لم يتمكن سيريوس من الاستمرار في التنفس، وبعد وقت قصير فارق الحياة.
كان ذلك نتيجة استخدامه لكامل قوته السحرية مع إضافة قوة حياته لتفعيل السحر في نهاية المطاف.
أن ينتهي المطاف بعاقبة الإصرار المستمر على الهوس بالموت، فهذا شيءٌ يجعل أيّ شخصٍ يهزّ رأسه ويقرص لسانه.
لكن فيليون لم يكن لديه الوقت للتفكير في مثل هذه الأمور.
‘رايلي.’
قبض فيليون على يده عدة مرات ثم أرخاها.
كان الشلل يختفي تدريجيًا. بدا أنه يمكنه استخدام السحر مرةً أخرى إذا انتظر. وكانت ذاكرته لا تزال سليمة.
لذلك، كان الوقت المناسب للتحقق هو الآن.
توجه فيليون مباشرةً نحو خارج الحاجز. ركب الحصان الذي تم إعداده على مسافةٍ قريبة، وركض دوّن توقف لحظة واحدة.
كان مختبرا رايلي كما تركه عند مغادرته.
وأيضًا كما كان قبل مغادرتها هي نفسها.
كان فيليون يعيش في مساحةٍ مجاورة مباشرةً للمختبر. كان غالبًا ما يأخذ كتبها، لكنه يعيدها دائمًا إلى مكانها بعد القراءة. كما كان يعيد صناعة أدوات السحر والمواد وفقًا لما صنعته هي.
كانت تلك العادة تجعل لمسه لأشيائها حذرًا هذه المرة أيضًا. لكنه لم يتردد.
فتح كل الأدراج، وأخرج كل الأشياء، وفكك كل أدوات السحر ليفحصها. كما أخرج كل الكتب من الرفوف.
ثم أدرك شيئًا.
‘ليست هنا.’
كانت المواد المكتوبة بخط اليد قليلةً جدًا مقارنةً بالشخص العادي.
رغم أن رايلي كانت تُحب الكتابة.
أكثر المشاهد التي شاهدها كثيرًا أثناء وجوده اليومي في مختبرها كانت مُشاهدتها وهي تكتب شيئًا.
لا يمكن أن تكون في مكان آخر. من سن الخامسة عشرة حتى العشرين، كانت رايلي تقيم فقط في برج السحر. كل أغراضها هنا.
ومع ذلك، لم يُرَ حتى ورقةً واحدة مِن دفتر يوميات.
لا رسالةً أرسلتها لشخصٍ ما، ولا رسالةً كانت ستكتبها هي نفسها.
لا شيء يبدو للآخرين كأنه ‘مشكلة’.
وكأن كل شيء تم محوه مسبقًا.
“ها…”
جلس فيليون على الكرسي وضغط على جانبي جبينه.
قد تكون مجرد فكرةٍ مفرطة. إذا أخبر إيريون، فسوف تنظر إليه بعينين شاحبتين مجدّدًا.
لكن كان من قال إن رايلي لا تزال حية. للأسف، لن يتمكن من سؤاله مرةً أخرى لأنه مات بالفعل.
‘كان يجب أن أسمع كيف اكتشف ذلك حتى لو بالضرب.’
تذكر أيضًا ما قيل له أنه كاد يُستخدم كـ تضحية.
تساءل لماذا كذب الكونت فولكس قائلاً إنه لم يكن يعرف، ربما كان قلقًا من أن يشك فيليون ويشارك في رجوع الزمن.
وكانت هناك نقاط ضعفٍ أخرى. كان سيريوس مجنونًا بلا شك. وفيليون كان نصف مجنونٍ كذلك، مأسورًا بالأمل في لقاء رايلي مرةً أخرى…
‘رايلي.’
شعر فليون بمشاعرٍ غامرة وهو يربت على صدره.
يمكنه مقابلتها مرةً أخرى.
لا يعرف كيف حلم بهذا الحلم الغريب، لكنه كان القرار الصحيح. كانت لا تزال على قيد الحياة في هذا العالم.
بعد عدة أنفاسٍ عميقة لتهدئة مشاعره، غادر فيليون المختبر.
كان لديه الكثير من الأسئلة لطرحها على رايلي، والكثير ليقوله. لكنه لا يمكن أن يفقد ذاكرته.
‘سيكون هناك طريقة.’
أكثر شخصٍ مناسب للحصول على المساعدة هو الكونت ديلاريك.
كما توقع، فور سماع جده أنه وقع لعنة الكتاب المحرَّم، اتصل على الفور بساحرٍ مختص بدراسة الذاكرة سرًا. جلب المواد البحثية المفيدة في يومٍ واحد فقط.
لم يتحدث أبدًا عن سيريوس أو رجوع الزمن.
أراد فيليون أن يركز جده فقط على حل اللعنة.
لو علم لاحقًا أن السبب هو ذلك، ربما يشعر بالاستياء، لكن فيليون كان مستعجلًا للغاية. لم يرغب في فقدان أيِّ جزءٍ من ذاكرته.
وبفضل جهوده، نجح أيضًا في ختم اللعنة.
“لن تتحمل طويلاً.”
كان الساحر الذي ساعد فيليون أكبر سنًا من إيرنكيل.
وقال وهو يفرك عينيه المتعبة
“يمكننا إضعاف اللعنة بالسحر الذي صنعناه، لكن الأمر سيحتاج على الأقل سنةً واحدة. وسحر الكتاب المحرَّم سيظل يتفعل لا محالة.”
“……”
“لن تتحمل سنةً كاملة….”
بمعنى آخر، كان لديه قنبلةٌ غير معروفٍ متى ستنفجر في جسده.
إذا انفجرت، سينسى فيليون كل شيء. اسمه، عائلته، مشاعره، قدراته الإدراكية، وكل شيء بشري.
سيعيش كوحشٍ يعرف فقط التدمير.
سيقتل كل ما يراه، ويشبع جوعه بالدم.
وسيستخدم السحر أيضًا، لأنه أسهل وأريح له من استخدام يديه الآن. ومع كل قتل…
سوف يلتقي حتمًا برايلي.
لن تفشل في الظهور أمامه.
هي شخصٌ يهتم بحياة الجميع، حتى لو كان الساحر من عائلة ديلاريك الذي شوهت سمعته، لن تتجاهله إذا طلب المساعدة.
ستأتي لمقابلته. ومن ثم…
‘ربما تقتُلني.’
لأنها كانت غاضبة، قد تقتله بلا تردد.
لم يكن هذا مشكلة، بل كان سيستقبله بسعادة.
― “لم أتحقق بالتفصيل، لكن ربما قتلتها بيدك. لم تعد بعد المهمة التي ذهبت معها.”
― “أرجو من كل قلبي أن تقتل رايلي فولكس بيدك، مع كل قوتي وسحري.”
بعد هذه الأفكار، نهض فيليون من مكانه.
“فيليون؟ إلى أين تذهب؟”
“لديّ شيءٌ لأجربه. لا تتبعوني.”
توقف الكونت ديلاريك والساحر عند محاولة اتباعه.
“هذه مهمة يجب أن أفعلها وحدي، وبصراحة، وجودكما لن يفيد كثيرًا.”
كان الساحر الكبير أول من فهم مغزى كلامه.
“فيليون، هل….”
“إذا فشلت، يمكنني انهاء الأمر على الفور. وإذا تم الإبلاغ عن مجنونٍ يثير المشاكل، فهذا يعني أنني الشخص.”
“فيليون!”
“وإذا نجحت…”
توقف فيليون وابتسم.
“إلى اللقاء، جدي.”
لكن لم يكن بإمكانه وداعه كما تصور، لأن الكونت ديلاريك ألقى تعويذةً لإيقافه ووضعه داخل الحاجز.
وفي اليوم التالي، خرج فيليون بهدوء عندما خفّت مراقبة الكونت قليلًا.
توجه مرةً أخرى إلى المختبر في الجنوب.
صنع فيليون هناك الكثير من الأشياء.
أولاً، صنع أداةً لتخزين السحر، واحدةٌ من أبحاث رايلي قبل مغادرتها. وبعد أكثر من عشرات المحاولات خلال السنتين الماضيتين، أكمل فيليون البحث.
وبناءً على هذا المبدأ، صنع أداةً أخرى لتخزين الذاكرة هذه المرة.
‘إذا نجحت خطتي…’
صنع حارسًا، وأعد أدوات سحرية أخرى قد يحتاجها عند حمايته للمكان. حتى أثناء وضع عدة طبقات مِن السحر الوهمي، كان يفكر.
إذا نجحت خطتي…
‘سأذهب لمقابلة رايلي.’
مهما كانت الوسيلة، مهما طال الزمن، كان ينوي العثور عليها.
غادر جانب جده لأن عائلته لن تسمح له بمقابلتها، لكنه أراد أن يلتقي بها وحده.
بدون لقب إلفيرت، وبدون أيّ زيف لكونه الوريث القادم للبرج.
حتى لو صرخت ورفضت، أو عبست، كان مصممًا على الوقوف أمامها.
ويريد الاعتذار.
…كان لديه الكثير ليقوله، ولكن في هذا المأزق، هذا ما خطر بباله فقط.
يجب أن ينجز ذلك. لذلك…
‘ليس فقط رايلي مَن يجب أن تتذكرها.’
ربت على صدره وأمر جسده بحزم.
ثم ضحك بلا جدوى، كان يعلم أن هذه الكلمات لن تساعد.
احتمالية الفشل كبيرة جدًا.
لكن معظم السحر كان مخزنًا في أدواتٍ خارجية، لذلك لن يقتل أحدًا بالسحر.
جسده قوي، قد يسبب فوضى بسيطة، لكن جده سيأتي ليوقفه.
وهكذا سينتهي الأمر بهدوء دون تهديدها بأيِّ طريقة.
كان هذا السيناريو الأكثر احتمالًا. ومع ذلك…
“مع ذلك، أريد مقابلتها قبل الموت مرةً واحدة على الأقل. سيكون صعبًا.”
تمتم بحزن وهو يراقب محيطه.
يتذكر الغابة التي صنعها السحر الوهمي بعناية، ويبتسم بخفة للحارس الذي يراقبه بحزن.
ثم أطلق فيليون الختم.
***
ظهر صوتٌ في الظلام.
“لنلخص الأمر، لقد نجحت خطته.”
“……”
“لقد أزل الختم مؤقتًا، وكتب تعويذةً لتضعيف اللعنة بداخله، وأعدت إغلاق الختم في التوقيت المناسب. بفضل ذلك، لم يفقد وعيّه كـ بشر أثناء مسح الذكريات.”
عند انتهاء كلامه، ظهر الضوء.
تحدث وهو يحمل فانوسًا مستديرًا بوجهٍ حزين.
“بعد ذلك، كنت سأعيد السحر والذاكرة لن فورًا… لكن للأسف، بعد أن استعاد وعيه، كان مشوشًا جدًا وغادر بلا هدف كما لو لم يسمع كلامي.”
“……”
“ومِن ثم، أنتِ تعرفين أكثر منّي ما حدث بعد ذلك.”
تذكرتُ لقائي الأول مع فيليون فاقد الذاكرة.
بجانب وجهه الهادئ وهو يزيل الضمادات السوداء، كان هناك ساحرٌ ذو شعرٍ أحمر، يرتدي نظاراتٍ مشابهة لتلك التي كنتُ أرتديها…
أشار الفتى بالفانوس وقال:
“جميلة، أليس كذلك؟ صنعها السيد قبل أن يفقد الذاكرة.”
“……”
“التعويذة التي اعترافتِ بها والسحر الوهمي أيضًا استخدمتُ أدواتٍ سحرية صنعها سيدي. أعطاها لي في حال احتجتُ إليها لحماية هذا المكان.”
“……”
“وأيضًا على جسدي، هناك أداتان صنعها السيد، واحدةٌ للسحر وأخرى لنسخ ذكراه.”
فحصتُ جسده بعنايةٍ من الرأس حتى القدم.
“كنتَ نسخةً بشرية اصطناعية صنعها فيليون.”
أومأ برأسه.
هل يجب أن أندهش من مهارته في صنع شيءٍ صعبٍ ومعقد بهذه الكفاءة والجمال، أم…
‘حتى بعد كل هذا الجهد، من أجلي…’
بينما كنت محتارةً بماضي لم أتوقعه، تحدث الفتى مجددًا.
“وعلى رأسي أيضًا، توجد ذاكرته.”
أشار إلى جانبه.
“صنع أداةً لتخزين الذكريات في حال فشل الأصلية، لاستخدامها كتعويذةٍ وهمية لإظهارها لكِ كما فعلتُ الآن.”
“……”
“حتى لو شعرتِ أن الذكريات ليست لكِ، ستعرفين على الأقل من أنتِ.”
فتحتُ عينيّ بدهشة كبيرة.
“إذًا أنت… ليس فقط فيليون، أليس كذلك؟”
“شخصيتُه مختلفةٌ قليلاً.”
ابتسم بلطف.
“لهذا أخبرتُكِ، أنني لن أضرّكِ أبدًا.”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات