كان إيان حتى الآن يستخدم غرفةً بمفرده، مثلي تمامًا.
فهو في نهاية المطاف نبيل، كما أنَّ وليّ العهد قد قرّر أن يجثو على ركبتيه ليحضره شخصيًّا، فلا بدّ من معاملته معاملةً خاصّة.
لكن، حتى لو بات الآن يشارك غرفةً مع غيره، فلن يشعر على الأرجح بانزعاجٍ كبير. فإيان تخرّج من الأكاديميّة العسكرية، واعتاد النوم مع الآخرين أثناء خدمته.
وربّما كان علمه الواسع بشأن الوحوش قد اكتسبه من دراسته هناك، لا بدّ أنّه خدم في الجيش أيضًا.
‘هل ترك الجيش الآن؟’
على أيِّ حال، لا بأس إن تشارك إيان الغرفة مع غيره. وفيلّيون أيضًا قد اعتاد الحياة كمرتزقة، فلا بأس من جانبه.
لكن إن بات الاثنان في الغرفة معًا…
‘ألن يُكشف أمره؟’
حتى لو حاول التصرّف بحذر، فإنَّ ارتداء النظّارات أثناء النوم صعبٌ للغاية.
لا شكّ أنّه سيكون حذرًا، لكن إن بات فيليّون شديد الوعي تجاه إيان، فسيكون ذلك إشكالًا بحدّ ذاته.
من يدري؟ ربّما فيليّون الذي يبقى ساهرًا طوال الليل بسبب إيان، يفقد أعصابه فجأةً ويقوم بتحطيم ساقه!
‘إنه شخصٌ يمكنه فعل ذلك بلا تردّد.’
فشخصيّته الأصليّة كانت كذلك، وحتى الآن لا يمكنني الجزم بأنّه لن يفعلها.
ألَمْ يسرق المخطوط البحثيّ رغم أنني حذّرته من فعل ذلك؟
“قال صاحب السموّ إنّه لا بأس بمشاركته الغرفة، لكن يبدو أنَّ السيد إيان قد رفض. صحيح، لو كنتُ مكانه لفعلتُ المثل. حتى لو كان صديقًا، يبقى الأمير من العائلة المالكة، وهذا يبعث على التوتّر…”
“وماذا عن الغرفة الواسعة؟!”
“هاه؟”
“أقصد الغرفة الكبيرة! أيمكننا إرسال ‘فيل’ إليها؟”
“ممم، يمكن ذلك… لكن…”
سألني هاربر بنبرة متعجّبة:
“لِمَ؟ هل ثمّة سببٌ مُلحّ يستوجب ذلك؟”
تلك النظرة الفضوليّة الصادقة جعلتني أُطبق شفتيّ. تبا، ألا يوجد عذرٌ جيّد الآن؟
“ما الأمر؟”
“لا، المسألة أنَّ ريكس…”
وأثناء تردّدي، اقترب الآخرون. وكان فيليّون قد خرج من المرحاض في الوقت ذاته، وقد ثبّت بصره عليّ وهو يقترب.
لكن، ما إن مرّ إيان من جانبه، حتى انجذبت عيناه إلى ظهر إيان.
إنها نظرةٌ سيّئةٌ للغاية. يبدو وكأنّه على وشك أن يلحقه فورًا ويكسر ساقه!
“تريدين إرسال ‘فيل’ إلى غرفةٍ أخرى؟ لماذا؟”
“هل تشاجر مع ليون من دون أن نعلم؟”
حتى أثناء تعليق الزملاء بهذه الطريقة، بقيت عينا فيليّون تتبعان الاتجاه الذي سار فيه إيان.
وقد توقّف عن السير نحوي تمامًا، بل بدا وكأنّه على وشك اللحاق بإيان…!
“سأنام معه في نفس الغرفة!”
توقّف كتف فيليّون الذي كان على وشك أن يستدير نحو إيان.
رغم كثرة الناس حولنا، يبدو أنَّ صوتي قد وصله. فقد التفت إليّ بعينين مذهولتين.
وأنا أيضًا لم أكن أقلّ ذهولًا. لقد تفوّهت بأيِّ شيءٍ على عجل.
لكن لم يخطر ببالي أيُّ حلّ آخر غير ذلك.
ابتسمتُ ابتسامةً متكلّفة وأضفت:
“ل، لديه فوبيا مِن الجراثيم… حادّةٌ نوعًا ما.”
***
لم يعارض هاربر قراري.
فقد تفاجأ قليلًا فقط، ثم تجاوزه ببساطة قائلًا: يبدو أنّكما مقربان منذ الطفولة لأنكما أقرباء، لا بأس إذًا.
وكانت ردود فعل الآخرين مشابهة. منهم من ضحك وسأل: ألستما شقيقين أصلًا؟ ومنهم من ربت على ظهر فيليّون قائلًا: كان عليك أن تخبرنا بأنك مصابٌ بفوبيا مُسبقًا.
المشكلة الوحيدة… أننا لسنا أقرباء أصلًا.
“……انتهت تعويذة التدفئة.”
حين رفعتُ يدي عن الأرض، مدّ فيليّون بطّانيةً سميكة على ذلك الموضع.
في الحقيقة، لم يسبق لي أن جهّزتُ مكان نومه من قبل.
لو سألني أحدٌ اليوم: لماذا الآن تحديدًا؟ سأقول إنَّ الجوّ باردٌ بسبب المطر، وإنَّ لديّ فائضًا مِن الطاقة السحريّة، لكن…
‘لأنّ الجوّ بات غريبًا جدًّا.’
لو لم نتحادث بأيِّ شكل، لكنتُ شعرتُ وكأنّني سأختنق وأموت.
والمشكلة أنَّ المكان الوحيد المناسب له للنوم كان بجانب سريري تمامًا، وحين سألته إن كان يرغب باستخدام السرير، بدا مذهولًا للغاية.
‘كان يجب أن أدعه وشأنه.’
لكنّ نظرته نحو إيان لم تكن عاديّة أبدًا. لقد بدا وكأنّه سيدخله إلى المرحاض خلفه ويطيح به فورًا.
وبالمناسبة…
“أنت، كنتَ على وشك اللحاق بإيان، أليس كذلك؟”
“نعم.”
“ولماذا؟ ماذا كنتَ ستفعل؟”
أجاب فيليّون على الفور:
“نفذ ورق المرحاض. أنا كنتُ آخر من استخدمه، وأردتُ فقط أن أخبره ليأخذه معه.”
“…..”
“على كلّ حال، لا بدّ أنّه تعامل مع الأمر بطريقته.”
آه… آمل ذلك. وإن لم ينجح، فليعذرني، إيان. كنت أحاول مساعدتك على طريقتي.
‘لقد تصرّفت تصرّفًا أحمق.’
لكن لم أعُد أستطيع طرده الآن. لا أعلم حتى كيف أختلق عذرًا لطرده.
“ذلك الرجل لم يكلّمكِ من تلقاء نفسه، أليس كذلك؟”
“لا. عمّ سيكلمني؟ لقد كنتُ معك طوال الوقت.”
“سألت فقط لأتأكّد.”
سألني فيليّون:
“……ألن تشعري بالاستياء؟”
“استياء من ماذا؟ هذا أفضل. أليس من المريح ألّا يقلقني أمره بعد الآن؟”
“الآن نم. علينا الاستيقاظ مبكرًا غدًا أيضًا.”
لوّحتُ بيدي واعتليت السرير، وسحبت الغطاء. وما إن تأكّد فيليّون أنّني استلقيت تمامًا، حتى أطفأ مصباح الغرفة.
وحلّ الظلام الحالك.
وكان المطر لا يزال يتساقط في الخارج. تنقّط، تنقّط. الصوت الذي يضرب النوافذ كان مريحًا بشكلٍ غريب.
‘لم أكن أظنّ أنّني سأبيت في نفس الغرفة مع فيليّون يومًا ما.’
لكنّه لم يكن مزعجًا كما ظننت. بل، وأنا مغمضة العينين، شعرتُ بأنّني قد أنام في أيِّ لحظة.
لكن فيليّون… على ما يبدو، لم يكن كذلك.
في اللحظة التالية، شعرتُ به يسحب البطّانية ويستدير.
ثمّ استدار مرّةً أخرى في الاتجاه الآخر.
ثمّ تنحنح بصوتٍ خافت.
ثمّ سحب البطّانية مجدّدًا…
“أقسم أنّك ستجنّني.”
فتحت عينيّ ونظرت إليه من أعلى السرير.
“هل تريدني أن أغنّي لك تهويدة؟”
“……ماذا أفعل إن لم أشعر بالنعاس؟”
“أستخدم السحر لتنويمك؟ …لا، لا يجوز. قد يتفاعل مع اللعنة.”
لمجرد أن لمستُه بقليل من طاقتي السحرية، نزف أنفي دمًا. فلو استخدمتُ السحر عليه مباشرةً، قد تحدث كارثة أكبر.
ما العمل إذًا؟ بينما كنتُ أقطّب حاجبيّ، قال فيليّون فجأة:
“أريد أن أسمع قصّةً قديمة.”
“قصّة قديمة؟ مثل ماذا؟”
“أي شيء. من يدري؟ قد أسترجع ذاكرتي إن سمعتها.”
‘لو كانت الذكريات تعود بذلك، لكانت عادت حين شرحتُ له نظريات السحر…’
لكنّي لم أستطع قولها. فقد بدت ملامحه متشوّقةً وهو ينظر إليّ وسط الظلام.
أغمضتُ عينيّ بهدوء لأفكّر.
قصّةٌ قديمة، قصّةٌ قديمة…
“كان لديك خطيبة.”
تجهّم وجهه على الفور.
“لا أريد سماع شيءٍ كهذا.”
“أحقًا؟ أترك القصّة إذًا؟”
“……لا. وماذا بعد؟”
“كانت فتاةً طويلة القامة وجميلة. أذكر أنّكما دخلتما البرج السحريّ في اليوم نفسه. وقد أخبرتْ أنَّ خطوبتكما قد عُقدت منذ وقت طويل.”
“هل أنا من أخبرك؟”
“لا. لكنّك لم تكُن لتجهل ذلك. فقد كانت تتحدّث عنك كثيرًا، والكلّ كان يعرف. كلّما جلستُ في قاعة الطعام، كنتُ أسمع أحاديث عنها.”
وكما كان الآخرون، فقد أثارت فضولي. كان بطل القصّة، لذا انجذبتُ إليه تلقائيًّا.
“حتى حين أُعلن عن فسخ خطوبتكما، أحدث ذلك ضجّةً في البرج. لا أعرف التفاصيل، لكنّ النهاية لم تكن جيّدةً أبدًا. حتّى إنّي رأيتُها تصفعكَ مرّة.”
“لا أذكر شيئًا من هذا.”
“حسنًا، لقد مضى وقتٌ طويل.”
وبعد لحظة، سأل:
“……وماذا عن الذكريات الجيّدة؟”
“همم؟ ألم أقلها الآن؟”
“تقصدين لحظة الصّفعة؟”
“كانت أفضل لحظةٍ عشتُها في البرج.”
ضحك ساخرًا بخفوت.
أضفتُ مازحة، لكنّها لم تكُن مزحة:
“لقد أحببتُ الموقف لدرجة أنني دوّنتُه في يوميّاتي.”
“وماذا عن ذكرى جميلةٍ بحقّ…؟”
“لحظة، سأحكي لك. كانت هناك مرّة…”
“لا، لا أريد سماعها.”
“بل استمع، هذه المرّة الأمر مختلف.”
فاستدار ونظر إليّ.
ابتسمتُ وبدأت الحكاية من جديد:
“كنتَ دائمًا تدخل إلى مختبري وتسرق طعامي. سبق وأن قلتُ لك هذا، أليس كذلك؟”
“نعم.”
“رغم أنني كنتُ أُقفل الباب وأضع تعاويذ حماية، إلّا أنّك كنت تقتحم المكان بالقوّة. كنتَ توبّخني لأنّني لا أخرج من المختبر.”
في الظلام، عبس فيليّون. هل هذه ذكرى جميلة حقًّا؟ كانت نظراته تقول لي: لا يبدو كذلك.
لكن مهلاً، فقط تابعني…
“وفي مرّة، ضقتُ ذرعًا فقرّرتُ أن أعبث بالطعام. أضفتُ إليه أكثر من عبوة ونصف من الملح.”
“…وأكلته؟”
“نعم. كنتُ حينها قد تناولتُ دواءً يفقدني حاسّة التذوّق.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 33"