“حسنًا، لا عجب أنْ يُعجب أيُّ ساحرٍ بفيليون. فقد اخترع مئات الصيغ السحرية وابتكر عددًا لا يُحصى مِن الأدوات السحرية.”
“ن، نعم، هَذا صحيح…”
“آه، بما أنّها تُباع في القارّة الشرقيّة أيضًا، فلا بدّ أنّكِ تعاملتِ معها مِن قبل. أيّها تفضّلين أكثر؟”
عضضتُ باطن شفتي بقوّة قبل أنْ أرسم ابتسامةً متكلّفة.
“الموقد السحريّ… طبعًا، كان هناك مواقدٌ سحريّة مِن قبل، لكنّ النسخة التي طوّرها قلّلت بشكلٍ كبير مِن عدد الأحجار المطلوبة لتشغيلها.”
“أوه، حقًّا؟ لقد سُعدتُ بها أيضًا، إذ أصبحت أكثر أمانًا فتمكّنتُ مِن وضعها في غرفة ابنتي دوّن قلق. وماذا أيضًا؟”
“عذرًا؟”
“هل هناك أداةٌ سحريّة أخرى أثّرت فيكِ بشكلٍ خاص؟”
رغم وجهه المبتسم، إلا أنَّ صوته كان جادًّا بشكلٍ غريب. كما لو أنّه يُريد اختبار صدق إعجابي بفيليون.
وكان ذَلك أمرًا متوقّعًا. كما قال، قريبُه متورّطٌ في “أمرٍ مشين” الآن. لذا، لا بدّ أنْ يكون حذرًا.
ومع ذَلك، لَمْ يطردنا. لِمَ يا ترى؟ هل لأنّ صديق هيميل أثنى علينا؟ أم لأنّه ببساطةٍ يُحبّ الثرثرة؟
ربّما أيضًا يريد أنْ يعرف ما نُخفيه حتّى أعماقنا، وربّما إنْ رآنا تهديدًا لفيليون فسيُبادر هو بالتّخلّص منّا أوّلًا.
أفكارٌ كثيرة مقلقة راودتني، لكن على الأقل، ليس هَذا أسوأ ما قد يحدث. ما دمتُ أستطيع الحديث معه، فالوضع تحت السيطرة.
‘يجب أنْ أُثبت له أنّنا لا نحمل أيَّ نوايا سيّئة.’
بل إنّي أودّ لو أقول له إنّني تخلّيتُ تمامًا حتّى عن فكرة التّبليغ عن قريبه العزيز. لكنّه حتمًا سيرفض، تلكَ المصيبة.
‘فلنُركّز على ما يُمكن فعله الآن.’
أخذتُ نفسًا خفيفًا ثمّ فتحتُ فمي مِن جديد.
“الأداة السّحرية التي أستخدُمها بشكلٍ أفضل مِن بين ابتكاراته هي…”
أرجو ألّا يظهر في حديثي أيُّ أثرٍ لمشاعري الحقيقيّة تجاه فيليون.
***
كما ذكرتُ من قبل، أنا أعرف أبحاث فيليون جيّدًا.
وليس لأنّني أُكنّ له أيّ إعجاب، أبدًا، أبدًا، إطلاقًا. بل لأنّهم يقولون: “اعرف عدوّك، تعرف نفسك، ولَن تُهزم في مئة معركة.”
صحيح أنَّ النتيجة كانت أكثر إذلالًا مِن مئة هزيمة، لكن على الأقل، مِن ناحية الأبحاث، فأنا أعرفه أكثر مِن أيِّ شخص، حتّى أكثر مِن البارون كروديس نفسه.
لذَلك، اختبار البارون لَمْ يكُن إلا قطعة حلوى بالنّسبة لي.
لكنّ المشكلة هي أنَّ مشاعري تجاه فيليون ليست لطيفةً إطلاقًا.
لذا، ورغم أنّني كنتُ أتحدّث معه بوجهٍ هادئ، قلبي كان يرتجف توتّرًا.
وكانت النتيجة…
“جهاز التجميد! لقد جرّبته أيضًا! ذَلك الجهاز اخترعه فيليون حين كان في الثانية عشرة مِن عمره. هل تُصدّقين أنّني أول مَن رآه؟ أُختي الصغيرة كانت تبكي ليلًا ونهارًا لأنّ رجل الثّلج يذوب، فابتكره لأجلها. يا له مِن فتى عطوف.”
“عطوف… هاهاها، أجل، يبدو كذلك…”
“الجهاز الحالي لا يختلف كثيرًا عن النّسخة الأولى. كان شُبه مكتملٍ منذُ البداية. دائمًا ما يُفاجئني فيليون بما يتجاوز كلّ توقّعاتي. إنّه قريبٌ أفتخر بهِ بحقّ.”
“نعم، لا شكّ أنّكَ كذلك.”
لقد نجحتُ.
“آه، لدينا في هَذها المنزل صورةٌ شخصيّة مرسومة لي ولفيليون عندما كنّا صغارًا، هل ترغبين في رؤيتها؟”
ونجحتُ كثيرًا على ما يبدو.
رسمتُ ابتسامة مجاملةٍ وقلت:
“أودّ رؤيتها بكلّ تأكيد، لكن، ألن يكون مِن الأفضل أنْ نُنهي الحديث أوّلًا ثمّ نذهب لرؤيتها؟”
“آه، معكِ حقّ. أعتذر، لقد تحمّستُ قليلًا. لَمْ تسنح لي الفرصة للحديث عن فيليون منذُ فترة طويلة…”
“ألا تلتقون بأقاربكم؟”
“كلا، بعد أنْ قال أحدهم في جلسة شراب إنّه يُشفق على فيليون، تلقّى زيارةً مفاجئة مِن سحرة برج السّحر، ومنذ ذَلك الحين صرنا نحاول قدر الإمكان ألّا نتكلّم.”
لَمْ أكُن أتوقّع شيئًا مختلفًا، لكن سماعها مُباشرةً جعل الغضب يغلي في داخلي.
هل أنا مَن طلبتُ منه أنْ يسرق؟
“ما زلتُ غير قادرٍ على تصديق ما يحدث الآن. فيليون… فيليون لَمْ يكُن أبدًا شخصًا ليؤول بهِ الأمر إلى هَذا المصير. ولكن لماذا…؟”
مِن شدّة الانزعاج، بدأت أعضّ شفتي مِن جديد، لكنّ شيئًا غريبًا تسلّل إلى داخلي. شيءٌ… يبدو غير طبيعيّ.
‘هَكذا؟ ماذا يعني بكلمة “هَكذا”؟’
هل يقصد أنَّ فيليون ليس مِن النوع الذي يُصبح مجرمًا في برج السّحر؟ لا، هَذا لا يبدو كافيًا.
أيعني أنّه ليس مِن النوع الذي يسرق الكتب المحرّمة؟ لا أدري، فيليون كان يكره القيود، ولَمْ يشعر يومًا بالانتماء إلى البرج.
ولو أنّه سرق كتابًا محرّمًا بدافع التسلية، لما استغربتُ كثيرًا.
‘بمستواه، يمكنهُ ببساطة أنْ يقرأ التّعويذات التي يحتاجها ثمّ يعيدُ الكتاب لمكانه دوّن أنْ يلاحظ أحد…’
في تلكَ اللحظة، فهمتُ المعنى الحقيقيّ لـ “هَكذا”.
وفهمتُ أيضًا أنَّ ذَلك هو المدخل الذي يُمكنني اختراق قلب البارون مِن خلاله.
نظرتُ إليه بعينين مشفقتين وقلت:
“أتّفق معك، سيدي البارون.”
لو كان امرأةً لأمسكتُ بيده.
“فيليون إلفيرت ليس مِن النوع الذي يجعل العالم عدوّه مِن أجل امرأةٍ واحدة مثل رايلي فولكس.”
“هل التقيتِ بفيليون مِن قبل؟”
“بالطبع لا. سمعتُ عنه فقط. فكما تعلم، ليس البضائع وحدها هي التي تُنقل إلى القارّة الشرقيّة.”
في الحقيقة، كنتُ أتجنّب أيَّ حديثٍ عن فيليون حتّى في جلسات الشراب، لكنّ الوقت قد حان لاختلاق كذبة.
ولأجل هدفٍ نبيل: إنقاذ إنسان. فلا مبرّر للتردّد.
تابعتُ حديثي دوّن تردّد:
“بما أنّني ساحرةٌ أيضًا، فأنا أعلم. أغلب السّحرة لا يُفصحون عن اكتشافاتهم السحرية. ليس لأنّهم لا يرغبون في الانتقاد فحسب، بل أيضًا بسبب رغبتهم في الشعور بالتميّز والتملّك.”
“……”
“لكن بعد أنْ بدأ بنشر صِيَغه السحرية، تغيّر الحال. الكثير مِن السحرة عادوا إلى البرج حاملين أبحاثهم القديمة ليُثبتوا أنّهم أفضل منه، ولينافسوه. سمعتُ أنّهم كانوا يتشاجرون معه يوميًّا ليُسقطوا أنفه المتكبّر.”
“……”
“وفي النهاية، كلّ تلكَ المشاجرات أنتجت أدواتٍ سحرية عديدة سهّلت حياة الناس. وأنا أظن أنّه توقّع تلكَ النتيجة منذُ البداية. لقد جعل نفسه هدفًا وهو في ذَلك العمر الصغير، فقط مِن أجل التغيير.”
عضضتُ شفتَي للحظة ثمّ فتحتُ فمي مُجدّدًا.
“لقد قدّم الكثير للناس. لا يُمكن لشخصٍ مثله أنْ يسرق كتابًا محرّمًا يُهدّد به العالم.”
لكنّ الحقيقة، عليّ أنْ أقولها هكذا.
‘فيليون مِن النوع الذي لو سرق كتابًا محرّمًا، لما كُشف أمره.’
ربّما كان سيخلق نسخةً مزيّفة، أو يُنشئ خداعًا بصريًا. كان سيفعل أيَّ شيءٍ دوّن أنْ يُلاحظ أحد.
أو رُبّما يقرأ فقط ما يحتاجه مِن التّعويذات ثمّ يعيد الكتاب إلى مكانه.
ولو كان ينوي حقًّا تدمير العالم، لما سرق كتابًا كهَذا أصلاً.
لأنّ اختفاءه سيُثير ضجّةً في البرج، وسيُعرقل خطّته. كان سيبحث عن طريقةٍ أكثر سريّة وفعاليّة.
‘حتى لو كان قد سرقه فعلًا، لما اكتُشف أبدًا. فيليون ليس بهَذهِ الحماقة.’
فما السّبب إذًا في أنّ البرج أعلن أنَّ فيليون هو مَن سرق الكتاب المحرّم؟
“ربّما لُفِّقت له التّهمة…”
فكرة أنْ يُلفّق شيءٌ كهَذا لفيليون قد تكون غريبةً بعض الشيء، لكنّها أفضل تفسيرٍ ممكن في هَذهِ اللحظة.
مَن عساه يكون؟ عندما همستُ بذَلك السؤال لنفسي…
طَقْ. طَقْ.
صوتٌ غريب، جعلني أرفع رأسي في دهشة.
كان البارون كروديس يُسقِط دموعًا تشبه حبّات اللؤلؤ.
“هل… هل أنتَ بخير؟”
“أعتذر. لَمْ أظنّ أبدًا أنَّ أحدًا سيفهمني…”
ربّما بدا مشهدًا مؤلمًا لدرجة أنَّ هيميل أطلق تنهيدةً خافتة.
“يبدو أنّكم تختلفون حتّى داخل العائلة.”
“نعم، لَمْ أتبادل هَذا الحديث حتّى مع جدّي.”
لكن، بدا مِن نبرته أنّه واثق مِن أنَّ الكونت ديلاريك يعتقد نفس الشيء.
“حين أفكّر في أنَّ فيليون الآن يعاني في أرضٍ غريبة، بسبب مؤامرةٍ شيطانيّة، أفقد شهيّتي تمامًا. لا بدّ أنّه يشعرُ بالظلم…”
رغم أنَّ المعنيّ بالأمر لا يبدو مُتضايقًا كثيرًا، وحتّى أنا، صراحةً، شعرتُ ببعض الشماتة تجاهه…
على أيِّ حال، ما يحدث الآن يصبّ في مصلحتنا. شعرتُ أنَّ البارون كروديس بدأ يفتح قلبه لنا.
نظرتُ إليه بحزن وأومأتُ برأسي.
“لذا، إنْ أمكن… تلكَ المخطوطة البحثيّة…”
“فولكس.”
رفع البارون رأسه بعد أنْ مسح دموعه.
“قبل قليل، سألتِ مَن عساه يكون. الجواب هو فولكس. لا أحد غيرهم يمكنه فعل ذَلك.”
“إذا كنتَ تقصد رايلي فولكس…”
“كلا. تلكَ المرأة ماتت. والكونت فولكس مات أيضًا. لكنّ اسم فولكس لَمْ يندثر بعد. لا بدّ أنَّ هناك مِن بينهم مَن يُضمر حقدًا تجاه فيليون.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 18"