Presepe Outside The Cage - 53
بينما كانت بريسيبي تسترجع أحداث الليلة الماضية، زفرَت تنهيدة ثقيلة من بين شفتيها.
“لا، حسنًا، لقد أقدمت على الأمر بالفعل، لكن…”
هل من المقبول حقًا أن يحدث هذا؟
متى كانت تشعر بالذنب لأن الدوق تعرض لهذا الموقف بسببي؟ ولكن في النهاية، ألم أزج به في مشكلة أكبر؟
بما أن الصباح قد حلّ منذ فترة، فلا شك أن ديتريش قد سمع بالخبر الآن. سيقال له إنه أتى ليصطحبني فقط ليكتشف أنني هربت تمامًا.
بالطبع، بالنسبة لبريسيبي، كان هذا بمثابة فرصة ثمينة. فلو لم يكن الآن، لما تمكنت من زيارة الغابة المحرمة أبدًا.
ولكن، بغض النظر عن كل شيء…
بينما كانت بريسيبي تتأرجح بين التفكير: “لقد وصلت إلى هذه المرحلة، فما العمل الآن؟” و “لكن كيف سأتعامل مع العواقب؟”، كانت على وشك أن تفقد تركيزها.
عندها، توقفت العربة التي كانت تسير بسرعة بسلاسة.
“آنسة بريسيبي، هل أنت مستيقظة؟”
جاء صوت بنقرة خفيفة على النافذة، وكان صوت فينريك المنخفض يتردد من الخارج.
“نعم.”
“سأفتح باب العربة.”
لم يكد ينهي كلامه حتى انفتح الباب بصوت خفيف.
وبدا أنه قد ترجل بالفعل من حصانه، حيث وقف أمام العربة ومد يده نحو بريسيبي، مشيرًا لها بالنزول.
أمسكت بريسيبي بحذر يد فينريك ونزلت من العربة، ثم نظرت حولها للمرة الأولى.
“إنها غابة؟”
“المنظر هنا جميل.”
عذرًا، لكن هل هذا هو الوقت المناسب للحديث عن المناظر؟
راودها هذا التفكير، لكنها لم تستطع إنكار أن المشهد بدا رائعًا بالفعل.
“الرحلة من العاصمة إلى الغابة المحرمة تستغرق أكثر من يومين حتى مع السفر المتواصل طوال اليوم.
وبالنسبة لكِ، قد تبدو أطول. لذا سيكون من الجيد أن تأخذي بعض الهواء النقي بين الحين والآخر.”
من الناحية المنطقية، كان كلامه صحيحًا.
“جنودي يسافرون بشكل منفصل، باستثناء قلة منهم يحرسون العربة هنا، لذا يمكنكِ الاسترخاء.”
كما كان الحال في القصر، لا يزال فينريك هادئًا للغاية.
ابتسم لها بهدوء، ثم ألقى نظرة على الجنود الذين أحاطوا بالعربة، مشيرًا لهم بالبقاء في مواقعهم.
“أمسكي بذراعي، فحتى لو لم نغُص عميقًا في الغابة بعد، تبقى غابة في النهاية، وقد تصابين بأذى.”
أمسكت بريسيبي بذراعه بحذر، وعندها فقط ظهر على فينريك تعبير راضٍ.
ثم، وهو يسير بخطوات هادئة، بدأ يقودها بلطف، وكأنه يوجهها.
لم يتردد فينريك ولو للحظة. كانت إجابته واضحة وسريعة للغاية، وكأنه يرد على سؤال بديهي.
لكن بريسيبي لم تستطع فهم ذلك.
“لماذا؟”
لذلك سألت مجددًا،
“لماذا تفعل كل هذا من أجلي؟”
سؤال لم يسبق لها أن طرحته، ولم تفكر فيه حتى الآن.
لكن، على عكس المرة السابقة، لم يأتِ رد فينريك بسرعة.
بدا وكأنه يحاول ترتيب أفكاره، أو ربما كان يفكر في كيفية التعبير عنها بطريقة مناسبة.
انتظرت بريسيبي بصمت، دون أن تضغط عليه للحصول على إجابة.
“…….”
قضم فينريك شفتيه قليلًا، ثم نظر إليها ببطء.
كيف يمكنه أن يبدأ؟ وأي جزء يجب أن يروي؟
منذ البداية وحتى النهاية، كل ما مر به للوصول إلى هذه اللحظة.
وكيف له أن يكون صادقًا بشأن كل شيء؟
تلك الأفعال العديدة التي قام بها فقط لكي يصل إليها.
كان فينريك يعلم جيدًا، بل أكثر من أي شخص آخر، أن المشاعر التي يكنها لبريسيبي ليست طبيعية.
لم يكن مجرد حب، فقد كان أثقل من ذلك بكثير، ولم يكن مجرد شفقة، فقد تجاوز تلك المرحلة منذ زمن طويل.
حين أدرك في هذا العالم أن وجوده لا يعني شيئًا، لم يكن يشعر بالغضب إلا بسبب بريسيبي فقط.
ذلك الغضب الخانق، الذي نشأ من عدم قدرته على إنقاذها وهي تعيش موتًا متكررًا ومأساويًا.
هي من جعلته يتمسك بالحياة، ومنحته سببًا ليصمد، لكنها في النهاية جعلته يدرك أنه لا شيء.
جعلته يلعن نفسه لعجزه، ثم، في النهاية، دفعته لفتح الباب نحو عالم آخر.
فكيف يمكنه أن يعرّف هذه المشاعر؟
هل يمكنه ذلك أصلًا؟
“بريسيبي…”
بعد مرور وقت طويل، تحركت شفتا فينريك أخيرًا.
“أنتِ شخص ثمين بالنسبة لي.”
بصوت خشن لم يسبق له أن نطق به من قبل، وبنبرة لم تكن تليق به أبدًا.
“وهذه الحقيقة وحدها، لم تتغير أبدًا بالنسبة لي.”
لقد كره تلك الفتاة النبيلة التي كانت تشفق بسهولة، ومع ذلك، حين جال في ساحات القتال، لم يكن هناك سوى صورتها في ذهنه.
لطالما استعاد فينريك تلك الذكريات،
عندما اخترقته السهام، وعندما طُعن بالسيف، وعندما تدحرج على الأرض القذرة غارقًا في دمه.
[إذًا… حاول أن تصمد أيضًا.]
تلك اللحظة التي تلقى فيها لأول مرة لمسة صادقة من اللطف.
كما تتآكل الأشياء مع كثرة الاستخدام، هل تترك الذكريات أثرًا أيضًا؟
إن كان الأمر كذلك، فإن اللحظة التي التقى فيها بريسيبي لأول مرة قد تآكلت تمامًا، حتى لم يبقَ لها أي أثر.
كانت حياته بائسة لدرجة أنه لم يكن لديه أي ذكريات جميلة أخرى ليستعيدها.
كان فينريك يتساءل أحيانًا، هل يعيش الآخرون بهذه الطريقة أيضًا؟
هل لديهم لحظات ثمينة يتمسكون بها بكل ما لديهم، كأنها قشة وسط الغرق؟
ربما، هذا ما يمكن تسميته بالحياة الطبيعية.
…لكن إن كان الأمر كذلك، فهو ليس مختلفًا عنهم، أليس كذلك؟
الفرق الوحيد هو أن اللحظة الوحيدة التي يمكنه أن يستعيدها كانت تلك اللحظة.
ولهذا، لم يكن بإمكانه إلا اعتبارها ثمينة للغاية.
حتى لو كانت المشاعر التي تجتاحه كالأفاعي المتشابكة تحمل في طياتها رائحة العفن.
“…….”
كانت عينا بريسيبي البنفسجيتان، اللتان كانت تحدقان بهدوء في فينريك، ترتجفان قليلاً.
لو كان هناك، من بين جميع الشخصيات، شخص مثله فقط.
لا…
لو كان الدوق فينريك هو البطل الحقيقي.
لو كان الأمر كذلك، لكان سيكون أفضل.
عندها، لم تكن بريسيبي داخل اللعبة، ولم أكن أنا، لنصل إلى هذا الحد من الانكسار والألم.
لكن للأسف، لم يكن ذلك سوى أمنية مستحيلة.
كانت بريسيبي لا تزال تتذكر ذلك بوضوح. اللحظة التي ظهر فيها فينريك لأول مرة، والإشعار الذي ظهر عندما بحثت عن اسمه.
في عالم اللعبة، لم يكن فينريك سوى شخصية غير قابلة للعب بسيطة، بالكاد يمكن العثور على اسمه.
ورغم أنها كانت تدرك ذلك جيدًا، إلا أن قلبها كان يؤلمها بشكل غريب.
“أما فيما يخص ما سيحدث بعد ذلك مع جلالته، فلا داعي للقلق. والأمر نفسه ينطبق على كبير السحرة.”
قال فينريك وهو ينظر إلى بريسيبي بصمت، بنبرة بدا وكأنه يواسيها.
“سيكون كلاهما منشغلين بأمر بالغ الأهمية، لن يتمكنا حتى من الالتفات إلى هذا الجانب.”
“أمر بالغ الأهمية؟”
“إن استعرت تعبيرك، فسيكتشف كبير السحرة إيفان قريبًا أنه لم يكن شخصًا يمكن الوثوق به، بل كان مجرد مجنون.”
بالإضافة إلى ذلك، حتى لو أدرك إيفان أن بريسيبي هربت مع فينريك، فلن يتمكن من ملاحقتها.
فقد قال ديتريش ذلك بنفسه أمام الجميع—بما أن فرسان القصر والدوق فينريك ليسوا هناك، فسيكون كبير السحرة إيفان مسؤولًا عن حماية القصر الإمبراطوري.
“عندما نصل إلى وجهتنا، يمكنكِ البقاء في مقر الإقامة. فكري في الأمر وكأنه مجرد رحلة مريحة.”
كان ديتريش وإيفان في العاصمة، بينما كان زيجفريد يتجه إلى نفس الوجهة.
لكن فينريك لم يكن ينوي السماح له بمقابلتها أبدًا، خاصةً عندما كان هو بجانبها.
“فقط استمتعي بهذه اللحظة.”
قال فينريك وهو يقطف زهرة متفتحة بوفرة، ثم وضعها في يد بريسيبي.
“هنا، لا يوجد أي شيء يمكنه أن يزعجكِ أو يضعكِ في موقف حرج.”
نظرت بريسيبي إلى الزهرة التي في يدها بهدوء.
كان النسيم المستمر يحرك بتلاتها بلطف، تفوح رائحة العشب المميزة للغابة، وتغمر الأجواء أصوات الطيور الجبلية البعيدة، مما جعل كل شيء يبدو مسالمًا على نحو لا يصدق.
من المفارقات أنه، رغم الظروف، شعرت للحظة وكأنها بالفعل في رحلة، تمامًا كما قال فينريك.
‘حسنًا، لقد وصلت إلى هنا بالفعل، فماذا يمكنني أن أفعل الآن؟ لا أعتقد أن ديتريش سيقتلني مجددًا، ليس بعد أن أصبحت لدي إرادة مستقلة.’
في اللحظة التي اختارت فيها “لقد وصلت إلى هنا، فماذا يمكنني أن أفعل؟” بدلاً من “لكن كيف سأتعامل مع العواقب؟”، كانت بريسيبي تقترب تدريجياً من حل لغز البطل الحقيقي الذي كانت تبحث عنه.
حتى لو لم يكن ذلك بالطريقة التي أرادتها في الأصل.
—
“……وهكذا، فقد غادرتِ السيدة بريسيبي إلى الغابة المحرمة برفقة الدوق فينريك.”
“…….”
“كنتُ أشعر بعدم الارتياح، لذا ذهبتُ أبكر مما أخبرتكَ به، ولكن… لا أفهم لماذا فعلت ذلك…”
وجه ديتريش، أثناء استماعه لتقرير الفارس المرافق، كان يعكس بوضوح غضبه الشديد.
لقد توسلتُ إليكِ.
أن تعودي إلي، أن تعودي إلى القصر الإمبراطوري.
حتى أنني وعدتكِ بعدم إيذائكِ.
لكن، في النهاية، أدرك ديتريش، وبألمٍ قاسٍ، أن توسلاته لم تكن تعني شيئًا لبريسيبي.
هل تكرهينني إلى هذا الحد؟
أنا؟
“……الدوق فينريك.”
“نعم؟”
“إمكانية أن يكون الدوق فينريك قد أخذ بريسيبي بالقوة…”
كان من الممكن أن يكون الأمر أقل إثارة للغضب لو كان ذلك صحيحًا.
“لم نشهد الموقف بوضوح، لذا لا يمكننا التأكد من ذلك.”
صدر صوت صرير أسنان ديتريش ين شفتيه المنطبقتين بإحكام.
[لذلك، أرغب في البقاء بجانب السيدة بريسيبي.]
نعم، لم يكن يجب أن أسمح بذلك منذ البداية.
[أنا مخلص لجلالتك، ومن المؤكد أنني سأؤدي واجبي في حماية السيدة بريسيبي.]
كان يجب ألا أتركه وشأنه.
ارتجفت يد ديترِيش التي كانت تمسك بمسند الكرسي بقوة.
سواء غادرت بريسيبي مع فينريك بمحض إرادتها، أو أخذها بالقوة، فالنتيجة واحدة.
“وضيعٌ من عامة الشعب يجرؤ على…”
كان هذا خيانة واضحة.
كان يجب أن يرسل الجنود فورًا للقبض على فينريك، مهما كان الثمن.
لكن قبل أن يتمكن ديتريش من إصدار أي أمر، تحدث الفارس المرافق مجددًا.
“وهناك شيء قدمته الخادمة هانا.”
“…ماذا؟”
“قالت إن الدوق فينريك طلب منها تسليمه لجلالتك.”
كان ما يحمله الفارس المرافق حزمة صغيرة.
ترى، ما الذي يمكن أن يكون بداخلها؟
بل، أي شيء قد يكون داخلها، هل سيتمكن حقًا من تهدئة هذا الغضب، فينريك؟
عض ديتريش على أسنانه وهو يتناول الحزمة.
ثم بدأ بفكها بيد مرتعشة، حيث برزت العروق على يده من شدة الضغط.
الانستغرام: zh_hima14