رفيعًا، فربّما كان يلعب دور الباب. يبدو أنّه يُفتح تلقائيًّا عند إلغاء الحاجز.”
“هل يمكننا فتحه بالقوّة؟”
“صعبٌ جدًّا.”
عندها تدخّل داميـان.
“صعب؟ لقد استدعيتِ الزّوبعةَ بسهولة قبل قليل!”
“…هذا شيءٌ مختلفٌ تمامًا. لا يمكن العبث بهذا المكان بتهوّر. نحن لا نعرف كيف يرتبط الحاجز الداخلي بالجدار الحجريّ.”
طرقتُ الجدار بطرف يدي عدّة مرّات، ثمّ تابعتُ:
“الزّوبعة؟ أستطيع استدعاءها طبعًا. لكن لو فعلتُ، سينهار هذا الكهف بأكمله. وسيُدفَن الكتاب المحرّم تحته إلى الأبد.”
“ألا يمكن فتح الباب الحجري بالقوّة؟”
“كما قلت، لا نعرف تركيبة الحاجز مع هذا الحجر، وقد يكون مُصمَّمًا بحيث ينهار السّقف فور تحطيم الجدار.”
“آه، صحيح.”
“فكّرتُ أيضًا في حفر نفقٍ من تحت الأرض والدّخول منه… لكن ذلك أيضًا صعبٌ جدًّا. من المستحيل أن يكون ذلك الإنسان الدّقيق قد ترك أسفل الكهف دون حاجز.”
ربّما كانت جملتي الأخيرة تحمل بعض مشاعري الشّخصيّة، لكن لم يُبدِ أحدٌ استغرابًا.
فالجميع رأى بأُمّ عينيه كيف كسرتُ عدّة طبقاتٍ من الحواجز. ومن غير المستبعد وجودُ وسائل أُخرى هنا. بل إنَّ عدم وجودها سيكون الأغرب.
“يبدو أنّه لا خيار سوى فكّ الشّفرة.”
عندما قال أحدهم هذه الجملة فجأة، توجّهتْ كلّ الأنظار إلى الباب الحجريّ.
“إنّه أمرٌ محبط جدًّا. ألم يُترك لنا أيَّ تلميح؟”
حينها، سُمع الصّوت من جديد.
[هل تحتاجون إلى تلميح؟]
ظهر السّؤال كما لو أنّه كان ينتظر لحظة خمولنا، فظهر الارتباكُ على وجوه المجموعة.
وبدت بعض النّظرات المشكّكة.
هل سيُعطي تلميحًا فعلًا لمن فكّروا في فتح الباب بالقوّة؟ أليس هذا فخًّا؟
“نعم! نحتاج إليه!”
لكن دامـيان بدا وكأنّه لا يفكّر كثيرًا. صاح بمرحٍ، فجاء الرّدّ من الصّوت دون تردّد.
[هذا تلميحٌ حول كلمة المرور التي تُزيل الحاجز.]
[ما هو أكثر شيءٍ أُقدّره؟]
جملةٌ بتلك الرّتابة، بصوتٍ يشبه صوت المُذيعين، لا يُمكن أن تكون مريحة. بدا وكأنَّ الأمر مجرّد سُخرية.
“يبدو أنّه واثقٌ تمامًا بأنّنا لن نُصيب الجواب.”
لكن أفراد المجموعة لم يبدُ عليهم الضّيق، بل بدَوا وكأنّهم فكّروا فورًا في “شخصٍ ما” بوضوحٍ تام.
كنتُ أودّ أن ألوّح بيدي بقوّة.
لا، هذا مستحيل. هذا الشّخص لا يترك الأمور بهذه البساطة! كلّ العالم يعرف لماذا أصبح مطلوبًا، فلا يُعقل أن يجعل الأمر بهذه السّهولة…
“أظنّ أنّه يقصد نفسه.”
هزَزتُ رأسي بقوّة موافقةً على كلام وليّ العهد.
“أعتقد أنّه من الأفضل البدء بذلك فعلًا.”
فـيليـون إليفرت الذي أعرفه كان يعيش لذاته. وإن كان هناك شيءٌ يقدّره أكثر من أيّ شيء، فلا شكّ أنّه… نفسه.
[من فضلكم، أدخلوا كلمة المرور لإلغاء الحاجز.]
“فـيليـون إليفرت.”
[كلمةُ المرور غير صحيحة.]
…حسنًا، لم يكن كذلك.
“لو كان ثمّة ما يقدّره فـيليـون، فلابدّ أنّها تلكَ الفتاة.”
قالها هاربر بنظرةٍ عميقة، وهزّ الجميع رؤوسهم موافقين.
أنا وفـيليـون فقط كنّا المختلفَين. وأشار وليّ العهد بعينيه نحوي وكأنّه يقول: “جرّبي أنتِ”.
لماذا أصبحتُ الممثّلة عنكم؟ هل حقًّا يجب أن أنطق بذلك بصوتي؟
“هيّا، قوليها.”
كان واضحًا أنّهم ينتظرونني.
نظرتُ نحو داميـان بنظرةِ لومٍ عابرة، ثمّ عدتُ إلى الجدار الحجريّ وأطلقتُ تنهيدةً طويلة.
“را، رايـلي فـولكس…؟”
[كلمةُ المرور غير صحيحة.]
حقًّا، لم أستطع إلّا أن أمرّر يدي على وجهي بإحباط.
أن أنطق باسمي وأقول إنّه أغلى ما لدى فـيليـون إليفرت… بينما هو نفسه ينظر إليّ من هناك!
لحُسن الحظ، لا أحد هنا يعرف هويّتي الحقيقيّة… لا، مهلاً، إيان موجود!
آه، وجهي يحترق من الخجل.
“هل الصّوت لم يسمعكِ جيّدًا لأنّ صوتكِ ارتجف؟”
“ما رأيكِ أن تقوليها مِن جديد، بوضوح أكثر؟”
لكنهم استمرّوا في إلقاء هذه التّعليقات خلفي…
“ليس شيئًا ثمينًا فحسب، بل أغلى ما لديه! الأغلى! إذن لا أحد غير رايلي فـولكس!”
“بالطّبع! لقد تحدّى العالم كلّه من أجل إنقاذها! من المستحيل أن يكون هناك غيرها! لو وُجدت، سأُصاب بخيبة أمل كبيرة!”
“ربّما لا تكون شخصًا، بل شيئًا ما…”
“يجب أن نُجرّب مرّةً أُخرى على أيِّ حال!”
وكان وليّ العهد يؤيّدهم على ما يبدو، فأشار إليّ بعينيه مرّةً أُخرى.
كادت جملة “إذًا تعال أنت وقلها” أن تخرج من فمي، لكنّي اكتفيتُ بقبض يدي.
في النّهاية، هو من يدفع الأجر.
هل كان صوتي يرتجف فعلًا؟ لم يخطر ببالي أيُّ جوابٍ منطقيّ غير هذا الاسم.
“حاولي أن تقوليها بثقةٍ أكثر!”
نظرتُ مجدّدًا إلى الجدار الحجريّ.
يدي تتعرّقان، وقلبي غير مستقرّ.
ماذا لو… كانت كلمة المرور فعلاً هي اسمي؟
[من فضلكم، أدخلوا كلمة المرور لإلغاء الحاجز.]
“رايلي فـولكس!”
فَساد صمتٌ ثقيل.
لم ينطق أحدٌ بكلمة. لا صوتٌ ولا حركة من خلف الجدار.
الأمر مختلف تمامًا عن الإجابات السّريعة السّابقة.
بدأ الأمل يظهر على وجوههم. حتى فـيليـون، صانع الحاجز، بدا وكأنّه تفاجأ قليلًا، ورفرفَت عيناه.
هل… نجح الأمر؟ همستُ بذلك في داخلي، لكن سرعان ما جاء الرّد:
[كلمةُ المرور غير صحيحة.]
[تمّ تجاوز عدد المحاولات المسموح به. يُرجى المحاولة مجدّدًا بعد ستّ ساعات.]
صرختُ دون أن أتمالك نفسي.
“أيُّها المجنون اللّعين!!”
***
وطبعًا، كنتُ أقصد فـيليـون بكلامي ذاك.
لا أعرف بالضّبط من يكون الصّوت الذي يُجيب من داخل الحاجز، لكن بما أنّه من صنع فـيليـون، فالتّلميح الغريب، وتأخير الرّد بعد كلمة “رايلي فـولكس”، وتحديد عدد المحاولات بثلاث مرّات، كلّها من تدبيره.
“هل من الممكن أن يكون قد توقّع وصولي إلى هنا وأراد أن يُغيظني عمدًا؟”
فكّرتُ في ذلك، ثمّ استبعدتُه، لكنّ الغيظ لم يغادرني.
“علينا التفكير في كلمات مرورٍ أُخرى.”
لكنّي لم أستطع أن أتوصّل إلى أيّ شيءٍ محتمل.
بينما اجتمع وليّ العهد وإيان وهاربر للتفكير، خرجتُ من الكهف وساعدتُ في نصب الخيام.
ما الذي يمكن أن يكون فـيليـون قد اختاره كـ كلمةَ مرور؟
من المستحيل أن يجعله أمرًا سهلًا. فالشّيفرات يجب أن تكون معقّدةً بطبيعتها.
ثمّة حارسٌ عند الباب، ما يعني أنّه توقّع احتماليّة أن يأتي شخصٌ غيره إلى هنا.
لابدّ أنّه اختار شيئًا لا يُمكن لأحدٍ تخمينه.
“إذن، إن أردتُ أن أفوز حقًّا، ماذا عليّ أن أفعل؟ أن اجد كلمة المرور؟ أم أن أقتحم المكان بالقوّة؟”
شعرتُ وكأنّي عدتُ إلى أيّام التّنافس في برج السّحَرة.
بل، كان ذلك الشّخص بجانبي الآن أيضًا.
“هل تذكرتَ شيئًا؟”
بعد أن أنهينا نصب الخيام، سألتُ فـيليـون، فأومأ نافيًا.
“وريكس؟”
“الأمرُ نفسه.”
قلتُ ذلك، وجلستُ بجانبه. كنتُ أُفكّر منذ خرجنا من الكهف، لكن دون نتيجة.
لكن…
“سأحلّها. بطريقةٍ ما، سأفكّها.”
كان أمامي خياران: إمّا حلّ الشّيفرة، أو اقتحام الجدار بالقوّة.
وقد اخترتُ الأوّل.
لأنّه لو كانت الشّيفرة قد اختيرت ظنًّا أنَّ لا أحد سيتمكّن من حلّها، فإصابة الهدف تعني الانتصار الحقيقي.
“أعتقد أنَّ الشّيفرة لا علاقة لها بالتّلميح.”
“تقصد أنّه تعمّد إعطاء تلميحٍ خاطئ؟ لماذا؟”
“لإغاظتنا ونحن نُحاول.”
ولهذا، من المحتمل جدًّا أنَّ التّلميح الذي قدّمه الحارس لا علاقة له بالشّيفرة أصلًا.
وللحظة، فكّرتُ في أنّ فـيليـون ربّما جعل كلمة المرور شيئًا يكرهه بشدّة… لكن لا، على الأرجح أنّها أمرٌ لا علاقة له بأيّ شيء.
“أهمّ من ذلك، الشّخص الذي أعرفه، لا يهتمّ بتصنيف الأشياء أو ترتيبها حسب الأهمّيّة.”
قطّب فـيليـون حاجبيه قليلًا.
“…هل هذه شتيمة؟”
“إنّها مديح. لامبالاتك نقطة قوّةٍ عظيمة.”
وفي النّهاية، أنا فشلتُ.
حتى آخر يومٍ لي في برج السّحَرة، لم أتمكّن من الذّهاب إلى المطعم كما يجب، بل بقيتُ محبوسةً في غرفتي.
كنتُ أعلم أنّ عائلتي ستكرهني إن خَسِرتُ المركز الأوّل لصالح فـيليـون.
لكنّي لم أستطع تحمّل انتقاداتهم.
كنتُ أتمنّى في قلبي، أنّهم إن رَأوني صدفةً، فسيذكرون أيّامهم الجيدة معي، وربّما يُبادرون إليّ… كنتُ غبيّة.
“ربّما لأنّك امتلكتَ كلّ شيء، كنتَ قادرًا على أن تكون كما أنت. على كلّ حال، كنتُ أغبطك.”
لو كان فـيليـون في موقفي، لكان واجههم بلا تردّد.
لا حنين، لا انتظار. بل ربّما كان سيُهاجمهم بسُخرية، ويمشي رافعًا رأسه، يغيظ عائلة فولكس حتى الغليان.
“لم أُرد أن أكون مثلك تمامًا، بل… فقط، لم أستطع أن أكون مثلك، ولهذا كنتَ مدهشًا في نظري.”
ولو كان يحمل حنينًا، لما أظهره أبدًا.
ولما ضُبط متلبّسًا بمراقبة الآخرين من بعيدٍ ثمّ سُخر منه.
“أنا… في النّهاية، لم أستطع تحقيق أيِّ شيء…”
ثمّ أدركتُ متأخّرةً أنّ كلامي لم يكن مترابطًا.
قلتُ إنّه كان مدهشًا، ثمّ قلتُ إنّني فشلت. الكلام خرج بشكلٍ فوضويّ.
“أوه، دائمًا ما يحدث هذا حين أتذكّر الماضي.”
لكنّ فـيليـون لم يُظهر انزعاجًا.
لم يسألني عن معنى كلامي، بل نظر إليّ بنظرةٍ غريبة فقط.
لم أستطع أن أعرف ما الذي كان يُفكّر فيه.
وحين فتحتُ فمي لأتأكّد…
“ها أنتما!”
كان وليّ العهد قد اقترب، فنهضنا فورًا.
“لقد بذلتما جهدًا اليوم. أأنتما بخير؟”
وكان إيان بجانبه.
بدا شاحبًا أكثر من الصّباح، ولم يرفع رأسه لينظر إليّ حتّى.
“هل أنتِ مريض؟”
إذًا، يجب أن أبدو بخير على الأقل. ابتسمتُ بأقصى ما أستطيع.
“لا، لا مشكلة لديّ أبدًا. أنا بخيرٌ لدرجة أنّني أستطيع قتال الوحوش الآن فورًا.”
لكن، يبدو أنَّ كلامي هذا أثار اهتمامه.
فقد ابتسم ابتسامةً خفيفة.
“…لو شبّهنا الأمر بزوبعة؟”
أجبته بصراحة:
“هممم، أعتقد أنّني أستطيع صنع أكثر من خمسٍ منها.”
وارتجفت كتفا إيان بقوّةٍ في تلك اللّحظة.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 42"