الفصل 102 :

 

 

استغرقت التحضيرات وقتًا أطول من المتوقع.

 

أولاً، كان هناك حاجةْ لمكان لتجربة تعويذة العودة بالزمن.

 

بحث فيليون مع مساعديه عن مكان خالٍ من أيّ شخص، وفي نفس الوقت يتدفق فيه المانا بسلاسة.

 

لم يكن بالإمكان استخدام المكان الذي استخدمه سيريوس في حياته السابقة، لأن ساحرًا آخر قد أنشأ مختبره هناك بالفعل.

 

“يبدو أن الحياة الماضية والحالية ليست متطابقة.”

 

“صحيح. هناك من يتذكر الماضي بشكلٍ لا واعٍ. هل سبق أن قابلت شخصًا لأول مرة لكنه بدا مألوفًا؟ هذا أحد تلك الحالات.”

 

قال سيريوس أيضًا إنه كان نشطًا جدًا كـ سيدٍ لبرج السحر في حياته السابقة، أكثر من هذه الحياة. كان يحضر الفعاليات الرسمية كثيرًا وكان صديقًا للكونت فولكس.

 

“الكونت فولكس الذي أعرفه كان شخصًا جيدًا. لا أدري كيف تغير في هذه الحياة.”

 

“……”

 

“كنت متساهلًا جدًا. لو تحدثت معه قليلًا ربما لاحظ أنه مختلفٌ عن حياته الماضية.”

 

“……لقد كنت مشغولاً بالانتباه له، أليس كذلك؟”

 

“آسف يا فيليون.”

 

لكن لم يُعِر فيليون الأمر اهتمامًا كبيرًا.

 

أو بالأحرى، لم يكن لديه وقتٌ ليهتم كثيرًا بسيريوس أيضًا.

 

ركز فيليون كل جهده على إتمام تعويذة العودة بالزمن.

 

أحضر كل المواد التي طلبها سيريوس، وبعد أن وجد المكان المناسب لتشغيل التعويذة، أقام فيه وعاش هناك.

 

وضع هو بنفسه الحماية السحرية في المنطقة.

 

فإذا تدخّل ساحرٌ آخر أثناء تعويذة العودة بالزمن، قد تحدث كارثة، لذا كان حريصًا أكثر من أيّ وقت مضى، بحيث لا يرى أحدٌ ما بداخل المكان.

 

كان دائمًا بجانب سيريوس عندما يرسم دائرة التعويذة.

 

ومع ذلك، لم يفهم فيليون التعويذة بالكامل بعد.

 

استطاع فهم هيكلها، لكن المشكلة كانت كثرة اللغات التي لم يعرفها.

 

“هل من الممكن أن تكون هذه اللغات مستخدمةً في عالم الشياطين؟ فالكتاب المحرَّم من تأليف ساحر تعاقد مع شيطان، أليس كذلك؟”

 

“لا أعلم، حفظتُ كل شيءٍ حرفيًا.”

 

لم تعجبه إجابة مُعلمه الغامضة.

 

ولهذا بدأ يطرق أبواب البرج من جديد.

 

راجع كل الكتب التي ذُكر فيها الكتاب المحرّم ولو قليلًا، والتقى بجميع السحرة الذين يدرسون الزمن.

 

للأسف، لم تكن هناك دلائل كثيرة، وكانت هناك معلوماتٌ غير ضرورية كثيرة تجعل يومه يضيع.

 

لكن فيليون لم يشعر بالاحباط على الإطلاق، بل بدا وكأنه يستعيد نشاطه.

 

‘سأتمكن من مقابلة رايلي مجددًا.’

 

رفض لقاء عائلته الذين جاءوا لزيارته، إلا أنه ابتسم أحيانًا لمجاملتهم حتى لا يثير الشكوك.

 

‘لن يعارضوا سرقة الكتاب المحرّم.’

 

لم يتحدث عن تعويذة العودة بالزمن.

 

فمن يقف في قلب التعويذة، يمكنه أن يربط الأرواح التي يريدها مع ذكريات حياته الحالية.

 

قرر فيليون أن يحتفظ في ذهنه بأكبر عددٍ ممكن من الأرواح، حتى يمكنهم البقاء في هذا العالم وعيش حياة مشابهة للحياة الحالية. لم يكن لذلك تأثيرٌ كبير.

 

لكن.

 

‘الأرواح التي لا أعرفها قد تهرب.’

 

وقد تدخل أرواحٌ جديدة مكانها، مثلما حدث مع رايلي.

 

قد تحدث عواقب غير متوقعة، لكنه لم يهتم بذلك.

 

‘ليس لدي وقتٌ للتفكير في كل ذلك.’

 

ما دامت لديه فرصةٌ لرؤية رايلي مجددًا، فذلك يكفي.

 

أراد أن يبقيها بجانبه، يتأكد من أنها حيّة في كل لحظة.

 

كان هذا هو المهم. لذا.

 

‘يجب أن أنجح تمامًا.’

 

ربما لهذا السبب بدأ يشعر بالتوتر أكثر فأكثر، دون أن يدرك ذلك. كان يتوق لمقابلة رايلي بسرعة.

 

في إحدى الليالي، بينما كان غارقًا بين أكوام الكتب، غط فيليون في النوم دون أن يشعر. لقد سهِر عدة ليالٍ متتالية في البحث والدراسة.

 

في الحلم، قابل فيليون رايلي بعد وقتٍ طويل.

 

***

 

استفاق فيليون ببطء على لمسةٍ توقظه.

 

“هل استيقظت الآن؟”

 

“مُعلمي……؟”

 

“يبدو أنك غفوت قليلًا. هل انتظرت طويلًا؟ اجتماع الشيوخ استغرق وقتًا أطول من المتوقع. هل ترغب في النوم أكثر؟ تبدو شاحبًا ……”

 

“لا، لنبدأ مباشرة.”

 

وقف فيليون، غسل وجهه بسرعةٍ وعاد إلى مكتبه.

 

كانت وثائق خطة سرقة الكتاب المحرَّم، التي ناقشها مع سيريوس لأيام، متناثرةً على المكتب. وضع سيريوس الفكرة، وفصلها فيليون.

 

“أولًا، سأضع تعويذة وهمٍ على جميع القائمين بحماية الكتاب من الغد لعدة أيام.”

 

كلما كانت التعويذة العقلية تمنح الهدف وقتًا أطول لاستيعابها، كانت أكثر فعالية.

 

لم يكن من المحتمل أن يرفضوا لقاء فيليون. فقد أصبح صديقهم أثناء وجوده في البرج.

 

“سننفذ الخطة فجر هذا اليوم. سيرى الحراس وهم يشاهدون سرقة الكتاب على أنها وهمية. سأنتظر خارج المخزن حتى يخرجوا.”

 

“معظمهم سيتبعك.”

 

“إذا أبلغك الباقون فورًا بأنني سرقتُ الكتاب، ستتجه أنظار باقي السحرة إليّ……”

 

“وفي تلك الأثناء، سأرفع كل الحمايات حول الكتاب وأسرق النسخة الحقيقية، صحيح؟”

 

أومأ فيليون.

 

“المشكلة فقط إذا دخل شخصٌ آخر إلى المخزن……”

 

“لا بأس، لقد تحققنا في الاجتماع من أن معظم الشيوخ سيغادرون البرج قريبًا. الجميع سيأخذون إجازة.”

 

“إيرنكيل سيبقى هنا.”

 

“لا يستطيع دخول المخزن. ليس كل الشيوخ متساوون.”

 

ربت سيريوس على كتف فيليون مطمئنًا.

 

“حتى لو حدثت متغيراتٌ أخرى، سأحلها. ركز فقط على ألا يُقبض عليك.”

 

“حسنًا.”

 

“لا تقلق، مهما طال الوقت، لن أبدأ العودة بالزمن بدونك. سأنتظر حتمًا.”

 

كان صوته لا يزال دافئًا ولمسته لطيفة، لكن قلب فيليون كان مضطربًا.

 

سيريوس لاحظ ذلك أيضًا.

 

“هل يقلقك شيء؟”

 

“لا، ليس ذلك.”

 

كان الحلم غريبًا……

 

عاد فيليون لتذكر الحلم أثناء غسله للوجه.

 

كانت رايلي في الحلم.

 

لم يسبق أن حلم بها من قبل، وكان شعورًا غريبًا جدًا.

 

وكان ما قالته……

 

“يبدو أنكً متوتر جدًا.”

 

أومأ فيليون برأسه.

 

وحاول تخفيف توتره قليلًا حتى لا يؤثر على العمل، فسأل سؤالًا لم يكن مهتمًا به حقًا.

 

“مُعلمي، الشخص الذي أحببته……”

 

“ماذا؟”

 

“هل كانت تذكر حياتها الماضية؟”

 

“قليلًا.”

 

ابتسم سيريوس.

 

“كان ذلك مزعجًا بعض الشيء. أول لقاءٍ بيننا لم يكن جيدًا، لكنها تذكرت هذا فقط.”

 

“……كيف تعاملت معها؟”

 

“ظهر لها وجهي كثيرًا فبدأت تفتح قلبها قليلًا.”

 

“لهذا لم تكن تتواجد كثيرًا في البرج، لجأتَ لإحضارها، صحيح؟”

 

“صحيح. كان من الصعب إقناعها بعدم العيش في العاصمة.”

 

شعر فيليون بشيءٍ غريب.

 

“كانت تُحب موطنها الغربي. لكن الذهاب والإياب بين البرج والغرب صعبٌ جدًا. ولم أستطع التنازل عن منصب رئيس البرج.”

 

“……لم تفكر أبدًا في التنازل؟”

 

“بالطبع لا، ولا يزال عليّ سرقة الكتاب.”

 

حدّق فيليون بصمت، وسيريوس أمال رأسه مستفسرًا.

 

 “لماذا تنظر هكذا؟”

 

“إذا حدث لها مكروه، سأضطر لإرجاع الزمن.”

 

“صحيح.”

 

فهم فيليون، إذ كان عليه الاستعداد لأيّ طارئ، لكن شعوره بالغربة لم يختف بسهولة.

 

سأل فيليون مجددًا:

 

“هل تأقلمت جيدًا في العاصمة؟”

 

“آه، كان صعبًا جدًا. كانت تكره الازدحام. لو لم تكن مدينةً لي، لكانت عادت إلى الغرب.”

 

“مدينةً لك؟ لِمَ؟”

 

تذكر فيليون أنه لم يبالغ بالسؤال، وكان سيريوس واثقًا فيه.

 

“أنا من جعلها مدينةً لي.”

 

“……”

 

“كانت ضعيفة القلب. أعطيتها فرصةً للعمل في العاصمة، فأخلصت لعملها.”

 

“……”

 

“وكان هذا لطيفًا جدًا. دائمًا ما كنتُ أفكر أن ذلك القرار كان صائبًا. يا فيليون، لماذا لا تستخدم هذه الطريقة؟”

 

قبض فيليون على حافة مكتبه.

 

“تقصد أن أجعل رايلي مديونةً لي؟”

 

“بالطبع. رغم طريقة كلامها، قلبها ضعيف وستسعى لسداد ذلك.”

 

“……”

 

“يمكنك استغلال ذلك لإقناعها بترك الكونت فولكس، أليس كذلك؟”

 

حاول فيليون كبح مشاعره.

 

“هل كانت سعيدة؟”

 

“سؤالٌ غريب. لم أفكر أبدًا في ذلك.”

 

ابتسم سيريوس بلطف.

 

“المهم أنها بجانبي.”

 

شعر فيليون بالقشعريرة.

 

لم يكن يقصد سيريوس نفس ما كان يفكر فيه بعد سنوات، لكنه شعر بثقلٍ آخر.

 

“هل كنت متوترًا من أن تكتشف ذلك؟”

 

ابتسم سيريوس مرة أخرى وربت على كتف فيليون.

 

“نعم، في المرة الاولى كنتُ متوترًا جدًا.”

 

استدار فيليون بدهشة.

 

“المرة الأولى؟”

 

《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》

 

═════• •✠•❀•✠ •═════

الترجمة: فاطمة 

حسابي ✿

《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》