لماذا دخل إيلارد فجأة؟
نظرتُ إلى الرجل الطويل الواقف أمامي و أنا ممتلئة بالتساؤلات.
عندها تحدّث بسخرية باردة:
“يبدو أن هـذه الفتاة حامل بطفلي.”
“…..؟”
هل يتحدث عن ليليث الآن؟
أُغلق فمي من الصدمة بسبب كلماته التي لا تُصدق.
لم يكترث إيلارد لي و واصلَ حديثه إلى ليليث بنبرة ودودة بشكلٍ غريب:
“غرفتـكِ الآن هي الغرفة في نهاية الممر على اليسار. بما أنّـكِ تحملين طفلي، احرصي دائمًا على سلامتـكِ.”
“نعم.”
لم تستطع ليليث مواجهة عينيّ، و أخذت تفـرك أصابعها بعصبية بجانب إيلارد.
“إذا كنـتِ بحاجةٍ إلى شيء، اطلبيه من الخادمات الأخريات. لن تعملي بعد الآن.”
“…..؟”
لم أستطع إغلاق فمي من الصدمة.
كانت ليليث الشخص الذي وثقت به أكثر من أيّ أحد آخر، و كانت الأقرب إليّ.
في الرواية الأصلية، عندما أرسلت هيلين جميع خدم عائلة الفيكونت بعد وفاة والديها، كانت ليليث هي الوحيدة التي احتفظت بها.
و الآن ، ها هي ليليث حامل بطفل إيلارد؟
منذُ تجسّدي، كانت ليليث هي أكثر مَـنْ اعتمدت عليه هنا.
على عكسِ إيلارد، الذي تغيرت معاملته فور إجهاضي، ظلت هي دائمًا إلى جانبي.
أو هكذا كنتُ أعتقد.
لكن لماذا فعلت ليليث هذا…؟
هل هناك شيء خاطئ؟
“…هل هذا مؤكد؟ هل ليليث حامل بطفلـكَ حقًا…؟”
“يبدو أنّـكِ لا تزالين لا تصدقين، حتى بعد أن رأيتني أعطيها غرفة و أتدخّـل بنفسي. هل تعتقدين أنّـكِ الوحيدة التي يمكنها حمل طفلي؟”
لوى إيلارد زاوية فمـه بسخرية.
عندما رأيت ليليث تتجنب عينيّ وهي لا تزال تتفادى النظر إليّ، بدأت أشعر بالخيانة تجتاح جسدي، و بدأت أرتجف.
كانت أظافري، التي أغلقت يدي عليها بقوة، تحفر في كلّ يـدي.
“كيف… كيف استطعتِ…؟”
“سيّدي الدوق…”
عندما حدقت بليليث بغضب و أنا أعض على أسناني، أمسكت بكمّ إيلارد وهي تبدو خائفة.
“عامليها جيّدًا. إنها تحمل طفلي الثمين. تحديقكِ بها لن يغيّـر شيئًـا. سنغادر الآن.”
تحدث إيلارد إليّ ببرود، ثم وضعَ ذراعه حول كتفي ليليث و قادها خارج الغرفة.
“هاه… ما هذا بحق…”
ارتجفت ساقاي و لم أعـد أستطيع الوقوف.
انهرت على الأرض الباردة، و أخذت برودة الأرض تتسرّب إلى ساقيّ. لم أعرف إن كان جسدي يرتجف بسبب برودة الأرضية أم بسببِ شعوري بالخيانة.
عـام و نصف.
إنها فترة قصيرة إذا اعتبرتها كذلك، و طويلة إذا نظرت إليها من زاوية أخرى.
باستثناء فترة الحمل القصيرة التي استمرت ثلاثة أشهر، كانت الأوقات كلها جحيمًا متواصلاً.
لكن أن يصبح الجحيم أسوأ…
هل هذا منطقي ؟
تساقطت الدموع من عينيّ المفتوحتين على مصراعيهما.
لماذا يجب أن تكون حياة هيلين هكذا؟
حتى لو كانت بطلة رواية مأساوية، إن لم تكن حياة مليئة بالزهور ، أليس من المفترض أن تحظى بسعادة بسيطة على الأقلّ؟
إلى متى يجب أن أظل تعيسة؟
حياتي السابقة قبل التجسـد لم تكـن سعيدة أيضًا.
كانت حياة مليئة بالعنف الأسري، و كانت متعتي الوحيدة هي قراءة الروايات على الإنترنت خلسـة.
عندما تجسّـدت، اعتقدت أنني سأصبح سعيدة أخيرًا.
لكن…
“لماذا بحق الجحيم؟ لماذا يجب أن أعيش هكذا؟”
اللعنة على هذه الرّواية.
بكيت بلا توقف على الأرضية الباردة دونَ أن أمسح دموعي.
أردت الصراخ من الغضب، لكن موقعي و وضعي البائس لم يسمحا بذلك.
لم أعـد أرغب في العيش هكذا بعد الآن.
“هاه…”
تنفست بعمق عدّة مرات.
فكري بهدوء.
حتى لو أردت الانفصال عن إيلارد، فهذا مستحيل الآن.
إذن، ما يجب عليّ فعله الآن هو…
جمع الأدلة للطّـلاق.
في هذا العالم، كان الطلاق بالتراضي موجودًا، لكنه نادرًا ما يحدث.
في أغلب الحالات، ينتهي الأمر باللجوء إلى القضاء.
على الرّغمِ من أن هذا العالم يتبنّـى ظاهريًا نظام الزّوجة الواحـدة، إلا أن وجود عشيقة أو اثنتين يُعتبر أمرًا عاديًا في الخفاء.
في النهاية، الطلاق هنا ينتهي إما بمعركة قذرة أو بموت أحد الطرفين.
إذن، يجب أن أجمـع أدلّـة على الاعتداء الذي تعرضت له لرفع دعوى قضائية.
المشكلة هي أن الأجهزة الصوتية أو كاميرات المانا لجمع الأدلة باهظة الثمن.
كدوقـة، كانت احتياجاتي الأساسية من الطّعام و الملابس تُوفَّـر تلقائيًا، لكن الأموال الشخصية كانت تحت مراقبة إيلارد الصارمة.
إذن، هل يجب أن أبدأ بتكوين صندوق سري؟
لكن إذا تحركت بنفسي، سينكشف الأمر بسرعة.
فكّرت مجددًا.
يجب ألا يكتشف إيلارد ذلك.
يجب أن أتحرك ببطء وبحذر دون أن يلاحظ أحد. و قبل كلّ شيء، الأولوية هي….
إيجاد شخصٍ موثوق يعمل لصالحي.
بما أن ليليث وصلت إلى هذه الحدّ، لم يعـد من الممكن إصلاح علاقتنا.
لا يمكنني أيضًا جلب شخصٍ غريب فجأة من الخارج…
إذن، يجب أن أجد شخصًا من داخل القصر؟
من الخارج، يُعرف خدم عائلة إيفرسيوم بولائهم. يقال إن الكثير منهم راضون عن بيئة عملهم و يقدّمون ولاءهم لعائلة إيفرسيوم عبر الأجيال.
لكن، هل هذا ينطبق على الجميع؟
بالتأكيد هناك مَـنْ لا يفعل.
حتى لو لم يكونوا متمردين، فشخص لا يقسم بالولاء المطلق لعائلة الدوق سيكون كافيًا.
خاصّة بعد هذا الحادث، شعرت أن هناك على الأقل خادمة أو اثنتين قد يشعرن بالاستياء.
المشكلة هي أنه لا يوجد أحد الآن يمكنه إخباري بما يفكّـر بـه الآخرون.
نهضت ببطء من الأرض و سحبت حبل الجرس بجانبِ السرير. بعد فترةٍ وجيزة، دخلت خادمة و سألتني:
“هل استدعيتِني؟”
“هل يمكنكِ إحضار ماء لغسل الوجه؟”
“…نعم، سأحضره على الفور.”
رأت الخادمة وجهي المبعثر و غادرت دونَ كلام لإحضار الماء.
بصفتي الدّوقة، من الأفضل ألا أظهر هكذا، لكن في وضعي الحالي، كنتُ بحاجةٍ إلى كسب تعاطف الآخرين.
بعد فترةٍ قصيرة، عادت الخادمة بماء الغسيل. غسلت وجهي بالماء الدافئ، أعدت تجهيز نفسي، ثم قلت للخادمة:
“أخبري الدّوق أنني بحاجة إلى خادمة للقيام بالمهام البسيطة. كما سمعـتِ، ليليث يجب أن ترتاح الآن.”
نظرت الخادمة إليّ بدهشة، ثم أغلقت فمهـا بإحكام و أجابت أنها ستخبره.
“إذا أمكن، أخبريـه أنني أريد اختيار الخادمة بنفسي. بما أنني سأختار من بين خدم القصر، فسيسمح بذلك بالتأكيد.”
“نعم، سأنقل ذلكَ له.”
“حسنًا، يمكنكِ الذهاب.”
غادرت الخادمة التي تحمل ماء الغسيل بعد أن أدت التحية.
* * *
في اليوم التالي، عادت الخادمة التي أحضرت ماء الغسيل أمس و قالت إن إيلارد وافق، و دخلت غرفتي.
كما توقعت.
كنت أعلم أن إيلارد، من أجل الحفاظ على مظهر الدّوقة، سيوافق على منحي مساعدة على الأقل.
لاحظت أن الخادمة لم تغادر حتى بعد نقل الرسالة، فمِلت برأسي و سألتها:
“هل هناك شيء آخر؟”
“حسنًا…”
بـدت الخادمة و كأن لديها الكثير لتقوله، لكنها لا تستطيع قوله بسهولة، إذ تحركت شفتاها عدة مرات.
“أريد أن أكون خادمتـكِ، سيدتي.”
“أنـتِ؟”
“نعم.”
توقفت للحظة للتفكير بعد سماع كلام الخادمة.
ما الذي دفعها لتقول هذا فجأةً؟
لم يكن لدي أي تواصل خاصّ مع هذه الخادمة من قبل.
كانت مجرّد خادمة عادية من عائلة الدوق أراها أثناء عملها. علاوةً على ذلك، في وضعي الحالي، لا يمكنني الوثوق بأي شخص بسهولة، فسألتها مباشرة:
“هل يمكنني أن أسألكِ عن السّبب؟”
“لأنني أريد مساعدتـكِ.”
عدّلـت الخادمة، التي كانت مترددة ، وقفتها و أجابت بتعبير صلب.
“تريدين مساعدتي؟”
“نعم.”
“و لماذا تريدين مساعدتي؟”
“عندما أراكِ ، أتذكّـر والدتي.”
“والدتـكِ؟”
“نعم. حسنًا… سيستغرق الأمر وقتًا طويلا إذا أردتِ سماع القصّة بالتّفصيل…لكن، أليس كافيًا أن أقول إن والدي كان يخونها؟”
كان هناك غضب في عينيّ الخادمة.
هل ترى والدتهـا فـيّ؟
أم أنها تشعر بالاستياء تجاه مَـنْ يرتكبون الخيانة؟
حسنا ، لم يكن ذلكَ مهمًّـا.
في وضعي الحالي، لم يكن هناك حليف أفضل منها.
“ما اسمـكِ؟”
“بيكا إدرين.”
“حسنًا، بيكا. من اليوم، ستكونين خادمتي. لكنني أفكّـر في اختيار خادمة أخرى. هل هناك خادمة توصين بهـا؟”
عند سؤالي، بدأت بيكا تفكر بعمق، و هي تدير عينيها.
بعد لحظة، بدا أنها تذكرت شخصًا و فتحت فمها:
“ميـا قد تكون مناسبة.”
“حقًا؟ كيف هي شخصيّتها؟”
“هي هادئة و لا تتحدّث كثيرًا. لذا، من الصعب معرفة ما تفكر فيه، لكن الشيء المؤكد هو أنها لن تكون مخلصة لعائلة الدوق.”
مِلـت برأسي و سألت عند سماع كلام بيكا:
يقال إنكَ تستطيع معرفة أعماق المياه على بعد عشرة أذرع، لكن لا تستطيع معرفة ما في قلب إنسان حتى لو كان يبعد مسافة ذراع واحدة.
كيف يمكنها أن تكون متأكدة وهي لا تعرف ما في قلبها؟
“لمـاذا؟”
“لأن ميـا ليست من النوع الذي يرتبط عاطفيًا بأحد، وليس لديها سبب لتكون مخلصة لعائلة الدوق. حتى الآن، هي تعمل بصمت بمفردها دونَ أي تواصل مع الآخرين.”
“إذا كانت هكذا، ألن تتصرّف معي أنا أيضًا بهذه الطريقة؟”
“بالتأكيد، لن يكون الأمر سهلاً. لكن في عائلة الدوق الآن، لا يوجد مَـنْ يمكن اعتباره محايدًا. إذا كنـتِ تبحثين عن شخص من الداخل، فميـا هي الخيار الوحيد تقريبًا.”
“حسنًا، سيكون من الأفضل التحدث معها قريبًا.”
أومأت موافقة على كلام بيكا عندما سمعت صوت طرق على الباب فجأة . ثمّ أعلن كبير الخدم عن دخولـه.
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 2"