لم تمضِ فترة طويلة على مغادرة الطبيب، حتى غادر كيفن المكان مجددًا.
يبدو أنه خرج لتتبع أثر إيفان برفقة فرسان الكتيبة والجنود.
طمأنهم كيفن قائلًا إنه أبقى معظم الحرس داخل القصر، لذا لا داعي للقلق كثيرًا.
وبعد مضي ساعة أو ساعتين، جاء زيغفريد.
“……”
وقف زيغفريد أمام السرير، يحدق بهدوء في فينريك الذي لا يزال غارقًا في نومه.
“في حالة حرجة…”
لم يكن فينريك وحده من قضى عمره في أروقة المعارك. زيغفريد كذلك عاش في ساحات الحرب، لذا أدرك على الفور أن حالة فينريك ليست بخير إطلاقًا.
صحيح أنه قد تلقى تقارير مسبقة عن تعرضه لإصابة بالغة، لكنه لم يتوقع أن تكون بهذه الخطورة.
“إذًا، ماذا سيحدث لـ بريسيبي…؟”
ماذا سيكون مصيرها؟ خصوصًا، إن لم يستفق الدوق فينريك مجددًا…
هل ستعود حينها إلى القصر الإمبراطوري؟
“…لا، لن تكون تلك رغبة بريسيبي.”
[لقد قالتها لي بنفسها، وهي بكامل وعيها. أخبرتني أنها من نسل الوحوش.]
ما خطر في بال زيغفريد فجأة، كان ما قاله ديتريش في اليوم الذي عادت فيه بريسيبي إلى القصر.
بالنظر إلى كل ما حدث، من المؤكد أن ديتريش كان ينوي استدعاء بريسيبي مجددًا إلى القصر.
لكن حتى لو عادت، فسيكون عليها أن تعيش مجددًا حياة الأسْر في البرج، وهذا ما لم تكن بريسيبي لترغب فيه أبدًا.
لذلك، ربما استغلت الوضع الحالي — حيث الغضب العام على برج السحر بلغ ذروته بعد مقتل الكاردينال — لتقنع ديتريش بأنها لا تستطيع العودة.
قالت إنها تحمل دماء الوحوش، وإن انكشاف هذه الحقيقة سيعرض حياتها للخطر، وبالتالي لا يمكنها العودة إلى القصر.
كان بمقدور زيغفريد أن يستنتج ذلك بنفسه أيضًا.
“إذن، إن لم تعد إلى القصر… فهل ستذهب إلى مكان آخر؟”
مكان يوجد فيه من يحميها… مكان جديد…
مثلاً، إلى جانبي أنا.
هيما: أكل تبن رجاءاً انا هم تعبت منكم
لكن، لم تدم هذه الأحلام العابرة في عقل زيغفريد طويلًا.
لأنه رأى بوضوح، من فوق عينيه الرماديتين، ذلك المنظر…
يد بريسيبي البيضاء الصغيرة، تمسك بقوة بيد فينريك المتراخية.
“……”
ارتسمت على وجه زيغفريد ابتسامة حزينة باهتة.
أجل، ما هذا الذي كنت أفكر فيه؟
أنا أساسًا لا أملك حتى الحق في الاقتراب من بريسيبي.
“……أنا آسف للغاية على ما حدث، يا آنسة بريسيبي.”
قالها زيغفريد وهو يحوّل نظره نحو وجهها.
“كان ذلك فشلًا فادحًا من قِبل فرقة الفرسان. لقد أغفلنا إمكانية عودة إيفان إلى العاصمة في أي لحظة.
صراحةً، حتى مع كونه إيفان، لم نتوقع أبدًا أن يقوم بعمل كهذا في ظل صدور أمر بملاحقته.”
“……نعم.”
في الحقيقة، كان في بعض كلام زيغفريد وجاهة.
صحيح أن فينريك كان يطارد إيفان بنفسه، لكن في النهاية كانت مهمة مطاردة المجرمين وحماية العاصمة من اختصاص الفرسان.
لكن بريسيبي لم تعتبر ما حدث خطأً كاملًا من فرقة الفرسان.
فخصمهم… لم يكن مجرد مجنون عادي.
والمثير للدهشة أكثر، هو أن زيغفريد الذي اعتقدت أنه لا يقل جنونًا عن إيفان، يبدو الآن كشخص عاقل تمامًا بعد استعادته لوعيه.
لكن ذلك لم يكن موضوع النقاش حاليًا.
“لا تزال وجهته مجهولة، لكننا سنجده قريبًا. حسبما سمعت من كيفن، تقولين إن حالة إيفان لم تكن جيدة، أليس كذلك؟”
“نعم، هذا صحيح.”
أجابت بريسيبي وهي تهز رأسها.
“لقد طُعن بعمق في خاصرته… ونزف الكثير من الدم…”
حتى مجرد تمكنه من الهرب كان معجزة بحد ذاتها، نظرًا لخطورة جراحه.
“السحر يتأثر بحالة من يستخدمه. خصوصًا السحر المرتبط بالانتقال المكاني، يكون ذلك أوضح بكثير.”
“……”
“ربما نجح في الهرب مؤقتًا، لكنه بالتأكيد لم يتمكن من الوصول بعيدًا. لذا، لا تقلقي كثيرًا.”
“نعم…….”
كان رد بريسيبي جافًا، قصيرًا، وخاليًا من العاطفة. وليس لأن كلام زيغفريد غير مطمئن، بل لأن كامل تفكيرها كان منصبًا على فينريك.
القلق من عودة إيفان لم يكن يقارن أبدًا بخوفها من احتمال ألا يتعافى فينريك أبدًا.
“……لقد تعرضتِ للإصابة أنتِ أيضًا، آنسة بريسيبي.”
“……”
“هل أنتِ بخير؟”
انخفض صوت زيغفريد فجأة بنبرة ثقيلة.
“نعم، أنا بخير.”
لكن، حتى تلك اللحظة، لم تنظر بريسيبي إليه مطلقًا.
كانت لا تزال تنظر نحو فينريك فقط، ترد بإجابات مقتضبة لا أكثر.
“……”
نظر زيغفريد بصمت إلى بريسيبي التي ظلت على حالها دون أن تحرك ساكنًا.
وبعد برهة، أدرك الحقيقة.
حتى لو أنه في الماضي لم يقتل ذلك التنين، والد بريسيبي، وحتى لو لم يكن هناك سبب يمنعه من الاقتراب منها، ما كان ليختلف شيء على الإطلاق.
لأن بريسيبي لم تكن لتنظر إليه أبدًا بذلك النوع من النظرات.
أضف إلى ذلك تلك الذكريات الغامضة…
الذكريات التي كان فيها يعذبها، ينتهكها، وفي النهاية يقتلها…
كلها لم تكن سوى أوهام.
لذا، عليه فقط أن يؤدي دوره من مكانه، دون أن يتجاوز حدوده. كما يفعل الآن، محافظًا على المسافة المناسبة.
ابتسم زيغفريد مرة أخرى بابتسامة مرة، ثم تحدث بصوت حاول أن يخفي فيه كل مشاعره:
“مع ذلك، أرجوكِ لا ترهقي نفسكِ كثيرًا. فذلك ليس مما كان سيتمناه الدوق فينريك على الإطلاق.”
ثم انحنى بتحية مهذبة، وغادر القصر.
—
كان فينريك لا يزال غارقًا في نومه، لكن الوقت استمر في المضي قدمًا.
غربت الشمس، وغرقت السماء في ظلام الليل، ومع ذلك لم تغادر بريسيبي جانبه.
بالطبع، جاءت هانا مرات عديدة، تلومها قائلة إن “آنسة بريسيبي ستنهار إن بقيت هكذا”،
لكن تلك الكلمات لم تكن لتدخل أذنيها.
وجود شخص مصاب بتلك الدرجة أمام ناظريها، جعل من التعب الذي تشعر به أمرًا لا يُذكر.
“…….”
كانت بريسيبي لا تزال جالسة أمام السرير، وملامح التعب بادية بوضوح على وجهها.
لكن لم يكن بإمكانها الذهاب لترتاح بينما هو في تلك الحالة.
كانت تعلم جيدًا أنها لن تفيد بشيء ببقائها هناك، لكن رغم ذلك، أرادت أن تبقى بجانبه.
فهذا هو الشيء الوحيد الذي تستطيع فعله من أجله الآن.
تمسّكت بيده بإحكام، وفحصت وجهه مرارًا وتكرارًا.
كان يبدو بحالٍ أفضل قليلًا مما كان عليه عندما وصلوا إلى القصر.
وكانت تخشى أن يستيقظ فجأة عندما يزول مفعول الدواء، لكنه بدا وكأنه ينام بعمق، وهذا لوحده منحها بعض الطمأنينة.
غطّت جسده بالبطانية بعناية، وعندها فقط تنهدت بارتياح، ثم نظرت حولها فجأة.
“أول مرة آتي فيها إلى غرفة نوم الدوق…”
غرفة بريسيبي دائمًا ما غمرها ضوء الشمس المتسلل من النوافذ، وكانت مليئة بالأزهار المتفتحة، وكل شيء فيها يبعث على البهجة.
أما غرفة نوم فينريك، فكانت مختلفة تمامًا.
عدد الأثاث فيها قليل جدًا، وكل شيء، من المفروشات إلى الستائر، كان بألوان داكنة.
ببساطة، كانت غرفة موحشة وباردة.
تمامًا مثل الانطباع الأول الذي أخذته عنه عندما التقته أول مرة…
لكن بريسيبي باتت الآن تعرف الحقيقة. فينريك لم يكن كذلك إطلاقًا.
كان شخصًا لطيفًا، دافئًا، دقيقًا في اهتمامه بالآخرين، وخاصة بها هي.
[اقطع ذراعك اليمنى، فينريك. بيدك أنت. أمامي.]
[حسنًا. سأفعل فورًا.]
خطر ببالها فجأة، مشهد فينريك وهو يمسك السيف بيده اليسرى.
[أغمضي عينيكِ للحظة، آنسة بريسيبي. فليس من اللائق أن تشاهدي هذا.]
من في هذا العالم بإمكانه أن يفعل أمرًا كهذا دون تردد لحماية شخص آخر؟
بل ويقلق عليها وسط كل ذلك؟
تذكرت وجه فينريك وهو يحاول قطع ذراعه بحزم، وكأن المشهد يرتسم أمام عينيها.
“……لا أفهم، لماذا تكون متهورًا بهذا الشكل في كل مرة؟”
تمتمت بريسيبي بصوت خافت.
“أنا لا أستطيع فعل أي شيء لك… فقط أتلقى منك كل شيء.ظوأنت تعرف هذا جيدًا.”
“ما الشيء العظيم بي، حتى تستحق كل هذا؟…”
حتى لو أنها خرجت يومًا ما من هذا العالم اللعين المسمى لعبة،زحتى لو استعادت حياتها الأصلية، التي بالكاد تتذكرها الآن… هل ستجد شخصًا يعاملها كما فعل الدوق؟
لا… على الأغلب، لن تجد.
[حتى لو كنتُ أنا هو الدوق… هل كنتِ لتتعلقي بي؟ في النهاية، لن نلتقي مجددًا. الأمر كله بلا معنى، أليس كذلك؟]
وفجأة، أدركت بريسيبي.
السؤال الذي طرحته على فينريك عند الشاطئ… كان سؤالًا غبيًا للغاية.
“……كيف لا أمنح مشاعري لشخص يهتم بي بهذا الشكل؟”
تمتمت وهي تحدق في فينريك بعينين محمرتين مجددًا.
“في الحقيقة، كان الأمر كذلك منذ اللحظة التي أخرجني فيها من القصر الإمبراطوري،
ومنذ أن كان الوحيد الذي وقف إلى جانبي…….”
كانت تظن أنها بكت بما يكفي خلال ذلك اليوم، لكن يبدو أنها كانت مخطئة.
فقط عند تذكّر حنانه وعطفه، عادت دموعها تتساقط بلا توقف.
أرجوك، فقط استيقظ بسلام، أيها الدوق. أرجوك، تعافَ كأن شيئًا لم يكن.
أغمضت عينيها بقوة، وشدت قبضتها على يده.
وفي تلك اللحظة بالضبط—
“يا له من مستوى من الحميمية.”
ارتعبت بريسيبي فجأة، واستدارت نحو النافذة.
“لم يمت بعد.”
وهناك…
التقت نظراتها بنظرات فیدار، الذي كان يحدّق بها مباشرة.
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 99"