حتى ذَلك اليوم، قبل دخول إيريون كتلميذة، عندما أمسكتُ بهِ وقلتُ له…
وفجأة، تساءلتُ: ما نوع هَذا الدّليل بالضّبط؟
“هل… أستطيعُ رؤيته؟”
بدت على وجه البارون كروديس علامات تفكيرٍ عميق، لكنّه سرعان ما أومأ برأسه وغادر غرفة الاستقبال.
وبعد قليل، عاد ومعه ثلاث أوراق.
“رسالةٌ مِن فيليون أرسلها لي عندما كان في السابعة عشرة. بعد قراءتكِ لها، ستفهمين ما أعنيه تمامًا.”
“هل يُمكنني قراءتها الآن؟”
أومأ البارون برأسه، ففتحتُ الرّسالة بحذر.
كانت الرسالة من ثلاث صفحات، والمسافات بين الكلمات واسعة. ومع ذلك، بما أنَّ الخطّ كان بخطّ يد فيليون، قرأتُها بسرعة.
يبدو أنَّ في الرسالة السابقة، البارون كان قد أخبر فيليون أنّه لا بأس في حضوره لحفل ميلاده.
لكن فيليون أجاب بأنَّ جدول تدريبه في البرج مشغول، لذا لا يستطيع الحضور. فكّر في الهرب، لكنّه قال إنَّ الأمر مستحيل هَذهِ المرّة.
[كلّ هَذا بسبب تلك الفتاة.]
عند هَذا السّطر، شعرتُ برعشةٍ خفيفة في كتفي، لكنّها لم تدم طويلًا. تابعتُ قراءة الرسالة بهدوء.
[تلكَ اللقيطة التي يقول كونت فولكس إنّه عثر عليها فجأةً. لا أستطيع حتّى التأكّد مِن أنّها فعلًا مِن آل فولكس.]
بهدوءٍ تام.
***
[ربّما سمعتَ بذَلك مِن قبل، لكن كما توقّعت، لم تكُن منافسةً لي على الإطلاق. الفرق في المستوى كان شاسعًا لدرجة أنّني شعرتُ بالملل.]
[صِيَغها السحرية تبدو وكأنّها منسوخةٌ مِن كتبٍ مدرسيّة، وتحكّمها في الطاقة السحرية كان بسيطًا وساذجًا إلى حدٍّ مثيرٍ للشفقة. أليس مِن المُفترض أنْ تُظهِر قليلًا مِن الإبداع بعد كلّ هَذا الاجتهاد؟ هل هي غبيّةُ بالفطرة؟]
[الأسوأ مِن ذَلك، أنّها رغم كلّ ذَلك كانت تملك عزيمةً، فكانت علاماتها جيّدة دائمًا. ولهَذا أضطرّ لرؤية وجهها المزعج في كلّ تدريب. للأسف.]
“نعم، كان هناك طلّابٌ موهوبون كُثر، لكن يبدو أنّهم جميعًا التحقوا بالكونت ديلاريك.”
“مُمتاز.”
رغم أنْ ملامحه كانت شبه خاليةٍ مِن التعبير، فإنَّ فيليون شعر بقدرٍ بسيط مِن السعادة.
لم يكُن هناك توقيتٌ أفضل مِن هَذا. شعر مرّةً أخرى بالثقة في قراره.
حتى عندما هزّ كولان رأسه، لم يتزعزع.
“حسنًا، لكنّني أرى الأمر من زاويةٍ مختلفة.”
“ما الذي تعنيه؟”
“أعتقد أنَّ الأشياء المهمّة قد يكون الجدّ ديلاريك قد أخفاها جيّدًا قبل رحيله. مِن الطبيعي أنْ يقود تلاميذه معه إنْ كان متأكّدًا أنَّ أحدًا لَن يجرؤ على سرقتها أثناء غيابه.”
“لا بأس. ما أحتاجه ليس مِن الأشياء المهمّة على أيّة حال.”
قيل إنَّ عدد المخطوطات التي تركها فيليون إلفيرت يتجاوز المئة، وأنّها متاحةٌ لجميع السحرة المنتسبين إلى برج السحر.
لذَلك، ليس مِن المرجّح أنْ يكون الكونت ديلاريك قد أخفاها بإحكام. إذا بحث في أرفف المكتبة، لا بدّ أنْ يجدها في وقتٍ ما.
ولحُسن الحظ، لم يكُن ذلك بالأمر الصعب بالنسبة إلى فيليون.
ففي إحدى المرّات، بسبب مهمّة تولّاها دايل مقابل أجرٍ فقط، قضى فيليون أسبوعًا كاملًا مًختبئًا في قصر أحد الأغنياء.
وبما أنَّ قصر الكونت ديلاريك أكبر بكثير، فلَن يُشكّل الاختباء فيه صعوبةً تُذكر.
قهقه كولان، لكن فيليون لَمْ يُظهر أيَّ ردّة فعل. لم تكُن المسألة تستحقّ التفكير مِن الأساس، كما أنّه اعتاد على هَذا النوع مِن الاستفزازات.
فمنذ زمن، كان كولان يحبّ استفزازه، ولمّا علم فيليون أنَّ سبب ذَلك لم يكُن إلّا الفضول لرؤية وجهه الغاضب، قرّر أنْ يجعل كلامه يمرّ مِن أذنٍ إلى أخرى.
ثمّ إنَّ السؤال نفسه لَمْ يكُن مثيرًا كفاية. فيليون كان يعلم أكثر مِن أيِّ شخص أنّهُ لا يتبع دايل بسبب مشاعرٍ حارّة أو حب.
عندما قابله لأوّل مرّة، لَمْ يشعر بشيءٍ مميز. فقط…
ـ مرحبًا؟ أنا دايل.
نعم، فقط. دوّن أيِّ سببٍ واضح.
في اللحظة التي رأى فيها شعره الأحمر، في اللحظة التي ابتسم فيها وهو يعرّف عن نفسه، قرّر أنْ يتبعه. شعر فجأةً أنّه لا يجب أنْ يتركه يرحل.
كان ذِلك أشبه بحدس، لذَلك حتّى فيليون نفسه لَمْ يعرف السبب الحقيقيّ الذي جعله يتبعه. لذا لم يكُن قادرًا على شرحه.
واكتفى بهزّ رأسه.
“على أيّة حال، لا.”
“بالمناسبة، دايل لَمْ يظهر منذُ فترة. هل هو مريض؟”
“نعم.”
“آه! يوجد العلاج في قصر الكونت ديلاريك! إذن، مِن أجل دايل، تُخاطر بحياتكَ وتقتحم القصر…!”
“لا.”
“تشه، كم أنتَ ممل.”
بصرامة، لم تكُن فرضيّته خاطئة بالكامل، لكنّ فيليون هزّ رأسه مجدّدًا، لأنّه كان واثقًا من أنَّ كولان سيبدأ بنسج خيالاتٍ غريبة كالعادة.
ولم يكُن دخوله مغامرة حياة أو موت أصلًا. كان واثقًا تمامًا مِن قدرتهِ على الخروج دوّن خدشٍ واحد.
لكن حتى لو شرح ماضيه، فإنّها لَن تقبل بالأمر.
لأنّه سرقة.
ابتسم فيليون فجأةً دون وعيّ منه.
كانت تلكَ الابتسامة نادرةً جدًّا لدرجة أنَّ كولان كان سيعتبرها كنزًا، لكن للأسف، كان مشغولًا بتنظيم الصناديق التي انهارت فجأة.
ومع ذَلك، لم يتوقّف عن الحديث.
“هل هو مريضٌ فعلًا؟ أم أنَّ دايل يتظاهر ليُجبرك على العمل بدلًا منه؟ راقبه جيّدًا.”
وكما اعتاد دائمًا، لَمْ يُعر فيليون كلام كولان اهتمامًا.
وشرع يفكّر في ريكس.
أنْ تقول لا يُمكن لأنّها سرقة، بدلًا مٍن أنْ تقول لا يُمكن لأنّها خطيرة…
كيف عاشت فتاةٌ بهَذهِ البراءة طوال هَذا الوقت؟
“ريكس دائمًا تقول إنّكِ ساذجٌ وتُخدع بسهولة، لكنّكَ لستَ كذلك فعلًا، أليس كذلك؟ ألا تُغضبكَ تلك الكلمات؟”
في الحقيقة، طريقتُه في الكلام أصبحت مزعجةً قليلًا في البداية.
في الآونة الأخيرة، لم تكن ريكس تعرف مِن الكلمات إلّا: “اختفِ”، “لماذا تنظر؟”، “اصمت”.
خاصّةً إنْ قابلته صباحًا، تنظر إليه وكأنّها التقت بعدوّها مِن حياتها السابقة، مثل كتكوتٍ منفوش الريش مِن الغضب.
ومع ذَلك، حين يحين موعد الطعام، تذهب إلى المطبخ على الفور وتأكل ما يُقدَّم لها دوّن اعتراض، فلا يسعه سوى الضّحك.
“أحيانًا أشعر أنّكَ لستَ فقط غير مهتمٍ بالآخرين، بل حتّى لا تعرف مشاعركَ الحقيقيّة. مراقبتكَ تجلب لي الضيق.”
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 19"