حدّق الزُرقة في عيني فيدار إلى الغرفة الفارغة، تعكس ضوء القمر الدائري بشكل مخيف.
“…….”
في داخل البرج الضيق، كان فيدار واقفًا في المنتصف بلا أي حركة، يحدّق بثبات في نقطة واحدة فقط.
إنها رف الكتب الموضوع في الزاوية بجانب النافذة.
بدأ فيدار يسير ببطء، ثم انحنى على ركبتيه وهو يحدّق في الرف الذي كانت بعض أماكنه فارغة.
[على عكس ما كنت أظن… ليس هناك شيء مميز في هذا الغابة…]
ذلك اليوم.
اليوم الذي قابل فيه بريسيبي لأول مرة، وحصل على دفتر ملاحظاتها الذي أسقطته، واكتشف حقيقة لم يكن ليتخيلها أبدًا.
منذ ذلك الحين، ظل فيدار يراقب بريسيبي.
رآها وهي تُكمل طفولتها بسلام حتى نهاية مرحلة التدريب، وشاهدها وهي تبدأ في استمالة جميع الشخصيات الذكورية، بدءًا من ديتريش، تمامًا كما فعل فينريك.
وفي النهاية، كان كل شيء مطابقًا لما هو مكتوب في دفتر الملاحظات. فقد رأت بريسيبي النهايات مع الشخصيات الذكورية واحدًا تلو الآخر، ولم يخرج ماضي فيدار عن ما هو مذكور في الدفتر ولو قليلًا.
ومع ذلك، كان جزء منه لا يزال يرفض التصديق.
لا يمكن أن يكون الأمر هكذا. هذا ليس عدلًا. بالنسبة لي، أنا الذي قضيت آلاف السنين وحيدًا، أن يحدث هذا… إنه قاسٍ جدًا.
كان بحاجة إلى دليل آخر، غير دفتر الملاحظات الذي أسقطته بريسيبي.
شيء مؤكد يمنعه حتى من التعلق بأمل زائف.
تمامًا كما فعل فينريك، كان فيدار يعرف كل ما سيحدث مسبقًا. لذا، كان يعلم أيضًا أن بريسيبي ستعود يومًا ما إلى هذا البرج.
[أرجوك… توقف…]
لقد شاهد بريسيبي جالسة على السرير، تتعذب وتئن، مرات عديدة.
…كان اكتشاف فيدار لكتاب الذكريات قبل أن يُفتح “الوضع السري”.
في وقت ما…
بعد فترة قصيرة من انغماسه في هذا العالم، عندما كانت بريسيبي ما تزال في مرحلة استمالة ديتريش.
في تلك الفجوة قبل أن تُسجن بريسيبي في البرج، كان فيدار قد وصل إلى هنا أولًا.
ثم اكتشفه.
عميقًا داخل رف الكتب، كانت هناك خصائص جديدة للوضع السري:
سجل الحوادث. الألبوم. كتاب الذكريات.
أشياء لم يكن بإمكان لاعبة مثل بريسيبي أن تراها بوضوح، فتبدو لها وكأنها مجرد ديكور.
وكان السبب الذي جعل فيدار قادرًا على التعرف عليها بسيطًا.
قليلًا فالقليل… ومع مرور الوقت، بدأ فيدار يزعزع نظام اللعبة، حتى لم يعد خاضعًا لسيطرتها.
[تنبيه: كلمة المرور هي اسم البطل الحقيقي.]
في تلك اللحظة القصيرة، عندما نطق بصوته الغامض اسمه، تمنى فيدار…
أن لا يُفتح كتاب الذكريات.
لكنها كانت أمنية عقيمة.
[… فيدار.]
انفتح كتاب الذكريات بسهولة شديدة، بلا أي عائق.
[تنبيه: فيدار. ملك الشياطين الذي عاش آلاف السنين في الغابة المحرّمة غرب أتلويّا.]
كان فيدار يحدّق في نافذة المعلومات التي تروي تاريخه، بوجه خالٍ من التعبير.
[تنبيه: … في السنة 999 من تقويم الإمبراطورية، يتم نفي بريسيبي من القصر الإمبراطوري، فتتذكر وصية فانيسا وتتوجه إلى الغابة المحرّمة حيث تلتقي به…]
كان مجرى الأحداث في الوضع السري مختلفًا عن الوضع العادي.
وكما أوضح نافذة المعلومات، سيتم نفي بريسيبي قريبًا من القصر، وعندها تتذكر وصية فانيسا وتتجه إلى الغابة المحرّمة… وهناك يبدأ كل شيء حقًا.
ولأن بريسيبي لم تدخل بعد إلى الوضع السري، فإنها لم تكن ترى أي إشعارات، حتى إن فتح فيدار كتاب الذكريات.
ومع ذلك، تمكن فيدار من فك كلمة المرور، ووقف في البرج الخالي، يضحك وحده بجنون، طويلًا.
لكن حتى بالنسبة لفيدار، الذي تمكن من تآكل النظام والتحرك بحرية، كان هناك أمر واحد مستحيل.
وهو أنه لا يستطيع تغيير قيمة الإعداد التي تجعله “يتعلق ببريسيبي بلا وعي ويقع في حبها”.
نعم… لو كان ذلك ممكنًا، لما وصلنا إلى هنا أصلًا. ابتسم فيدار بسخرية.
“هل أعيد كل شيء إلى البداية تمامًا؟”
ماذا لو أعدت ضبط كل شيء؟
وجعلتك تبدأين من جديد… هل سيتغير الأمر وقتها؟
أم أنك ربما ستجنين تمامًا، أو تتحطمين كليًا؟
وفوق ذلك، كان ذلك يعني أن على فيدار أن ينتظر آلاف السنين مجددًا.
ومن المؤكد أن فيدار لم يكن يريد ذلك.
“يكفي أن أعيدك فقط. إلى مكانك الأصلي.”
أنتِ… وأنا… وفينريك أيضًا.
“…….”
مدّ فيدار يده ببطء، وأعاد كتاب الذكريات إلى مكانه الأصلي.
حتى تتمكن بريسيبي من إدراك الحقيقة بسهولة أكبر.
حتى يتمكن من انتزاعها بنجاح.
✦✦✦
أول ما رأيته عند استيقاظي، كان وجه فينريك وعيناه مغمضتان.
“…….”
ما زالت بريسيبي بين ذراعي فينريك، فرفعت نظرها إليه بهدوء وأغمضت عينيها للحظة.
منذ أن اختطفها إيفان، لم تنم نومًا مريحًا قط. ربما كان ذلك من تراكم التعب، أو لأنها شعرت بالطمأنينة لكونها مع فينريك، لكنها وجدت نفسها وقد غفت دون أن تشعر.
رفعت رأسها قليلًا نحو النافذة، فرأت أن الشمس قد ارتفعت عاليًا في السماء. تُرى كم الساعة الآن؟ حدّقت قليلًا نحو النافذة، ثم أعادت بصرها إلى فينريك.
ثم تذكّرت الحديث الذي دار بينهما ليلة أمس قبل أن تنام.
“لأنني أحب دوق فينريك.”
لقد اعترفت بمشاعرها التي كانت تكبتها، وأخرجت حقيقتها التي كانت تحاول تجاهلها.
وبخلاف ما كانت تظن، فإن الأيام التي كانت تعتقد أنه لا يجوز لها قول ذلك صارت بلا معنى، وشعرت بخفة غريبة في قلبها.
لو أنها افترقت عنه من دون أن تخبره حتى بأنها تحبه، لكانت ندمت أكثر.
لكن حقيقة مشاعرها التي أوصلتها إلى فينريك لم تكن كل ما يجب أن تقوله، فهناك عبارة لم تستطع إخراجها.
وهي: أنه يجب أن تعود إلى عالمها الأصلي.
“……لاحقًا.”
لكن فينريك، حتى بعد أن أويا إلى الفراش، ظل يكمّ فم بريسيبي.
“الكلام الآخر…… لاحقًا.”
كان وكأنه لا يريد سماع أي كلمة منها، لكنها لم تعرف لماذا. من المؤكد أنه لا يعرف حتى ما الذي كانت ستقوله.
“…….”
نظرت بريسيبي إلى فينريك بوجه ليس فيه الكثير من البهجة، ثم مدت يدها ببطء ولمست بحذر وجنته الحادة.
ثم فكرت:
حتى لو عدت إلى الواقع، يجب ألا أنسى أبدًا…
هذا الملمس تحت يدي، والصوت العميق الذي يهبط إلى أذني، وأيضًا…
هذه النظرة التي كانت دائمًا تحمل حزنًا خفيًا كلما نظر إلي.
“صباح الخير، يا دوق.”
قالتها بريسيبي بابتسامة خفيفة وهي تلقي التحية على فينريك الذي فتح عينيه.
“…….”
لم يجب فينريك، بل اكتفى بأن يلامس جبينها بجبينه، ثم أغلق عينيه وفتحهما ببطء.
“هل نمت جيدًا؟”
أومأ فينريك إيماءة قصيرة.
كانت كذبة فاضحة، فلم يكن ممكنًا أن يكون قد نام جيدًا. حتى في الليلة الماضية، استيقظ عدة مرات متخوفًا أن تتركه بريسيبي وتهرب وحدها، وكان يعانقها وكأنه يتأكد من بقائها بين ذراعيه…
“وماذا عنكِ، سيدتي بريسيبي؟”
“أنا نمت جيدًا.”
أجابت بريسيبي بابتسامة خفيفة.
“في الحقيقة ظننت أنني لن أستطيع النوم بسبب التوتر، لكن يبدو أن شعور الأمان كان أكبر.”
“…….”
“لأنك يا دوق، دائمًا تحرسني وتحافظ على سلامتي.”
لذلك يبدو أن قلبي يرتاح أيضًا.
وبينما كان يستمع إلى كلماتها الدافئة، لم يستطع فينريك أن يبتسم مثلها.
…لكن رغم ذلك، ستتركينني وترحلين.
وتتركينني وحيدًا.
“يا دوق؟”
وحين لم يأتِ جواب، نظرت بريسيبي إليه بوجه متسائل قليلًا.
لكن ما رأته كان وجهًا يبدو عليه العجز التام، وهو أمر لم تره فيه من قبل.
“يا دوق، لماذا منذ البارحة…”
كانت بريسيبي على وشك أن تواصل كلامها بقلق، لكن فجأة…
“يا دوق! سيدتي بريسيبي!”
جاء الصوت المستعجل من وراء باب غرفة النوم المغلق.
نهض فينريك فورًا بشكل غريزي، وأخفى بريسيبي وراء ظهره كما لو كان يحميها، وفي اللحظة نفسها تقريبًا ظهرت هانا بوجه شاحب.
“ها…”
لكن قبل أن ينطق باسمها كاملًا، جمدت بريسيبي في مكانها وهي جالسة.
والسبب كان الجنود الواقفين خلف هانا.
“يا دوق فينريك.”
تقدم أحد الجنود دافعًا هانا ودخل غرفة النوم بوجه متجمد، ثم حرّك شفتيه قائلًا:
“نحن نلقي القبض عليك بتهمة قتل الأمير أتاري هانان، ودوق نواه دفيرن.”
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 116"