هممتُ أنْ ألوّح بيديّ وأصرفه. لَمْ أعد أرغب برؤيته لهَذا اليوم. وربما حتى الغد. لو أمكنني التأجيل حتى موعد وصول البارون كروذيس ومعه تقرير البحث، لفعلت.
لو أنَّ ملامح فيليون كانت على حالها، لكان الأمر كذلك.
لكنني تجمّدت عندما رأيتُ عينيه البنفسجيتين المُضطربتين.
ما الذي حدث؟ هل كسر التّمثال عن طريق الخطأ مثلًا؟
الأجواء… غريبةٌ فعلًا.
“اصعد. تعال معي.”
استدرتُ مباشرة وصعدتُ الدّرج، فشعرتُ بخطواتهِ تتبعني. كان لديّ أملٌ ضئيل أنْ يتراجع في منتصف الطّريق، لكنه لحق بي حتى النّهاية.
كانت الغرفة كما تركتها تمامًا.
في الزّاوية حقيبتان مِن القارّة الشرقيّة. على الجدار بعض الملابس المعلّقة.
وعلى السّرير، تقارير البحث الّتي كنتُ أراجعها صباحًا ثمّ رميتها بعشوائيّة.
كما توقّعت، تجعّد حاجباه فورًا، فمددتُ يدي أجمع الأوراق واحدةً تلو الأخرى. يا له مِن دقيق!
“انتظر. سأنظّف المكان حالًا.”
“……حتّى بعد عودتك، كنتِ لا تزالين تدرسين البحث؟”
تذكّرتُ حينها محتوى الرسالة مُجددًا.
فارقٌ في المستوى يستدعي التثاؤب. معادلاتٌ بسيطة، وتصرّف في الطاقة السّحرية في غاية التّفاهة.
عليَّ أنْ أتحمّل. فيليون الآن لا يعرف شيئًا عن تلكَ الرسالة. لا يجب أنْ أُفرغ غضبي على شخصٍ لا ذنب له.
لكن شيئًا فَشيئًا، لهجتي بدأت تُصبح حادّةً دوّن أنْ أشعر.
“بما أنَّ مستواي ضعيفٌ كما يقول البعض، فعليَّ أنْ أعوّض ذَلك بالوقت، أليس كذلك؟ ماذا عساي أنْ أفعل غير ذَلك.”
“……”
“ما الأمر؟ هل تقلق مِن أنْ تتركني أتولّى الأمر؟ صحيح، لا يُمكن لمثلي أنْ يرقى لمعاييركَ أبدًا…….”
في تلكَ اللّحظة، أمسك فيليون برسغي.
لكنني لَمْ أستطع الغضب.
لا، لقد استدرتُ وأنا أنوي ذَلك. كنتُ أريد أنْ أقبض على شعره إنْ لزم الأمر. حقًّا، كنتُ أنوي ذَلك.
“ولا يستطيع حتى أنْ يكذب بشكلٍ جيّد. على الأقلّ لو أردتِ الكذب، فلتُحسني إخفاءه…….”
مهلًا؟ ألَمْ أكُن أخفيه بشكلٍ جيّد حقًّا؟
هل انكشف أمري؟
هل تذكّر هِذا الوغد أنّني رايلي فولكس……؟
…… لا يبدو كذلك. بدا عليه الحيرة والغضب قليلًا، لكن ليس بتلكَ التّعابير المليئة بالغضب.
هَذا جيد، على الأقلّ هَذا الجانب لا يزال على ما يرام.
لكن، أنا أيضًا كنتُ مرتبكةً ومصدومة. ما بهِ هَذا الفتى؟ ما الّذي أصابه؟
“أوه، ما رأيكً أنْ تهدأ قليلًا؟ هاه، اجلس هُنا أوّلًا. هل تريد كوب ماء؟”
ما إنْ خرجتِ الجملة مِن فمي حتّى أدركتُ خطئي. تذكّرتُ نظرته المشكّكة حين دخل إلى هَذهِ الغرفة لأوّل مرّة. كنتُ سأقول له بعدها مباشرةً ألا يشربه…
لكن، ولدهشتي، أومأ برأسه ببطء.
ثمّ أطلق سراح رسغي وجلس على السّرير دفعةً واحدة. رأسه مطأطأ، ويبدو وكأنّه قد فقد كلّ طاقته.
راقبتُه بعينيّ وأنا أمسك كوبًا مِن فوق الطاولة الصغيرة، ومسحته بقماشٍ نظيف. حتى أثناء استخدامي السّحر لملئه بالماء، كنتُ أُراقبه.
ثمّ قدّمتُ له الكوب.
“هل ستشرب؟”
ومِن دوّن تردّد، شرب فيليون الماء دفعة واحدة.
‘لقد شربه فعلًا.’
حينما أعاد لي الكوب الفارغ، ملأتُه مجددًا بالماء، فشربه هو الآخر.
رغم أنّه لم يُنهِه كاملًا هَذهِ المرّة، إلّا أنّه لم يُعِده إليّ أيضًا.
ما الذي تغيّر فجأة؟ وبينما كنتُ أميل رأسي بِحيرةٍ.
“سمعتُ عن طريقة تغيير البنية السّحرية.”
وبمجرد أنْ سمعتُ ذًلك، فتحتُ عينيّ على آخرهما مع شعورٍ مفاجئ بعدم الارتياح.
“هل تذكّرتَ شيئًا مِن خلال ذَلك؟!”
“كما سمعتُ أيضًا أنَّ مِن يستخدم تلكَ الطريقة قد يموت.”
وهَكذا، شعرتُ بالاطمئنان. مٍن المؤكّد أنّه لا يتذكّر.
فلو تذكّر، لما كان ليتكلّم بهَذا الشّكل.
“صحيح أنَّ هناك مَن ماتوا فعلًا، لكن ذَلك كان قديمًا. أمّا الآن، فقد تطوّرت الأبحاث، فلا يحدث شيءٌ كهَذا إلا إذا أُعدّ الإكسير بطريقةٍ خاطئة.”
“إذًا، لماذا تحتاجين إلى ذَلك التقرير البحثي؟”
كنتُ على وشك قول الحقيقة… لكنّني توقّفت.
فما الفائدة مِن إخباره؟ ما دام قد عقد العزم، فإنَّ الكلام لَن يغيّر شيئًا. بل سيزيدني كآبةً لا غير، وقد يظنّني أتباهى أمامه.
‘ثمّ إنّي إنْ استخدمتُ طريقة فيليون في السّحر، فلَن أشعر بالألم سوى قليلًا.’
“بعد تغيير البنية السّحرية، تصبح الطّاقة غير مستقرّة.”
“……وماذا بعد؟”
“ولا نعلم متى ستستقرّ. لذَلك، يجب الانتظار بعد التّغيير. لا يُمكنني استخدام تعويذة فكّ التّحجّر فورًا.”
“……”
“لكن لو حصلنا على تقريرك البحثي، فكلّ هَذا سيتغيّر. يُمكننا تقليص فترة الانتظار بشكلٍ كبير. والأكيد أنّه لَن يحدث موت. لماذا أُعرّض حياتي للخطر؟ أليس كذلك؟”
بصراحة، كان ذَلك كذبًا جزئيًّا.
فبعد تغيير البنية السّحرية، لَن أستطيع استخدام استخدام التّعاويذ التي أتقنتها. بل سيفقدني ذَلك أقوى أسلحتي في المواقف الحرجة.
……لكن لا يُمكنه قراءة ما في قلبي.
‘ما هَذا؟ لماذا يبدو غير راضٍ؟’
كان يُحدّق بي بوجهٍ صارم وكأنّه يؤنّب طفلًا. وبسبب ذَلك، بدأتُ أقدّم التبريرات دوّن وعي.
يُمكنني ببساطةٍ تجنّب الطّلبات الخطيرة. وإنْ نقص المال، أُكثر مِن الطّلبات الصّغيرة. كما أنّني قد أُجيد التّعافي أكثر مِن قبل، لذا ليس الأمر دوّن فائدة.
“ثمّ، ما شأنك؟ كلّ ما تريده أنتَ هو إعادة دايل كما كان.”
“……”
“لقد نظرتَ إليّ وكأنّكَ تلومني لأنّ دايل أصبح هَكذا بسببي. وقلت إنّكَ ستُعيد الأمور لطبيعتها. فما الذي يُزعجك؟”
ربّما كانت نبرتي قاسية قليلًا.
لكن، لَمْ أكذب. فهل لأنه تذكّر أنّه فيليون لَمْ يعد يُطيق البقاء قرب دايل؟ رغم ذَلك، لا يُمكن تركه هَكذا. فحتى بريدين يجبُ إنقاذها.
ويبدو أنّه قرأ أفكاري مرّةً أخرى. إذ تجعّدت حاجباه أكثر مِن قبل.
لكن رغم ذَلك، تابعتُ ما كنتُ أفعله. جمعتُ الأوراق الّتي رتّبتها، وضعتُها في الدّرج، ثمّ وقفت.
“لا تفعلي ذَلك.”
ضحكتُ بسخرية.
“ها، وإن لَمْ أفعل، مَن سيفعل……؟”
“سأفعل أنا.”
ثمّ رفع رأسه ونظر إليّ مُباشرةً.
“أنا يُمكنني فعل ذَلك. تلكَ التّعويذة.”
كانت نظراتُه مشحونةً بإرادةٍ قويّة. حاسمة لدرجة أنّها ذكّرتني بفترة برج السّحر.
لكن الإحساس هذه المرّة مختلف. كانت النظرة حارّةً، متوسّلة، وفيها نوعٌ مِن الرّقة أيضًا.
أمسك بيدي بلُطف، وقال:
“علّمني السّحر، يا ريكس.”
“……ألَمْ تُجرّب مِن قبل؟ ألا تتذكّر أنّكَ لَمْ تستطع استخدامه؟”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 21"