“بما أنَّ بريدين لا يُمكنها الذّهاب، فالمكان أصبح شاغرًا. سأذهب أنا.”
هززتُ رأسي رفضًا.
“لا يُمكن ذلك. لو كنتُ سأصطحب أحدًا، فسيكون هيميل، لا أنت.”
“أنا لدي خبرةٌ لا بأس بها مع الوحوش. رغم أنّها سنةٌ واحدةٌ فقط، لكنّي عملت فيها يوميًّا تقريبًا. أعتقد أنّها خبرةٌ ليست قليلة.”
“مع ذلك، تبقى سنةً واحدة. لن تُفيد.”
“سأعوّض ذلك بجسدي، إذًا.”
نظر إليّ فيليون بعينين جادّتين.
“استخدِمني كما تشائين. سواء كحارس، أو كحمّال، لا فرق لدي.”
كان وجهه يحمل نفس الإلحاح الذي رأيته في غرفتي من قبل. وفجأةً، راودتني فكرةٌ دنيئة: ‘هل يُمكنني استغلال هذا الفيليون إلفيرت كما أريد!؟’ لكنّي سرعان ما نسيتُها.
هذا الفيليون ليس نفس الشخص الذي أعرفه. يجب أن أُفرّق بينهما بوضوح.
“ولي العهد قد يعرف وجهك.”
“سأُخفيه جيدًا.”
“قد يكون بين الحاضرين مَن يعرفك.”
“لم أواجه مشكلةً واحدة طوال السنة الماضية. سيكون الأمر بخير.”
“……لماذا تُريد الذّهاب؟”
“لأنَّ الأمر يتعلّق بي، أليس كذلك؟”
عضّ شفته السفلى لوهلة ثم تكلّم:
“سواء كنتُ بريئًا أم لا، يظلّ الأمر متعلّقًا بي. أُريد أن أُساعد قدر المستطاع. وأيضًا……”
“……وأيضًا؟”
“ربّما أستعيد ذاكرتي إن رأيتُ الكتاب المحرّم.”
آه، صحيح. نسيتُ ذلك.
‘قلتَ إنّه ربّما تعود لك ذاكرتك إن استطعتَ استخدام السّحر.’
لن يستطيع استخدام السّحر فور رؤيته للكتاب المحرّم، لكن بما أنّه شيءٌ يتعلّق بالسّحر، فربّما يُحفّز ذاكرته الغائبة.
تنفّستُ تنهيدةً عميقة. بما أنّه يُكلّمني بهذه الطّريقة، فلا يُمكنني الرّفض. لا يُمكنني منع شخص فاقدٍ للذّاكرة من استعادة ذكرياته.
كنتُ على وشك التنهّد مرّةً أخرى بهذا الشّعور عندما قال فجأة:
“لو اصطحبتِني……”
بدت كمحاولةٍ لعقد صفقة، على الرّغم من أنّني كنتُ قد قرّرتُ اصطحابه بالفعل. لكن بدافع الفضول، أصغيتُ لكلامه.
إن اصطحبتُ فيليون……؟
“سأسمح لكِ بفحص اللّعنة.”
“حقًّا؟”
سألتُ لا إراديًّا من شدّة الفرحة. وفيليون…… بدا مندهشًا أكثر منّي. بدا وكأنّه لم يتوقّع أن تُجدي فكرته نفعًا.
بالطّبع ستُجدي! كنتُ أتوق لذلك منذ زمن! متى ستُسنح لي فرصةٌ أخرى لرؤيتها؟
“لكن، مرّةً واحدة فقط في اليوم.”
“بخيلٌّ جدًّا.”
“لو شعرتُ أنَّ الأمر يُؤثّر على جسدكِ، سأُوقفه فورًا. وأنا من يُقرّر لحظة التّوقّف.”
“مُتعنّت أيضًا.”
تذمّرتُ بضيق، لكن ملامحه انفرجت بشكلٍ غريب. سألني بلهجةٍ مازحة:
“إذًا، لن تفعلي؟”
كانت نبرةً تُشبه تلك التي كان يستخدمها فيليون في الماضي. شعورٌ غريب. هو من سيستفيد إن زالت اللّعنة، لماذا أبدو وكأنّني المتوسّلة؟
لكن لم يكُن لديّ خيار.
أجبتُ بصوتٍ منخفض:
“……سأفعل.”
وهكذا، تقرّر أن يُرافقني فيليون.
***
أنا واثقة من أنَّ وليّ العهد لم يظهر في القصّة الأصليّة.
لكن من المحتمل أن يكون قد التقى فيليون من قبل.
فهو وليّ عهد الإمبراطوريّة، وفيليون كان الوريث الأقوى لعائلة إلفيرت المشهورة بالثّراء والأراضي. لا بدّ أنّهما تبادلا التّحيّة على الأقل حين كانا صغيرين.
رغم أنَّ فيليون أكّد أنّه يُمكنه إخفاء نفسه جيّدًا، فلا يُمكنني السّماح له باستخدام ذلك الشّريط الأسود مجدّدًا.
هذه مهمّةٌ سريّة بالفعل، فكيف لي أن أتحمّل وجود شخصٍ مُريب؟ قد يلجأ أحدهم لاستخدام القوّة لنزع ذلك الشّريط.
لذا، فكّرتُ في الحلّ الأمثل:
“ما رأيك؟ تُبصر جيّدًا؟”
سألته بعدما تراجعتُ خطوةً لأتفحّصه. أومأ برأسه.
كانت نظّارة ذات عدساتٍ كبيرة، كالنّظارة التي استخدمتها أنا في الماضي. ستُخفي عينيه البنفسجيّتين تمامًا.
أضفتُ عليها أيضًا سحر التّشويش على الإدراك. طالما يرتدي تلك النّظارة، فلن يستطيع أحدٌ التعرّف عليه إلا إن كان ساحرًا قويًّا يرى من خلال سحري.
في بعض الأيّام، سيبدو عاديًّا، وأيّامًا أخرى حادًّا وعصبيًّا، وأيّامًا أخرى طيّبًا جدًّا.
ولكن هذا هو جوهر سحر التّشويش الإدراكي: لا يُثير الشّك ما لم يكن من يراه شديد الحساسيّة.
قد يسأل البعض: “إذًا، هل لن يعرفه أحد؟” والإجابة: بل يمكن معرفته. فطوله وجسده وشعره ظاهرون بوضوح.
ولو أردنا إخفاء حقيقة أنّه فيليون تمامًا، علينا تغيير جسده وطوله، وهو أمرٌ مستحيل.
شعره أيضًا لم أُصبغه. سأقول إنّه جاء من القارّة الشّرقيّة معي، حيث ينتشر الشّعر الأسود أكثر من القارّة الغربيّة. سيكون ذلك مُقنعًا.
“هل أبدو طبيعيًّا الآن؟”
“نعم، أفضل بكثير من ذلك الشّريط الأسود. وتذكّر القصّة التي اتّفقنا عليها أمس، أليس كذلك؟”
“اسمي ‘فيل’. عمري 24. قريبٌ بعيدٌ لـ ريكس، وأعرف بريدين. عملتُ كمرتزقٍ منذ طفولتي، وخبرتي لا تقلّ عن بريدين.”
“لو سُئلت عن شيءٍ آخر، ارتجل. ولا تنسَ إخباري أيضًا.”
“مفهوم.”
ثمّ بدأ يتفقّد النّظارة بدقّة.
أنا أرى كلّ شيء، بما في ذلك عينيه البنفسجيّتين، لذا لا يُمكنني معرفة ما إذا كانت الانطباعات تتغيّر كما أُريد. كان عليّ التّأكّد من أنَّ سحري يعمل جيّدًا.
اقتربتُ كثيرًا، أكثر من المسافة المعتادة، لكن لا مفرّ من ذلك من أجل الفحص.
……ولكن حين نظرتُ إليه عن قُرب، راودتني فكرةٌ مفاجئة.
‘حتى هكذا، هو وسيم جدًّا.’
رموشه الكثيفة والطّويلة، أنفه المستقيم، شفاهه، لا عيب في ملامحه أبدًا. وعيناه البنفسجيّتان الفاتحتان تُضفيان عليه هالةً ساحرة.
لكنّه لم يعُد يُشبه ذاك المتمرّد المشاغب.
الآن… يبدو كمثالٍ للطالب المثالي الذي يُخفي تمرّده خلف الانضباط.
شبهه بالبارون كروديس زاد أيضًا.
‘هل فقدان الذّاكرة يغيّر من هالة الشّخص؟’
شخصيّة الإنسان تتشكّل من التّجربة، لا الطّبع فقط. ربّما عليّ دراسة هذا الأمر بعمق يومًا ما.
كنتُ أُفكّر بذلك بنيّةٍ علميّةٍ صافية تمامًا، لكن…
“هل تُريدين رؤيته الآن؟”
ربّما بدا علي كمن يظنّ أنّني أترقّب اللّعنة بشغف.
……لكن إن كان سيُريها لي الآن، فلا سبب يدفعني للرّفض.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 28"