الفصل العاشر:شخصية إضافية بلا اسم يجن جنونها!

 

عندما واجهتُ ديوكي، تفاجأتُ لدرجة أن قدميّ تعثرتا.

 

 وأنا على وشك السقوط، أمسك شخص ما بعنقي من الخلف وصرخ “أمسكتها!”، و ذراعه التفت حولي.

 

كان الرجل ذو الشعر الأزرق الذي يطاردني.

 

 بفضله، تجنبتُ السقوط على السلالم، لكنني لم أستطع الضحك.  

 

لقد هربتُ من خطر لأواجه كارثة أكبر.  

 

“أبعد يدك.”  

 

حدّق ديوكي في الرجل ذي الشعر الأزرق بنظرة قاتلة وقال بنبرة صلبة:  

 

“أبعد يدك الآن.”  

 

بدت الأمور وكأنها ستنفجر. 

 

أسرع الرجل ذو الشعر الأزرق، الذي يبدو أنه أحد معارف ديوكي، للابتعاد عني، ثم حاول التبرير وهو يتلعثم ويراقب رد فعل ديوكي:  

 

“أ-أقصد، الأمر هكذا…”  

 

“جاي! هل أمسكتَ الدوقة؟!”  

 

وصل راينهارت إلى منصة السلالم متأخرًا.

 

 كان يلهث من الجري البطيء نسبيًا بعد المطاردة القصيرة.  

 

رأيتُ جاي يغمض عينيه بقوة. 

 

نظر ديوكي إليهما بالتناوب، ثم تقدم نحوي فجأة.  

 

“تعالي.”  

 

ألقى كيسًا ورقيًا لجاي كما لو كان يرميه. 

 

عندما تساقطت التفاحات من الكيس على السلالم، هرع جاي لالتقاطها.  

 

اقترب ديوكي مني. 

 

كنتُ متصلبة تمامًا، غير قادرة على الحركة، وتوقف نظره على قدميّ الحافيتين.  

 

كنتُ خائفة جدًا. 

 

خفتُ أن يكون هذا الرجل قد سئم من لعبته… قلتُ محاولةً التبرير:  

 

“ل-لم يكن لدي خيار آخر. هؤلاء الرجال حاولوا قتلي…”

 

  

حملني ديوكي فجأة دون كلام وصعد السلالم. 

 

كنتُ محمولة على ظهره وأتأرجح.  

 

بعد قليل، ظهرت الزنزانة المقيتة مجددًا. 

 

وضعني بقوة داخل الغرفة وأغلق الباب.  

 

سمعتُ صوته من الخارج:  

 

“لديك عشر ثوانٍ لتشرحي.”  

 

“……”  

 

كانت نبرته غاضبة بوضوح. 

 

لسماع حديث الرجال الثلاثة، وضعتُ أذني على الباب.  

 

“……من الأفضل أن ننتقل إلى مكان آخر.”  

 

شعر ديوكي بوجودي وقال ذلك، ثم سمعتُ صوت قفل الباب.  

 

آه… لقد انتهى الأمر. 

 

سقطتُ على الأرض عندما خارت قواي.

 

 أصبحتُ وحيدة مرة أخرى.  

 

* * *  

 

“……لم يكن رئيس النقابة هكذا من قبل، أليس كذلك؟”  

 

“ماذا تعني بهذا؟”  

 

“كنتُ أعتقد أنه أكثر الأشخاص برودة ودقة في العمل.”

  

وقف راينهارت متصلبًا وتحدث بنبرة متوترة.

 

 في غرفة أخرى من البرج تُستخدم كمخزن، وقف الثلاثة وجهاً لوجه.

 

 مرر ديفون كييل يده بعصبية عبر شعره الأمامي وقال:  

 

“يا للعجب. أتلقى التوبيخ منكما الآن؟”  

 

مع استمرار كلام ديفون، نظر جاي إلى وجه راينهارت الجانبي بقلق. 

 

دفع ديفون ملف الأوراق في صدورهم.  

 

“متى قلتُ إنكما يمكنكما دخول برجي وتوزيع الأغراض؟ خاصة وثائق سرية كهذه في مكان تواجد الدوقة؟” 

 

“نعتذر، سيد النقابة.”  

 

“لحسن الحظ أن الدوقة عمياء، وإلا كان من الممكن أن تقرأ هذا.”  

 

ضيّق ديفون، الأضخم بين الثلاثة، عينيه السوداوين.  

 

“وأصلاً، ألَم تكن يا راينهارت أنتَ من حاول تمرير الأوامر؟”  

 

“نعم، أنا، سيد النقابة.”  

 

“إذا قلتُ إنني سأتولى تنظيف الفوضى التي تسببتَ بها، ألا تعتقد أن رد الجميل هو ما يفعله إنسان لائق؟”  

 

“……”  

 

“أليس كذلك؟”  

 

كانت عينا ديفون مملوءتين بنية قاتلة. 

 

تحت ضغط نظرته، أخفض راينهارت رأسه وبالكاد نطق:  

 

“ل-لكن…”  

 

“آسف، سيد كييل، لكن هذه المرة، أعتقد أن كلام راينهارت له بعض المنطق.”  

 

تدخل جاي، الذي كان واقفًا بجانب راينهارت متصلبًا.  

 

على الرغم من وجهه المتشنج، عبر عن رأيه بثقة. 

 

رفع ديفون حاجبًا كثيفًا، فسأل جاي بحذر:  

 

“تلك العمياء… أقصد، الدوقة، هل تنوي الزواج منها؟”  

 

“يا للثرثرة التي تتقنها.”  

 

رد ديفون بتعبير مذهول، فسأل جاي مجددًا:  

 

“إذن، لماذا أخرتَ تنفيذ الأمر حتى الآن؟”  

 

ابتلع جاي كلماته التالية:  

 

‘يبدو أنكَ أقمتَ حياة منزلية هنا.’  

 

قبل مطاردة ناتانيا، تفاجأ جاي برؤية داخل الغرفة.

 

 عندما صعد البرج لأول مرة، تساءل إن كان مكانًا صالحًا للعيش.  

 

لكن السرير والسجاد… بدت الزنزانة في الطابق العلوي لائقة جدًا.  

 

والأهم من ذلك، كانت ردة فعل ديفون.

 

 رئيس النقابة الذي عرفاه لم يكن من النوع الذي يتعلق بامرأة.  

 

لو كان جاي يعلم، لكان أصر على قبول مهمة الأمير الثاني بنفسه.

 

 بعد تفكير، قال:  

 

“لم أتوقع أن أقول هذا لسيد النقابة، لكن الجميع يتذمرون من نقابتنا. يقولون إننا لا نستطيع تنفيذ مهمة من الدرجة S بشكل صحيح. هل تستحق الدوقة تحمل هذا العار؟”  

 

نظر ديوكي إلى الثلج المتساقط خارج النافذة في الليل وقال:  

 

“هناك موكل آخر وراء الأمير الثاني.”  

 

استدار إلى مرؤوسيه وضحك بسخرية.  

 

“أنا لستُ من يتردد الآن.”  

 

* * *  

 

“هل تفاجأتِ؟”  

 

شعرتُ بوجود شخص أمامي وأنا جالسة، و أحتضن ساقاي. 

 

رفعتُ رأسي، فرأيتُ ديوكي يشعل الشموع الشمعية على الطاولة واحدة تلو الأخرى.

 

 تحدث دون أن ينظر إليّ:  

 

“لماذا نزلتِ السلالم؟ ماذا لو تعثرتِ؟”  

 

رددتُ بسخرية على نبرته التوبيخية:  

 

“لو لم يأتِ رجالكَ للبحث عني، لما حدث ذلك.”  

 

أومأ ديوكي كما لو أن الأمر ليس مفاجئًا.  

 

“الآن بعد أن عرفتِ من أنا، سيكون الحديث أسرع.”  

 

“لا، لا أعرف بعد.”  

 

“……”  

 

“من أنتَ؟”  

 

بدلاً من الإجابة، وضع كأسين فارغين على الأرض. 

 

سكب ديوكي النبيذ في أحدهما والماء في الآخر.

 

 استمتع برائحة النبيذ الأحمر، ثم أخفض عينيه.  

 

عكست عيناه السوداء كالهاوية ضوء الشموع المتمايل.

 

 ظهرت ابتسامة جافة على شفتيه.  

 

أعطاني كأس الماء وقال فجأة:  

 

“هل تعلمين أن الدوق نيكولاس ينوي جعلكِ زوجة ولي العهد؟”  

 

“……مستحيل. قال والدي إنه لن يزوجني لأحد.”  

 

هل كانت الرسالة التي رأيتها في غرفة نيكولاس لهذا الغرض؟  

 

لكن جعلي، أنا العمياء، زوجة ولي العهد؟ مستحيل.

 

 علاوة على ذلك، كريس يكره عائلة الدوق بشدة.  

 

“زوجة ولي العهد… هل هذا سبب استهداف الجميع لي؟”  

 

نظر إليّ بهدوء دون أن ينفي كلامي.

 

 أخيرًا، فهمتُ لماذا أُرسل قاتل لشخصية تافهة مثلي.  

 

ولهذا أيضًا جاء القتلة إلى هنا لإتمام مهمة مؤجلة.  

 

إذا أصبحتُ زوجة ولي العهد، ستكتسب عائلة الدوق مزيدًا من السلطة، وسيتصرفون بجرأة أكبر.  

 

فقدتُ بصري لمنع تدمير العائلة، لكن المستقبل الذي ينتظرني كان أسوأ.  

 

إذا نجحت خطة الدوق وأصبحتُ زوجة ولي العهد، هل سيتركني البطل حية؟  

 

مستحيل.  

 

شعرتُ باليأس.  

 

حتى لو بقيتُ هنا، ستجدني عائلتي يومًا ما.

 

 وسيأخذونني إلى البطل دون أن يعطوني فرصة للتفاوض.  

 

يجب أن أعود إلى العائلة فورًا لإيجاد حل.

 

 والأهم، يجب أن أحذر نيكولاس من التسمم.  

 

جلس ديوكي في وضع مشابه لوضعيتي. 

 

ثم نظر إلى عينيّ بدهشة.  

 

“غريب جدًا. عندما أنظر إلى عينيكِ، أشعر وكأنكِ ترينني.”  

 

“……”  

 

“على الرغم من أنكِ بالتأكيد عمياء. لماذا؟”  

 

عينا الرجل، التي كانت دائمًا تبدو مظلمة وكئيبة، كانت صافية وشفافة عن قرب.

 

 كان يظهر فضولًا صبيانيًا دون إخفاء.  

 

تذكرتُ فجأة ما قاله مرؤوسوه:  

 

<تلك العيون المسكونة بالأرواح الشريرة مخيفة حقًا.> 

 

<من كان يظن أنكِ كنتِ تلعبين دور ربة المنزل مع فريسة في برج معزول. لابد أنكِ استمتعتِ كثيرًا دون علمنا.>  

 

وكلمات راينهارت التي سمعتها عبر الجدار:  

 

<لم يكن هكذا من قبل!>  

 

نشأت فكرة جريئة ضد القاتل.

 

 ربما تستحق المحاولة.  

 

وأنا أواجه ديوكي عن قرب، اقتربت بوجهي إلى الأمام.

 

 لم أكن متأكدة من مكان التّماس، لكنني شعرتُ بلمسة ناعمة على طرف شفتيّ.  

 

صوت *قبلة* خفيف تردد بصوت عالٍ في الغرفة الهادئة.

 

 لم تكن ملامسة عاطفية، بل أقرب إلى اصطدام.  

 

كسرتُ الصمت المحرج وقلبي يخفق بقلق:  

 

“ديوكي، هل يمكنكَ إعادتي إلى المنزل؟”  

 

“……”  

 

اتسعت عينا الرجل، وأظهر تعبيرًا مذهولًا لأول مرة. 

 

بدا الوقت وكأنه توقف للحظة.