6
كان يعتقد أنه وجد طريقته الخاصة في كبح جماح رغبته، معتقدًا أنها أمر غير ضروري. وقد عاش دون أن يشعر بأي انزعاج أو نقص في حياته. وبما أنه لم يُخفِ هذا الأمر عن الطاقم الطبي، فقد جعل الرئيس إن أون سانغ مذهولًا لا أكثر.
“ما الذي عليّ فعله بحق الجحيم… لماذا، بحق السماء، أجد نفسي هكذا أمام تلك المرأة؟”
ومع ذلك، لم يعد وو تايك قادرًا على الإنكار. لقد انجذب إلى نا سوجونغ. وربما كانت بداية كل ذلك تلك الحادثة التي جمعتهما في المصعد، حين بقيا عالقين معًا.
***
“رئيس القسم، الآنسة نا سوجونغ وصلت.”
ترافق صوت الطرق الخفيف على الباب مع إعلان السكرتيرة، التي تعمل في مكتب الاستقبال الملحق بمكتب الرئيس التنفيذي، بينما أطلت برأسها للإبلاغ.
…أخيرًا!
الأربعاء، تمامًا الساعة الحادية عشرة صباحًا.
كان اليوم هو الأربعاء. ومنذ فترة، أصبح هذا اليوم يعني لوو تايك شيئًا واحدًا فقط: يوم زيارة نا سوجونغ. رغم انشغاله في عمله، إلا أن اقتراب يوم الأربعاء لم يكن يمر عليه دون أن يشعر به.
“مرحبًا، كيف حالك؟”
بمجرد أن غادرت السكرتيرة، دخلت نا سوجونغ المكتب وكأنها تحفظ توقيت دخولها بدقة متناهية، ملقية التحية بهدوء.
“تابع عملك، سيدي الرئيس. أما أنا فسأجلس هناك…”
قالتها بابتسامة خفيفة، وكأنها تطلب إذنًا ضمنيًا، بينما تتجه إلى الطاولة الجانبية المخصصة للضيوف في المكتب.
‘ابتسامة زائفة، تمويه، نوايا خفية… هل هذا ما تعنيه هذه التصرفات؟’
كما في كل مرة، لم يستطع أو تايك منع نفسه من إدراك التوتر المفاجئ في جسده. وبينما كان يشعر بالانزعاج من نفسه، لم يستطع إلا أن يندهش. كان مقتنعًا أن ابتساماتها تلك مجرد تمثيل، إلا أن نفسه كانت تتوق لها كمن يبحث عن رشفة ماء باردة وسط عطش قاتل.
‘لقد أصبحت شخصًا مجنونًا تمامًا.’
كيف وصلتُ إلى هذا الحد؟
هذه المرأة لا تكنّ لي أدنى اهتمام.
كان يعلم ذلك بالفطرة. كانت نا سوجونغ تبني حولها جدارًا صلبًا أمامه، وكل تعبيراتها أو ابتساماتها لم تكن سوى أقنعة لا أكثر.
“لا داعي للشاي، شكرًا لك.”
قالتها بابتسامة رقيقة للسكرتيرة التي دخلت خلفها كالمعتاد لتقدم الضيافة.
هكذا كانت دائمًا.
لو رآنا أحدهم لظنّ أن الشاي في غرفة الاستراحة مسموم!
لم تطلب يومًا قهوة أو مشروبًا. بل حتى كوب الماء الموضوع شكليًّا على الطاولة لم تلمسه قط.
“سأبدأ الآن.”
قالت نا سوجونغ بلهجة تقريرية، وهي تضع هاتفها على الطاولة.
“سأبدأ” أو “سأباشر”، كانت دائمًا تستهل اللقاء بهذه الجملة.
صوتها لم يكن عاليًا ولا خافتًا، لكنه رغم بساطته، كان كفيلاً بإثارة توتر داخلي حاد في جسد وو تايك.
‘ما هذا التفاعل الجسدي السخيف؟’
بدا عليه الارتباك، فعضّ على أسنانه وحوّل نظره بعيدًا عنها، متظاهرًا بعدم الاكتراث. حتى إنه أمر بوضع فاصل من الخيزران بين مكتبه والطاولة الجانبية، في محاولة لتقليل تأثير حضورها عليه. لكن مجرد رؤية ظلّها من بين فتحات الحاجز، لم تكن بالأمر الهيّن على الإطلاق.
مرّ الوقت كأنه لا يحمل وزنًا بالنسبة لها، لكنه كان يحمل ثقله بالكامل على وو تايك، يسير به دون رحمة.
متى مضت ساعة كاملة؟
كان ذلك المنبّه على هاتفها هو الإشارة المعتادة، التي لا تخطئ، مهما كانت الظروف.
مدّت نا سوجونغ يدها وأطفأت صوت المنبه. ثم، وكأنها كانت مثبتة في مكانها طوال ذلك الوقت، نهضت بهدوء وبدأت بجمع أغراضها واحدة تلو الأخرى.
“أحسنت صنعاً، يا رئيس.”
انحنت نا سوجونغ تحيةً له باتجاه المكتب الذي كان يجلس خلفه، ثم استدارت بهدوء دون أن تلتفت، واتجهت صوب المدخل بخطوات ساكنة، وفتحت الباب بصمت، ثم اختفت خلفه.
‘أحسنتِ… لقد أنجزت المهمة، حتى هذا الأسبوع…’
غادرت نا سوجونغ.
…وكأنّه كان يحبس أنفاسه، أطلق وو تايك زفرة طويلة وثقيلة. كانت حركات نا سوجونغ دائماً هادئة خالية من العجلة، ساكنة إلى حدٍّ بدا كأنها جامدة، لدرجة أنه لم يصدق أنها كانت هنا فعلاً. بل شعر كأنه كان يحلم بها فحسب.
“هل أنت بخير، سيدي؟”
اقترب هان غون هو، مدير المكتب التنفيذي الذي يلازم المكتب دوماً كظلّه، سواء في الزاوية أو في الغرفة المجاورة، وسأله بصوت قلق.
“أنا أرفع تقارير زائفة إلى رئيس المجلس إن بناءً على رغبتك، ولكن… ماذا ستفعل إن كُشف الأمر ذات يوم؟”
أجاب وو تايك بحزم، وكأن معاناة هان في الاضطرار للكذب بشأن تلقيه علاجاً فنياً لمدة ساعة واحدة في الأسبوع لا تعنيه مطلقاً:
“لن تكون هناك مشكلة.”
ومع ذلك، كلما مرّ الوقت، كان يشعر في أعماقه بشيء يغلي، كأن نزوةً جامحة تتصاعد من داخله.
‘نا سوجونغ… ما حقيقتها بالضبط؟’
حين فكّر في الأمر، وجد أنه من الغريب أن تكون معالجته الفنية الخاصة، ومع ذلك لم تحاول حتى أن تقوم بأي محاولة حقيقية. هذا الأمر بدا مريباً… بل وأثار فيه الشك.
‘هل تُشعرها بالعبء؟ أم أن هناك من أمرها بشيء؟’
لم تكن المرأة تفتح فمها أبداً إلا إذا طلب منها ذلك، ولم تبادر بالكلام من تلقاء نفسها. بالطبع، قد تكون قد تلقت تعليمات من أعلى، لكن ألا يُفترض بها أن تكون هي المعالجة والمُدرِّسة داخل هذا المكتب؟
“هنا يمكنك التصرّف كما تشائين، يا آنسة. هذا المكان خالٍ تماماً من كاميرات المراقبة كي لا يتدخل أحد.”
تذكّر جيداً أن هان غون هو نبّه نا سوجونغ منذ البداية وأخبرها أن لها الحرية التامة في التصرف أثناء العلاج داخل المكتب.
ومع ذلك، لم تفعل شيئاً. على الإطلاق.
كل يوم أربعاء، في تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً.
خلال تلك الساعة التي لا تقوم نا سوجونغ فيها بأي شيء كما طلب منها وو تايك، كان الأخير يضغط على أسنانه ويتحمل حرارة جسده التي كانت تشتعل من الداخل.
‘ما الذي يُفترض بي فعله بحق الجحيم؟ أكاد أجنّ…’
حتى في الأوقات التي لا تواجهه فيها مباشرة، كان جسده يتفاعل بقوة لا إرادية. وكانت حالته الجسدية، خاصة في موضعه الحساس، تتوتر بشدة إلى درجة الانفجار. كان ذلك شعوراً مؤلماً، متوحشاً، لا يرحم.
في مؤتمر مؤسسة سونغ كوانغ السنوي في الخريف، أو حين تلقّى تقارير التحقيق حول شركة البناء الجديدة، أو أثناء اجتماعاته الداخلية مع كبار التنفيذيين، أو حتى في لقاءات الغولف مع معارف رئيس المجلس إن أون سانغ، الذي يحبّ اصطحابه…
‘تبّاً… ماذا عساي أن أفعل؟’
ظلّت الشتائم تتردّد في داخله دون توقف، بينما جسده يخذله ويتحرك ضد إرادته، وكأنه لم يعد ملكاً له.
كذلك، حتى حين يكون مسترخياً بمفرده، كان يخطر في باله اسم نا سوجونغ بشكل تلقائي. حاول متعمداً ألّا يفكر بها، لكنه أدرك أن ذلك جهدٌ لا طائل منه. وجودها، الذي كان يمرّ في ذهنه لحظاتٍ خاطفة، لم يكن ليزول مهما حاول.
‘هل هو أحد الآثار الجانبية لحادث المصعد؟… على كل حال، لا يمكنني الاستمرار هكذا.’
وبعد طول تفكير، قرر وو تايك أن يختبر رد فعلها بسؤال هدفه الضغط عليها حتى تستقيل بنفسها.
“هل… لو تركتِ هذا العمل، سيتأثر مصدر رزقكِ فوراً؟”
لكن إجابة نا سوجونغ جاءت مختلفة تماماً عمّا توقعه.
“لا، إطلاقاً.”
“كيف ذلك؟ ألن يتأثر دخلكِ بانقطاع هذا العمل؟”
“لا أظن أن ذلك سيحدث. لقد استلمت المبلغ مقدَّماً من السيدات، بغض النظر عن استمرار جلسات العلاج معك، سيدي.”
أمام هذه الإجابة، عجز وو تايك عن الرد.
‘على أية حال… لا أستطيع أن أعيش هكذا بعد الآن.’
فبالنسبة له، لا بد أن تكون الحياة منظمة بدقة، مُرتّبة كما لو قُدّت بمسطرة.
يجب أن يكون يوم إن وو تايك امتداداً طبيعياً ليومه السابق.
يستيقظ مع شروق الشمس فيتوجه تلقائياً إلى مقر الشركة، يتناول وجباته مما يُحضره له الموظفون تلقائياً، يعقد الاجتماعات، يترأس الجلسات، يمارس التمارين الرياضية حتى الحدّ الأقصى، يتلقى الاستشارات العملية من فريق من المديرين التنفيذيين المحترفين وكبار المسؤولين المخضرمين، ثم عند نهاية اليوم يعود إلى منزله، ويختفي داخل غرفة نومه كما تنسحب الحلزونة إلى داخل قوقعتها. هكذا تتكرر أيامه، بدقة وروتين صارم.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 6"