الفصل 110 :
بحسب ما سمعه راول، كانت رايلي فولكس وفيليون إلفيرت عاشقين.
والمحادثة التي سمعها في غرفة الإمبراطور كانت كفيلةً بجعله يظن ذلك أيضًا.
لكن، الآن…
“اليوم سأفوز بالتأكيد!!”
وما إن انتهت كلماتها حتى ظهرت في الهواء دوائرٌ سحرية لا تُحصى.
وبمجرد أن حرّكت رايلي يدها، أضاءت الدوائر كلها باللون الأزرق، ثم أطلقت كلٌّ منها تيار ماء حاد كـ سن الرمح نحو فيلون.
لكن للأسف، كل الضربات كانت في الهواء.
“ألا يمكنك أن تُصاب ولو قليلاً!”
أهذا… حُبّ؟
‘على الأقل من جهة رايلي لا يبدو كذلك.’
تلك النظرات، ذلك الصوت المرتفع الحماسي، كلها مليئةً بالنية الحقيقية… كانت ترغب بصدق في أن تُصيب فيليون بذلك السحر.
لكن فيليون لم يحقق لها أمنيتها ولو مرةٍ واحدة.
لم يستطع راول أن يحدد إن كان فيليون يستخدم السحر أم لا، لكنه كان يتفادى جميع الهجمات بسهولة وبأقصى هدوء.
لم يكن على وجهه أيُّ أثرٍ للعتاب من نوع ‘هل تفعلين بي هذا؟’، بل ربما كان يبتسم أيضًا.
‘هل هو مجنون…؟’
وبينما كان غارقًا في هذا التفكير الجاد، تقدّمت إيريون فجأةً بخطواتٍ واسعة نحوهما.
“فلنبتعد أكثر.”
“آه، نعم. يبدو أن النار ستصل إلى هنا.”
“ليس الأمر كذلك. رايلي تُراعي هذه الأمور بدقة حتى وهي تقاتل.”
عندها لاحظ راول أن الحريق الذي كان قد انتشر في الحديقة قد انطفأ نصفه بالفعل.
على ما يبدو أن تيارات الماء التي استدعتها رايلي لمهاجمة فيليون قد أطفأت النيران أيضًا.
“يبدو أن سمو ولي العهد قد صاح بصوتٍ مرتفع لدرجة أن مُعلمي سمعه. قبل قليل رأيته ينظر إلى هنا. سموك، انهضّ بسرعة!”
“تبًا، تبًا…!”
“سمو الأمير الثاني، هل تساعدني؟”
وبمساعدة كل من إيريون وراول، تمكن لورانس بالكاد من الوقوف.
لكن ما إن خطا عشر خطواتٍ حتى دوى صوت انفجارٍ آخر.
وبردّة فعل فورية، التفت فرأى رايلي تركض وراء فيليون بكل جهد.
لم تكن تركض باتجاههم، مِما يعني أنها كانت تقوده لمكانٍ آخر.
مهما كان السحر الذي استخدمته، فقد كانت أسرع مِن قبل، وكانت التعويذات تنطلق تباعًا.
“آه، كفى!”
… بل وكانت تغضب أكثر أيضًا.
ومع ذلك، لم تكن قد فقدت أعصابها أو دخلت في حالة غضبٍ أعمى.
حتى وهي تركض، كانت تُراقب محيطها، وتحرك الأشخاص المصابين باستخدام سحر الرياح إلى أماكن آمنة، كما أن الحريق في الحديقة اختفى تمامًا.
كان بإمكانها فعل ذلك لأنها ما زالت تملك بعض الطاقة، وبالفعل، لم تكن تبدو منهكةً كثيرًا.
لكن مشهدها وهي تبذل جهدها الشديد أثقل صدر راول.
عائلته حاولت قتلها… لكنها الآن تفعل كل هذا لإنقاذ والده.
‘وأنتِ، من أجل إنقاذ والدكِ، تبذلين كل هذا…’
أفلت راول ذراعه التي كانت تسند ولي العهد.
“آه! راول، أنت…!”
“تقدّموا أنتم! عليّ التحدث معها!”
“هاه؟ عن أيّ حديث…، سموك!!”
ترك صوت إيريون القلق وراءه وركض عائدًا في الطريق الذي جاء منه.
وبعد أن ركض بكل ما أوتي من قوة، وصل أخيرًا إلى حيث كانت رايلي وفيليون يتقاتلان.
“آنسة رايلي!”
“سمو الأمير؟ لماذا أنتَ هنا….”
لكن الحديقة كانت في حالةٍ مزريةٍ لدرجة أن حتى راول، رغم براعته الجسدية، لم يستطع الصمود وسقط على مؤخرته.
“أريد التحدث قليلًا، أوه!”
فأسرعت رايلي نحوه بقلق.
“هل أنتِ بخير؟”
“نعم، نعم، بخير…”
“انهضّ أولًا.”
أمسك يدها ونهض بحذر. لم تكن يدها واهنةً كما توقع، بل كانت قويةً بما يكفي ليتكئ عليها، كما أنها كانت دافئة جدًا.
وبينما كان يتأمل ذلك الشعور بذهول، دوى فجأةً صوت ريح عاصفة باتجاههما.
“آه!”
لو تأخرت رايلي قليلًا في نصب حاجز، لكان قد تلقى تلك الريح العاتية مباشرةً وسقط مجددًا.
أخفض راول يده عن وجهه ونظر للأمام.
رايلي كانت أمامه تحميه، وهي تصرخ:
“قلت إنكَ لَن تهاجم!”
وصاح راول بدوره وقد عاد لوعيه.
“وقلت إنكَ ستتركني حيًا!”
“هل قلتُ ذلك؟”
يبدو أن رايلي لم تكن تنوي إطالة الحديث مع فيلون. وبمجرد أن حرّكت يدها، ظهرت دوائرٌ سحرية في الهواء وأطلقت زوابع صغيرة.
وحين ابتعد فيليون متفاديًا إياها، التفتت إلى راول.
“ابقَ مع إيريزن. المكان خطر!”
لكن راول أمسكها بسرعةٍ قبل أن تذهب.
“أنا أضمن الأمر!”
“ماذا؟”
“أعني الطريقة التي ذكرتِها!”
بدت محتارة، لكنها أومأت.
“نعم، أعتقد أنها ستنقذ جلالة الإمبراطور…”
لكنها فجأةً اتسعت عيناها وسألت بجدية.
“حقًا؟”
“نعم. لقد عقدتُ العزم.”
“لكن ولي العهد سيعارض…”
“سأتكفل بإقناعه. بهذه الطريقة سأتمكن من إقناعه.”
“… حسنًا.”
ترك راول يدها وابتسم مطمئنًا، فبادلت إيماءة برأسها.
لكن بدل أن ترحل فورًا، توقفت والتفتت نحوه مجددًا.
“لكنني سأفكر أيضًا في طريقة نتجنب بها ذلك!”
ثم ابتسمت ابتسامة مشرقة كأنها تطمئنه، وعيناها الخضراوان تلمعان حتى في ظلمة الليل.
ظل راول ينظر إليها صامتًا لبعض الوقت.
وحين عاد لوعيه، كان فيليون ورايلي قد عادا للاشتباك مجددًا.
كان المشهد مشابهًا للسابق: رايلي تهاجم، فيليون يتفادى بفارقٍ ضئيل، رايلي تُظهر انزعاجها، وفيليون يبتسم.
‘جميلةٌ حقًا…’
تنهد راول بعمق.
***
بعد ثلاثين دقيقة من القتال، توصلتُ أنا إلى استنتاجٍ محزن.
لقد تطورتُ خلال خمس سنوات، لكن من حيث القدرة البدنية، لا أزال غير قادرةٍ على هزيمة فيليون.
حاولت تفادي هجماته بلا سحر، لكني فشلتُ مرارًا، وهو ما يثبت الأمر.
حتى الآن، لولا الحاجز، لكنتُ قد سقطت في النوم منذُ زمن.
“لقد كانت تلك قبل قليل قريبة. أليس كذلك؟”
كان يلوح بيده اليمنى التي يستخدمها في إطلاق سحر النوم، مبتسمًا بمكر.
عضضت على أسناني. لا أعلم حتى إن كنتُ قد تطورت سحريًا أكثر منه، لكن…
‘ما زال التفوق لي!’
حرّكت طاقتي بسرعة. فانشقت الأرض تحت قدمي فيليون فجأة، لكن قبل أن تغوص ساقاه، ارتفع تلٌّ من التراب تحته.
خرج من الشق بخطواتٍ هادئة وقال:
“أليس هذا متوقعًا جدًا؟ صحيح أنكِ صرتِ أسرع قليلًا.”
لكنني لاحظت شيئًا…
‘طاقته غير مستقرة.’
لم يمضِ وقتٌ طويل منذ أن استعاد طاقته، ويبدو أنها لم تستقر بعد في جسده.
وكان هذا في صالحي.
‘لن أتردد في استخدام أيّ وسيلة.’
بدأت أطلق تعويذةً من نوعٍ مختلف، بينما كان يراقبني بريبة.
“الآن فقط سأقولها، ذاك التنين جميلٌّ لكن…”
“لا.”
ابتسمتُ له بنفس مكره.
“ليس هذا ما أقوم به.”
بدأت الحجارة ترتفع في الهواء من كل الجهات، بينها صخور ضخمة. كنت أعدّ لهًذا طوال الوقت، وأنا أفتت الأرض وأجمع الحجارة.
“جرّب أن تتفادى هذا أيضًا.”
انهمرت الصخور من السماء كالشهبٍ. نصب فيليون حاجزًا فورًا، لكن بعد الصخرة الخامسة، أزال الحاجز وبدأ يتفادى بنفسه.
كما توقعت، كان حاجزه أضعف.
وحين ركض باتجاه الغابة للاحتماء بالأشجار، اعترضتُ طريقه بجدارٍ مائي ثم جعلتُ الماء ينهار عليه كـ سيلٍّ جارف.
ومرةً أخرى، أوقفه بحاجزٍ. لكنني هاجمتُ في اللحظة نفسها بكتلٍّ من الطين، التصقت بحاجزهِ وأحكمت تغطيتها له، ثم جعلتها تتصلب، وأضفتُ حاجزًا فوقها.
‘سيحتاج الكثير من الطاقة للخروج الآن.’
قفزت إلى شجرة قريبة لأراقب عملي بإعجاب.
‘بقيت المرحلة الأخيرة…’
لكن الغصن الذي أقف عليه انكسر فجأةً، وبدأت أسقط بسرعة، قبل أن أصدم بالأرض… التقطتني ذراعان قويتان.
وضعني فيليون على الأرض وقال:
“غير متقن.”
“هاه؟”
“إنهاءكِ غير متقن.”
كان وجهه وشعره مغطى بالطين، وقد اخترق الحاجز الذي صنعته فقط ليمسكني.
“ماذا فعلتِ خلال خمس سنوات؟ كان عليكِ التخلص من هذه العادة.”
“لقد تخلصتُ منها تقريبًا.”
“لو تأخرتُ قليلًا فقط…”
عانقته فجأة.
“لا تفعل.”
ارتجف قليلًا.
“لا تُصبح خائنًا بسببي.”
“…..”
“قلت إنكَ تريدني أن أعيش حياتي، فكيف سأرتاح إن جعلتكَ مجرمًا لأجلي؟”
“..…”
“أرجوك يا فيليون …”
“لا.”
ابتعدتُ عنه قليلًا.
“أطلب منكَ هذا؟”
“نعم، لا.”
“حسنًا… إذن.”
وبينما أمسكتُ بذراعه بأسف، وضعتُ بسرعة شيئًا على معصمه.
كلك.
“رايلي…؟”
“نعم؟”
“ما هذا؟”
“وما تظن؟”
ابتسمتُ وأنا أنظر إليه.
“إنه قيد الطاقة السحرية الذي قيدتني بهِ أنتَ.”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
حسابي ✿《انستا: fofolata1 》
التعليقات