لو لم تُسارع إلى تغطية فمها، لكان الكلب الأسود قد تلقّى دفعة ماءٍ مباشرة على وجهه مِن ريكس.
رأى حلقها يتحرّك بقوّة وهي تبتلع، ثمّ مسحت شفتيها بكُمّها وحدّقت به بدهشة.
“ما الذي كنتَ تفكّر فيه لتصل إلى نتيجةٍ كهَذهِ؟ طلاق؟ أنا وأنت؟”
“لو كانت كلّ كلماتكِ صحيحة، فقد يكون الأمر كذَلك. بدا أنْ علاقتنا كانت قريبةً جدًا.”
“لا! ليستُ قريبة، ولا حتى تُشبه ذَلك! لًمْ تكُن بيننا علاقةٌ مِن الأصل!”
“حقًا؟”
“حقًا! أراهن على كلّ ما أملك!”
“لا يبدو أنّكِ تملكين الكثير.”
لم يستطع أنْ يضيف: ‘هل يًمكنني الوثوق بكِ؟’ لأن ريكس كانت تُحدّق بهِ بنظرةٍ تكاد تقتله.
لكن ذَلك لَمْ يدم طويلًا، إذ أعادت ملء الكأس وقالت بصوت منخفض:
“ربّما كنتَ على علاقةٍ مع تلميذتكَ. على الأرجح.”
تفاجأ الكلب الأسود مرّة أخرى.
“هل كنتُ منحرفًا؟”
“ما هَذا! بينك وبين إيريون سنةٌ واحدةٌ فقط! مجرّد كونها تلميذتكَ لا يعني أنّها طفلة!”
” سنةٌ واحدة… هل هَذا طبيعيّ؟”
“ليس كثيرًا، لكنه ليس مُستحيلًا أيضًا. في حالتكَ… ربّما أُعدَّت القصة بهَذهِ الطريقة لأنّكما تبدوان منسجمَين.”
“تبدوان منسجمَين؟”
“آه، أقصد… كنتما حقًا تُشكّلان ثنائيًّا جيّدًا!”
تلميذة؟ لا شيء يتذكّرهُ. لكن اسم إيريون لم يكن غريبًا عليه.
“إيريون… هل تعنين ملكة المرتزقة؟”
“نعم، أوّل مرةٍ تسمعُ بها؟”
“لست متأكدًا. لم يكُن لدي اهتمامٌ بالأمر.”
معظم المرتزقة يكُنّ لها الاحترام، لكن دايل والكلب الأسود كانا استثناءً.
كان دايل يقول: “ما الذي فعلته هَذهِ المرأة لتحسّن حياتي؟”، وأما الكلب الأسود فلَمْ يكُن يفكر بشيءٍ أصلًا.
مرّ بها مرةً مِن بعيد، لكن لَمْ يشعر بشيءٍ يُذكر.
‘لو كنّا على علاقة، لكان يجب أنْ أشعر بشيءٍ على الأقل.’
‘هل فقدان الذّاكرة لديّ ليس طبيعيًّا؟’
أحد الأطباء المُحتالين قال له ذات مرّة إنَّ فقدان الذاكرة عادةً ما يكون نتيجة صدمةٍ شديدة.
لكن الكلب الأسود، الذي يعرف طبيعته الباردة، لَمْ يظن أنّه قد يتأثّر بصدمةٍ عاطفيّة، فرجّح أنّهُ قد يكون تعرّض لإصابةٍ شديدة في الرأس.
قال له الطبيب حينها: إذًا ستعود الذّاكرة في وقتٍ ما.
لكن، مرّت سنةٌ كاملة، وذاكرته ما تزال بيضاء تمامًا.
نقيّة.
فهل مِن الممكن أنْ…
‘هل تلاعب أحدهم بذاكرتي عمدًا؟’
كان غارقًا في التفكير حين قالت ريكس:
“لو تذكّرتَ شيئًا عن إيريون، فلا بأس أنْ تذهب إليها.”
رفع رأسه، فوجدها تشرب الكأس.
“إيريَن الآن مسؤولةٌ عن نقابة المرتزقة، ولديها علاقةٌ تعاونيّة مع برج السّحر… لكنّها لَن تتجاهلك. حتى لو افترقتما بطريقةٍ سيّئة، فهي لا تحمل الضّغائن. فتاةٌ طيّبةٌ جدًا.”
“……”
“وفوق ذَلك، تملك المال، والقوّة، والسّلطة. هي خيارٌ جيّد مِن عدّة نواحٍ. قبل أنْ يعود جدّك، الكونت ديلاريك، يمكنها أنْ تحميك بأمان. بل ربما تكون تبحث عنك الآن بكلّ طاقتها.”
تذكّرتُ نظرة عينيه حين أخبرتُه أنني أقيم في “المفتاح الصدئ”، وابتسمتُ بهدوء.
هل يجب أنْ أُريه كم أنا قويّة؟ تخيّلتُ تعبيرًا مختلفًا يظهر على وجهه الجامد، ولَمْ أستطع كتم الابتسامة.
ربّما سيكون مِن المُمتع دفعه ليصرخ: “مدهش!” بصوتٍ عالٍ. كم سيكون محرجًا له حين يستعيد ذاكرته لاحقًا! مجرد التفكير جعلني أشعر بالارتياح.
نعم، عندما يستعيد ذاكرته…
عندما يستعيدها…
‘لا يبدو أنّه سيغضب كثيرًا.’
صحيح أنني خدعته، لكنّه يُحبّني، أليس كذلك؟
عودة شخصٍ ظننتَه ميتًا يجب أنْ تكون شيئًا مفرحًا.
لكن على أيِّ حال، ليس لديّ نيّةٌ في إقامة علاقةٍ معه بعد الآن. دعوني أوضّح أنَّ هَذا أمرٌ مؤكّدٌ تمامًا.
أنا واثقةٌ بأنّني سأخبره وجهًا لوجه: “أنا لا أحبّك، آسفة.”
لذا…
‘يجب أنْ أساعده ليستعيد ذاكرته.’
وأقولها مرّةً أخرى، ليس لأنّني أملك مشاعر تجاهه!
فقط… أشعرُ بالشفقة عليه قليلًا.
كونه يضع نفسه كعبدٍ للآخرين، وتعرّضه للصفع مِن دون مقاومة، مؤلم.
لو كان يُريد نسيان ماضيه، لكنتُ توقّفت، لكن لا يبدو أنّه يرفض فكرة استعادة ذاكرته. بل يبدو فضوليًّا حيالها.
وإنْ مات تحت قيادة دايل، فسأشعرُ بالذنب.
‘حسنًا، سأبدأ بتحفيز ذاكرته.’
وفي اليوم التالي، بدأتُ بتنفيذ خطّتي.
“……لا يُمكننا القول إنَّ كلّ حالات ‘التحجّر’ مُتشابهة. خاصّة تحجّر ميديرا، فهو يترافق مع عدّة لعناتٍ معقّدة. عندما نفكّر في مخلوقات تستخدم التحجّر، يخطر في بالنا كوكاتريس، لكن هذه الحالة أعقد بكثير.”
“…….”
“الأمر أشبه بفكّ عقدٍ متداخلة، علينا تحليل كلّ طبقة ثمّ مواجهتها بسحر الشفاء المُناسب، واحدةً تلو الأخرى. وليس أمرًا سهلًا أبدًا……”
خطّتي لم تكُن عظيمة، فقط كنتُ أشرح له ما أكتشفه أثناء فحص التمثال.
فهو كان دائمًا متميّزًا في السحر بطريقةٍ تثير الغيرة. لو استطعتُ إثارة فضوله…
“هل تذكّرتَ شيئًا؟”
“لا، لَمْ أتذكّر.”
وكان هَذا ردّه في اليوم التالي أيضًا، وفي كلّ يوم.
تحدّثنا كثيرًا، وسألتُ كثيرًا، لكن جوابه كان دائمًا نفسه.
“لا أعلم. لا شيء إطلاقًا.”
لَمْ أتخيّل أنني سأسمع هَكذا إجابة مِن فيليون.
“أنتَ لا تكذب، صحيح؟”
“ولِمَ أكذب بشأن هَذا؟”
“ربّما لأنّكَ تريد إزعاجي فتتظاهر بأنّكَ لا تعرف…”
“هل فعلتُ شيئًا كهَذا سابقًا؟”
“…….”
“يبدو أنّني فعلت.”
ابتسم فيليون ساخرًا وكأنّه لا يُصدّق. وأنا أتفهّمه.
فأنا أيضًا لَمْ أصدّق في ذَلك الوقت.
“فلنذهب. حان وقت العودة.”
أومأتُ برأسي وبدأتُ بتنظيف المنطقة حول التمثال. وبمُجرّد أنْ خرجتُ مِن الباب، شعرتُ مُجددًا بخطواته تتبعني.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 12"