سنو:هلا احبابي حبيت اقولكم إدُغا روران بغير اسمه ل ايدغار لوران
كان ينظر إليها كما لو كان يراقب امرأة استحوذت على قلب والديه بالكامل. بين حاجبيه المنعقدين قليلاً، كما لو أن الضوء أزعجه، لم يكن هناك أي نية خبيثة.
حسنًا، في الواقع، كانت إستيل كذلك دومًا منذ البداية.
نعم، إنها ودودة مع الجميع دون تمييز، لطيفة، ولهذا تحظى بالحب أينما ذهبت… لا، مهلاً، ماذا؟
“…تحظى بماذا؟“
“نعم؟“
“لا شيء.”
أوه، خرج ذلك من فمي دون قصد… أطبق شفتيه بقوة وهزّ رأسه نافيًا.
لا تكن غريب الأطوار. ألم ترَ بعينيك كيف تحظى تلك المرأة بالمحبة أينما تذهب؟… إذن، كل ما في الأمر أنني أعددت حقائق موضوعية عن إستيل.
لكن، الغريب في الأمر… كل ما فعلته هو أنني استعرضت تحليلاً موضوعيًا عن إستيل بلانشيه في رأسي، فَلِمَ إذًا أشعر بالاضطراب في داخلي؟
دون أن تدري بحالته المشوشة، مدت يدها وطعنت ركبته بلطف وسألته:
“يا سيدي؟ إذًا، هذا الساحر المسمى ايدغار يعرف والدتي؟“
“… ايدغار لوران هو من القلة القليلة الذين فهموا أبحاث الساحرة العظيمة بعمق.”
تأخر في الإجابة قليلًا بينما كان يحاول ترتيب أفكاره المتشابكة مثل خيوط الغزل المعقودة. بدت نظرات إستيل المستديرة، التي بدا وكأنها تحثه على إكمال حديثه، مزعجة بلا سبب. فتجنب تلك النظرات وأكمل كلامه.
“الساحرة العظيمة لم تكن ممن ينظم أبحاثه بدقة. لذا، تركت وراءها الكثير من المعادلات السحرية غير المفهومة… والشخص الذي قام بتحليل وتنظيم كل تلك المعادلات هو ايدغار لوران. وخلال تلك العملية التقى عدة مرات بوالدتي التي كانت صديقة لوالدتك وتلقى منها بعض النصائح.”
“واو، إذًا فلا بد أنه كبير في السن، ربما في عمر جد؟“
“لا، إنه شاب إلى حد مدهش. أظن أنه يكبرنا بثلاث سنوات فقط.”
بالنسبة لما حققه، فهو في غاية الصغر حقًا… وبينما كانت تفكر بذلك، ألقت إستيل نظرة خاطفة إلى جانب وجه الشاب الجالس على العشب. ثم حاولت أن تسترجع المسيرة العامة للشخصين اللذين سيرافقانها في رحلة قتل الشيطان.
إذًا، أحدهما تولى قيادة فرسان المعبد في عمرها نفسه، والآخر يكبرها بثلاث سنوات فقط، ومع ذلك تمكن من تنظيم نظريات الساحره العظيمة في قسم السحر الإمبراطوري؟ إذًا، هذا يعني…
نهضت إستيل فجأة من مكانها بوجه متجهم وقد شحب لونها.
(يعني أنا الوحيدة… التي لا يوجد لديها شيء…)
لماذا الجميع عاش حياته بجدية؟ هل كنت الوحيدة التي عاشت بتراخٍ؟ رمشت بعينيها بسرعة، وبدأت تفكر لتجد وسيلة “انتصار نفسي“.
صحيح. أنا نشأت في أزقة الأحياء الخلفية، طبيعي أن يكون وضعي مختلفًا! سِيدريك وإدُغا، تلقيا تعليمًا جيدًا في بيئة داعمة، لهذا حققا ما حققاه، أليس كذلك؟ إذًا، كل هذا بسبب الظروف…
“هو بالفعل شخص عظيم. فبجانب إنجازاته، هو أول شخص من عامة الشعب يدخل قسم السحر الإمبراطوري، الذي كان يُعتقد أنه مخصص للنبلاء فقط.”
“أوه…”
في تلك اللحظة، انهار انتصارها النفسي أمام تعليق سيدريك. تجمد تعبير وجهها قليلًا لكنها سرعان ما استعادت ابتسامتها.
يا للعجب، حتى إدُغا من عامة الشعب؟ لا بد أن والديه قدما له الكثير من الدعم! ليس مثل والديّ اللذين يعطلانني في كل شيء―
“وفوق ذلك، هو يتيم. ورغم أنه وُلد بموهبة، إلا أنه أيضًا مجتهد بشكل مذهل. وجود شخص مثله معنا سيكون مفيدًا جدًّا…”
“آااااااااه!!”
“لمَ تصرخين فجأة؟“
لم يعد هناك أي سبيل للانتصار النفسي. الحقيقة أنني أنا الوحيدة الفاشلة هنا! اجتاحت مشاعر الدونية قلبها كموجة عاتية، مما جعلها تشعر بالخنق. وبينما كانت تمسك برأسها وتصرخ فجأة، نظر إليها سيدريك بدهشة وكأنها فقدت عقلها. وشعرت هي فجأة بالحنق وصرخت بغضب:
“ما بك؟ لماذا تنظر إليّ هكذا؟ أنت أيضًا ترى أني مثيرة للشفقة؟“
“وهل هذا جديد؟“
“جديد؟!”
سألته بدهشة، فرفع كتفيه بلا مبالاة وأجاب بنبرة هادئة:
“أنت تتصرفين بطريقة مضحكة بشكل سافر حاليًا.”
وكأن حالتي النفسية ليست سيئة بما فيه الكفاية…
‘هذا الشخص!’
التقطت إستيل يوميات الساحرة العظيمة الموضوعة على ساقها ووقفت فجأة. فقام سيدريك بدوره واقفًا على عجل، وأمسك بها سريعًا. كانت معصمها الناعم ملفوفًا بلطف في كفه مقارنةً بكفه الأكبر حجماً.
‘لماذا ملمسها ناعم هكذا؟!’
ارتجف جسده بشدة من نعومة بشرتها الزائدة، ومن دون أن يشعر، دفع يدها بعيدًا. ثم أمسكها ثم دفعها، تصرفه غير المبرر جعل إستيل تميل برأسها بتساؤل.
“ما هذا؟ تمسك ثم تبعد؟“
“…لنعد الآن. الجو يبرد عند الغروب. إضافة إلى أننا سننطلق صباح الغد، أليس كذلك؟“
آه، صحيح. تنهدت إستيل بعمق وتمطت.
لم يتبقَ سوى خمسة أشهر حتى يوم الفناء، فلا وقت للتراخي. كان عليهم التوجه إلى الأكاديمية بأسرع وقت، للقاء إدُغا روران والتباحث معه ثم البحث عن أي أثر لإيلين قد تكون تركته في الأكاديمية.
بدأت الغيوم تتجمع فوق الشمس الآفلة. رفعت إستيل رأسها تنظر إلى السماء المصبوغة باللون الأحمر، وقد غمرها شعور لا يمكن وصفه.
‘لا أستطيع التأقلم مع هذا.’
منذ فترة قصيرة فقط، كانت تعيش على سرقة أغراض السياح في غلاسيوم لتأمين طعامها، والآن صارت تفكر في كيفية قتل شيطان.
بصراحة، لم يكن للأمر واقعية. فكرة أن أمها التي تركتها في أزقة غلاسيوم كانت ساحرة عظيمة وبطلة للإمبراطورية، وأنها تركت لها وصية بإنقاذ العالم… كل ذلك بدا غير واقعي.
ظلت تهمهم دون أن تجد الكلمات، ثم سألت بهدوء، كأنها تحدث نفسها:
“هل سأتمكن من فعلها؟“
وبعد صمت قصير، لم يتمكن سيدريك من كتم فضوله أكثر، فسألها:
“إذًا، لماذا أكدتِ أمام جلالة الإمبراطور بكل ثقة؟“
“في الحقيقة، نوعًا ما، كانت لحظة اندفاع.”
“هاه، ممتاز. إذاً أنا أصبحت مسؤولًا عن المصير بسبب اندفاعك؟“
وكأنه يقول: يا لهذه المرأة!، فقالت إستيل متمتمة:
“أعترف، هذا محرج… لكن أحيانًا، في الحياة، تأتي لحظات حظ سيئة، فاعتبرها واحدة منها…”
ثم تحاشَت نظره وقد خفّت نبرتها، لكنها صارت أكثر جدية:
“فقط شعرت أن عليّ فعلها.”
“بسبب كلامه عن موت الأطفال؟“
“هممم…”
خدشت وجنتها بحرج، ثم قالت بصوت خافت:
“عندما يكون هناك توقع لمجاعة، يميل الناس الميسورون إلى شراء الكثير من الطعام. ووقتها، أمثالي لم نكن نجد ما نأكله.”
‘كنت أظن أنها عاشت حياة صعبة، لكن سماعها تقول ذلك بنفسها… يكمنني شعور مختلف.’
أنصت سيدريك إلى حديثها بصمت.
“وقتها كنت ألعن العالم.
لو أن هؤلاء الناس توقفوا عن أكل الحلوى ليوم فقط، ربما لما اضطررت أنا للجوع أسبوعًا.
لماذا؟ لماذا لا يساعدني أحد؟ رغم أنهم أغنى، وأكبر سنًا مني…”
“…….”
“في ذلك الوقت، كنت أكره أولئك الذين يملكون القوة لكنهم يفرّون… لم أرد أن أكون مثلهم. لهذا تدخلت، لكن هممم…”
تمتمت بصوت خافت، وكأنها لا تثق بنفسها.
“هل سأتمكن من فعلها…؟“
لم يُجبها. رغم أنها تعرف أن سيدريك لا يتحدث أبدًا عن الأمور غير المؤكدة، شعرت بغضب غريب يتسلل إليها. حسنًا، لم تكن تتوقع منه كلامًا لطيفًا على أية حال…
هل يجب أن تعبّر عن امتعاضها أو تركله في ساقه؟ كان هذا ما فكرت فيه بخفة بينما كانت تستدير، لكن عندها تحدث سيدريك.
“لا أحد يعرف. لكن مع ذلك يجب أن تفعليها.”
“آه، إنك مزعج لأنك دائمًا تقول الكلام الصحيح…”
الإمبراطور بدا واثقًا من أن كل شيء سيسير على ما يرام طالما أن الأمر من تدبير الساحرة العظيمة. فقد كانت وراء العديد من المعجزات، وليس غريبًا أن يُعتمد عليها بهذا الشكل.
لكن سيديرك بخلافه كان يرى الحاضر بواقعية.
حالياً، إستيل لا تملك أي معرفة أساسية بالسحر. وحتى لو انضم إليها الساحر ايدغار لوران ليعلمها بعض الأمور، فإن رسم الدوائر السحرية وتحريكها بإرادتها سيتطلب وقتًا طويلاً.
لا أحد يعلم ما الذي خططت له الساحرة العظيمة، لكن إن نظرنا إلى الأمر من منظور الحاضر، ما هي احتمالات انتصار إستيل على الشيطان؟
‘بمنتهى الواقعية… ضعيفة.’
لكن، إن كانت الدائرة السحرية التي قضت في لحظة على مجسّات الشيطان عندما تحطمت الدائرة الأولى… فربما هناك أمل.
بمعنى آخر، الاحتمال نصف بنصف. في وضع يسوده الغموض وعدم اليقين، لم يكن بوسعه قول أكثر من ذلك.
“حتى لو لم أكن أعرف إن كنتِ قادرة على ذلك أم لا، سأظل أساعدك.”
نظرت إليه إستيل بعينين متسعتين من الدهشة، ولم تقل شيئًا. وعندما همّ بالتحرك وقد شعر ببعض الإحراج، امتدت يد صغيرة مقارنة بيده وأمسكت بطرف ثوبه. ابتسمت له إستيل بثقة ومدّت يدها نحوه.
“فكرت بالأمر و… لم أطلب منك مساعدتي بشكل لائق!”
“……..”
“ربما في النهاية أجبرتك على مرافقتي، لكن على كل حال… سنبقى معًا لفترة، أليس كذلك؟“
نظر إلى يدها الممدودة بصمت، ثم ابتسم ابتسامة صغيرة وأمسك بها بهدوء. يد الرجل الكبيرة والقوية باغتت إستيل، لكن قبل أن تتمكن من قول شيء، انحنى سيدريك قليلًا لمستواها، ونظر في عينيها وسألها بنبرة خفيفة المزاح:
“ما الأمر؟ هل بدأت تشعرين بالذنب بشأن ما حدث في القصر الإمبراطوري؟“
ضحكت إستيل بارتباك وأشاحت بنظرها. رغم أنها طالبت بالأمر الإمبراطوري بجرأة، بدا أن الأمر ما زال يؤرقها في أعماقها.
آه، وهي تتصرف هكذا تبدو لطيفـ…
قطع أفكاره فجأة وهو يهز رأسه بتوتر.
لا، لا! ليس هذا الوقت المناسب لمثل هذه الأفكار.
زفر تنهيدة عميقة وقال:
“على أية حال، كان ذلك خياري.”
“عذرًا؟“
“صحيح أن طلبك للأمر الإمبراطوري كان مفاجئًا… لكن إنقاذك من المعبد ومرافقتك بأمر رسمي من القصر، كل هذا كان خياري في النهاية. لذا…”
نقر جبين إستيل بإصبعه السبابة برفق، ثم أكمل بنبرة جادة وهو بلا تعبير:
“بدلًا من أن تشعري بالذنب، ركزي على أن تقومي بعملك جيدًا.”
شعرت بلمسة إصبعه على جبينها وكأنها تترك أثرًا غريبًا… لا، ليس غريبًا، بل كأنها تُدمن. راودها شعور أنها تريد أن يُكررها…
لكن لم يكن ينوي أن يفعلها مرة أخرى. لن يفعل ذلك إلا لو فقد صوابه.
استدار سيدريك ومشى بخطوات واثقة إلى الأمام. بينما كانت إستيل تحدّق بشرود في ظهره وهو يبتعد، رفعت يديها إلى شعرها وعبثت به، ثم تمتمت بصوت مشوش:
“م–ما هذا…؟“
كان وجهها شاحبًا تمامًا، وبدأت تقضم أظافرها بتوتر.
“ه–هل أكل شيئًا فاسدًا أو ما شابه؟“
كانت تتوقع أن يرد بحدة عندما تعتذر له، لكنها تفاجأت برد فعله الهادئ، حتى بدت خائفة.
ب–بل يبدو أنه غاضب حقًا هذه المرة…؟ آه، لماذا لم أدعه يمرّ الأمر ببساطة فقط…!
وهكذا، مضت ليلة كلٌ فيهما غارق في أفكاره الخاصة…
ترجمة:سنو
انستا: soulyinl
واتباد : punnychanehe
التعليقات لهذا الفصل " 30"