في النهاية، تدخل سيدريك بهدوء في حديثهما وحذّر الساحر بصمت. عندها فقط رفع إيدغار نظره عن إستيل وابتسم بابتسامة خفيفة.
“لماذا أنا؟“
“ألم يؤكد أمر الإمبراطور بأن تساعدنا؟“
“هل أبدو كشخص مخلص للعائلة الإمبراطورية؟ يمكنني الهروب ببساطة.”
كيف يجرؤ على تجاهل أمر الإمبراطور رغم أنه من تابعي العائلة الإمبراطورية؟ ماذا يخطط أن يفعل… إيدغار المتغطرس الذي لا يحترم أحد جعل سيدريك الذي عاش حياته كلها بجدية يفقد الكلمات. بينما استندت إستيل على ذقنها وسألت وهي تعبّر عن استغرابها بامتعاض.
“ولماذا تهرب؟ على أي حال، سنموت بعد خمسة أشهر.”
“ماذا تسألين؟ من الطبيعي أن أواصل أبحاثي.”
أوه… حقاً إنه عبقري غريب الأطوار، لكنه يظهر حماساً علمياً قوياً. كانت إستيل تفكر في مدى روعته حين ارتسمت على وجه إيدغار ابتسامة قاتمة غير متوقعة.
“وبما أنني حصلت على عينة من الجينات، لماذا لا أصنع نسخة مستنسخة من الساحرة العظيمة…”
تبخرت ذرة الاحترام التي كانت ستظهر في عيني إستيل، التي تشبه الساحرة العظيمة بعيونها الذهبية.
‘نعم، هذا الرجل مجنون ببساطة.’
“لماذا تفعل شيئاً كهذا…”
أمسك ايدغار بكتفي إستيل بقوة وجذبها نحوه، وبدأ يهمس بعينين سوداويتين.
“ملل، لا يوجد شيء مبتكر إطلاقاً. كل النظريات التي أُطرحها هي مجرد تحسينات على نظريات الساحرة العظيمة. حل رموز الدوائر السحرية الغير مكتملة، أو حتى صنع نسخة مستنسخة… بما أن الوقت المتبقي لي هو خمسة أشهر فقط، يجب أن أكرس جهدي لأشياء ثورية أليس كذلك؟ بدلاً من إضاعة الوقت في أمور قد تؤدي إلى الموت.”
في تلك اللحظة لمع بريق في عيني إستيل.
التعبير كان مخيفاً لكنه يمكن اختصاره بكلمات بسيطة. ابتسمت بابتسامة خبيثة ومالت برأسها قليلاً:
“يعني… تريد أبحاثاً ممتعة، ولا تريد أن تشارك في متاعب مؤكد ستتعرض لها، أليس كذلك؟“
“بالضبط.”
أجاب إيدغار بحزم ونهض من مكانه وكأنه لا ينوي التراجع. تحرك حاجب سيدريك قليلاً.
من خبرته مع السحرة عرف أن إيدغار يحاول استخدام الانتقال اللحظي للهروب. قبض سيدريك على أنيابه وخفض صوته ليحذره:
“اجلس.”
وبينما كان إيدغار يحاول رسم دائرة الانتقال اللحظي، أخرج سيدريك سيفه ووجهه مباشرة إلى معصم إيدغار ببرود وسخرية.
“إيدغار لوران، إذا حركت أصابعك الآن سأقطعها على الفور.”
“أوه، مخيف. إذا فقدت يدي فهل سيفيد هذا قواكم كثيراً؟“
سخر إيدغار منهم بشكل واضح. إنقاذ العالم من الهلاك؟ هراء. لم يتعلم السحر لهذا السبب. كان فقط يريد معرفة الحقيقة، وكانت الساحرة العظيمة أقرب من يعرفها للحقيقة، لذلك تتبعها ودرس السحر حتى وصل إلى هنا.
لأنها إبنة الساحرة العظيمة، أبدى اهتماماً بسيطاً فقط. لم يكن ليعرف أية معلومات سرية لأن ذكريات طفولته كلها ضاعت. فقط أخذ عينة جينية منها ومن بعدها لن يهتم بها أكثر.
بينما كان يفكر في الهروب مد أمام عينيه شيئاً.
“تادااه~”
دفتر مليء بالرموز بدا وكأن أحدهم نسخ تعويذة سحرية جديدة لم يرها من قبل. بينما كان إيدغار يحاول حفظ شكلها ورموزها بسرعة، أغلقت إستيل الدفتر بابتسامة لطيفة.
“ماذا تعتقد هذا؟“
تابع الساحرة العظيمة تجمد في مكانه ولم يتمكن حتى من التفكير في تفعيل دائرة الانتقال الآني المرسومة بالكامل. ما هذا…؟ هل توجد أنواع من دوائر السحر لا أعرفها حتى أنا؟ في تلك اللحظة، همست ابنة العبقرية التي كان يتبعها وهي تحافظ على ابتسامتها.
“هذه دائرة السحر التي تركتها الساحرة العظيمة لي فقط. أنت لا تملك شيئاً كهذا، أليس كذلك؟“
وجه المرأة التي ابتسمت وهي ترفع زوايا شفتيها كان يشبه تماماً صورة الساحرة العظيمة.
أمسكت إستيل يد إيدغار التي امتدت نحو دفترها كما لو كان مسحورًا وقالت له بلطف كأنها تغويه:
“ربما نجد أشياء كهذه أكثر خلال رحلتنا لإنقاذ العالم؟ ما رأيك، يا بروفيسور؟“
حدق إيدغار بعينيه الخضراوين المجنونتين في الدفتر القديم بين يدي إستيل. دائرة سحر جديدة للساحرة العظيمة؟ ربما هناك الكثير مما لا يعرفه أحد… دق قلبه بقوة. أغلقت إستيل الدفتر وعانقته بإيماءة مبالغ فيها، ثم سألته مبتسمة:
“هل تعتقد أن فرصة بحثية كهذه تأتي في أي وقت؟“
‘اللعنة، بالطبع لا.’
كانت دائرة الانتقال الآني التي تحت يده تتلاشى تدريجياً بسبب انتهاء الوقت. لكنه لم يكن الوقت المناسب للانشغال بهذا. هرع إلى مكتب العمل وبدأ يحرك يده بشكل هستيري ويكتب بسرعة على ريشة قلم جافة تعويذة.
“هل اقتنع؟ أم لا؟” سألت إستيل بوجه متردد.
“ماذا تفعل؟“
“أقدم استقالتي!”
كتب إيدغار استقالته بسرعة وهو متحمس، وهرع إلى مكتب المدير كأنه لا يملك وقتاً حتى لرسم تعويذة. ظل سيدريك يحدق في ظهر الساحر المجنون الذي هُدئ فجأة بمجرد سماعه أن هناك تعويذة أخرى تركتها الساحرة العظيمة.
عانقت إستيل الدفتر بقشعريرة وهمست:
“ح–حقاً ينفع…”
استفاق سيدريك متأخراً وشجعها:
“عمل جيد.”
“لكن، هل بسببّي، الجميع…”
نظرت إستيل بالتناوب إلى سيدريك الذي كان يقف بجانبها وإلى ظهر إيدغار وهو يركض مسرعًا في الممر، ثم ابتلعت كلماتها دون أن تقول شيئًا.
هممم، يبدو أن عدد المستقيلين بسببّي في ازدياد…
(تقصد سيدريك لمه استقال من منصبه وكمان البروفيسور)
* * *
18 أبريل 762
إيزابيلا فتاة صافية جدًا.
عند التفكير بالأمر، كانت هكذا منذ بداية القصة الأصلية. تؤمن بالناس وتظن أن الجميع في العالم يحملون نوايا حسنة، تعرف فقط الحب الوردي المتلألئ ولا تعرف شيئًا عن الرغبات القذرة والمظلمة… كانت كذلك. ولهذا السبب كان المجانين فقط هم من يلتفون حولها.
عندما أنظر إلى تلك الطفلة الطيبة والمشرقة بعيني مباشرةً، أشعر هذه المرة بعزيمة لأحميها بنفسي.
سأضطر للتخلص من بقية هؤلاء الأشخاص، سواء بقتلهم أو حبسهم، حتى يلتقي البطل الوحيد العاقل بإيزابيلا.
…لكن لتحقيق ذلك، عليّ أن أبتكر طريقة لقتل الناس دون أن يُقبض عليّ بتهمة القتل، وهذا أمر يقلقني.
19 أبريل 762
توصلت إلى استنتاج أنه لا توجد طريقة للقتل دون أن تُقبض بتهمة القتل.
بالأمس، دخل شخص في مشاجرة فأردت تصفية الأمر، لكن لم أتوقع أن تصل الأخبار إلى أذان مدير الأكاديمية في غضون يوم واحد…
قالوا إنني من المواهب في الأكاديمية، ثم عاقبوني بخصم 100 نقطة من سجلي وأمروني بتنظيف المكتبة. لو كان الأمر هكذا، لماذا لا يفصلونني مباشرةً؟
عندما قام أبطال الرواية بأفعال وحشية بحق إيزابيلا مثل احتجازها، لم تتدخل الأكاديمية، فظننت أنها منطقة خارج القانون لكن يبدو أن قوانين هذا البلد فقط غير صارمة مع أصحاب النفوذ. مزعج جدًا.
اليوم طلبوا مني بدء التنظيف، ذهبت إلى المكتبة وقابلت ذلك الوغد مرة أخرى. حاول أن يتظاهر بأنه يعرفني، فهربت بهدوء.
رغم أنه أنقذ طائرًا لكنه لا يزال مجنونًا. لا أريد أن أصبح صديقة له.
20 أبريل 762
استخدمت سحر النار لإزالة شبكات العنكبوت من سقف المكتبة، لكن تم الإمساك بي.
قالوا لي هل تنوين حرق المخزن؟ فتمت إضافة شهر آخر للتنظيف كعقاب.
إنقاذ إيزابيلا؟ ربما الأفضل أن أترك الدراسة.
آه، ذلك الشخص يأتي إلى المكتبة كل يوم.
كانت إستيل بطريقة ما تتعاطف مع والدتها التي لم تتحدث معها بشكل جدي من قبل. كانت تتساءل من أين جاء تشتت انتباهها وتهورها ثم أدركت أنهما ورثتهما عن والدتها… نظرت إلى أسفل قليلاً وأمعنت النظر في زي الأكاديمية الذي ترتديه، ثم غرقت في التفكير
لو لم تُترك من قبل والديها، هل ربما كنت سأدرس في هذه الأكاديمية؟ لو كان الأمر كذلك…
“ربما كنت سأحصل على 100 نقطة خصم أيضًا.”
إذاً ربما من الأفضل ألا أذهب أصلاً… أنهت إستيل بسرعة تفكيرها في “لو حدث ذلك“، ثم ألقت نظرة على إيدغار المشغول بدراسة دوائر السحر.
رسم إيدغار دائرة سحرية على الأرض، وضع يده فوقها بخفة، وانتشرت انعكاسات في الهواء حول يده بسرعة ثم أزال يده بحركة سريعة وهو يعبّر عن استغرابه.
“ما رأيك؟“
“هراء، أنا أنسحب.”
“هاه؟“
شعرت إستيل بالخجل من رد فعله غير المتوقع، ونظرت إلى سيدريك الذي ظل صامتًا واقفًا. لماذا هكذا؟ لا أعرف… تبادل الاثنان النظرات، ثم قال إديغار بحدة:
“تسك، صحيح أنها دائرة سحرية معقدة جدًا… لكن أين سأستخدمها؟“
كنت أظن أنه يستطيع اكتشاف كيف تساعد دائرة المرآة في قتال الشيطان. ابتسمت إستيل بسخرية وقالت:
“كنت أظنك ذكيًا، لكنك مخيب للآمال…”
“ماذا؟“
“لم أقل شيئًا.”
حينها اقترب إيدغار منها بسرعة وأمسك وجنتيها ومدهما.
“أوف، أوففف!!”
“هل انتهيت من الكلام؟“
“آه، أنت تؤلمني! سيدريك، سيدريك!”
“ماذا تفعل بحق الجحيم؟“
سمع سيدريك نداء إستيل، وتحرك بسرعة دون تفكير، أمسك بمعصم إيدغار بشدة وأسقطه عنها.
رغم قوة قبضة سيدريك التي جعلت إيدغار يشعر بوخز، لم يستطع إلا أن يضحك عندما رأى سيدريك يفحص كتف إستيل بعناية. يا له من مشهد!
“ما هذا؟ هل أنت في صف ابنة الساحرة العظيمة؟“
“لا.”
تمتم إيدغار لنفسه، لكن سيدريك الذي سمعه نفى ذلك، رغم أن وجهه كان أحمر بشدة.
لاحظ إيدغار كتف إستيل المستدير تحت يد سيدريك الكبيرة، وعندما نظر سيدريك إليه بتوتر، أطلق يدها. فقدت إستيل توازنها وسقطت مع صوت خفيف. رسم إيدغار بسرعة دائرة سحرية تحتها لتحميها من السقوط وضحك ساخرًا.
“هاها، كان لا بد.”
“أقول لك، تلك الفكرة السيئة التي خطرت ببالك ليست صحيحة.”
“هل تعرف ما أفكر فيه؟“
“بغض النظر عن ذلك.”
سقطت إستيل على الأرض تنظر إلى الرجلين المتخاصمين. الدائرة السحرية حمتها فلم تتأذى لكنها شعرت بالحزن. “مرحبًا، لقد سقطت، أيمكنكم الاهتمام؟” لكنها فهمت أن كلاهما مشغول بالصراع بينهما…
ترجمة : سنو
انستا : soulyinl
واتباد : punnychanehe
التعليقات لهذا الفصل " 37"