“حسنًا، لأنّها ممتلكات حبيبته؟ رغم أنْ الدوق عيّنه وريثًا، لا بدّ أنَّ فيليون شعر براحةٍ أكبر في قصر الكونت ديلاريك، لذا يُرجَّح أنّه تركها هناك.”
في تلكَ اللحظة، وبعد أنْ أنهى ترتيب الصناديق، مدّ كولان ظهره، فتأمّله فيليون بنظرةٍ جادّة وقال:
“أنتَ. تعمل كتاجرٍ معلومات، أليس كذلك؟”
“أوي؟ ما بك؟ هل انخفض ذكاؤكَ فجأةً؟ هل تريدني أنْ أنظر إلى الأرض مرّةً أخرى؟”
“أنتَ تعرف حقائق أكثر بكثيرٍ مَما هو معروفٌ للعامة، أليس كذلك؟”
“هل تقول إنَّ هناك خطبًا في المُخطّط؟ ألم يفت الأوان للشكّ في ذَلك؟”
“هَذا ليس ما أردتُ سؤالك عنه.”
شعر فيليون للحظةٍ ببعض التوتر، لكنّه كان خفيًّا بدرجةٍ لا يلتقطها كولان.
“ما طبيعة العلاقة بين فيليون إلفيرت رايلي فولكس؟”
“أعداء.”
ثم أضاف كولان بوجهٍ مرير:
“…هَكذا، كنتُ أعتقد.”
“كنتَ تعتقد؟”
“حتى رأيت فيليون واقفًا أمام قبر رايلي فولكس.”
“هل… بكى؟”
“فيليون إلفيرت؟ أبدًا. ذَلك الشخص، حتى لو طُعن بسكين، فلَن يذرف دمعة. سمعْتُ أنّه بقي هادئًا وهو يشاهد طلاق والديه في المحكمة. وكان عمرهُ عشرة أعوامٍ فقط.”
“سمعتَ ذَلك؟”
“أجل. الكونت ديلاريك كان حريصًا دائمًا على إبقاء فيليون بعيدًا عن الأضواء. حتى شكله الحقيقي غيرُ معروفٍ بسبب ذَلك العجوز. كلّ ما يُعرَف عنه، هو فقط ما قرّر العجوز السماح بخروجه مِن معلومات.”
“يبدو أنّه أراد أنْ يُعرَف فيليون كوحشٍ بارد القلب.”
“حتى يرتعب منه أعداؤه.”
وكان فيليون يعلم تمامًا أنْ المقصود بـ الأعداء هم آل فولكس.
“لكنّكَ رأيته بنفسك.”
“بمحض الصدفة. ومِن مسافةٍ بعيدة، لم أرَ وجهه جيّدًا.”
‘إذًا لهَذا لَمْ تتعرّف إلى وجهي حين نزعتُ الضمادات.’ شعر فيليون بالاقتناع.
“لكنّي سمعتُ صوته.”
“وماذا قال؟”
بعد صمتٍ ثقيل، تكلّم كولان أخيرًا:
“حسنًا، رايلي.”
“……”
“سأفعل كما تريدين.”
هزّ كتفيه.
“وبعد فترةٍ قصيرة، أعلن برج السحر رسميًا أنَّ فيليون إلفيرت سرق الكتاب المحرّم.”
“ماذا… هل تقصد أنَّ تلكَ الفتاة أمرته بسرقة الكتاب؟”
“رُبما. ورُبما لا.”
“ما الذي تعنيه؟”
“أقصد هَذا.”
أشار كولان إلى جانب رأسه بإصبعه ودار به بحركةٍ دائرية.
“فيليون إلفيرت… كانت تدور إشاعات أنّه قد جنّ في تلكَ الفترة.”
“هاه؟”
“لستُ متأكّدًا كيف انتشرت تلكَ الإشاعة. مِن غير المُحتمل أنْ يكون ذَلك العجوز هو مَن سمح بانتشارها.”
كانت ملاحظة كولان مسيئةً لمكانته كتاجر معلومات، لكنه لَمْ يغضب. بل نظر إلى فيليون وكأنّه يقول: “أليس مِن المدهش أنني أعرف كل هَذا على أيِّ حال؟”
كان فيليون يتأمل كولان بصمت، ثم مرّر يده على وجهه.
“هاه…”
“ما بك؟”
“لا شيء… لا شيء.”
رغم أنَّ صوته كان هادئًا كعادته، إلا أنَّ فيليون كان في حالةٍ مِن الارتباك الشديد.
فذكريات رايلي فولكس التي ظهرت له قبل أيام، لَمْ تكُن سوى الغضب والكراهية. نظراتها إليه، ونظراته إليها، كلها كانت مليئةً بالنفور.
لكنّ ما رواه له كولان الآن، يناقض تمامًا تلكَ الذكريات.
قد يُصدّق أحدهم أنْ شخصًا يكره آخر يُمكن أنْ يزور قبره، لكن أنْ يقول له “سأفعل ما تريد”؟ ومِن ثمّ، تكون النتيجة التالية هي سرقة كتابٍ محرّم؟ هَذا غير منطقي.
“هل ما تذكّرتُه كان… مِن زمنٍ بعيد؟”
لم يكُن واثقًا. فلَمْ يكُن يتذكّر سوى صوتها فقط.
ومع ذَلك، فإنَّ هَذهِ الفرضيّة تفسّر الأمور بطريقةٍ أكثر منطقية.
فكّر فيليون بهدوء، وجمع خيوط المعلومات التي حصل عليها حتى الآن.
“كنتُ على علاقةٍ سيئة مع رايلي، لكن في وقتٍ ما، أصبحنا أحباء… ثم ماتت وهي تقاتل شيطانًا.”
كنتُ أشتاق إليها حتّى إنّني كنتُ أحتفظ بأغراضها، وحتّى إنّني رأيتُ خيالها، أو ربّما حلمًا، تطلب منّي أنْ أُعيدها إلى الحياة.
الناس يسمّون هَذا ‘جنونًا’، لكنّني في النهاية أردتُ فقط أنْ أحقّق لها ما كانت تريده…
“ياا، لا تتفاجأ كثيرًا. إذا وقعتَ في الحبّ يومًا، ستفهم ذلك.”
على أيِّ حال، قصّة هذين الشخصين دائمًا ما تكون ممتعةً كلّما ذُكرت. قال كولان وهو يضحك، غير أنَّ فيليون لَمْ يجد الأمر مضحكًا أو مُمتعًا على الإطلاق.
لَمْ يشعر أنّه قد ‘يفهم’ ما حدث.
فولكس هو العدوّ.
‘وفوق ذَلك، لقد آذى ريكس أيضًا.’
ريكس إيميل. ما إنْ خطر في باله ذَلك الاسم حتّى ارتسمت ابتسامةٌ على وجهه مِن جديد.
لكن، لم تكُن هَذهِ المرّة ابتسامة بسبب الفرح.
‘يبدو أنّه لَمْ يكُن بيني وبين ريكس أيُّ شيء أبدًا.’
لم تكُن ريكس هي حبيبته، بل كانت رايلي فولكس حبيبته. كلّ مَن قابله، وكلّ دليلٍ وجده، كان يؤكّد ذَلك.
لَمْ يشعر فيليون بخيبة أمل. بل، بالأحرى، شعر بالسّخريّة. إذًا لماذا كانت تلكَ الفتاة تبكي عندما رأتني؟ ولماذا كانت غاضبةً لأنّني لَمْ أتذكّرها؟
‘هل يُعقل أنّها فقط كانت تُحبّني مِن طرفٍ واحد؟’
ربّما، لَمْ تُخفِ مشاعرها حتّى حين كانت في برج السّحر. ثمّ تعرّضت لكره رايلي فولكس، فبدأت تتفاداه، وفي النّهاية غادرت البرج.
لكن ريكس، قدّمت الزّهور أمام تمثال رايلي حِدادًا على وفاتها.
وكانت تساعده في محاولة إعادتها إلى الحياة، لأنّه أحبّ رايلي.
رغم أنّه لَمْ يتعرّف على ريكس حتّى ولو لمرّة.
هَذا… حقًّا…
“غبيّ.”
“هاه؟ آه، صحيح. أتّفق معك. إذا كنتَ ستفعل ما تُريده هي بعد موتها، فالأَولى أنْ تبقى بجانبها حتّى تموت، أليس كذلك؟”
لكن فيليون لم يُوافقه.
فقد طرأت عليه فجأةً مشاعرُ قلقٍ غير مبرّرة.
ريكس إيميل، رُبّما تحمل مشاعر خاصّةً تجاهي. وبريدين سيفير قالت أيضًا إنّها شخصٌ مهمّ بالنسبة إليّها. والأهمّ مِن ذلك، ريكس إيميل غبيّة ّ. وإذا كانت كذلك…
“أرغبُ في طلبٍ آخر.”
“اطلب ما تشاء. لا يزال هناك الكثير مِن ثمن حياتي لادفعه.”
“أحد السّحرة الّذين أعرفهم، يُفكّر في تغيير نوعيّة بنيته السّحريّة.”
“بنية سحره؟”
“نعم. أُريد معرفة كلّ المعلومات الممكنة حول هَذا الأمر، بقدر المستطاع.”
رغم أنّه قالها بدافع الحدس، إلّا أنّه حين فكّر بالأمر بتأنٍ، أدرك أنّه سؤالٌ لا بدّ مِن التّطرّق إليه.
لأنّ ريكس إيميل غبيّة ّ، وغالبًا ما يقوم الحمقى بأيِّ شيء لأجل مَن يُحبّونه.
وقد يتسبّب ذَلك في كارثة. لا يعرف تحديدًا ما نوعها، لكنّه شعر أنَّ عليه التأكّد.
وشعوره ذاك، تأكّد أكثر حين رأى ملامح الصّدمة ترتسم على وجه كولان.
قطّب كولان حاجبيه وسأل:
“هل دايل هو مَن يحاول ذَلك؟”
“لا. ليس سيّدي.”
“آه، صحيح. دايل لا يبدو مِن النّوع الّذي يُجازف بهَذهِ الخطورة.”
“فسِّر لي الأمر بدقّة، ماذا تعني بالمخاطرة؟”
“كما قلتُ لك، أعني أنّها خطيرة. هَذهِ محاولةٌ تحدث مرّةً في العمر… لا، بل حتّى في تلكَ المرّة الوحيدة، معظم السّحرة لا يجرؤون على الإقدام عليها.”
أخذ كولان يتحسّس ذقنه وبدت على وجهه علامات الانزعاج.
“لأنّ الأمر قد يؤدّي إلى الموت إنْ فشل.”
***
لحُسن الحظّ، كان البارون كروذس مِن الأشخاص الّذين يُقدّرون مجهود غيرهم.
ـ سأذهب هَذا الأسبوع إلى قصر الكونت ديلاريك. ما اسم البحث العلمي الّذي تحتاجه بالضّبط؟
وبعد محادثةٍ طويلة، خرج هيميل مِن منزل البارون منهكًا تمامًا. وأنا لَمْ أكُن أفضل حالًا مِن ناحيّة التّعب.
لكنّ ذهني كان أكثر صفاءً مِن أيِّ وقتٍ مضى. ولَمْ أكُن لأستطيع غير ذَلك.
[ولهَذا، أنا أرى ذَلك الوجه المزعج في كلّ حصةٍ عمليّة.]
ظلّ محتوى تلكَ الرّسالة يراودني.
‘أليس مِن المفترض أنْ أكون أنا الّذي يغضب؟!’
رغم أنّه كان يسلب منّي كلّ ما أرغبُ فيه، يقول إنّه تعيس؟!
‘بل وحاول التخلّص منّي أيضًا؟!’
قد يقول البعض: إنْ طُردتِ مِن برج السّحر، فذَلك يعني أنَّ الكونت فولكس سيفقد اهتمامهُ بكِ، وبهَذا ستنسحبين مِن القصّة الأصليّة تلقائيًّا، أليس ذَلك جيّدًا؟
لكن مَن يقول ذَلك لا يفهم شيئًا. لأنَّ الكونت فولكس لَن يتخلّى عنّي حتّى لو طُردت مِن البرج.
كان مِن الممكن أنْ يُلقي بي في سجنهِ السّفلي، فأقضي حياتي دوّن رؤية الشّمس، أبحثُ وأبحث فقط. أو قد يقتلني بنفسهِ بدافع الغضب!
‘لقد كنتُ على حافّة كارثةٍ حقيقيّة…’
تنفّستُ الصّعداء مرارًا وتكرارًا، بينما أقبض يدي أكثر مِن مرّة.
لكن لا يُمكنني الغضب. لا أحد يملك الحقّ في الغضب سوى رايلي فولكس. لو غضبتُ، فكأنّني أُخبر هيميل بأنّني رايلي.
‘آه! أنا غاضبة! آآآآه!’
رغم أنَّ غضبي كان يغلي داخلي، إلّا أنَّ ما استطعتُ فعله هو التّظاهر بالهدوء. وقد كنتُ بارعةً في ذَلك.
سألني هيميل بنبرةٍ حذرة.
“هل ما قيل… صحيح؟”
“……أيُّ شيءٍ تقصد؟”
“أنّه أصبح هدفًا مِن أجل التّغيير. أنْ ذَلك الطّفل قد فكّر في أمرٍ كهَذا…”
“لا يُمكن. لقد كان يتفاخر فحسب.”
كان فيليون يمتلك موهبةً عبقريّة بحقّ، ولٍمْ يُخفِ ذَلك أبدًا. بل كان يتعلّم ويُعلن عن اكتشافاته بجرأة. وقد تسبّب هَذا في تحفيز السّحرة الآخرين، وفي غضب الكونت فولكس.
لكن فيليون كان دائمًا مَن ينتصر في تلكَ النّقاشات معهم.
“لكن، أليس صحيحًا بأنَّ فيليون إلفيرت، قد قام بالكشف عن عددٍ كبير مِن الأدوات السّحرية ؟”
“ربّما فقط لأنّه أوكل كلّ شيء للكونت ديلاريك.”
هززتُ رأسي نفيًا.
“فيليون لم يكُن يملك رغبة في التّملّك أصلًا.”
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات