لقد تركوا الطريق الواسع وهربوا إلى الغابة. ومع مطاردة الشرطة الحثيثة لهم ومع وجود شخصين ضعيفي القدرة على التحمل، لم يكن الهروب سهلاً.

ولم تمر الشرطة بجانبهم إلا بعد أن اندس الأربعة في غابة كثيفة. ومع ذلك، كان عليهم أن يبقوا هناك لفترة من الوقت، حيث قد تعود الشرطة.

كم مر من الوقت؟ عندما عاد داميان الذي كان يستكشف المنطقة، خرج الثلاثة، بمن فيهم ليليانا، من الغابة. واتباعًا لتعليمات داميان، اختاروا طريقًا مهجورًا واتجهوا نحو المنزل.

“الشرطة لم ترى وجوهنا، أليس كذلك؟”.

سألت ليليانا بقلق، وهز داميان رأسه.

“لست متأكدًا. لم يكن هناك أي أشخاص حولي عندما أخرجت المسدس، ولكن إذا رآنا أي شخص قبل ذلك، فيمكنه تقديم وصف لنا.”

“فهل سأكون مجرمة مطلوبة؟!” صرخت آنيت في رعب.

“أخبروني بسرعة، لماذا أخرجتم مسدسًا فجأة؟ هل كان ذلك حقًا من أجل اصطياد هذا الغراب؟!”.

“هذا ليس صحيحًا، آنيت. هذا غولم، و…”.(غولم: مخلوق حجري سحري، احيانا يكون دمية واحيانا حجري بس وصف الغولم احيانا حجري) 

“هذا غولم؟”

“كان هذا غولم؟”

عبس داميان وليليانا عند رؤية الغراب الذي كان كيسي يحمله.

“غولم؟ ما هذا؟” سألت آنيت في حيرة.

“غولم هو شكل حياة اصطناعي تم إنشاؤه باستخدام السحر، و…”.

سارع داميان بتغطية فم كيسي. فتح فمه وأغلقه أمام آنيت، غير قادر على التحدث نيابة عن كيسي.

ثم نظر إلى ليليانا بتعبير متوسل. كيف يمكنه تفسير هذا الموقف؟ ليليانا أيضًا بدأت في التعرق البارد وهزت رأسها.

وضعت آنيت يديها على وركيها، وكان وجهها محمرًا من الغضب.

“ماذا تتحدثون عنه؟ غولم؟ هل أبدو وكأنني حمقاء؟”

“حسنًا، كما ترين…”

تلعثمت ليليانا، محاولةً أن تشرح بأبسط طريقة ممكنة.

لكن كيسي أومأ برأسه وسأل، “ألا يمكننا أن نمحو ذاكرة آنيت؟ لا يزال لدي بعض السحر الذي تلقته باسكال من سولييل”.

“ماذا؟! ماذا تقول؟!”

كان من الطبيعي أن تصاب آنيت بالصدمة من كلمات كيسي. حك داميان رأسه وحاول ثني كيسي عن رأيه.

“لكننا لا نستطيع أن نمحو ذكرى الآنسة آنيت في كل مرة يحدث فيها شيء كهذا. فهي تعيش في نفس المنزل، لذا قد تتورط في شؤوننا ذات يوم…”

تمتمت ليليانا بتعبير صارم، “هل كان يجب أن أعيش وحدي بعد كل شيء … هل يجب أن أخرج الآن؟”.

هذه المرة، جاء دور داميان لثني ليليانا.

“أولاً، دعونا نشرح الوضع للآنسة آنيت ونترك لها أن تقرر.”

“ما الذي تتحدثون عنه فيما بينكم؟ أخبروني أيضًا!”.

لقد بدت آنيت غاضبة حقًا الآن.

تبادل الثلاثة النظرات. ثم قام داميان وكيسي بدفع ليليانا. عندما رأت ليليانا الرجلين يلقيان الأمر المهم عليها، أرادت أن تقول شيئًا.

ومع ذلك، كان عليها أن تعترف بأنها الوحيدة التي تمتلك الذكاء الكافي لشرح وضعهم بشكل متماسك.

“حسنًا، آنيت، ستكون قصة طويلة، ولكنني سأشرح كل شيء عندما نعود إلى المنزل. هل يمكننا التحرك؟ قد يكون البقاء بالخارج أمرًا خطيرًا… أليس كذلك، داميان؟ أخي؟ نحن في موقف خطير بعض الشيء، أليس كذلك؟”.

“نعم. لكنني لست متأكدًا أيضًا من أن المنزل آمن. أعتقد أن هذا الغولم كان أحد الغولمات التي أرسلوها لتتبع موقعنا. أتساءل إلى أي مدى من المنطقي أن نختبئ في المنزل في هذا الموقف.”

عند سماع كلمات كيسي، هز داميان كتفيه.

“سيكون الأمر على ما يرام. إذا كان السحر يعمل بشكل صحيح، فهذا صحيح.”

“سحر؟”

عبست آنيت، وشعر داميان بنوع من القرابة مع رد فعلها، فتذكر ماضيه.

سألت ليليانا آنيت: “هل تؤمنين بالمخلوقات الأسطورية والسحر؟”.

“…”

كان تعبير وجه آنيت واضحًا، “ما هذا الهراء؟” تبع ذلك صمت بارد، ثم تنحى كيسي جانبًا لفترة وجيزة، ثم عاد بسرعة.

“يا شباب، لقد حصلت على سيارة أجرة.”

بفضل كيسي، الذي أوقف سيارة أجرة دون أن يُطلب منه ذلك، تمكنوا من العودة إلى المنزل بشكل مريح، مع الحفاظ على صمت محرج.

***

“لذا…”.

جلست آنيت في منتصف الأريكة، ووضعت ساقيها فوق بعضهما البعض ونقرت بقدمها بينما كانت تنظم أفكارها. كانت قد استمعت للتو إلى شرح ليليانا وكيسي.

حول كونهم نصف أرواح ويتم مطاردتهم من قبل الفصيل الملكي الذي أراد استغلالهم.

بحلول الوقت الذي انتهيا فيه من شرحهما، كانت الشمس قد غربت بالفعل، وكان الجو مظلمًا في الخارج. كان داميان قلقًا وهو يستمع إلى شرحهما لآنيت. كان قلقًا من أن تتفاعل بنفس الطريقة التي تفاعل بها معه، وترفضه باعتباره هراء.

وبعد رؤية تعبير وجه آنيت يتغير من لحظة إلى أخرى، أدرك متأخراً مدى الإحباط الذي شعرت به ليليانا بسبب رد فعله.

“أولاً… أنا فهمت.”

“هل فهمتِ؟ هذا؟ عن الأساطير والأرواح وكل هذا؟ وأنتِ تؤمن بالسحر أيضًا؟”

سأل داميان مرة أخرى بعدم تصديق، لكن آنيت أومأت برأسها بتعبير واضح.

“نعم، لقد أظهرت ليلي وكيسي قدراتهما، لذا لا يوجد سبب لعدم تصديق ذلك. على الرغم من أن الأمر لا يزال يبدو غير واقعي. آه، إنه أمر مفاجئ. أنا مندهشة.”

لقد فوجئ الثلاثة الآخرون برد فعل آنيت الهادئ غير المتوقع. سرعان ما تقبلت آنيت طبيعة ليليانا وكيسي الحقيقية وواصلت حياتها.

“كنت أعلم أن هناك العديد من الفصائل الملكية. وهذا أمر طبيعي إلى حد ما. هناك دائمًا أشخاص يحاولون الإطاحة بالحكومة، في كل عصر وكل بلد. وكثيرًا ما أسمع شائعات عن هذا الأمر.”

ثم سألت بنظرة ذات مغزى، “الأشخاص الذين يطاردونكِ، يريدون تتويج شارلوت شيلبير كملكة؟”.

“نعم، هذا صحيح.”

“لهذا السبب هم متغطرسون جدًا.”

“متغطرسون؟”

“كما تعلمون، هناك أكثر من فصيل ملكي. ولكل منهم مرشحه الخاص للعرش. والفصيل الأكبر هو فرسان كيمبر الذين أعلنوا عن أنفسهم، بقيادة ماركيز لواشيل. ثم هناك الفصيل الذي يقوده ماركيز ساتون، ويطلقون على أنفسهم اسم…”

“قلب الأسد.”

أنهى داميان جملتها، وأومأت آنيت برأسها.

“هذا صحيح. وفيما يتعلق بسلالة الدم، فإن فيرونيكا شيلبير، مرشحة فرسان كيمبر، لديها مطالبة أقوى بالعرش من شارلوت شيلبير. فيرونيكا من فرع جانبي، لكن كل من والدتها ووالدها لديهما دم شيلبير. ولهذا السبب لديهما أكبر عدد من النبلاء إلى جانبهما. من ناحية أخرى، فإن شارلوت، على الرغم من أنها ليست من فرع جانبي، لديها دم شيلبير فقط من جانب والدها.”

حتى هذه النقطة، كان داميان وكيسي على علم بالمعلومات من خلال تحقيقاتهما السابقة. أما ليليانا، من ناحية أخرى، فقد بدا أنها تسمع هذه المعلومة للمرة الأولى وكانت تستمع إليها باهتمام.

“لكن المتغطرسين كانوا من “قلب الأسد”. كنت أتساءل عما كان يعتمد عليه ماركيز ساتون لينظر إلى “فرسان كيمبر” من أعلى، لكنني الآن فهمت. لقد كان لديهم ساحر إلى جانبهم.”

“اممم…”

رفعت ليليانا يدها بعناية للحصول على انتباههم.

“آنيت، يبدو أنكِ تعرفين الكثير عن هذا الأمر.”

“نعم، لعائلتي تاريخ طويل في المشاركة في حركة الاستقلال، لذا فأنا أعرف الكثير من الأشخاص المنخرطين في السياسة أو أولئك الذين يعملون خلف الكواليس مع الحكومة. لقد جمعت الكثير من المعلومات هنا وهناك.”

وضعت يديها على وركيها وتابعت: “الشخص الذي يخبرني بهذه الأشياء هو مخبر. ناشط سابق في مجال الاستقلال عمل جاسوسًا أثناء الفترة الاستعمارية. سأربطك بهم، فلماذا لا تستعين بي؟ اتصالي كفء للغاية”.

حدق الثلاثة في آنيت بعيون واسعة. تبادلوا النظرات، ثم سأل كيسي، “لماذا آنيت…؟”.

لماذا ماذا؟

لماذا تساعدنا؟. 

ردًا على سؤال كيسي، والذي تحدث أيضًا نيابة عن داميان وليليانا، عبست أنيت بذراعيها وفكرت للحظة.

“آه… كيف يمكنني تفسير هذا؟ جزء من السبب هو أن ليلي هي صديقتي العزيزة، ولكن أكثر من أي شيء آخر، أنا لا أحب هؤلاء الرجال. في أي عصر يعتقدون أنهم يحاولون استعادة العائلة المالكة الآن؟”.