أوّلًا، تقرّبتُ من البطلة. كانت فتاةً طيّبة، بخلاف فيليون، لذا لم يكُن ذلك أمرًا صعبًا.
“لقد سمعتُ الكثير عنكِ مِن أستاذي! يقول إنّكِ ساحرةٌ ذات مهارةٍ عظيمة…”
“إيريون، دعينا لا نكذب.”
“هاها، لكنّها الحقيقة…”
وفي وقتٍ لاحق، سلّمتُ أيضًا الوثائق التي كان يرغب بها الكونت فولكس.
بما أَنّ السحرة الآخرين قد قدّموها له مسبقًا، بدا أنَّ امتناعي وحدي سيكون مريبًا للغاية، فلَمْ يكُن أمامي خيارٌ آخر.
وربّما لهَذا السبب، ورغم أنّه استدعاني عدّة مرّات، إلّا أنَّ الكونت فولكس لم يلحظ إطلاقًا أنَّ لديّ نيّةً أخرى.
ولم يكُن هناك داعٍ للكذب على أحدٍ سواه.
شعرت فيونا بخيبة أمل منّي وعادت إلى العائلة منذ زمن، وسحرة فولكس في برج السّحر كانوا قد ابتعدوا عنّي بالفعل. أمّا بقيّة السّحرة، فقد تجنّبوني هم أيضًا خشيةً من فولكس وديلارك.
حتى ألقابي لم تختلف عن الرواية الأصليّة.
الثّاني الأبدي. عار العائلة. فشل فولكس.
‘لكنّ ذَلك سينتهي قريبًا.’
أنشأتُ هويّةً مزيّفة مثاليّة، وجهّزتُ طريق الهروب. لم يعُد أحدٌ يهتمّ بي. حتّى فيليون لم يأتِ إليّ.
‘إيريون لا تُظهر ذلك، لكن كما في الرواية، لا بُدّ أنّه مشغولةٌ بعلاقتها مع البطل.’
ثمّ، بعد ثلاثة أشهر مِن دخول البطلة إلى برج السّحر، أُوكلت إلينا، أنا وهي وفيليون، مهمّةٌ مشتركة.
نفس التّوقيت كما في الرواية الأصليّة. كانت مهمّة التحقيق في الوحوش التي ظهرت في الآثار القديمة.
في اليوم الّذي وصلنا فيه إلى تلك الآثار، استفزَزتُ فيليون كما فعلت رايلي في الرواية، واقترحتُ عليه الرّهان على من سيقتل عددًا أكبر من الوحوش.
وكانت النّتيجة كما هي تمامًا.
“لقد أخبرتُكِ يا رايلي، أنتِ لن تفوزي عليّ أبدًا.”
لكنّ وقوعي أنا والبطلة في الفخّ كان جزءًا مِن خطّتي.
كانت الفخاخ المُتبقيّة في الآثار القديمة متقنة بما يكفي لتتأخّر ملاحظة فيليون لها، ونجحتُ في البقاء مع البطلة فقط.
من دون فيليون، نحن الاثنتان فقط.
‘لا بُدّ أنَّ فيليون الآن يواجه القتَلة الذين أرسلهم كونت فولكس.’
في الرواية، كنتُ أنا مَن قاد فيليون إلى حيث يوجد القتَلة، وأخذتُ البطلة رهينةً لتهديده.
تلكَ المهمّة بأكملها كانت فخًا كبيرًا مِن صنع الكونت فولكس لقتل فيليون.
وفي أثناء تلك المواجهة، قتَلني فيليون.
بضربةٍ واحدةٍ، حاسمة.
‘عندما يرى الكونت فولكس فيليون وقد عاد حيًّا بعد أنْ قتلني وقتل القتَلة، سيعتقد أنّه لم يعُد هناك خيارٌ سوى إحياء ملك الشّياطين.’
ولتحريف تلك الرواية، قُدتُ البطلة إلى الكهف المظلم أسفل الآثار. وبما أنّنا تقرّبنا من بعض خلال الأشهر الثّلاثة الماضية، لم تشكّ في أوامري.
وسرنا… لا أعلم كم من الوقت مضى.
ثم فجأةً، وبسبب صوتٍ غريب، ارتجفَت البطلة.
بدأت الوحوش الضّخمة تظهر واحدة تلو الأخرى مِن الممرّات، فصرخت البطلة بذعر.
“لي، رايلي! تلكَ الأشياء!”
كانت جميعها أوهامًا من صنعي.
“ما، ما هَذا بحقّ…؟”
“إنها… شياطين؟”
“ماذا؟! لماذا يوجد شياطينٌ هنا… كيااا!”
“إيريون! اختبئي!”
الصخور التي تسقط بصوتٍ مدوٍّ، والزلازل التي تهزّ الكهف، والصّراخ المخيف… جميعها كانت من سحري.
فعلتُ ذلك بعد أنْ أبعدتُ فيليون، لأنّه لو كان قريبًا، لاكتشف أنّ ما يجري خدعة.
دفعتُ إيريون جانبًا وصرختُ.
“اهربي بسرعة!!”
“علينا أن نهرب معًا!”
“يجب أن أُمسكهم هنا. لا يُمكن أنْ أسمح للشياطين بالصّعود إلى السطح!”
“لك، لكن…”
“ثمّ إنَّ هَذا… خطئي أيضًا.”
“خطأكِ؟”
“في الحقيقة، هذا المكان كان موقع تجارب أجراها الكونت فولكس لاستدعاء ملك الشّياطين.”
“ماذا!؟”
“أنا تلقّيتُ أمرًا من الكونت، وجلبتُ فيليون إلى هُنا. لأقتله.”
تجمّدت البطلة في مكانها، مصدومة.
“أنا آسفة لأنّي أخبرتكِ متأخّرة.”
“رايلي…”
“تلك الوحوش ليست سوى نتائج جانبيّة لذلك الطّقس الاستدعائي. وإذا تمّ استدعاء ملك الشّياطين، فشياطين أقوى مِن هذه ستدخل إلى هذا العالم.”
ابتسمتُ بحزن.
“أوقفي الكونت فولكس، أرجوكِ.”
“……”
“في مختبري داخل البرج، جمعتُ كلّ المعلومات عمّا كان يفعله الكونت طوال الفترة الماضية. استخدميها.”
فكّرتُ مرارًا في كشف هذه الوثائق سابقًا، لكنّني في النّهاية تراجعت.
فَمِن المؤكّد أنَّ فيليون لَن يُصدّقني.
لطالما احتقرني.
لكنّه سيُصغي إلى إيريون على الأقل.
ابتسمتُ ابتسامةً مريرة وقلتُ:
“أرجوكِ يا إيريون.”
ثمّ، مِن دون أنْ أنتظر ردّها، ركضتُ نحو الوحوش.
كووونغ! انهار السّقف مُجدّدًا، وتراكمت صخورٌ ضخمة بيني وبينها.
“رايلي!!”
كلّ شيءٍ سار كما خَطّطتُ له.
‘آه، تمثيلي كان خرافيًّا.’
استمررتُ باستخدام السّحر لترك آثار معركةٍ عنيفة.
لم أكُن بحاجةٍ إلى صنع جثث للشياطين. فالشياطين تنتمي إلى عالمٍ آخر، وبمجرّد موتها، تختفي كالدّخان.
وكذلك الأمر مع البشر الذين يلتهمهم الشّيطان.
‘لكن إنْ لَمْ أترك أيَّ أثر، فقد يُثير ذَلك الشّكوك…’
مزّقتُ معطفي الّذي كنت أرتديه، ونثرته في كلّ مكان.
ووضعتُ بضع قطراتٍ من دمي كنتُ قد جمعتها تدريجيًّا خلال الأشهر الثلاثة، واقتلعتُ بعضًا مِن شعري وذررتُه هنا وهناك.
‘هَذا يكفي، أليس كذلك؟’
بعد أنْ صنعتُ مشهدًا مروّعًا لا يُمكن أنْ يُثير في أيَّ أحد سوى أسوأ التخيّلات، خرجتُ بحذرٍ إلى السّطح.
لقد أمضيتُ الأشهر الثّلاثة الماضية أدخل هَذا المكان كما لو كان منزلي من أجل هذه الخطّة. كنتُ أعرف الطّريق كما أعرف راحة يدي.
تمكّنتُ بسرعة من العثور على المكان الذي يتواجد فيه فيليون والبطلة.
وبما أنّني لم أتمكّن من توفير الجرعات في الوقت المحدّد، طالبني التّجار بدفع تعويضات عن الإخلال بالعقود، فلَمْ يكُن أمامي خيارٌ سوى العودة للعمل كمرتزقة.
وهَكذا… حصلتُ على هذه المهمّة.
“السيّدة ريكس إيميل؟”
كنتُ أضغط على صدغي بيدي بسبب الذّكريات السّيّئة حين سمعتُ صوتًا غريبًا.
الشّخص الّذي اقترب كان شابًا طويل القامة. خلع قبعته وانحنى لي بأدب.
“أنا براندون مِن وكالة آسيل للعمالة. طلبتِ مساعدةً في نقل أمتعتكِ إلى النّزل، أليس كذلك؟”
“آه، نعم! صحيح. سررتُ بلقائك. أنا ريكس إيميل.”
ابتسم براندون وهو يصافحني.
“تجيدين التحدّث بلغة القارّة الغربيّة.”
“نعم. والداي مِن القارّة الغربيّة، وقد علّماني إيّاها. لكن بما أنّني نشأتُ كلّيًا في القارّة الشّرقيّة، فهَذهِ أوّل مرّةٍ أزور فيها الغربيّة.”
“إذًا، لديّ مهمّةٌ كبيرة. سأرشدكِ بأمان.”
“شكرًا لك.”
كذبتُ بكلّ سلاسة، كما أتنفّس، ثمّ حملتُ حقيبتي وتبعتُ براندون.
وحين بدأتُ أتجوّل في المدينة… لم أشعر بشيءٍ مميّز.
صحيح أنّني شعرتُ ببعض الحنين، لكنّني لم أشعر بأيِّ سعادةٍ خاصّة. في النّهاية، لا أملك ذكرياتٍ جيدة هنا.
كلّ شيء بدا تمامًا كما تركتُه حين غادرتُ…
توقّفتُ فجأة.
…هناك شيءٌ واحد لم يكُن كما هو.
أشرتُ إلى تمثالٍ برونزي ضخم في السّاحة وسألتُ براندون.
“ما هَذا؟”
كان نموذج التّمثال لامرأةٍ ذات شعرٍ طويل، ترتدي عباءةً وتحمل عصًا، صورة نمطيّة لساحرة.
‘تبدو وكأنّها تقاتل وحشًا خرج مِن البحر.’
“آه، تقصدين ذَلك التّمثال؟”
“درستُ التّاريخ قليلًا، لكنّي لا أعرف مَن تكون.”
“مِن الطّبيعي ألّا تعرفيها. ذَلك التّمثال نُصِب منذُ ثلاث سنوات فقط. ربّما لم يُذكر اسمها بعد في كتب التّاريخ الّتي تُصدّر إلى القارّة الشّرقيّة.”
“آه، فهمت.”
“آه، كم حدثت أشياءٌ كثيرة في ذَلك الوقت! لقد شعرتُ بصدمةٍ عندما سمعتُ أنَّ ملك الشّياطين كان على وشك أن يُستدعى!”
كنتُ أومئ برأسي وأنا أُصغي، لكن فجأةً تجمّدتُ في مكاني.
“مِن الصعب التّصديق، أليس كذلك؟ لكنّه حقيقيٌ تمامًا! فقد أعلنه برج السّحر رسميًّا!”
“…….”
“وما هو أكثر دهشةً أنّ من حاول استدعاء ملك الشّياطين كان نفسه الكونت فولكس، الرّجل الّذي أوقف موجة الوحوش الكبرى الثّانية!”
لم أتوقّع سماع هَذهِ القصة بمجرّد وصولي إلى الإمبراطوريّة.
“وماذا حدث لذَلك الكونت؟”
“قُبِض عليه من قِبل برج السّحر قبل أن يتمكّن من استدعاء ملك الشياطين. أليس هذا رائعًا؟”
يا إلهي، يبدو أنَّ كلّ شيء انتهى بشكلٍ جيّد.
أومأتُ برأسي وأنا أشعر بالارتياح. يبدو أنَّ الأمور سارت كما في القصّة الأصليّة، أليس كذلك؟
“وبعدها نُصِب ذَلك التّمثال.”
…لكن، هل كان هناك تمثال في القصّة الأصليّة أيضًا؟
“كلّ ذَلك لم يكُن ليحدث لولا وجود تلكَ السّاحرة. اسمها هو…”
لحسن الحظ، يبدو أنَّ براندون على وشك أن يخبرني بالتّفاصيل. بدأتُ أنا أيضًا أُخمّن وأفتتح كلامي.
السّاحرة التي فعلت كلّ هذا. واسمها هو…
“إيريون…”
“السيّدة رايلي فولكس!!”
تجمّد فمي وهو مفتوحٌ دوّن أنْ أتمكّن مِن إغلاقه.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"