ارتسمت في عينيها لمعة دهشة؛ لم تتوقع هذا الجواب من سيدريك.
‘أكانت قلقة من أن يسيء فهمها؟ يا للعجب… أيّ أمور تافهة تشغل بال هذه المرأة.’
همَّ بأن يسخر في نفسه، لكنه وجد نفسه يبتسم بسخرية صغيرة.
لو كان الأمر في الماضي، لربما ساوره الشك فعلًا.
لكنه لا يدري متى بدأ يُسلِّم بصدق كلماتها دون تردّد.
حتى هو نفسه فوجئ بذلك. ومع ذلك لم يشعر بأن هذا خطأ، وكان هذا أعجب ما في الأمر.
يكفي أن تقول إستيل كلمة، فيميل قلبه لتصديقها.
أهي ثقة؟ أم افتتان؟ لم يستطع أن يحدد.
وبعد لحظة قصيرة من التفكير، ابتسم.
“فلنفسِّر الأمر معًا.”
“هم؟ ماذا تقصد؟”
“أقصد المخطوطة السحرية. ذاك الرجل قد سقط من الإعياء، وأنتِ وأنا الوحيدان اللذان نستطيع قراءة اللغة المكتوبة فيه.”
وأشار بعينيه إلى إيدغار الذي بالكاد ما زال يتنفس بعد أن أنهكته النوبة الأخيرة.
التقطت إستيل مقصده، فترددت خطوة إلى الوراء واقتربت من أطراف الدائرة المحيطة بهم.
ارتفع صوته العميق وهو يقرأ الأحرف المنقوشة:
”Trappola, confinare, acqua di mare, tranne, 30m diametro…….”
ثم التفت مبتسمًا إلى من تقف بجانبه وقال:
“جرّبي أنتِ الترجمة.”
بدت عليها الحيرة للحظة، لكنها استشعرت ثقته.
لقد فوَّضها تلقائيًا بحق تفسير لغة الكنائس.
تلك الثقة أزاحت شيئًا من قلبها.
لم تكن تملك دليلًا واحدًا، لكن بدا لها أن هذا الرجل لن يخونها أبدًا.
ابتسمت هي الأخرى وأخذت تُعيد الكلمات إلى معناها:
“فخّ… حبس… ماء البحر… باستثناء… قطر ثلاثين مترًا.”
“إذن إن جمعناها…”
“فالمعنى، احبسْ ماء البحر، باستثناء دائرة بقطر ثلاثين مترًا.”
شعر سيدريك بغرابة وهو يصغي إليها.
لم يكن يتوقع منها هذا الإتقان، بل فاقت سرعة فهمها أي متدرّب في الكنائس.
“أحسنتِ. أظنّكِ تتقنين هذه اللغة أكثر من بعض المبتدئين عندنا.”
ارتبكت إستيل من نبرته اللطيفة؛ كانت تتوقع أن ينهرها أو يواجهها بتساؤلات حادة حول مصدر معرفتها.
لكنه بدا أكثر هدوءًا من ذي قبل.
أطلقت زفرة مرتاحة ونظرت إلى الجدران المائية التي تحيط بهم.
“إذن هذه الجدران… مجرد ماءٍ مُقيَّد.”
فأجاب سيدريك وقد علت صوته مسحة تفكير عميق:
“غالبًا أنها أول مرة يُستخدم فيها لغة الكنائس في رسم دائرة سحرية. لم يجرؤ أحد على التجربة من قبل، ولم يخطر لأحد أنها ممكنة أصلًا.”
فالمعتاد أن السحرة ينتسبون إلى البلاط الملكي، أما الذين يتعاملون بالقوة المقدسة فمكانهم الكنائس.
لكن إيلين… جمعت بين النقيضين.
جثت إستيل أرضًا، ومدت أصابعها تلامس حافة النقوش التي يُفترض أن أمها قد حفرتها بنفسها.
لم تفهم بعد ما كانت تخطط له، غير أنها أدركت شيئًا واحدًا: إن الأمر يتعلّق بالقوة المقدسة.
ثم التفتت إليه فجأة وسألته:
“هل يمكن أن يُحبس شيطان داخل هذا؟”
لعل الجدوى لم تكن في قوةٍ تشبه قوة ملك الشياطين(السحر)، بقدر ما كانت في قوةٍ تضادّهم.
لعلّ أمها أخبرتْها بهذا السحر لذات الغرض.
وكان سيدريك بدوره غارقًا في الفكرة نفسها.
بعد طول تفكير عقد حاجبيه وقال:
“لا أدري…”
فلا سابقة لهذا أبدًا.
اجتماع القوة السحرية والقوة المقدسة أمر لم يحدث من قبل، وهذه هي أول دائرة يُكتشف فيها استعمال لغة الكنيسة.
“حتى لو كُتبت بلغة الكنيسة، فهي دائرة سحرية في النهاية. أشكّ في إمكانية تسرّب القوة المقدسة إليها. قد تعمل الكلمات كمفتاح فقط، أما الطاقة الفعلية فهي سحرية بحتة.”
فقالت إستيل بفضول:
“وماذا لو رسمتها أنت بنفسك؟”
“عندها لن تعمل مطلقًا.”
أمالت رأسها متعجبة.
‘أليس هو من قال إنه كان على وشك أن يصير ساحرًا في صغره؟’
فمال عليها بخفة يلمس وجنتها بإصبعه وهو يشرح:
“لقد تجاوزت عشر سنوات منذ أن اخترت طريق الكنيسة وأغلقت طاقتي السحرية. ألا تعلمي أن إيدغار نفسه قال إن مجرد فتح القنوات السحرية يستغرق سنة كاملة عادةً؟”
“لم يخبرني!”
“بخيل حتى في التعليم، ذاك الرجل.”
‘إذاً كنت متفوّقة أكثر مما ظننت… ولِمَ لم يقل شيئًا إذن؟’
تساءلت في نفسها، ونظرت شزرًا إلى إيدغار المتهالك، ثم لوّحت بيدها متذمرة:
“هاه… كلما قلتُ، لعلّي أمسكت بالخيط ثم يتبيّن أنه لا. الأمر ليس يسيرًا أبدًا.”
فأجاب سيدريك بابتسامة دافئة:
“مع ذلك، أنتِ تحسنين العمل.”
“ماذا؟”
تفاجأت من نبرته المشجعة، وبدت في عينيها ريبة.
رفعت قدميها على أطراف الأصابع حتى تواجهه، ثم مدت يدها لتلمس جبهته.
“هل… هل تشعر بمرض في رأسك؟”
“ماذا تقولين…”
“لا، هذا لا يُطمئن. يجب أن نخرج من هنا سريعًا. إذا كان هذا الرجل قد فقد حتى قدرته على التوبيخ والجدال، فلا بد أن قوّته بلغت القاع.”
‘أكنتُ حقًا قاسيًا معها إلى هذا الحد؟’
تساءل سيدريك في داخله، وقد خالجه شعور بالفراغ.
وفي تلك الأثناء، أخذت إستيل تدور بعينيها في المكان ثانية.
لم تجد شيئًا جديدًا، فعبست وغضبت، وراحت تضرب الأرض بقدمها بعصبية.
صحيح أن أمها شديدة الصرامة في تدريبها، لكنها لم تظن أنها ستضعها في مكان كهذا لتموت جوعًا.
عندها وقعت عيناها على الجدار المائي المحيط بهم.
من بين أسراب الأسماك المتمايلة هناك، بدت لها صورة شيء غريب.
تقدمت مقتربة، وألصقت وجهها بالجدار، وهمست بعينين نصف مغمضتين:
“أوه… سفينة غارقة؟”
لكنها بدت بحالة سليمة على نحو مريب، لا كأي حطام.
رفست إدغار بخفة لتوقظه وقد عاد قليل من الدماء إلى وجهه، وقالت:
“افتح لنا ممرًا إلى هناك.”
فتأفف قائلًا:
“وهل أنا خادم عندك؟”
فأجابت مبتسمة ماكرة:
“ألا تمنح هذا من أجل تلميذتك المحبوبة؟”
نظر إليها نظرة جانبية حادة، وكزّ على أسنانه وهو يرد:
“نعم، محبوبة جدًّا… لدرجة أنني أكاد أودّ أن أصفعها.”
“كفّ عن الكلام، أسرع!”
قال بصوت متردد:
“لا أستطيع. سأستريح أكثر قليلًا. استخدمي الدائرة السحرية الهوائية وحاولي أنتِ أن تُعدّيها جيدًا.”
راقبت إستيل الرجل وهو يلتفت عنها بازدراء، فخدشت جبينها بيدها وهي تشعر بالاستغراب والانزعاج.
‘هذا الرجل… مهما نظرت إليه، بدا قد تعافى تمامًا.’
عاد لوجهه لون الحياة، وصار يرد الكلام بوضوح وكأنه في حالة نشاط كاملة…
بالتأكيد كانت أمها ومعلمها يريدان أن يجعلانها قوية.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 69"