“كنتُ أظنُّ أنّه قد لا ينجح الأمر، لأنّه غايةٌ في الندرة. لكن يبدو أنّه ليس مختلفًا كثيرًا عن أيّ كتابٍ عاديّ، أليس كذلك؟”
قال فيليون مبتسمًا باهتمام، وهو يُغطي يده الممسكة بالكتاب المحرَّم المحترق بحاجزٍ سحري.
“أو أنّ سحر الكتاب المحرَّم قويٌّ للغاية؟”
على النقيض، كان سيريوس متجمِّدًا من الصدمة، وشفته السُّفلى ترتجف بعنف.
“كيف…؟”
“لقد أضفتُ إلى سحر النيران العاديّ بعض العبارات الواردة في الكتاب المحرَّم. لم أفهمها تمامًا، بل فعلتُها بالإحساس. وجدتُ أنّ هناك تعويذة حماية، ما زالت تُستخدم حتّى اليوم في صيَغ السحر الخاصّة بالعودة بالزمن.”
“……”
“ظننتُ أنّه إذا أخذتُ العبارات التي تسبق تلك التعويذة وتليها، فستُضاف إليها خاصّية الكتاب المحرَّم (التي تفرض التفعيل الحتمي). ومهما كان الكتاب مصنوعًا من موادٍّ ممتازة، فسيحترق في النهاية.”
“…..”
“صحيح أنّني استخدمتُ جزءًا من تعويذات الكتاب المحرَّم، وهذا سيؤثّر على حدود العالَم، لكنّه أقلُّ ضررًا بكثير من العودة بالزمن…”
“أعطني إيّاه حالًا!!”
اندفع سيريوس نحو فيليون بجسده بالكامل، لكن فيليون تجنّبَه بخطواتٍ قليلة بكلّ بساطة.
تدحرج سيريوس على الأرض، فيما كانت النيران المشتعلة تزداد وتلتهم الصفحات الأخيرة من الكتاب المحرَّم.
تُك. سقط الكتاب المتحوِّل إلى السواد على الأرض، وحين مرّت نسمة ريحٍ عليه، انهار ما تبقّى من شكله.
ارتجف جسد سيريوس وهو يحدِّق فيه.
“ما… ما الذي فعلتَه؟!”
“أحرقتُ الكتاب المحرَّم.”
قال فيليُون بنبرةٍ واثقة.
“كي لا تتمكّن أبدًا من استخدام سحر العودة بالزمن مجدّدًا.”
“…..”
“لقد جرّبتَه إحدى وعشرين مرّة، ألا يكفي هذا؟ كم هي مُنهكةٌ ومقيتةٌ تلك المرأة…”
في تلك اللحظة، دوّى صوتٌ كالصاعقة المدوّية في الأذن، وتلاه وابلٌ من البرق.
صرخ سيريوس، وعيناه تتأجّجان بالغضب، وهو يحدِّق في فيليُون.
“سأقتلك!!”
***
في الحقيقة، لم يكن فيليون يحترم سيريوس كثيرًا كـ مُعلم
فحتّى قبل أن يُصبح تلميذه، كان قد تعلّم منه الكثير من فنون السحر، واعترف بعلمه، لكنّه اعتبره مجرّد عالمٍ واسع الاطّلاع. لم يسبق له أن رآه يواجه أحدًا مباشرة.
ومع ذلك، فقد نال سيريوس احترام الجميع وثقتهم بلا حاجةٍ لإثبات نفسه. فظنَّ فيليون أنّه ربّما كان أبرع في السياسة من السحر.
وبالطبع، كونه قد شغل منصب سيّد برج السحر منذ زمنٍ طويل يعني أنّه لا ينبغي الاستهانة به. ومع ذلك، ظنَّ فيليون أنّه قادرٌ على التصدّي له دون مشكلة.
“هاه… هاه…”
كان فيليون يلهث وهو يستند إلى ركبتيه.
لم يمرَّ وقتٌ طويل، لكن المكان كان قد تحوّل إلى ساحة خراب.
الأرض ممزّقةٌ كأنِّ زلزالًا ضربها، والأشجار والأعشاب المشتعلة مبعثرةٌ في كلّ مكان.
يشبه المنظر ما قد يحدث لو خرج وحشٌ هائل من تحت الأرض، وهو يحاول بجنون إطفاء النيران الملتصقة بجسده.
“هوو…”
لم يتبقَّ الكثير من طاقته السحرية. منذ معركتهِ الأولى مع رايلي، لم يبذل كلّ هذه القوّة.
حين أطلق زفيرًا آخر عميقًا، هبّت ريحٌ قويّة فبدّدت الدخان الأسود أمامه.
كان سيريوس هناك.
عيناه تتوهّجان كالنار، تحدّقان فيه كما لو كان سيقتله، وهو يقترب منه.
ثمّ أراد أن يحضر له ثوبه الذي خلعه، فملابس سيريوس كانت ممزّقةً بفعل هجومه.
لكن في اللحظة التي ابتعد فيها قليلًا…
تجمّد جسده بالكامل.
لا طاقة، ولا يستطيع تحريك أصابعه. كانت يده ما زالت تلامس كتف سيريوس، والأخير ممسكٌ بذراعه.
ضغط سيريوس بإبهامه على ساعده، وابتسم ابتسامةً ماكرة.
“صيغة السحر في جسدك…”
كانت نظرةً دنيئة لم يرها فيليون منه من قبل.
“ليست سحر العودة بالزمن. وكذَلك التعويذة التي علّمتُك إيّاها.”
“…..”
“إنّها تعويذةٌ لختم كلّ طاقتكَ السحرية.”
سعل سعالًا شديدًا، ثم أضاف:
“مؤقّتًا فقط.”
حرّك فيليون عينيه ليتأكّد من أنّ الكتاب المحرَّم قد احترق كليًّا، وأنّ الدائرة السحرية على الأرض قد تحطّمت. لا عودة بالزمن بعد الآن.
إذًا، لماذا…؟
“حين أحرقتَ الكتاب، ظننتُ أنّك أدركتَ كلّ شيء، فظننتُ أنّك ستقتلني، لذا استخدمتُ ما تبقّى من قوّتي للمقاومة.”
“…..”
“كان عليك أن تقتلني حينها… يا لكَ مِن تلميذٍ أحمق…”
بدأت عضلات وجهه تتحرّك مجدّدًا.
حدّق فيليون في عينيه، فابتسم سيريوس.
“كنتُ أنوي جعلك قربانًا لسحر العودة بالزمن.”
شدَّ قبضته عليه أكثر.
“كنتُ بحاجةٍ لضحّية، فالحدود كانت ستنهار تمامًا في العودة القادمة. وأنت أفضل ضحيّةٍ، لقوّة حياتك وسحرك الفائقة. وفوق ذلك، اختفاء رايلي فولكس كان في صالحي.”
سعل وبصق الدم من جديد.
“لقد كان لديّ العذر المثالي لجرّك إلى هذا. ظننتُ أنَّ الحاكم سوف يساعدني.”
إذًا، لهذا لم يُعلّمه لغة الكتاب المحرَّم. والتعويذة التي علّمه إيّاها كانت على الأرجح تعويذة تضحيةٍ بالحياة. ولو تردّد عن إلقائها، كان سيقترب منه ليشلّه كما فعل الآن، لأنّ السحر الصعب مثل الختم يحتاج إلى تماسٍّ مباشر.
لكن كان هناك ما هو أهمّ لدى فيليون.
“هِي… حَيّة؟”
“رايلي فولكس حيّة.”
صرخ سيريوس:
“لقد اختفت لأنّها تكرهك! لقد تخلّت عنك!”
“وماذا في ذلك.”
حرّك فيليُون شفتيه بصعوبة وقال:
“لن تتمكّن أبدًا من قتلي… لأنّكَ لا تملك القوّة لذلك.”
كان يعلم هذا، ولهذا قَبِل أن يساعده على النهوض. فقد كانت طاقة سيريوس شبه منعدمة.
“أتدري أيّ سحرٍ استخدمتُه أكثر في حياتي الطويلة؟”
ظنَّ فيليون أنّه لم يعد قادرًا على استخدام أيِّ سحر، لكن…
“إنّه سحر التلاعب بالذكريات.”
ابتسم بفخر.
“كنتُ أصوغ الناس كما أشاء، وأنا الأفضل في هذا المجال. ومع إضافة حياتي إلى ذلك، تكفي هذه الطاقة لتحقيق ما أريد.”
“كان عليك أن تستخدمه عليها إذًا.”
“ظننتُ أنّ ذلك سيكون مملًّا.”
انهمرت دموعٌ ساخنة على وجه سيريوس المتّسخ بالرماد.
“إن لم تُحبّني بصدق، فلا معنى لأيِّ شيء. ولا معنى لهذه الحياة.”
“…..”
“لهذا لم يبقَ لي سوى الكتاب المحرَّم…”
رفع نظره نحو فيليون.
“عمّا قريب، ستفقد كلّ ذكرياتك.”
“…..”
“لقد استخدمتُه مع عبارات الكتاب المحرَّم، لذا سيتفعّل حتمًا. لن تتمكّن من إيقافه.”
سالت قطرة دمٍ على فمه.
“أتمنّى أن تعيش حياةً بائسة، يا فيليون.”
“…..”
“أتمنّى أن تفقد ذكرياتك وعقلك، وأن تعيش كوحشٍ لا يسعى إلّا للقتل. وأن تدمر العالم لا بانهيار الحدود، بل بذبحك كلّ الكائنات.”
“…..”
“وأن تقتل رايلي فولكس بيدك بلا رحمة، هذا ما أتمنّاه بكلّ ما أملك من سحرٍ وروح.”
ارتسمت ابتسامةٌ قاسية على شفتيه الملطّختين بالدم.
“وإن التقيتما مجدّدًا… فلن تتمكّن أبدًا من التعرّف عليها.”
وبعد أن أنهى كلامه، سقط سيريوس أرضًا.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 104"