أحدهما هو سجن الكنيسة، مثل ذاك الذي سُجن فيه “إيفان”، حيث يُحبس أولئك الذين استعملوا السحر الخبيث وأضرّوا بالناس. أما الآخر فكان يقع في أعماق القصر الإمبراطوري.
الأول كانت تتولى حراسته فرسان الكنيسة، أما الثاني فكان تحت مسؤولية الجنود التابعين للإمبراطور.
كان فينريك في السجن السفلي.
بل وفي أشدّ أجزائه حراسة، حيث يُحتجز السجناء السياسيون.
“……”
كان الهواء البارد قد تجمّد في المكان حتى صار ثقيلاً لا يُحتمل. جلس فينريك بوجه خالٍ من أي تعبير، يحدّق بصمت في النافذة الصغيرة العالية. بدا المذنب في الظاهر هادئاً غير آبه، لكن الغريب أنّ المرتجفين كانوا هم الحراس أنفسهم.
“لا أعلم إن كان ما نفعله صواباً…”
تبادل بعض الجنود الحراسة أمام زنزانته، يتهامسون بأصوات خافتة بالكاد تُسمع.
“أيعقل أن يُحبس دوق فينريك بهذا الشكل؟”
كان قلق الجنود أمراً طبيعياً.
فالوضع في آتيللويا آنذاك كان فوضوياً إلى أبعد الحدود. جرائم قتل متلاحقة، وموت كلٍّ من كبير الأساقفة وأعظم السحرة، إيفان.
ثم يأتي الإمبراطور ليزجّ بأحد أقرب المقرّبين إليه في السجن، دون روية: فينريك.
“اتهامه بأنه مشتبه به؟ هذا غير منطقي إطلاقاً.”
أراد ديتريش بأي طريقة أن يربط موت كل من “أتاري هنان” و”نواه دفيرن” بفينريك. لكن كما هو الحال مع “زيغفريد”، فإنّ آراء الآخرين لم تكن كذلك.
✦✦✦
“وأيّ فائدة تُرجى له من قتلهم أصلاً؟”
“لكن… أليست هناك شائعات عن صلته بالسيدة بريسيبي؟”
وكما قال فيدار ذات مرة لبريسيبي، فقد بدأت الشائعات تنتشر في كل مكان.
وملخّصها بسيط:
أن دوق فينريك وقع في حبّ بريسيبي.
“ولهذا بالذات يبدو الأمر غير معقول. كيف لرجل هو أقرب المقربين للإمبراطور، ثم دُوق مكرّم، أن ينقصه شيء حتى يُغامر بمكانته؟”
“هذا صحيح في الواقع.”
“لكن… هل يمكن أن يُعدم حقاً على هذه التهمة؟”
الوصول من أصل وضيع إلى منصب الدوق لم يكن ممكناً لولا أنّ فينريك قد أثبت بجدارة كفاءته، حتى لم يجرؤ أحد على الاعتراض.
فجنوده الخاصون، وكذلك الجنود الذين قاتلوا تحت رايته في ساحات الحرب العظيمة، لم يكن بوسعهم أن ينقلبوا عليه فجأة. بل على العكس، ساد بينهم شكٌّ بأنّه حُبس ظلماً لوقوعه في سخط الإمبراطور. خصوصاً وأنه أنقذ حياتهم مراراً في ساحات تغمرها الدماء.
“إنّ صدري يضيق من هذا كله.”
“كونه جالساً بهدوء هكذا يزيد الأمر ثقلاً.”
فيما كان الجنود يتنفسون الصعداء، ينظر بعضهم لبعض في حيرة، ظلّ فينريك غارقاً في تفكير عميق دون أن ينبس ببنت شفة.
“جنودي…”
كان يعدّ في ذهنه عدد الجنود الأحرار الذين ما زالوا قادرين على التحرك.
فكما أنّ ديتريش حبسه بهذه التهم الواهية وفق خطة مدروسة، فقد كان فينريك هو الآخر قد أعدّ عدته لمثل هذا اليوم.
كما قال يوماً لكيفن:
[إن أمسك بي الإمبراطور في فخه وأوثق قدمي، فإن ديتريش لن يتردد في زجّي في السجن.]
عندها، عادت إلى مسامع فينريك كلمات حديث دار بينه وبين كيفن منذ زمن:
[وما الذي نصنعه آنذاك؟]
[حين يُقبض عليّ، حركوا الجنود فوراً. اجعلوهم يتجهون نحو تخوم الحدود. لكن… بعدد لا يثير الأنظار، بل يتحركون بخفاء. مع ذلك، تأكدوا أنّ خبر تحركاتهم يتسرّب إلى مسامع النبلاء. كأنها طُعم يُلقى لهم.]
[لكنّ الإمبراطور قد يتخذ من ذلك ذريعة لاتهامك بالخيانة. أنت تدرك هذا.]
[صحيح، إلا إن لم تُذكر حادثة “الغابة المحرّمة”، فلن يجد ما يدينني به.]
كان الجنود التابعون لديريتش يشاركون في الحرب، لكن مهمتهم الأولى كانت حماية الإمبراطور.
ومن أجل ذلك تحديداً جمعهم ديتريش منذ زمن بعيد قبل أن يفكر في أي خيانة.
صحيح أنهم شاركوا في المعارك، لكن من خاض القتال الأشد كانوا فرسان الكنيسة وجنود فينريك.
والآن وقد مات أكثر من نصف الفرسان، فإن أي إشاعة عن “خيانة دوق فينريك” لن تثير الشكوك حوله فقط، بل ستجعل النبلاء يعيشون قلقاً شديداً أيضاً.
وكان هذا بالضبط ما ينوي فينريك استغلاله.
[أكثر من نصف بيوت النبلاء في آتيللويا تربطها بي مصالح. وفي خضمّ هذا الاضطراب سيجدون أنفسهم أمام خيار لا مفر منه: أيّ جانب ينضمون إليه؟ وحينها، سيُدركون أن يدي هي الأجدر بأن تُصافَح. أما ديتريش، فسيكون هو الخاسر الواضح أمام أعين الجميع.]
كان أولئك الذين انقلبوا على الإمبراطور مستميتين في محاولتهم إخراج فينريك من السجن.
ولنكن صرحاء، لم يكن ذلك فقط لأن ديتريش في موقف ضعيف.
بل لأن إعدام فينريك بتهمة الخيانة سيجرّ عليهم هم أنفسهم الويلات، إذ تربطهم به علاقات وثيقة لا يمكن أن تنجو من العقاب.
وفوق ذلك، فديتريش نفسه قد أزاح وليّ العهد الثاني ليستولي على العرش، فظهور أي بوادر تمرد جديد لن يكون في صالحه أبداً.
كان قد مضى يوم كامل بالفعل، فلا شك أن كيفن قد حرّك الجنود. وربما بدأت الشائعات تنتشر الآن.
«لم يعد لدي أي ذريعة لأخرج بريسيبي من هنا…»
اهتزت بهدوء حمرة عيني فينريك.
لكن… هل كانت “الذريعة” مهمة إلى هذا الحد؟
[في الحقيقة يا فينريك، ما من شيء أهم من الذريعة. دائماً هكذا.]
ربما كان ديتريش يعتقد ذلك، لكن فينريك لم يكن مثله قط.
فحتى لو جلس هو نفسه على عرش الإمبراطور، لكان خاطر بخسارة كل شيء في سبيل أن تبقى بريسيبي إلى جواره.
«بعد أن أصل إلى البرج الغربي، سآخذ بريسيبي معي…»
لكن أفكاره لم تكتمل.
“……”
ارتجفت عيناه الحمراوان حين التقطتا نور القمر عبر النافذة الصغيرة، فبدا كمن تجمّد للحظة، ثم انتفض فجأة واقفاً.
“الـ… دوق؟”
ارتبك الحراس وتراجعوا مذعورين، فيما دوّى صرير الحديد في أرجاء السجن السفلي.
“……”
تقدّم فينريك حتى بلغ قضبان الزنزانة، وأمسكها بيد متورّدة بالعروق، يحدّق في وجوههم بعينين داميتين، ثم قال بصرامة:
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 121"