كنتُ تقريبًا أستيقظ متأخرة كل يوم، وكانت مهمّة إيقاظي دومًا تقع على عاتق أختي التوأم، “دونغ مي”. فما إن تسمع صوت أمّي حتى تندفع مسرعة إلى غرفتي وتقفز مباشرة فوق سريري. وما إن ينهال عليّ هجومها المفاجئ وأنا متكوّرة داخل الأغطية، حتى يتبخر النوم عن عينيّ كليًا. كانت تلك طريقتها الخاصة، قنبلة صغيرة من ضحك وحياة، توقظني من غفوتي وتزرع في يومي أول ابتسامة.
* * *
فتحتُ عيني هذه المرة ببطء. لم يعُد هناك من يوقظني، لذلك لا وقت ثابت لاستيقاظي. والدي يتركني أنام ما شئت، خشية أن أكون قد سهرت طويلًا في عملي. رفعتُ جسدي المثقل وأنا أشعر بصداع يطرق صدغيّ كإيقاع بطيء. ومن خلال زجاج النافذة رأيت قطرات المطر معلّقة كالدموع، فعرفت أنّ الفجر كان ماطرًا.
‘إذن لهذا أشعر بالصداع…’
لطالما كان المطر قرين أوجاعي. فمع كل هطولٍ يطرق بابي الصداع بلا استئذان، وفي مواسم الغيث الغزير، لا يكتفي بذلك، بل يهبّ معه وجعٌ في العضلات وطنينٌ غريب في أذنيّ. أعلم أنّ الطنين ليس إلا خدعة من ذاكرتي، إذ لم يعد السمع رفيقي. ومع ذلك، كيف أدرك أن المطر ينهمر دون أن أسمع خريره؟ أيّ ذاكرة خفية ما زالت تهمس لي بما فقدت؟
وبينما أضغط جبيني بيدي، شعرتُ بشيء دافئ يلامس ساقيّ. كان “مونغشي”، كلب المساعدة الخاص بي، ينظر إليّ بعينيه السوداوين البراقتين وهو يهز ذيله في صمتٍ حنون.
“صباح الخير يا مونغشي.”
حرّكتُ شفتيّ بصمت وأنا أحتضنه. خدشني بخفّة بمخالبه الأمامية: إشارتنا المتفق عليها. فالتفتُّ نحو الباب… وكان أبي هناك.
“هل نمتِ جيدًا يا دونغ أون؟”
تأملتُ حركة شفتيه، ثم ابتسمتُ وهززت رأسي بالإيجاب.
“ورأسكِ؟ لا يؤلمكِ؟”
كنت أعلم أنّ قلبه لم يذق النوم. ربما ظل يتجوّل أمام غرفتي، يبتلع قلقه بصمت. فأنا، وإن بلغتُ السابعة والعشرين، أبقى في عينيه تلك الطفلة ذات السبع سنوات. وكيف لا يثقل قلبه أكثر، وأنا أحمل في داخلي هذا العجز؟
أنا مصابة بإعاقة سمعية، بالتحديد الدرجة الثانية. كثيرون يظنّون أنّ ذلك يعني القدرة على سماع بعض الأصوات، لأنهم يعتقدون أنّ “الدرجة الأولى” هي الصمم الكامل. لكن الحقيقة أنّ الصمم ليس له درجة أولى؛ والدرجة الثانية تعني الصمت التام.
أنا أعيش في عالمٍ صامت.
ولمّا لم أولد بهذه الإعاقة، فما زلتُ أملك ذكريات عن أصوات العالم. صحيح أن تلك الذكريات تتلاشى يومًا بعد يوم، تغدو أكثر ضبابًا وأصعب في الاستدعاء، لكن بعض بقاياها ما زالت راسخة كجذور قديمة.
أصوات الصباح أولها: رنين المنبّه، وصفير قدر الأرز. ثم صوت أمّي وهي توقظني، وضحكات “دونغ مي” وهي تقفز فوق سريري. وحتى ضحكة والدي وهو يمازحني: “يا نائمة كسولة!”
كل تلك الأصوات كانت تشبه في وقعها طبق أرز أبيض ساخن… أرز أمّي الطازج، المتصاعد بخاره برفق. أصوات بريئة، دافئة، شهية… وأغلى ما فقدته، ولن يتكرر أبدًا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات