كانت بريسيبي تجلس تحت السرير، منكمشة، وملامح وجهها مليئة بالاضطراب.
“…….”
من أعلى قمة الشجرة، ظل فيدار يحدق فيها بثبات.
كانت بريسيبي تطلق الزفرات المرهقة واحدة تلو الأخرى، تارة تدفن رأسها بين ركبتيها، وتارة ترفعه من جديد، ثم تمرر يديها على وجهها في محاولة يائسة لاستعادة هدوئها.
فيدار كان يعرف جيدًا سبب ذلك.
لا بد أن خبر موت إيفان هو ما جعلها هكذا… لأنها لم تعد قادرة على التنبؤ بما قد يحدث بعدها.
لكن… أنتِ قلتِ إنكِ لم تعودي بحاجة إليّ.
عضّ فيدار شفته السفلى بعنف من دون أن يشعر.
[في النهاية، أنت أيضًا…]
ثم تذكر إيفان، الذي كان ذراعاه وساقاه محطمتين بالكامل، يطلق أنينًا مؤلمًا، لكنه مع ذلك يبتسم بابتسامة مجنونة.
[أنت أيضًا لست مختلف…]
كان وجه إيفان حين قال ذلك قد احترق نصفه بالفعل، ولم يكن هذا مبالغة.
وطبعًا… كان هذا من فعل فيدار نفسه.
[وأنت تغضب مني بهذا الشكل… فهذا يعني أكثر…]
كان فيدار قد استخدم “كتاب الذكريات” ليرى جميع الرسومات الختامية التي تُظهر بريسيبي وهي تتعرض للإذلال بوحشية.
لكن أن يرى ذلك بعينيه، أمامه مباشرة… كان أمرًا مختلفًا تمامًا.
وجه إيفان، وهو يمسك بريسيبي من شعرها مهددًا فينريك، ويجرها نحو ألسنة اللهب ليحرقها، كان يطارد ذهنه بلا توقف.
شعور غريب بدأ يشتعل في معدته، فيما قلبه على العكس أخذ يبرد.
غضب؟
هل هذا ما يسمونه غضبًا؟
هل هذا حقًا غضب؟
… إذًا، لماذا أنا غاضب؟
[ملك الشياطين لا يهتم ببريسيبي ولو قليلًا…؟]
حين قال إيفان ذلك، انفجر ضاحكًا بجنون.
[كتاب النبوءات كان على حق في كل ما كتبه… أليس كذلك؟]
لا.
ليس كذلك.
شعر فيدار برغبة في الصراخ، لكن الغريب أن صوته لم يخرج.
[كنتَ مثلهم تمامًا، أردتَ استغلالي، أليس كذلك؟ أردتَ أخذ بريسيبي من فينريك! تمامًا كما استغليتُ أنا ديتريش!]
لكن ذلك كان استنتاجًا خاطئًا تمامًا.
السبب الوحيد الذي جعل فيدار يساعد إيفان على الهرب، ويسمح له بالاقتراب من بريسيبي، هو أن النظام لم ينهَر رغم موت أتاري هانان ونواه ديفيرن، ورغم أن كل الشخصيات ما عدا إيفان قد استعادوا وعيهم.
هذا يعني أنه ما زال هناك قيمة إعداد مرتبطة ببريسيبي.
إيفان كان قد اكتسب وعيه، لكن على عكس الآخرين، لم يتذكر أي شيء من الدورات السابقة.
فيدار كان يملك مجرد افتراض: ربما استعادة الذاكرة تحدث فقط حين تتصادم قيمة الإعداد الأصلية التي وضعها النظام مع الوعي الجديد الناتج عن الخلل.
فبعد حدوث الخلل، كانت شخصيات مثل ديتريش وزيجفريد مختلفة تمامًا عن الإعدادات الأصلية التي منحها لهم النظام.
أما نواه، فقد قتله فينريك قبل حتى أن يقع الخلل، وأتاري، الذي استعاد وعيه وذكرياته فورًا، قُتل أيضًا على يد فينريك مباشرة.
لذلك لم يبقَ أمام فيدار سوى التخمين.
لكن بالنسبة لإيفان…
كان وعيه الجديد متطابقًا تمامًا مع إعداداته الأصلية في اللعبة. لهذا لم يتذكر شيئًا، ولهذا اعتقد فيدار أنه يحتاج فقط إلى دفعه قليلًا.
في البداية، ظن فيدار أن قتل الجميع سيعجّل بانهيار النظام، لكن ذلك لم يحدث.
وكان ذلك خطأه.
لذلك لم يعد ينوي ترك فينريك يقتلهم جميعًا.
بل كان يفكر في إبقائهم أحياء، وجعلهم يتصارعون فيما بينهم… ربما سيكون ذلك أكثر فاعلية في تسريع الانهيار.
[تظن أني أنا الوحيد الذي خسر…؟]
لكن…
[أنت أيضًا، فيدار… بريسيبي بالفعل تحب فينريك!]
لم ينتظر فيدار حتى يكمل إيفان كلامه، بل أنهى حياته على الفور.
حدث ذلك في لحظة واحدة.
كما فعل يومًا مع عائلة ذلك الطفل، الذي لم يعد يتذكر حتى ملامحه، حين أبادهم جميعًا بضربة واحدة.
إن كان هذا الشعور الذي تحدث عنه إيفان، حقًا هو الغضب…
فلماذا أنا…
لماذا أستمر في الغضب هكذا؟
“…….”
في شارع جكسنت، حيث كانت الجثث متناثرة، بدأ وجه فيدار الأبيض الملطخ بدماء إيفان يتلوى ببطء.
“كل هذا… بسببكِ أنتِ.”
سرعان ما تمتم فيدار بصوت يقطر حقدًا وهو يحدق في بريسيبي:
“بسببكِ أنتِ.”
لأنكِ لم تبحثي عني…
لأنكِ كنتِ تنظرين إلى فينريك بتلك العيون… وتقولين إنه شخص عزيز عليكِ… وترددين أن فينريك مختلف تمامًا عن الآخرين.
[لا! أرجوك، استفق… دوق فينريك!]
لا يزال المشهد حاضرًا بوضوح في ذهنه… داخل تلك الكنيسة، حين كانت بريسيبي تضم فينريك إلى صدرها وهي تبكي بحرقة بعدما سقط أرضًا، مطعونًا في قلبه.
وقتها، كان فينريك في هيئة مشابهة له تمامًا…
حتى هو كان مغطى بدماء إيفان.
إذًا… لو أنني أنا من سقط الآن أمامكِ… هل كنتِ ستبكين هكذا أيضًا؟
هل كنتِ ستنظرين إليّ بذلك الوجه؟
هل كنتِ ستصرخين مطالبةً إياي بأن أستفيق؟
فيدار لم يستطع فهم هذا الوضع إطلاقًا…
ذلك لأنه لم يكن يملك المشاعر البشرية كاملة، ولأنه عاش آلاف السنين من دون أي تواصل حقيقي مع أحد.
لذلك، لم يكن يعرف حتى كيف يفسر مشاعره… كل ما كان يفعله هو أن يتصرف بانفعال، كما يفعل طفل صغير يتوسل من أجل الحصول على الحب والاهتمام.
لكن شيئًا واحدًا كان يشعر به على نحو غريزي:
أنه مهما حدث له، فلن تبكي بريسيبي عليه كما بكت على فينريك.
[لم يعد يهمني. لذا، لا تقل لي أشياء غريبة مجددًا… لن أستمع.]
ولماذا لا تريدين البحث عني؟
هل قررتِ ألّا تغادري اللعبة؟
ماذا تنوين أن تفعلي إذًا؟
هل تخططين للعيش في هذا العالم للأبد؟
لا… إن كنتِ لا تنوين ترك هذا العالم والعودة إلى الواقع…
إذًا، لو أنني التقيتُ بكِ بطريقة طبيعية، دون أن أفتعل كل ما افتعلته…
هل كنتِ ستبقين بجانبي؟
إلى الأبد… دون أن ترحلي؟
ولم يمض وقت طويل قبل أن يدرك فيدار…
أن مصدر هذا الغضب الذي ظل يلتهمه منذ قرأ دفتر بريسيبي، كان ببساطة…
“لأنكِ أردتِ الرحيل…”
أنتِ التي حطمتِني بهذا الشكل… وتريدين أن تتخلي عني مجددًا، من دون أي شعور بالذنب، وتغادري.
نعم… هذا هو السبب.
ارتجفت قبضة فيدار المشدودة بعنف.
“…….”
وعبر عينَيه الزرقاوين اللامعتين تحت أشعة الشمس كالبحر، رأى بريسيبي ترفع رأسها فجأة في غرفة بعيدة، وكأنها تفاجأت بشيء ما.
وبعد لحظات، دخل فينريك.
لم يستطع سماع ما يقولانه بسبب المسافة، لكن بدا أنهما يتحدثان بجدية.
ثم، بعد أن أنهيا الحديث، استدار فينريك ليغادر، لكن بريسيبي مدّت يدها وأمسكته.
أشارت إلى مكان في جسده… حيث أصابته سيف إيفان.
بدت وكأنها تقول له شيئًا، ثم جلس فينريك على حافة سريرها.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 108"