الفصل 41 :
“عادةً ما يُصنَّفُ السّحرُ على هذا النّحو:
العناصر، الدّعم، الشّفاء، التّحكّم، اللّعنات، والعقل.
أيُّ نوعٍ من السّحر يناسب المرء يتوقّف على طبيعة طاقته السّحريّة الفطريّة.
لا يناسبكَ أيٌّ من هذه؟ لا بأس طالما لديك وفرةٌ من الطّاقة السّحريّة. لا تيأسْ، وجرِّب ابتكار فرعٍ جديد من السّحر.
مرتبة السّحرة في برج السّحر تعتمد على هذا التّرتيب.
سحرة العناصر هم الأكثر عددًا، وسحرة العقل هم الأقل.
حتى السيّد سيريوس، الرئيس السّابق لبرج السّحر، كان من فئة العناصر.
“لذا، إن استخدم أحدهم سحرًا مثل محو الذّاكرة أو التّلاعُب بها، فلا بد أن تظهر بعض الآثار.
فآثار الطّاقة السّحريّة تبقى، مما يجعل من السّهل تعقّبها.”
“أوه، فهمتُ الآن.”
“لذلك، عادةً ما يُخفي سحرة العقل انتماءهم لهذا الفرع.
يُقلَّلون من قيمتهم في بعض الأحيان بسبب تظاهرهم بالانتماء لفرعٍ آخر.”
“هل توجد أنواعٌ أخرى غير التي ذكرتِها؟”
“نعم. ما ذكرته للتوّ هو تقسيمٌ بسيط لأجل السّهولة.
المتخصّصون في دراسة أنواع السّحر يُقسّمونه إلى اثني عشر فرعًا.”
“واو، اثنا عشر؟!”
والسبب في أنني أشرح فجأة شيئًا يُستخدم عادةً في دروس المتدرّبين في برج السّحر…
هو أن الرّفاق طلبوا ذلك. فقد اندهشوا كثيرًا من سحري، وراحوا يتوسّلون إليّ لشرحه.
“إذًا، هل يمكنكِ استخدام أنواعٍ أخرى من السّحر يا سيّدة ريكس؟”
“للأسف، طاقتي السّحريّة مُهيَّأة لسحر العناصر فقط.
أستطيع استخدام فنون الحواجز بالكاد، لكنّ البقيّة أُجيدها على مستوى أساسي فقط.”
“هذا مؤسف.”
“لا بأس. سحر العناصر ممتعٌ بما فيه الكفاية.”
“في الحقيقة، لو كنتُ أستطيع استخدام شيءٍ كهذا، لوجدتُ الأمر ممتعًا أنا أيضًا.”
في الوقت الحالي، بدا أن دميان، أصغرهم، هو الوحيد الّذي يُظهر التّفاعل.
لكنّ رؤية هاربر، وبريستون، وحتى وليّ العهد الّذي يسير في المقدّمة، وهم يلتفتون إليّ بين حينٍ وآخر، تُثبت أنَّ الجميع كانوا في الواقع مندهشين.
همممم، ربّما كان عليّ المطالبة بمقابلٍ مضاعف ١٢ مرة بدلًا من ١٠.
‘لا، لا يجب أن أطمع كثيرًا.’
العشرة أضعاف التي ضمنها لي وليّ العهد كافية… بل وتزيد قليلًا.
يبدو أنَّ هذا هو سبب ثرثرتي المفرطة اليوم. لا يمكنني كبح فرحتي!
فأنا أخيرًا سأتخلّص من كوني مديونة!
‘أعتقد أنّه لن يتراجع لاحقًا… وإن فعل، فسأستطيع تحصيله عبر إيان، أليس كذلك؟’
بفضل سحري، تخلّصنا من الوحوش بسهولة، وحتى ونحن نقطع الغابة الآن، كلّ شيءٍ يسير بسَلام.
إيان ووليّ العهد لا يقولان لي سوى كلمات الإطراء.
‘فلماذا تبدو ملامحه قاتمةً مجدّدًا؟’
فيما كان دميان منشغلًا بالضّجة مع بقيّة المجموعة، وخزتُ فيليون في جانبه.
“ما بك؟ هل هناك مشكلة؟”
نظر إليّ للحظة، ثمّ تنهّد.
“فقط… أشعرُ بشيءٍ معقّدٍ في داخلي.”
“لا تقلق. لو حصلتُ على الأجر كما وُعِدنا، سأعطيك حصةً منه.”
“……أشعرُ بأنَّ الظّلام يملأ بصري.”
كان وجهه حزينًا لدرجة أنّني لو لم أكن على صهوة جواد، لربّتُّ على ظهره لأُخفّف عنه.
منذ أن أيقظتُه، وهو على هذا الحال.
٩
آه، لعلّ السبب…
‘هل يشعر بالانزعاج لأنّني أمسكتُ يده؟’
لا، لا يبدو كذلك.
أعتقد أنّني وضعتُ يدي على جلده مباشرةً للتحقّق من اللّعنة أكثر من سبع مرّات.
ويبدو أنه يتذكّر حين ربّتُّ على رأسه وهو ثامل. حتى قبل قليل، كان يلمس شعري…
‘هل هو بخيرٍ الآن؟’
وأنا أُصفف غرتي بشعورٍ غريب، قال دميان:
“هل تظنّ أنني إن تزوّجتُ لاحقًا، أستطيع أن أجعل طفلي يُصبح ساحرًا؟”
انتشرت الهمسات من حوله:
“ألا ينبغي أن تقلق بشأن الزّواج أوّلًا؟”
“أليست هذه الأشياء وراثيّة؟”
“أنا أظنّ أنْك لا نحمل طاقةً سحريّة.”
قطّب دميان حاجبيه ونظر إليّ.
“هل تعتقدين يا ريكس أنَّ لا أملَ لي؟”
هززتُ كتفي.
“لا أعلم. الطّاقة السّحريّة هي هبةٌ من الحاكم.”
“آه… صحيح. سبق وقلتِ ذلك.”
“لذلك إن كنتَ تريد أن تجعل طفلك ساحرًا، فربّما من الجيّد أن تواظب على زيارة المعبد. قد يُفيدك ذلك قليلًا.”
حين لم يُجب دميان، تداخل الآخرون في الحديث.
“أنا أزور المعبد أحيانًا… مثل بداية السّنة مثلاً؟”
“هاه، أمّا أنا فلم أزره حتى في بداية السّنة منذ زمن.”
ثمّ تذكّرتُ حياتي السّابقة.
حين كنّا نُعرّف عن أنفسنا في الجامعة، وبدأ أحدهم بالكلام عن الدّين، ساد جوٌّ مشابه من التّوتّر.
أتفهّم ذلك. فالإمبراطوريّة ليست شغوفة بعبادة الحاكم.
ليس لأنهم لا يؤمنون بها، ولكنّ ردّات الفعل هذه طبيعيّة.
لعلّ البُعد عن البلاد المُقدّسة له علاقةٌ بالأمر.
كنتُ في وقتٍ ما مثلهم.
كنتُ أؤمن بوجود الحاكم لأنَّ الكهنة يملكون طاقةً مقدّسة، لكنّني لم أكن أشعر بوجودها فعليًّا.
لكن، ثمّة حادثةٌ جعلتني أشعر بذلك بوضوح…
“آه، هل جئت في هذه الرّحلة إلى هذا الأثر القديم بسبب الحاكم؟ لأنّك تعتقد أنَّ له علاقةً بها؟”
“……لا، لم أفكّر في ذلك، لكن سيكون أمرًا مدهشًا لو كان صحيحًا.”
في تلك الأثناء، توقّف من كانوا يتقدّموننا.
“يبدو أنّنا وصلنا.”
كان ذلك حين خرجنا من الغابة الفوضويّة.
التفت إليّ وليّ العهد، فأسرعتُ بفرسي متجاوزًا الآخرين، وصعدتُ تلًّا منخفضًا.
ظهر أمامنا غابةٌ أخرى، ومن بين أشجارها، كانت هناك جدرانٌ حجريّة رماديّة هنا وهناك تُوحي بوجود أثرٍ قديم.
“لقد انهار معظمها. وصغيرةٌ أيضًا. ولا يوجد سقفٌ واحدٌ سليم. إن كان هناك شيءٌ مخفي، فلا بد أنّه تحت الأرض.”
“لو اقتربتِ أكثر، ستُغيّرين رأيكِ.”
كان وليّ العهد مُحقًّا. بضع خطوات فقط قبل الأثر، وجدتُ نفسي أبتسم بسخرية.
كان هناك أثرٌ بالفعل. يمكن لمس الجدران الحجريّة.
لكن الإحساس الّذي انتابني أقرب إلى ملمس الخشب.
‘أُخفيت بطبقةٍ من الطّاقة السّحريّة.’
بمعنى آخر، لا وجود حقيقيّ للجدران الحجريّة.
بل طُبعت صورة الجدار فوق الخشب باستخدام الطّاقة.
العامّة سيشعرون بملمس الحجر، لكنّ ذلك لن يكون سوى انعكاسٍ لتوقّعاتهم.
يُعدّ هذا نوعًا من سحر العقل.
‘إنّه كالحاجز الّذي يُستخدم في برج السّحر.’
تذكّرتُ ما قاله مُساعد وليّ العهد من قبل: كان غريبًا… لا، استخدم كلمة “مجنون”.
أُوافقه.
فهذا الحاجز في برج السّحر يتطلّب عشرات السّحرة لصيانته، فكيف لإنسانٍ واحد أن يُعيد صنعه بدقّةٍ هكذا؟
‘لا أحد سوى فيليون.’
رغم أن الحجم لا يُقارن ببرج السّحر، إلا أنَّ نطاق الحاجز واسعٌ جدًّا.
يبدو أنَّ هذه الغابة بأكملها مغطّاةٌ به.
‘لابد أنّه راقب حاجز البرج بدقّةٍ متناهية.’
دائمًا ما بدا عليه الملل من كلّ شيء…
“هل يمكنكِ فكّه؟”
أنا أيضًا رأيتُ حاجز البرج آلاف المرّات.
دائمًا ما كنتُ حذرًا ألّا تُدمّره طاقتي السّحريّة.
وهناك شيءٌ آخر… شيءٌ قرأته وتدرّبت عليه آلاف المرّات.
‘حاجز فيليون.’
سحبتُ طاقتي مجدّدًا وابتسمت.
“لا مشكلة.”
***
قمتُ بفكّ حاجز الوهم الّذي وضعه فيليون.
كان معقّدًا وصعبًا، لكنّي نجحت.
صفّق رفاقي حين رأوا الجدار يزول.
لكن سرعان ما ظهر حاجزٌ آخر، هذه المرّة على هيئة غابة.
تنقّلتُ بين الأشجار أبحث عن خللٍ أو إحساسٍ غريب… ونجحتُ مجددًا.
ثمّ ظهر حاجزٌ آخر. وعندما أزلته، تبعه آخر…
“أيُّها المجنون! إلى أيِّ مدى غطّيت المكان بالحواجز؟!”
عندها، ارتجف كتف ذلك المجنون الواقف بجانبي.
لا، بما أنّه فقد الذّاكرة… فلنقل (السّابق) المجنون.
على أيِّ حال، هل حقًّا كان يجب أن تفعل كلّ هذا؟!
“……أنا نفسي لا أعلم.”
رغم إجابته الباهتة، واصلتُ التحرّك بنشاط.
الآخرون لم يفهموا الوضع جيّدًا، لكنّهم ساعدوني بصدق. حتى وليّ العهد كذلك.
“هل أنتِ متأكّدة أنَّ هذا من صنع فيليون إلفيرت؟”
“متأكّدة. من غيره سيفعل هذا؟”
“إذًا هو كتابٌ محرّم.”
“على الأغلب. ما الشيء الآخر الّذي كان فيليون إلفيرت ليهتمّ بإخفائه إلى هذا الحد؟”
وهكذا، حين حلّ المساء…
أخيرًا أزلنا آخر حاجزٍ وهميّ.
ظهر جبلٌ ضخم أمامنا.
تحسّستُه في عدّة أماكن، لكن لم ألحظ أيَّ خلل.
ولا أيَّ أثرٍ للطاقة السّحريّة.
كان هناك كهفٌ كبير.
“……فلندخل.”
بعد أن استعددنا، دخلنا الكهف بهدوء.
لحسن الحظ، لم يكن فيه سوى ممرٍ واحد، ولم يكن عميقًا.
لكنّ المشكلة أنّه انقطع عند جدارٍ حجريٍّ ضخم.
أعطيتُ ضوءي المصنوع بالسّحر لفيليون، ومددتُ يدي أتحسّس الجدار.
“هل هو حاجزٌ أيضًا؟”
“لا، أعني… نعم، هو حاجز، لكنّ هذا الجدار حقيقي…”
عندها، سُمِع صوتٌ يتحدّث.
[مرحبًا بكم.]
كان صوته أشبه بمذيع أخبارٍ من حياتي السّابقة، بنبرةٍ رتيبة، ولفظٍ دقيق.
[أوّل لقاءٍ بيننا. أنا الكيان الّذي يُشرف على إدارة، وصيانة، وحماية هذا المكان. أُوكلت إليّ مهمّة الاستكشاف، والمراقبة، والاستجواب للكيانات الّتي تدخل هذه المنطقة.]
[أنتم الآن في نطاق سيدي، ولديّ حقّ السّؤال، والإنصات، والتّقييم لأهدافكم. وبناءً على النّتائج، قد أقرّر استقبالكم، أو رفضكم، أو إقصاءكم.]
بعد لحظةِ صمت، تابع الصّوت:
[هل ستُواصلون التّقدُّم رغم ذلك؟]
“……هل يوجد حارسٌ في الدّاخل؟”
“غريب.”
قاطع وليّ العهد تململ هاربر، وتقدّم قائلًا:
“هذا المكان لا يُمكن اعتباره نطاقًا لسيّدك. فهو جزءٌ من أراضي جدّي من أمّي، الدّوق إيفيرين. وبالتالي، لا أظنّ أنّكَ تملك حقّ قبولي أو رفضي أو طردي.”
[هل يمكنكَ إثبات ذلك بوثيقة؟]
“أجل، أستطيع.”
[مفهوم.]
بعد لحظة، عاد الصّوت:
[أنا الكيان الّذي يُشرف على إدارة، وصيانة، وحماية هذا المكان…….]
“تجاوز الأمر فحسب؟”
“يبدو أنّه لا يجد ما يقوله.”
[لذلك، لا أتحمّل أيّ مسؤوليّة عن حمايتكم، أو إنقاذكم، أو نقلکم. كما أنّني أُعلن أنَّ الحوادث، أو الخسائر، أو المخاطر داخل هذا المكان ليست ناتجةً عن إرادتي.]
“هذا… يُوحي بالشّرّ بطريقةٍ ما……؟”
[هل ستُواصلون التّقدُّم رغم ذلك؟]
أومأ وليّ العهد برأسه.
“لا بأس.”
[مفهوم.]
ثمّ عاد الصّوت قائلًا:
[أقوم الآن بفحص الحاجز من الدّاخل…….]
“ما الّذي يفحصه بالضّبط؟”
[أُزيل الغبار المتراكم في الزّوايا…….]
“يبدو أنّ أحدًا لم يُنظّف منذ زمن.”
[أفتح النّوافذ للتهوية…….]
[أطرد الرّوح الهائمة القديمة الّتي تسكن هنا…….]
[أُصْبِعُ إصبعَ قدمي بحافّة السّرير…… أَلمٌ شديد…….]
[أُعدّ الشّاي للزّوّار القُدامى الّذين لم أرهم منذ زمن…….]
ابتسم الرّفاق بلُطف. بدا الحارس الظّريف لطيفًا حقًّا.
همس هاربر بذلك.
فجأةً.
[تمّ التّحضير لفكّ الحاجز.]
أخيرًا، انتهى الانتظار.
[يرجى قول كلمة السّرّ لفتح الحاجز.]
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
التعليقات