لم أكن أظن أنه سيفعل شيئًا كهذا حتى بعد أن استيقظ الإمبراطور بسلام.
تساءلت بقلق إن كان قد جهّز من يمسكني في هذه الغرفة أيضًا.
رغم أنني تحققتُ من الأمر سابقًا، إلا أنني لم أستطع التوقف عن الارتياب فيما إذا كان هناك ساحرٌ من سحرة فولكس بينهم.
حتى حين بدا الارتباك واضحًا على وجوه سحرة البلاط الإمبراطوري، بقيت متيقظة.
“كـ… كنت أعلم أنك تفعل شيئًا مع سحرة فولكس، لكن لم أتخيل أن يصل الأمر إلى هذا الحد…”
وكان رد الإمبراطور صفعةً مدوّية.
“أيُّها الأحمق!”
ذراعه السوداء النحيلة كجذع شجرةٍ يابسة تحركت بلا رحمة.
“متى طلبتُ منكَ أن تمنحني الخلود؟!”
“لكن يا جلالتكَ! سحرة فولكس قالوا إن ذلك ممكن…”
“تؤجل شؤون الحكم من أجل وهمٍ كهذا؟! أتظن نفسكَ ولي عهدٍ بهذه العقلية؟!”
هرب ولي العهد، لكن الإمبراطور نزل من السرير بنفسه ليطارده ويضربه على ظهره.
أما رد فعل الأمير الثاني فكان…
“يبدو أنكَ بخير!”
“نـ… نعم، بالفعل.”
“أظن أنكَ ستعيش عشر سنواتٍ أخرى!”
“ألا يجب أن نوقفه…”
“لا خيار، لا بد أن يتلقى أخي بعض الضرب حتى يعقل.”
حينها أدركت.
‘آه، إذن هذه أول مرةِ يتعرض فيها للضرب…’
“ماذا سيظن الناس بك؟! وماذا سيقولون عني، وعن العائلة الإمبراطورية؟!”
“ربما سيعترض بعض الوزراء في البداية، لكن سرعان ما تهدأ الأمور. أما الشعب فسوف نخبرهم أن دماء العائلة الملكية للنبيلة هي السبب…”
“يا غبي!”
“آااخ! مؤلم! هذا مؤلمٌ فعلًا!”
“أتظن أنهم سيصدقون ذلك؟! أترى شعب الإمبراطورية بهذا الغباء؟!”
ثم، وكأنّ غضبه بدأ يهدأ، توقف الإمبراطور عن الضرب. وعندها تمتم ولي العهد:
“أنتَ تفعل هذا لأن هناك من يراقب، صحيح؟”
“أيُّها الأحمق!”
‘صفعة!’ عادت يد الإمبراطور النحيلة لتضرب ظهره.
“كيف تجرؤ على التعاون مع سحرة فولكس! ما أقصر نظرك!”
“هـ… هم فقط من قالوا إن بإمكانهم فعل ذلك! أعلم أن الأمر خطير، لكن جلالتك…”
“وتظن أن الأمر سينتهي بسلامٍ بمجرد أن أعود للحياة؟! أيها السفيه، الناس سيشيعون أن العائلة الإمبراطورية أعادت الإمبراطور بقوة ملك الشياطين! وعندما تعلن المملكة المقدسة حربًا، هل ستندم حينها؟!”
تجمد ولي العهد وكأنه تلقى ضربةً قوية على مؤخرة رأسه، ثم بدأ بالكلام مجددًا.
“ربما لو أحسنا صياغة الأمر…”
“أتظن أنه لا يوجد جاسوسٌ واحد في القصر من دولةٍ أخرى؟!”
الإمبراطورية كانت أوسع دول القارة الغربية أرضًا، والقصر الإمبراطوري معروفٌ بكونه الأضخم والأفخم.
الاعتقاد بأنه لا يوجد به جواسيس مِن دول أخرى… تفكيرٌ ساذجٌ وسخيف للغاية.
حتى مع أشد التحقيقات صرامة، فلا بد أن يفلت واحدٌ أو اثنان. وإذا انتشر خبر أن الإمبراطور حاول الحصول على الخلود…
“اللوم عليّ… أنا الذي ربيتُ ابني بشكلٍّ خطأ…”
“جلالتك، هل أنتَ بخير؟”
“إدوين، أحضر لي كأس ماء… باردًا جدًا.”
أخذ الإمبراطور الكأس من الخادم، وجلس على حافة السرير وشربه دفعةً واحدة.
ومع أن غضبه لم يهدأ بعد، التفت فجأةً ونظر إليّ. ثم مرر يده على ما تبقى من شعره وقال:
“… أعتذر لكِ، لقد شهدتِ مشهدًا قبيحًا.”
“آه، لا بأس.”
“وأعتذر عن حماقة ابني أيضًا.”
‘لم أتخيل يومًا أن أتلقى اعتذارًا من الإمبراطور!’
“كيف حالكَ الآن يا جلالتك؟”
“كما ترين، أتحرك بلا مشاكل، والتنفس أسهل بكثيرٍ من قبل.”
“هذا حقًا خبرٌ مفرح، جلالتك!”
اقترب سحرة البلاط من الإمبراطور بوجوهٍ مشرقة، وارتفعت أصوات التهاني.
حتى ولي العهد رفع رأسه قليلًا ينظر للإمبراطور، وكأنه ينتظر مديحًا.
لكن…
“أنتم، صحيح؟”
“… ماذا، جلالتك؟”
“أنتم من ذكرتم سحرة فولكس لولي العهد، أليس كذلك؟”
بدأ السحرة بالسعال المتكلف، وتراجعوا خطوةً إلى الخلف.
“أمـ… أظن أنني سأغادر الآن، فقد أتيت على عجل…”
“وأنا كذلك! حفيدتي تبكي كثيرًا إذا لم ترني، هاهاها!!”
“أمسك بهم جميعًا، يا راول.”
“أمر، جلالتك.”
اقترب الأمير الثاني مبتسمًا من السحرة وقال بنبرةٍ تجمع بين المزاح والتهديد: “هيا، تفضلوا من هنا.”
ثم وضع الإمبراطور الكأس جانبًا ونهض.
“عليّ مقابلة الفرسان أيضًا، أين قائد الحرس الملكي؟”
***
عمل الإمبراطور بحماسٍ على إنهاء أعمال الحكم المتراكمة.
ورغم أنه كان يغضب أحيانًا بسبب كثرة ما أجّله ولي العهد، إلا أنه أدار الأمور العاجلة بشكلٍّ جيد.
أما أنا، فبعد أن راقبت حاله من بعيد لبعض الوقت، غادرت مكتبه.
لم يطلب مني أحدٌ المغادرة، لكنني فضّلت الابتعاد لأن شؤون الدولة السرية قد تُذكر قريبًا.
‘ولست مهتمةً بذلك حقًا.’
بعد نحو ساعتين، جاء الإمبراطور إلى الجناح المنفصل حيث كنت.
“أعذري تأخيري.”
“لا بأس، جلالتك.”
“لقد سبّبتُ لكِ المعاناة بسبب حماقة ابني. أعتذر مرةً أخرى.”
هذه المرة، لم أجد ما أقوله سوى الصمت. فابتسم الإمبراطور ابتسامة باهتة.
“سأأمر برفع أوامر الملاحقة جميعها. وسأخبر كل النبلاء أن حادثة سرقة القلادة لم تحدث، وأنها كانت سوء فهم.”
“… أشكرك.”
“أما ما قبل ذلك من أوامر الملاحقة، فليست من شأن العائلة الإمبراطورية ولا يمكن إلغاؤها.”
ثم نظر الإمبراطور إلى جانبي.
“لقد مر زمنٌ طويل يا فيليون.”
“نعم، جلالتك.”
‘ردٌ مقتضب بشكل مدهش.’
لكن من الواضح أن الإمبراطور يعرف وجه فيليون — طبعًا، فوالده دوق، ومن الطبيعي أن التقيا أكثر من مرة.
“وكيف حال دوق إلفيرت؟”
“لم ألتقِ به منذ زمنٍّ طويل، لا أعلم.”
“… أليس هو من أخفاك طوال هذه المدة؟”
فتح الإمبراطور عينيه بدهشةٍ، ثم رمش ببطء.
“لا تقل لي إنكَ لم تبدأ بعد تدريب الوريث؟”
“نعم، جلالتك.”
“هاه… كنتُ أظن أن الأمر انتهى منذ زمن. يبدو أن هناك مشاكل كثيرة.”
وفعلاً، كنت أنا أيضًا فضوليةً بشأن هذا الأمر، إذ لدى فيليون شقيقان أكبر منه، فكيف سيكون موضوع الوراثة؟
لكن فيليون لم يقل شيئًا.
اكتفى بالتحديق في الإمبراطور ببرود، وكأنه تمثال. حتى حين أشار إليه الإمبراطور بأن يتكلم، بقي صامتًا.
وبعد وقت، تحدث الإمبراطور مجددًا:
“أفكر في عزل لورانس من ولاية العهد.”
ضغط على جفنه بقبضته بتعب.
“كنت أعلم أن قدراته محدودة، لكن… لم أظن أنه سيكون بهذا الطيش حتى وأنا في حالةٍ مرضية حرجة. علينا إعادة النظر في كل شيءٍ من البداية.”
“..…”
“بلغ دوق إلفيرت بذلك أيضًا.”
حينها فهمت مغزى صمت فيليون.
لقد كان ينتظر ليرى ما سيفعله الإمبراطور.
تصرف ولي العهد كان خطأً فادحًا من منظور
الإمبراطورية، وقد يؤدي إلى حربٍ مقدسة لو بلغ الأمر المملكة المقدسة.
وأفضل طريقةٍ للإمبراطور لضمان التكتم هي عقد صفقة.
‘سنتجاهل ما حدث مقابل أن تصمت أنتَ أيضًا.’
لكن فيليون، بعدم رده على سؤال الوراثة، رفض هذه الصفقة ضمنيًا.
بل ولم يطرح أيّ شروطٍ بديلة، وفضّل مراقبة رد فعل الإمبراطور.
وفي النهاية قال:
“سأنفذ ما قلتَه، جلالتك.”
“حسنًا، أعتمد عليك.”
“لكن لكي أشرح الأمر جيدًا، لا بد أن أروي تفاصيل ما حدث اليوم أيضًا. لا بأس لديك، صحيح؟”
“…..”
“لا تقلق كثيرًا، فأنا وأبي لا نبوح بالأسرار بسهولة.”
أي أنه سيلتزم الصمت لبعض الوقت، لكن لن يحتفظ بالأمر سرًا للأبد.
أطلق الإمبراطور تنهيدةً طويلة، ثم أومأ.
“… بالطبع.”
“شكرًا لك.”
ابتسم فيليون قليلًا، بينما بدا على الإمبراطور انزعاجٌ شديد وهو ينقر لسانه.
ثم التفت إليّ مبتسمًا ابتسامةً ودودة.
“على ذكر ذلك، لم أسألكِ عن اسمك. أتمنى أن تعذرني، فما زال ذهني مشوشًا بعد نومي الطويل.”
“أتفهم ذلك، جلالتك.”
“إذن ما اسمكِ؟ اسم المنقذ يجب أن أتذكره حتى موتي.”
ترددتُ قليلًا، ثم قررتُ أنه لا بأس بالكشف عن ذلك.
“أنا رايلي فولكس.”
اتسعت عينا الإمبراطور أكثر.
“رايلي فولكس؟”
أشد من اندهاشه حين علم أن الدوق لم يخفِ فيليون.
“أأنتِ البطلة رايلي؟ كنتِ على قيد الحياة؟”
“مسألة لقبي بالبطلة لها ظروفها الخاصة…”
“ولي العهد حاول قتل رايلي فولكس؟”
“..…”
“رايلي فولكس التي لها سبعة تماثيل في أرجاء الإمبراطورية، ويحتفل الشعب بعيد ميلادها سنويًا…”
“..…”
“والتي دائمًا ما تحل بين أفضل خمسة أسماء في تصويت الطلاب عن الشخصيات التي يحترمونها؟”
وقبل أن أجد ما أقوله، نهض الإمبراطور صارخًا.
“سأمزق هذا الوغد إربًا!!”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات