كانت ردود كيليان الشاردة، وفي الأيام التالية، توافد زوار كثيرون إلى غرفة ليتريشيا.
كانوا أطباء جمعهم كيليان من أنحاء الإمبراطورة بحثًا عن أمل.
لكن الأطباء المهرة، بلا استثناء، هزوا رؤوسهم بحزن.
عندما غادر آخر طبيب القصر بإحباط، تغيرت سلوكيات كيليان تمامًا.
اختفى تقلب مزاجه، وأصبح هادئًا بشكل خادع.
“رحل آخر طبيب للتو. غورتن يودعه الآن.”
وقف جستن عند باب المطبخ، متشابك الذراعين.
على الجانب الآخر، كان كيليان يضع أوراق النعناع على عصير الليمون بهدوء.
“غورتن يتعب كثيرًا. بعد الزفاف، سأرسله لقضاء عطلة في مكان جميل.”
“هذا كل ما ستقوله؟”
“وهل هناك ما يجب قوله؟”
أمسك جستن جبهته، ناظرًا إلى عيني كيليان الباردتين.
يبدو طبيعيًا، لكنه كأن شيئًا بداخله مكسور.
“حسنًا، كفى. تصنع هذا مجددًا؟ لليتريشيا؟”
“نعم، شهيتها تقل يومًا بعد يوم.”
“رعاية زوجتك جيدة، لكن هل تعتني بنفسك؟”
نظر جستن بشك إلى جانب كيليان المغطى بالملابس.
“تأخذ دواءك بانتظام؟”
“نعم.”
رد سريع، لكن جستن لم يثق به. هل هو حساس زيادة؟
هز جستن رأسه متذمرًا، لكنه توقف عند كلمة كيليان غير المتوقعة.
“عمي، هل تهتم بلقب الدوق الأكبر؟”
“ما هذا الكلام المفاجئ؟”
“سمعت أنك رفضت عرض الإمبراطور باستعادة لقبك. لكن لا يمكنك البقاء طبيبًا بلا اسم إلى الأبد.”
“وماذا؟ تريدني أن أخذ لقبك؟”
“بما أنك مقرب من أهل الشمال، أتمن أن تتولاه إن وافقت.”
“هم.”
نظر جستن إلى الفراغ.
تذكر أن كيليان أرسل ردًا لبرقية الإمبراطور هذا الصباح.
لم يعرف تفاصيل الرد، لكنه لاحظ تجاهل كيليان لبرقية إيزيس، مما يعني ربما قبول زيارة أنطونيو. إذن، قد يُعادي قضية التنازل.
‘لهذا يقترح هذا؟ لا وريث لكيليان بعد…’
كان جستن متعلقًا بالشمال، فالفكرة ليست سيئة.
“سأفكر في الأمر.”
لكنه لم يوافق، إحساسه أن كيليان يرتب أموره كمن يستعد للسفر.
“واستخدم ذلك المتسلل كطعم كما تشاء.”
واو!
كان كيليان يشتكي منه سابقًا، فلمَ هذا الاستسلام؟
“أستارا تعلم بعودتي، فهي الآن تريد قتلي. مرر معلومات مزيفة لفرسان الظل.”
مثلًا، أن كيليان مصاب بجروح خطيرة.
“لا، هذا لن ينفع. لقد بحثت عن أطباء بجنون.”
وجد كيليان خطأ في خطته، واقترح:
“إذن، أخبرهم أن حراسة القصر ستتراخي يوم الزفاف.”
المهم إيهام أستارا بفرصة للتسلل.
كانت ترسل قتلة حتى في أشد الأوقات، فلن تفوت هذه الفرصة الآن.
“حسنًا… سأفعل ذلك.”
ضحك كيليان بإحباط على تردد جستن.
“كما تشاء.”
“ألا تخطط لشيء أحمق؟”
“أي شيء؟”
“لا شيء، ربما أصبحت أقلق كثيرًا مع التقدم في العمر.”
أغمض جستن عينيه، ووضع كيس دواء على الطاولة.
“لا تنسَ دواءك. تبدو كأنك ستموت الآن.”
“اليوم مليء بالتذمر.”
“هذا ليس تذمرًا!”
“ههه.”
ها! كيليان، الذي نادرًا يضحك، يضحك الآن؟ هل أصابه شيء بعد إصابته؟
“تناول دواءك! جرحك يبدو جيدًا ظاهريًا، لكنه سيء داخليًا. إن لم يُعالج، سيتعفن!”
“حقًا؟ حسناً.”
ردود كيليان مثالية.
غادر جستن المطبخ متذمرًا.
عندما تلاشى صوت خطواته، قلب كيليان كيس الدواء. “…”
حدق في الحبوب المهدرة في الحوض، ثم سكب ماء دافئًا عليها.
تأكد من ذوبانها، ثم أخذ عصير الليمون وغادر المطبخ.
***
طق. تدحرج.
اصطدم حصى صغير بحذاء ممزق.
انتفض شخص يرتدي خرقًا في الظلام، فخاف الطفل الذي ركل الحصى وغطى خديه.
“ما… من هناك؟”
ابتلع الطفل، ديور، ريقه، ممسكًا بدمية أرنب مشوهة.
نادى صوت من بعيد:
“ديور! إن لم تأتِ، سيأكل الأطفال وجبتك!”
منذ حرق الأكواخ بسبب أستارا، تتناوب قرية تلسي على رعاية الأطفال.
كان ذلك ممكنًا بفضل المحاصيل ومساعدات القصر.
اليوم، يوزعون كعكات مخبوزة بزبدة من القصر.
شم ديور رائحة الزبدة، لكنه لم يستطع إبعاد عينيه عن الظل المشبوه.
مسح فمه، وركض نحو الوجبة.
عندما اختفى الصوت، تحرك الشخص المنكمش.
ظهرت خصلات زرقاء مخططة بالشيب من بين الخرق.
“كيف يجرؤ هذا الوضيع على رمي حجر عليّ؟”
كان صوت أستارا الأنفي.
تأجج غضب في عينيها المرتفعتين.
“لمَ أنا في هذا المكان القذر؟”
تصدع صوتها.
كان تخمين بيتر نصف صحيح.
صحيح أن أستارا انتقلت إلى برج شوتن يوم حادث العربة، لكنها لم تلجأ إلى نبلاء الشمال كما توقع.
كانت مختبئة في زقاق مهجور بقرية تلسي، متسولة.
حاولت أستارا التواصل مع داعميها فور وصولها، لكن النبلاء خذلوها.
بعضهم أبلغ عنها ليخفف ذنبه، وآخرون حاولوا تسليمها للإمبراطور.
في النهاية، رفضوها خوفًا من العقاب.
“منافقون! كانوا يتملقون، والآن يرفضونني لأنني بلا فائدة؟”
عجنت أستارا الكتاب الممزق. أصابعها المشوهة من إصابة غير معالجة انحنت بشكل غريب.
“سأذبحهم جميعًا عندما أستعيد مكانتي! مهما توسلوا، لن أرحمهم!”
نظرت عيناها المجنونتان إلى برج شوتن تحت الثلج.
“سأسترد كل ما سلبني! بالتأكيد!”
لن تنهار.
إن استعدت مكانتها، فكل شيء ممكن.
قضمت أستارا أظافرها، وصدى الصوت ملأ الزقاق الرطب.
“لكن أن، يجب أن أجد طريقة لدخول الشمال…”
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات