نظرت آيريس مباشرة إلى عينيه لتتأكد ما إذا كان ما قاله لها صادقًا. وعندما أدركت أنه صادق، شعرت وكأنها على وشك الجنون.
«اخرج.»
«آيريس.»
«اخرج قلتُ لك!»
صرخت آيريس بصوت مكسور. نهض ولي العهد بهدوء، إما لأنه يدرك ذنبه، أو لأنه أدرك أنه لم يعد بإمكانه التحدث معها، ثم غادر الغرفة.
كل ما حدث مؤخرًا، كل تلك الكلمات الحميمة التي تبادلاها على السرير، بدت الآن كذبة كاملة.
‘لم يكن لديّ القوة لذلك أصلاً.’
تدفقت الدموع من عينيها دون توقف.
‘لم يكن لديّ القدرة على قلب مسار الرواية الأصلية.’
كنت مجرد شخصية ثانوية. لست حتى شخصية مساعدة، مجرد شيء بلا اسم في هذا العالم. ومع ذلك، آمنت بنفسي كثيرًا. اعتقدت أن العالم يدور حولي.
دفنت آيريس وجهها في الغطاء وبكت بصمت.
* * *
استيقظت آيريس في المساء بعد أن بكت طويلاً حتى نامت. مسحت عينيها المتورمتين وفتحت النافذة. ظهرت أمامها مباني القصر الإمبراطوري الضخمة، لكن كل شيء بدا فارغًا. كانت تتمنى فقط العودة إلى منزلها الصغير، حيث لا شيء.
كانت تريد أن تعانق شيئًا. شعرت بفراغ في صدرها.
«لو كان كرو هنا في هذه اللحظة…»
ابتسمت آيريس ابتسامة فارغة.
في تلك اللحظة.
كاك!
سُمع صوت غراب من مكان ما.
فوجئت آيريس وأخرجت رأسها من النافذة.
«كرو؟»
كاك!
كان غرابًا أسود بالتأكيد، غراب جاك. دار حول النافذة ثم هبط على إطارها.
كاك!
«كرو!»
ابتسمت آيريس ابتسامة عريضة لأول مرة منذ زمن طويل وداعبت رأسه. شعرت بملمس ريشه الناعم.
«لماذا أنت هنا؟»
كاك.
«هل جاك لا يزال يراقبني؟»
كاك.
«… كان يتصرف وكأنه لن يراني بعد أن أخذ المال.»
تذكرت آيريس جاك لأول مرة منذ زمن. الشخص الذي كان دائمًا بجانبها بصمت مهما فعلت. بالطبع، تفاجأت عندما علمت أنه كان يحبها، لكنه كان صديقًا جيدًا.
«… لم أعد أثق بحب الرجال.»
قالت آيريس وهي تداعب كرو.
«حتى متى سأعيش هكذا بائسة؟»
تمتمت لنفسها. كل رجل يعاملها كمحطة مؤقتة. مجرد محطة جميلة يمر بها.
«… لن أثق بأحد بعد الآن.»
داعبت ريش كرو الأسود بلطف مرة أخرى، وكأنها تقسم لنفسها:
‘كفى حماقة. لن أتصرف بغباء بعد الآن.’
«حان وقت إنهاء العقد.»
ضحكت.
«سأنهي كل شيء.»
الطلاق الخامس.
ستحققه أخيرًا.
«كرو، هل يمكنك إيصال رسالة إلى جاك؟»
ذهبت آيريس إلى المكتب وكتبت رسالة. لم تكن رسالة حقيقية، بل مذكرة قصيرة جدًا.
<أحضر لي سمًا>
ابتسمت بضعف.
* * *
بينما كانت آيريس غائبة عن الأوساط الاجتماعية، انتشرت الشائعات بسرعة.
رغم أن منصب ولية العهد لا يزال لآيريس، إلا أن الشائعات تقول إن روبينوس سيسيل ستكون عشيقة ولي العهد، أو حتى أنها ستحل محلها بسبب أصولها الملكية.
كلما انتشرت مثل هذه الشائعات، كانت الإمبراطورة والدوقة أنيرتا تُصدر تحذيرات قاسية، لكن الناس استمروا في الحديث سرًا.
«يا صاحبة السمو ولية العهد، هل أنتِ بخير؟»
«آه، دوقة أنيرتا. ادخلي.»
كانت آيريس في مكتبها لأول مرة منذ زمن. لم تستدعِ روبينوس سيسيل. ربما لن تأتي حتى لو استدعتها، بعد ما فعلته.
«… إذا كنتِ متعبة، يمكنكِ الراحة أكثر.»
«أنا بخير.»
ابتسمت آيريس.
«بينما كنتُ أرتاح، كانا يلتقيان بانتظام.»
«… يا للعاهرة…»
«شش، لا بأس. كل شيء سينتهي قريبًا.»
«ماذا؟»
«لا شيء. بالمناسبة، ما أخبار تبني بيريا؟»
«آه!»
أومأت الدوقة أنيرتا برأسها بفرح.
«تمت الموافقة مؤخرًا! أصبحتُ مستقلة تمامًا عن العائلة، وتلقيتُ جزءًا من الثروة، وتبنيتُ بيريا رسميًا!»
«الحمد لله. يبدو أن العائلة أعطتكِ بعض الثروة على الأقل.»
«كان هناك طريقة. أخي على وشك الزواج، وإذا علموا بوجود ابن غير شرعي، سيعترضون.»
«هههه، ذكية جدًا.»
«بالمناسبة، لم أعد دوقة بعد الآن، هل هذا مقبول؟»
«رغم أن لقب الدوقة زال، فأنتِ لا تزالين من عائلة دوقية، فلا تقلقي.»
«الحمد لله!»
تبادلتا الأخبار السارة ثم بدأتا في العمل المتراكم. كان إدارة الشؤون الداخلية لقصر ولي العهد وقصر ولية العهد من مسؤولية ولية العهد، وكان هناك الكثير من الأعمال المتراكمة. لحسن الحظ، ساعدت الدوقة أنيرتا بجد طوال الفترة، فلم يكن الأمر مستحيلاً.
«آسفة لأنكِ اضطررتِ إلى تحمل كل هذا وحدك.»
«لا بأس! كنتُ سعيدة جدًا مع بيريا، فلم أشعر بالتعب. كان العمل ليلاً مؤلمًا قليلاً فقط.»
«هههه، آسفة. سأتأكد من عدم وجود عمل ليلاً في المستقبل.»
أنهتا العمل معًا ثم تناولتا الشاي. ثم أخرجت آيريس ما في قلبها بطريقة غير مباشرة.
«بما أنني أغلقتُ نفسي في القصر لفترة طويلة، سمعتُ كل أنواع الشائعات.»
«… هل وصلت إليكِ؟»
«هههه، لا تغضبي. سمعتُ ما سمعتُ.»
«… مفهوم.»
تنهدت الدوقة أنيرتا.
«لذلك أفكر في إقامة حفلة صغيرة.»
«حفلة؟»
«نعم. حفلة لإثبات أنني بخير.»
«آه، هذا رائع! إذا دعونا الثرثارين، ستتوقف الشائعات! ويمكننا أن نطلب من ولي العهد أن يوبخهم! وسنمنع روبينوس من الاقتراب!»
«… لا.»
ابتسمت آيريس.
«يجب أن تدعو تلك المرأة بالتأكيد.»
«ماذا؟ هل أنتِ جادة؟»
«بالطبع.»
أومأت برأسها.
«يجب أن تكون موجودة في تلك الحفلة.»
«إذا كنتِ مصرة إلى هذا الحد، فليس لديّ خيار. لكنني لا أفهم ما تفكرين فيه.»
«ستعرفين يومها.»
أشعلت آيريس الورقة بالشمعة وقالت. ثم أخرجت ورقة أخرى صغيرة وكتبت:
التعليقات لهذا الفصل " 70"