“لِماذا أفلتِ يدي يا روتي؟”
“ساقي تؤلِمُني…
هل أستطيع الجلوس هنا قليلًا؟”
أشارت روتي إلى الأريكة الموضوعة أمام المتجر وهي تسأل.
“طبعًا يمكنك أن ترتاحي، لقد مشينا كثيرًا اليوم.”
“حسنًا.”
تحققت سيلين من جلوس ابنتها، ثم توجهت للحديث مع بائع الساعات بجدّية.
“هل تبحثين عن ساعة رجالية لِمَن يرافقكِ؟”
سألها البائع وهو يلمح إلى هايدر.
ارتبكت سيلين ونظرت نحوه سريعًا، ثم هزّت رأسها نافية.
“كلا، أريدها هدية للورد ديفونشير.”
“آه، تقصدين قائد الحرس؟”
أومأ البائع وكأنه أدرك للتو، ثم عرض أمامها عدّة ساعات، لكن جميعها بدت متشابهة في نظرها.
“همم، الأمر محيّر… روتي، تعالي وساعديني في الاختيار.”
التفتت لتنادي ابنتها، لكنها لم تجدها.
اتسعت عيناها وهي ترى الأريكة فارغة.
“روتي؟”
نادت بارتباك وهي تتلفت حولها.
“ربما ذهبت لتتجول قليلًا.”
قال البائع متوقّعًا، فالسوق مليء بأهل تشيرينغين الذين يعرفون الطفلة.
“صحيح… إنها ذكية ولن تبتعد كثيرًا.”
حاولت إقناع نفسها، لكن قلب الأم لم يتوقف عن التفكير بأسوأ الاحتمالات.
استأذنت سيلين وخرجت مسرعة:
“روتي!”
بحثت قرب المتجر ولم تجد أثرًا.
انقبض قلبها، وأمسكت بعض المارة تسألهم:
“هل رأيتم ابنتي؟”
“أ تقصدين الآنسة روتي؟ كلا، لم نرها.”
كررت السؤال على أكثر من شخص، لكن الإجابة واحدة. فازداد قلقها.
‘هل يعقل أن يكون تيّان دبّر شيئًا؟’
كان من المعتاد أن يزور بعض رعايا مملكة تيّان السوق، ورغم أنّ وجود ابنة لهندريك سرّ لا يعرفه إلا المقرّبون من الإمبراطور، إلا أنّ الخوف تسلّل إلى قلبها.
التفتت إلى هايدر بوجه مضطرب:
“هايدر، فلنفترق ونبحث كلٌّ في اتجاه.”
“…حسنًا.”
أطاعها بلا نقاش. فاتجهت مسرعة إلى الجهة الأخرى.
“روتي! إسبيروتيا!”
جابت السوق بجنون، تبحث في كل ركن. ضاق نظرها بالقلق.
‘ماذا لو أصابها مكروه؟’
‘لو أنني انتبهت عليها أكثر!’ غمرها الندم.
وتذكرت كيف كانت روتي تلمح إلى الأزقّة طوال اليوم.
“ربما ستكون هنا…؟”
تمتمت، وسارت نحو زقاق مظلم.
كلما تقدمت قلّ ضجيج الناس، وزاد شحوب وجهها.
“…روتي؟”
في طرف السوق، قرب متجر فاكهة مهجور، رأت جسدًا صغيرًا منكمشًا.
كان معطفها الأبيض وشعرها الوردي واضحَين.
اندفعت سيلين نحوها.
“روتي!”
“أمّي؟”
التفتت الطفلة بعينين واسعتين، فاحتضنتها سيلين بقوة.
شمت نسيم الربيع البارد وسمعت خفقات قلبها العنيفة، فتنفست بارتياح وهي ترتجف.
“كيف لك ان تتركين أمّك وتذهبين وحدك؟”
“آسفة…”
تمتمت بخجل أنها كانت ستعود سريعًا.
لكن حين التفتت سيلين خلفها، تجمدت عيناها.
“…!”
كان هناك رجل ضخم مطروح على الأرض.
أسرعت تخفي ابنتها خلفها بحذر.
‘هل هو ميت؟’
لم يتحرك حتى.
“لقد عثرت عليه وهو هذا الحال.”
قالت روتي وهي تمسك بثوب أمها.
‘كيف تبقى هادئة في موقف كهذا؟’
دهشت سيلين من برودتها.
“أظنّه مريضًا، كان يتأوّه ويعبس. يجب أن نساعده.”
فكرت سيلين أنه ما دام يتأوه فلا بد أنه حي.
اقتربت بخطوات حذرة.
“روتي، ابقي هنا، لا تتحركي.”
“حسنًا.”
تقدمت ورأت جرحًا عميقًا في صدره، واضح أنه ضربة سيف. اشتد وجهها قلقًا.
“…آه؟”
وعندما رأت ملامحه بوضوح، اضطربت قليلًا؛ كان وسيمًا رغم الدماء والجروح التي رسمت عليه.
“أليس وسيمًا جدًّا؟”
قالت روتي ببراءة.
جلست سيلين قربه بحذر، وقبل أن تتحقق من أنفاسه، سعل الرجل قليلًا وتحركت شفتاه.
‘إنه على قيد الحياة…!’
تراجعت دهشةً، وفي تلك اللحظة ظهر هايدر بعدما عثر على روتي.
“أين كنتن، سيدتي سيلين؟”
ثم وقعت عيناه على الرجل الملقى. ارتسم الشك في ملامحه.
“…لم تكوني أنتِ من…؟”
كلا! لم أفعل شيئًا!”
أجابت بسرعة.
“روتي هي من وجدته.”
“أمي، لنأخذه معنا.”
“ماذا؟”
اتسعت عيناها بدهشة، لكن الطفلة كانت جادّة.
“إنه مريض.
علينا علاجه.”
“هذا غير ممكن.
لا يمكن إدخال رجل مجهول الهوية إلى القصر.”
رفض هايدر بصرامة، ونظر إلى الرجل ببرود.
“لقد وجدنا الآنسة، لذا فلنعد أدراجنا.”
“لكن يا لورد إلدين، ماذا لو مات هنا؟”
قالت روتي، فبدت الضجر على ملامحه.
ثم رأى وجه سيلين القلق، فتنهد واقترح:
“يمكن أن نسلمه لأهل القرية.
هل أحضر العمدة؟”
“الناس هنا يعيشون بالكاد يومًا بيوم.
لا أستطيع أن ألقي عليهم عبء رجل غريب.”
أجابت سيلين بهز رأسها.
‘وفوق ذلك، لقد جُرح بسيف، أي أنه مقاتل… وهذا خطر.’
نظرت إلى روتي، فرأت في عينيها إصرارًا رغم ارتباكها.
“روتي، تعلمين أن موته لا علاقة له بك، صحيح؟”
أرادت طمأنتها، لكن الطفلة أجابت بثبات:
“لا، فأنا من وجدته.”
شدّت قبضتيها وأصرت بعناد.
“ما لازال فصل الشتاء، ولا يمكن أن نتركه هكذا ربما سيتجمد حنى الموت لو تركناه وحيدا هنا.”
“كفى عنادًا.
فنحن لا نعرف من يكون.”
قال هايدر بلهجة غاضبة.
هيبته كادت تُخيفها، لكنها رفعت رأسها بثبات:
“لكننا أيضًا لا نعرفه لِنتركه يموت!
لو مات هنا، فنحن أيضًا سنكون مسؤولون لأننا من تركناه هنا.”
كانت كلماتها قوية وصائبة، فأخرسَت هايدر.
عندها، رفعت روتي بصرها إلى سيلين متوسّلة.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 6"