مع صوت ارتطام قوي، ارتطم جسـد شخصٍ ما بالجدار و تمايل.
لم تستطع الساقان النحيفتان، اللتين فقدتا قوتهما، تحمّل الوزن أخيرًا، فانهارت على الأرض.
“هل تعرفين ما سمعته اليوم؟”
“…؟”
بدأ الأمر مجددًا.
إيلارد إيفرسيوم، زوجي الحالي و دوق إمبراطورية نيسيان، جثا أمامي و أنا منهارة، بينما يحدّق بي بنظرات قاسية.
“لقد مـرّ أكثر من عام على زواجنا، وما زال لا يوجد خبر عن وريث. يقولون أن المشكلة إمّـا بـكِ أو بـي أنا. لماذا عليّ أن أسمع مثل هذا الكلام؟ خسارة الطفل كانت خطـأكِ بالكامل.”
لم أجـب.
لا، لم أستطع الإجابة.
ربّما لأنني لم أكن متأكدة إن كانت خسارة الطفل خطأي حقًا.
لقد مـرّ أكثر من عام منذُ أن تجسدت في هذا الجسد.
عندما أدركت أنني تجسّدت في رواية بعنوان “ما يريدونه”، شعرت و كأنني ربحت اليانصيب.
كانت الرواية، المشهورة بكونها قصة مأساوية، قد انتهت للتو بنهاية سعيدة.
للعلم، لم يصدر فصل إضافي.
لو كنتُ قد تجسّدت قبل بداية الرواية، لكان الأمر مختلفًا . لكن مجيئي إلى هذا العالم حدثَ بعد انتهاء كل شيء!. أليست هذه فرصة ذهبية؟
شعرت أن حياتي السّابقة الصعبة ستُعوّض أخيرًا.
كل الأحداث القاسية في الرواية قد تحملتها البطلة بالفعل.
كنتُ، بصفتي معجبة بالرواية، أحـبّ البطل إيلارد.
و عندما رأيته في الحقيقة، كان أجمل مما تخيلت، و كما قرأت في الكتاب، كان زوجًا لطيفًا و محبًـا.
أو هكذا اعتقدت… حتّى حدثَ الإجهاض.
تجسدت في هذا الجسد مباشرةً بعد نهاية الرواية، و بعد شهرين حملت، لكن لسببٍ غير معروف، أجهضت.
و منذُ ذلكَ الحين، لم يـعد إيلارد ينظر إليّ حتى.
لو كان الأمر مجرد تجاهل، لكان ذلك أفضل.
مؤخرًا، في كل مّرة يسمع فيها شيئًا من الخارج، كما اليوم، يضربني قائلاً إن عليّ دفع ثمن قتل طفلـه.
“ستقضين حياتـكِ محبوسة في غرفتـكِ تتأملين خطأكِ. خطأ قتلِكِ لـ ‘طفلي’.”
بعد كلماته الأخيرة، استدار دونَ تردد و غادر الغرفة.
عندما خـف التوتر، بدأت أشعر بألم في الأماكن التي ضُربت فيها.
دخلت ليليث، الخادمة التي كانت تنتظر خارج الباب، و ساعدتني على الوقوف و سألتني:
“سيّدتي هيلين، هل أنـتِ بخير؟”
“أجل.”
أجلستني ليليث على السرير، و أحضرت مرهمًا و بـدأت تدهنه بحذر، ثم بدأت تنظف الغرفة المبعثرة.
كانت ليليث، التي رافقت هيلين لفترةٍ طويلة، الشخص الوحيد الذي جلبتـه هيلين من عائلة الفيكونت، و حليفتي الوحيدة.
هيلين إيفرسيوم، كانت تُدعى هيلين سيفستيا قبل الزواج.
كان والدها فيكونت، لكن والديها، اللذين كانا بارعين في الأعمال، توفيا فجأةً في حادث عربة.
بما أنهما كانا يديران أعمالاً، تراكمت ديون، و باعت هيلين مهر زواجها و مقتنيات عائلتها الثمينة
لتسديدها.
لم يتبقّ لديها سوى لقبٍ و منزل فارغ.
أرسلت جميع الخدم بعيدًا باستثناء ليليث.
كانت هيلين مصمّمة على الاحتفاظ بالمنزل، آخر إرث من والديها، فاختارت إيلارد، الوسيم و الثري، الذي كانت تحبّـه.
بالطبع خلال هذا الأمر، تنازلت عن اللقب لأحد أقربائها، و تعرّضت للغيرة والحسد من الآنسات أخريات، و هو أمر شائع.
حتى بعد حصولها على نهاية سعيدة، هل تبقى القصة المأساوية مأساوية؟
على الرّغمِ من النهاية السعيدة، كانت حياة هيلين بائسة لسببٍ ما، و كانت ليليث، التي تنظف الغرفة أمامي الآن، هي الحليفة الوحيدة المتبقية لها.
بعد أن أنهت تنظيف الغرفة بسرعة، اقتربت مني و سألتني بحذر:
“سيدتي هيلين، لقد انتهيت من تنظيف الغرفة. هل هناك شيء آخر تحتاجينه؟”
“شكرًا. لا أحتاج شيئًا، يمكنكِ الذهاب.”
“حسنًا… لكن، سيدتي هيلين، لدي شيء أقوله.”
“ما هو؟”
لماذا هي متردّدة هكذا؟ ما الذي تريد قوله؟
لم تستطع ليليث التحدث بصراحة، و استمرت في تحريك شفتيها دونَ كلام. أخيرًا، نفـذَ صبري و و قمت بحثّهـا:
“ما الأمر الذي يجعلكِ مترددة هكذا؟ تحدثي براحتكِ. إذا كنـتِ بحاجةٍ إلى مساعدة، سأساعدكِ قدر استطاعتي.”
“الأمر هو… أنا حامـل. لذا، كنتُ أتساءل إن كان بإمكاني أخذ إجازة. أنا آسفة لقول هذا أمامـكِ…”
تمتمت ليليث بصوتٍ خافت كالنملة، و أخفضت رأسها لتتجنب نظراتي.
كان من الطبيعي أن تجـد صعوبة في قول هذا أمامي، بعد تعرّضي للإجهاض و المعاملة القاسية من إيلارد.
“آه… مبارك. إنه أمر يستحق الاحتفال، لماذا تنظرين إليّ هكذا؟ يمكنكِ أخذ إجازة بسهولة، سأطلب من خادمات الدوقية الاهتمام بالأمور مؤقتًا.”
“شكرًا، سيدتي هيلين.”
“لكن…”
هل كان لدى ليليث حبيـب؟
“طفل مَـنْ؟ لم تخبريني أبدًا أنّـكِ تواعدين أحدًا.”
“سأخبـركِ… لاحقًا.”
“حسنًا، إذا كان من الصعب قوله الآن، فليكن.”
غادرت ليليث الغرفة بعد أن حصلت على إجازتها.
مَـنْ يكون ذلكَ الشّخص ليجعل ليليث تتصرف بهذه الطّريقة؟
هل هو نبيل، هل لهذا هي تخطط لترك العمل؟
لا أعـرف.
كان عليّ الانتظار حتى تخبرني.
بعد خروج ليليث، سـاد الصمت الغرفة.
غرفة في أقصى الجهة اليمنى من القصر، لا يزورها أحد.
كانت حياتي، بمعنى ما، تشبـه السجن.
كل شيء منقطع.
منذُ خسارة الطفل، كانت حياتي هكذا.
دوقـة بالاسم فقط.
هذه هي حالتي الآن.
إلى متى سأعيش هكذا؟
لقد أصبحت مرهقة جدًا حتى لدرجة أن الدموع جفّـت و لم تعـد تستطيع أن تسقط.
جلست فقط و أنا أتحمل الوقت الذي يبدو و كأنّـه متوقّف.
لكن الشمس خارج النافذة أخبرتني أن الوقت لم يتوقف، إذ بـدأ ضوء قرمزي يتسلل إلى الغرفة.
بينما أنظر إلى الظلال تطول، تحمّلت الوقت المتبقي.
* * *
في صباح اليوم التالي، أصبح القصر صاخبًا فجأة.
استيقظت على الضجيج و خرجت لأرى ما يحدث، فوجدت أغراضًا مختلفة تُنقل إلى الغرفة المقابلة لغرفتي.
كانت تلكَ الغرفة فارغة بالتأكيد.
“ما الذي يحدث؟”
سألت إحدى الخادمات المارّات.
“آه، بأمـر الدوق، يتمّ تجهيز الغرفة من جديد.”
“فجأة؟ لماذا؟”
“حسنًا…”
ترددت الخادمة و لم تجـب على الفور، كما لو كان هناك شيء يصعب قوله.
“يبدو أنّـه من الصّعب الإجابة. سأكتشف الأمر بنفسي. هل يمكنكِ إرسال خادمة لخدمتي؟ خادمتي الخاصة ليليث في إجازة، و أحتاج إلى مَـنْ يساعدني.”
“نعم، سأرسل واحدة على الفور.”
“حسنًا، يمكنكِ الذهاب.”
غادرت الخادمة بعد أن أدّت التحية.
سأطلب من ليليث التحقق من الأمر عندما تعود.
سؤال إيلارد ليس خيارًا حتى.
عندما عدت إلى غرفتي و انتظرت، جاءت خادمة أخرى بعد أن طرقت الباب و ساعدتني في التجهيز.
على الرّغمِ من إهمال زوجي لي كدوقة، إلا أن الطعام و الملابس كانت دائمًا من أفضل الأنواع بسبب المظاهر.
بعد تغيير ملابسي و الجلوس أمام طاولة الزينة، أخرجت الخادمة مشطًا و سألتني:
“كيف تريدين أن أصفّـف لكِ شعـركِ؟”
“فقط اربطيه نصفه إلى الأعلى بشكلٍ مناسب، بحيث لا يتدلى للأمام.”
“حسنًا.”
كانت يـد الخادمة التي تمشط شعري ماهرة جدًا، على الرّغمِ من أن ليليث كانت الوحيدة التي تخدم سيّدةً في هذا القصر.
ربّما تعرف هذه الفتاة شيئًا؟
قد يكون سؤالها أفضل من سؤال إيلارد و التعرض للتجاهل.
بـدت صغيرة جدًا، لم تبلغ سن الرشد بعد، لكن يبدو أنها تعمل هنا منذ فترة.
“تبدين صغيرة، كم عمـركِ؟”
“سبعة عشر عامًا.”
كما توقعت، لم تبلغ سن الرشد بعد.
في الإمبراطورية، يُعتبر الشخص بالغًا بعد عيد ميلاده العشرين.
واصلت طرح الأسئلة للوصول إلى المعلومات التي أريدها.
“منذُ متى و أنـتِ تعملين هنا؟”
“حوالي سنتين.”
“حسنًا. هل تعرفين مَـنْ سينتقل إلى الغرفة المقابلة في الممر؟”
“نعم؟ آه، حسنًا…”
“سألت خادمة أخرى سابقًا، لكنها لم تجـب. هل من الصعب الإجابة عن هوية الشخص الذي سينتقل؟”
عمـدًا، رسمت تعبيرًا قلقًـا.
كنت أشعر بالفضول، لكنني كنتُ قلقة حقًا أيضًا.
“نعم. لم نجرؤ على إخباركِ أولاً… نشعر بالأسف تجاهـكِ، سيّدتي. لقد انتهيت من تصفيف شعـركِ. إذا احتجتِ إلى شيء، استدعيني. سأغادر الآن.”
وضعت الفتاة المشط و غادرت الغرفة بسرعة.
مَـنْ يكون هذا الشّخص القادم حتّى يتجنب الجميع الإجابة بهذه الطّريقة؟
هل يخطط إيلارد لإحضار عشيقة؟
لم أسمع شيئًا من ليليث عن هذا.
نظرت إلى الباب الذي خرجت منه الفتاة، و قررت دفن تساؤلاتي غير المحلولة بهدوء.
على أي حال، سأعرف مَـنْ القادم مع مرور الوقت.
لا داعي لإثارة المشاكل و تكبير الأمر.
لا فائدة من جـذب انتباه إيلارد.
كانت هذه عادة جديدة اكتسبتها بعد “ذلك الحادث”.
أن أعيش مختبئة قدر الإمكان بعيدًا عن أنظار إيلارد.
على الرّغمِ من تعرّضي لاإساءة و الإهمال، إلا أنّنـي كنت أعيش دونَ القلق بشأن الطعام و الملابس و المأوى، لهذا اخترت هذا الطريق.
في الرواية الأصلية، أصبحت هيلين فقيرة تمامًا بعد وفاة والديها.
سأعرف قريبًا.
على الأكثر، ستعود ليليث خلال أسبوع.
واصلت حياتي الشبيهة بالسجن وأنا أدفن فضولي.
في هذا القصر، كل ما يمكنني فعله هو القراءة و التطريز، أشياء بسيطة كهذه.
كانت حياة مملّـة، لكن طالما لم أزعج إيلارد، يمكنني العيش دونَ أن أتعرّض للضّـرب.
* * *
أخيرًا، جاء اليوم الذي عادت فيه ليليث من إجازتها.
مـرّ الأسبوع من دونها أسرع مما توقعت.
دخلت ليليث القصر و جاءت على الفور لتحيّتي.
بـدت في حال أفضل، و كأنها أكلت جيدًا و عـاشت براحة خلال إجازتها.
“سيدتي هيلين، لقد عـدت.”
“حسنًا. هل استمتعتِ بإجازتـكِ؟”
“نعم، كلّ ذلكَ بفضلكِ.”
“هذا جيد. لدي طلب بمجرد عودتكِ، هل يمكنكِ تلبيته؟”
“بالطبع.”
“منذ أن ذهبتِ في إجازة، كان هناك أشخاص يدخلون و يخرجون من الغرفة المقابلة لغرفتي. هل يمكنكِ معرفة مَـنْ سينتقل إليها؟”
“الغرفة المقابلة…؟”
فتحت ليليث عينيها بدهشة و سألت مرّة أخرى.
لماذا هي تتصرّف بهذه الطّريقة؟
هل تعرف شيئًا بالفعل؟
“نعم، الغرفة في نهاية الممر على الجانب الأيسر. باستثناء غرفة الدوق و غرفتي، إنها أكبر غرفة. لذا أنا فضولية.”
“…..؟”
بـدت ليليث مرتبكة بشكلٍ واضح ولم تجـب.
كان من الواضح أنها تعرف شيئًا لكنها لا تستطيع قوله.
“خلال غيابـكِ، سألت خادمة أخرى، لكنها لم تجـب أيضًا. مَـنْ الشّخص القادم حتى يتصرف الجميع هكذا؟ ليليث، أنـتِ تعرفين، أليس كذلك؟”
لم أعـد أستطيع كبح فضولي، فحثثتها.
أنا جزء من هذه العائلة أيضًا، أليس من حقي أن أعرف مَـنْ سيعيش هنا؟
في تلكَ اللّحظة ، فُتـح الباب فجأةً و دخل إيلارد.
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 1"